العمد والنُّظار ، ودبلوماسية الإستهبال والإستهتار !!!

في السابع عشر من ديسمبر ٢٠١٤ خاطب أوباما شعبه معترفاً بأن سياسة العزل التي مارستها واشنطن تجاه كوبا منذ عام ١٩٦١ ، قد أخفقت في تحقيق أهدافها ، معلناً أن بلاده ستنهي هذه السياسة العقيمة التي عفا عليها الزمن وتفتح صفحة جديدة بين البلدين ، وأضاف قائلاً أنه كلّف وزير خارجيته جون كبري بالإتصال بنظيره الكوبي لإجراء محادثات حول التطبيع وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وفتح السفارتين وإعادة النظر في تصنيف كوبا كدولة راعية للإرهاب .
لم يكن هذا القرار خبط عشواء ولا وليد لحظته ، بل نتيجة مفاوضات ولقاءات سرية مضنية منذ الإنفراج النسبي الذي حدث في عام ١٩٩١ عقب انهيار الإتحاد السوڤيتي مدفوعاً بالمصالح الإقتصادية والتجارية لأمريكا التي كانت ترغب منذ تأسيسها في شراء الجزيرة وضمها اليها لأهميتها ٠
في الأسبوع الأخير من مايو تم رفع اسم كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد خمسة أشهر من المفاوضات الدبلوماسية المضنية .
وفي الأسبوع قبل الماضي وصل وفد العمد والنظار السودانيين الي واشنطن بهدف تسويق السودان بأنه دولة غير راعية للإرهاب وأنّ فيه حكومة ديمقراطية جاءت نتيجة انتخابات حرة ونزيهة شارك فيها الشعب بإقبال منقطع النظير وأنّ السودان يعيش حالة من السلم الإجتماعي بين كل مكوناته وأنّ شعبه ينعم بالحرية وكفالة حقوق الإنسان ، وبناءاً على ما ذُكر فإنّ العمد والنظار قد جاءوا الي واشنطن كأجاويد يحدوهم العشم في العم سام أن لا يُخيب رجاءهم فهو عمدة العالم الذي لا يرد سائليه ويده مبسوطة دائماً بالنوائل !!!
ليس لهذا الحشد من العمد والنظار أيُّ صفة تجعله يخرج من السودان ليتحدث في أمور السياسة مع دولة تتسيد العالم وتصنع القرارات فيها مؤسسات منضبطة لا تعرف الأجاويد بل تعرف فقط مصالح شعبها … ماذا ستكون إجابة وفد العمد والنظار إذا وُجِّه لهم سؤال عن دورهم في فض النزاعات القبلية والحروب الأهلية المشتعلة بين أبناء الوطن والتي مزقت نسيجه الإجتماعي ؟
كان عليهم أن يوفروا جهدهم ومالهم ومشقة السفر الي ما وراء المحيطات ويذهبوا جميعاً الي أبو كارنكا وعديلة للجودية بين الزريقات والمعاليا فذلك أجدى وأنفع للوطن من جلوسهم على عتبات البيت الأبيض !!!
هل هنالك استهتار بالدبلوماسية أكثر من هذا !!!
إذا كانت وزارة الخارجية عاجزة عن القيام بدورها فأين مجلس الصداقة الشعبية العالمية الذي يجلس على قمته الشيخ أحمد عبد الرحمن أحد القادة التاريخيين للحركة الإسلامية ، ويجلس على أمانته العامة السيد عبد المنعم السني ، وله مباني ضخمة ، وله إداراته المتخصصة في كل قارة من قارات الدنيا ، وله هياكله الإدارية المجازة من مجلس الوزراء ، ويتمتع بشخصية اعتبارية تحت الرعاية المباشرة لرئاسة الجمهورية مما يتيح له قدراً واسعاً من حرية الحركة والتصرف والمبادرة لخدمة قضايا الدبلوماسية الشعبية في جميع مجالاتها الإنسانية ؟
أين جمعيات الأخوة والصداقة الشعبية التي قام هذا المجلس بتأسيسها لتدعم السياسات الرسمية للدولة على الصعيدين الدبلوماسي والإقتصادي وتعميق التواصل بين الشعوب من أجل تأمين المصالح المشتركة والمتبادلة ؟
هل تصدقونني إذا قلت لكم أن آخر نشاط لهذا المجلس المترهل كان هو يوم المشي العالمي بشارع النيل في أبريل الماضي !!!
إنّ وصفي لدبلوماسية العمد والنظار بدبلوماسية الإستهبال نابع من التحليلات التي لخصت زيارة غندور الأخيرة لأمريكا بأنها كانت انبطاحاً كاملاً لكل الشروط التي وضعتها أمريكا ، وأنّ غندور قد عاد الي السودان يحمل وعداً برفع العقوبات بمجرد اعلان السودان التزامه رسمياً بها وذهب الي القصر مباشرة ليبشر الرئيس بذلك ، وقد طلب الرئيس تأجيل الإعلان الرسمي الي ما بعد الإنتخابات ، والي حين تعيين غندور وزيراً للخارجية ، وأعلن الرئيس أثناء حملته الإنتخابية من بورتسودان أنه سيفتح الباب للشركات الأمريكية للإستثمار في السودان .
منذ عودة غندور الي السودان والمستهبلون يقومون بإخراج سيناريوهات الإنبطاح ليتم ترويجها للشعب الذي أرهقته دبلوماسية وضع العالم كله تحت الحذاء والتي كانت نتيجتها وضع الوطن كله في سجن المقاطعة وقيود محكمة الجنايات الدولية ، فتفتقت ذهنية الإستهبال عن إرسال وفد العمد والنظار ليعودوا بنفس الشروط التي عاد بها غردون أقصد غندور فتصبح مقبولة ومبلوعة وأنها جاءت نتيجة جهد مقدر من قيادات شعبية ليس لها دراية بالتعقيدات الدبلوماسية وأنّ الدولة تقبل بها من هذا المنظور!!!
هنيئاً لغندور قائد دبلوماسية الإستهبال والإستهتار .
[email][email protected][/email]