فتحي فضل يتذكر الوسيلة (10)

لقد مهد إنتخاب حسن الطاهر زروق في دوائر الخريجين طريق الشيوعيين إلي البرلمان في إنتخابات 1954. ولم يكن النصر صدفة. ثم إنتصاروا و حلفائهم بدوائر الخريجين ب: 11 من 15 دائره خصصت للخريجين بعد ثورة اكتوبر 1964 إلا مقدمة تحقق بعدها الفوز في الدوائر الجغرافية: عبدالخالق محجوب نائباً عن امدرمان الجنوبية و الحاج عبدالرحمن في دائرة عطبرة(1968). كما كان محمد أبراهيم نقد و عزالدين علي عامر و جوزيف مودستو عنواناً علي قبول الشعب للشيوعيين و قبول الشيوعيين للدمقراطية. لقد حازوا علي الإنتصارات بما تركوا من أثر مباشر قوي علي الجماهير, و كان لهم نفوذ فكري و معنوي فريد في قوته, لا يماثله نفوذ آخر في العهد الديمقراطي إذ ظهر من بينهم أبطال و شهداء وشخصيات مؤثرة نالت إحترام شعبنا. لقد خلقت كلماتهم أخيلة رائعة وأسست تقليداً ثورياُ جديداً في السودان. لقد كان الوسيلة أحد الكواكب الزواهر الذين مثلوا الحزب في البرلمان 1965 نائباً عن دوائرالخريجين. لقد كان الوسيلة في كل الاحوال كاتباً وخطيباً شعبياً ومناضلاً سياسياً وكانت حظيت بجمهور واسع من القراء والمستمعين. كانت المرات التي ظهر فيها في الندوات والليالي السياسية ناجحة بصورة تستلفت الانظار، كان حديثه دسماً وكان بليغاً في مزيج من الحيوية والعقلانية التي تثير حماس مستمعيه واحترامهم وكان بطبيعته رجل فكر واقناع كرس حياته كلها للدفاع عن مصالح الجماهير. الوسيلة ورفاقه رجال فهموا الحياة العامة وفسروها علي ضوء عالم فكرهم وتجاربهم الخاصة التي تمتاز بغناها واحكامها. لقد وهب الوسيلة عقلاً قوياً نشطاً لا يتأثر بالعاطفة، لكنه وهب في ذات الوقت قلباً حانياً رؤوفاً يضطرم بالعاطفة واحساساً عميقاً بالمظالم الواقعة علي السودانيين. كان شديد التعلم باصدقائه كما عامل اصدقاء عمره عبدالخالق محجوب ومحجوب عثمان وغيرهما بولاء خاص لم يتحول حتي نهاية حياته. لهذا كان للوسيلة ورفاقه في البرلمان مكان مكين ولهذا ضاقت بهم القوي المعادية فحلت حزبهم وطردتهم من البرلمان. في ذلك خاطبهم الوسيلة: “ان الملايين التي صوت لمرشحي حزبنا لتأسف لحرمانها من مثليهم في الجمعية التاسيسية لان في ذلك استبعاد كامل فاز الشيوعيون علي اساسه كما تأسف مرة اخري لحرمانهم من اغلاق جريدتهم الميدان التي وقفت منذ تأسيسها في صف الشعب وحرباً علي اعدائه، لقد نقصت الممارسة الديمقراطية باستبعادهم لان الحكم الديمقراطي لايستقيم الا بمعارضيه. اقول لكم مع السلامة وبيننا وبينكم باكر.