الإستقلالات بتراء من يصنع القرار الأفريقى ؟؟!

لم نكن قد إرتكبنا جناية حينما أوضحنا من قبل فى غير ما محفل داخليا وخارجيا , أن أغلب الإستقلالات التى نالتها الشعوب وغنت لها كانت مبتورة بل كانت مفخخة , وكانت جزء من السباق المحموم بين كتلتين شرستين – الغربية والشرقية – كتلة يعنى كتلة مش البختوها الجماعة لتساعد فى إيقاف دحرجة العربة :
فهما كتلتان إقتصاديتان وسياسيتان
وعسكريتان وتجاريتان
ليست على غرار نظام الختات الإئتمانية لدينا كشعوب مبتورة فى إستقلالاتها بزعامات ضبابية الملامح تقود الخطو المكبل لتلك الشعوب , ولأننا كنا خضرا أخذن نحتفل برأيات إستقلالاتنا على شحها وعوجها فى الكونغو الديمقراطية وفى أقاليم الناتال والترنسفال ولاغوس وسانتياغو وفى إنجمينا حتى من أفراحنا زرعنا سفوح وتلال نيروبى بالأرز والكاكاو وتلألأت الهضبة الأثيوبية بسيقان البن وأشرقت شموس فى مزارع القطن الطويل والقصير التيلة فى السودان ومصر , فرحا بالذى أصبح شمسا بأيدينا . ولكى نعلم أن حركات التحرر من روديسيا إلى كوالامبور هى حركات ذات نسيج عضوى وكانت ظاهرة سياسية وسمة من سمات منتصف القرن العشرين البارزة كرد على الإستقلالات التى أعادت الاحتلالات التي وقعت في دول شتى من العالم، وجوهر هذه الحركات سياسي واجتماعي أما وسائلها فهي سياسية بمقدار ما هي عسكرية ، أما هدفها فهو سياسي بالكامل إذ إن الكفاح الذي كانت تقوده حركات التحرر الوطني يعادل حرباً ثورية وامتداداً للسياسة باستعمال السلاح ولها أهداف عسكرية وسياسية إيجابية، وبالواقع أنها لا تملك أسلحة حديثة أو صناعة متطورة أو جيوشاً نظامية ولكنها تملك المقومات الأساسية للتحرر الوطني وبمقدمتها الإرادة الوطنية ورفض العبودية والاحتلال .
وفى هذا الإطار نورد كلمة الرئيس القومى العربى
الرئيس جمال عبد الناصر فى حفل افتتاح مؤتمر الشعوب الإفريقية من جامعة القاهرة ٢٥/٣/1961 م بعد هزيمة حركة التحرر الوطنى فى الكونغو على يد الإستعمار البلجيكى :
أيها السادة والأصدقاء من وفود الشعوب الإفريقية الصديقة
للمرة الثانية – فى أعقاب معركة من معارك حرب التحرير الكبرى – يتاح لى أن ألتقى معكم ، وأسعد بالترحيب بكم فى هذه العاصمة المؤمنة بالحرية، وليس أروع فى الحس، ولا أقرب إلى صميم القلب، من اجتماع رفاق السلاح.. زملاء المعركة.. جنود الهدف الواحد.. بين فترات نضالهم، ليزيدوا من عمق روابطهم؛ وليتبادلوا تجاربهم ويتدارسوا معانيها، وتتطلع بهم الأمانى المشتركة إلى الأهداف المتجددة لنضالهم الحر .
ففى مثل هذه الأيام من سنة ١٩٥٧، التقيت هنا فى القاهرة بوفود الشعوب الإفريقية؛ القادمة للاشتراك فى مؤتمر تضامن الشعوب الآسيوية – الإفريقية، وكان ذلك فى أعقاب معركة السويس التى أصبحت أشهر المعارك فى حرب التحرير الطويلة الممتدة، وأعظمها تدعيماً للأمل فى انتصار الشعوب التى عقدت عزمها على استخلاص إرادتها من غاصبى هذه الإرادة وسالبيها .. وها نحن الآن فى مطلع سنة ١٩٦١ نلتقى هنا بوفود الشعوب الإفريقية ؛ قادمة إلى القاهرة فى أعقاب معركة مريرة ؛ هى معركة الكونجو ، التى ينبغى لنا أن نسلم ، مهما كانت قسوة ذلك على نفوسنا ، بأن الحرية لم تستطع برغم التضحيات والضحايا أن تنتزع فيها النصر، وأن تسليمنا بذلك فى هذه المرحلة لا يؤثر على أى حال فى إيماننا الذى لا يتزعزع بحتمية انتصار الحرية، وإذا كنا لم ننجح حتى الآن فى تحقيق النصر فى معركة الكونجو فذلك لشيئين :
أولهما: أن معركة الكونجو مازالت مستمرة .
وثانيهما: أن معركة الكونجو ليست إلا إحدى المعارك فى حرب التحرير الكبرى ؛ من أجل المصير الإفريقى.. من أجل المصير الحر لكل الشعوب ,
وليس يخالجنى شك أن الشعوب الحية قادرة على الاستفادة من المحن التى تمر بها ، ومن الصدمات التى تلاقيها ، لو أنها استطاعت أن تدرس تجاربها، وأن تعى عبرتها الحقيقية، ولسوف تجد أن نتائج هذه الدراسة وهذا الوعى يعوضانها فى مراحل النضال القادمة عما ضحت به فيما انقضى من مراحل هذا النضال . وعلى أساس من هذا التصور فإنى أسمح لنفسى هنا أن أقول إن كل ما قدمه شعب الكونجو من تضحيات ، وكل ما قدمته الشعوب الإفريقية المستقلة ، والشعوب الحرة كلها من جهود لدعم قضية الحرية فى الكونجو، إنما هو من حيث التجربة رصيد ضخم فى إمكانيات النضال من أجل استرداد المواقع التى سقطت أمام الانقضاض الاستعمارى على شعب الكونجو، ومن أجل تأمين التقدم نحو الحرية فى باقى أجزاء القارة الإفريقية ” .. ويمضى إلى أن يصل إلى نقطة إستراتيجية هامة وهى أن الإستعمار لم يبارح الأرض الأفريقية :
( إنها لمغالطة لأنفسنا وللتاريخ أن نتصور أن الاستعمار فى إفريقيا قد استسلم ، أو كاد أن يستسلم ، بل لعلها أكثر من مغالطة ، لعلها تزيد عن المغالطة لترتفع إلى حد المؤامرة ؛ حتى لا نرى الأخطار المحدقة من كل جانب تتهدد الأسس الحقيقية لأى استقلال ، وتهدد جوهرها ، وإن كانت تترك من مظهره الخارجى ما يساعد على إخفاء تهديدها الحقيقى وخطرها القتال .” ويمضى الئيس فى تفنيد وجهة نظره حول بقاء الإستعمار فى القارة الأفريقية :
وهل استسلم الاستعمار فى الكونجو مثلاً بيوم إعلان الاستقلال؟ لقد رأينا كيف أن يوم الاستقلال فى الكونجو لم يكن إلا ستاراً أراد الاستعمار وراءه أن يشدد قبضته على شعب الكونجو، وأن يزداد ضراوة فى امتصاص دمه ، بل ورأينا الاستعمار لا يستسلم لليأس ، بعد أن أدركت الحكومة الوطنية فى الكونجو ما يتهددها وراء الستار الواهى لمجرد إعلان الاستقلال ، فبادرت إلى طلب المعونة من الأمم المتحدة . ولقد واجه الاستعمار علم الأمم المتحدة الذى قدم إلى الكونجو، كما واجه علم الكونجو المستقل قبلها بأسابيع ، أراده هو أيضاً مجرد ستار، ولما استطاع وعى النضال الإفريقى أن يزيح الأستار ليكشف وجه الاستعمار الحقيقى ؛ لما استطاع وعى النضال الإفريقى أن يكشف تسلل الاستعمار وراء علم الاستقلال ، ولما استطاع وعى النضال الافريقى أن يكشف تسلل الاستعمار وراء علم ) .. إنتهى خطاب الرئيس جمال عبد الناصر .. المصدر رابط إلكترونى :
vBulletinversion 3.8.7
نواصل