لماذا لا تختصر الاحزاب السودانية كياناتها في حزبين ؟؟

· قد يستغرب القاريء العزيز الذي يهتم ويتابع الشأن السياسي السوداني علي الدوام من هذا العنوان الذي يعلو صدر هذا المقال . وذلك بسبب أن المكونات التاريخية للاحزاب التي تتفاعل بالساحة السياسية السودانية منذ منتصف اربعينات القرن الماضي وحتي اللحظة تتمترس حول لافتاتها السياسية التي إتضح بأنها في نهاية المطاف قد اصبحت غير مجدية.

· والشاهد أن كل التراث السياسي للاحزاب السودانية علي كثرتها لم يقدم حلولا للمشكل السوداني بسبب تباين الاراء والافكار وأيضا تعدد الطوائف ومكايداتها غير المنظورة ، ما أدي إلي حدوث نوع من إبتعاد اعداد مقدرة من جماهير الشعب السوداني عن الإلتزام الصارم بالمكونات الحزبية ، حيث دلت كل التجارب السابقة في الانقلابات العسكرية التي حكمت السودان ، أن جماهير الاحزاب لم تقاوم اي نظام حكم ، بل منها من يؤيده كنوع من التنفيس الذاتي عن ما تعانيه جماهير الاحزاب طيلة فترة الحكم الوطني من تهميش عن أدي دور تقوم به . بل لا تتذكرها قياداتها وكوادرها الناشطة إلا عند إقتراب قيام الإنتخابات العامة خلال فترات الديمقراطية المفتوحة الثلاثة .

· وبعد تكاثر عدد الأحزاب المسجلة رسميا والتي تسعي في معظمها إلي الإندغام في النظام الحاكم كي تحصل علي محاصصة ولو قليلة المقاعد في كراسي الحكم لتتعايش به ، فإن الأمر يستوجب إعادة النظر في العديد من الأشياء ، حتي يتاح المجال للمهتمين والمهمومين بأمر البلاد لإجراء حوارات تعتمد علي عصف للذهن للوصول لصيغة محددة تجعل هذه الاحزاب والجبهات العديدة تختصر نفسها في حزبين او كيانين كبيرين ، مثلما تعيشه الآن الدول الكبري وحتي بعض الصغري في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية .

· صحيح ان الديمقراطية قد أخذت عقوداً طويلة من الزمان حتي اصبحت راسخة لا تهزها الريح في العديد من الدول المتقدمة ، وأيضا ظلت القوي المسلحة والشرطية والامنية في تلك الدول هي الحارسة لدستور الأوطان وللحريات العامة وللممتلكات والثروات العامة ، وفوق كل ذلك نشأت نقابات وإتحادات مهنية لكافة أشكال الخدمة المدنية بالقطاعين العام والخاص ، فأحدثت إستقرارا في الحكم وتطورا لمفاهيم شعوبها ـ وتنمية فاعلة وملموسة تأتي بالجديد كل يوم حتي اصبحت تلك الشعوب تعيش في بحبوحة من العيش وتتوافر لديها أنظمة الضمان الإجتماعي الذي يلغي أو يقلل من الجرائم الاجتماعية .

· لكل ذلك فإن هذه الهيصة التي تملأ الدنيا زعيقا سياسيا داخل البلاد تحتاج إلي التوقف عن السير في هذا المسار ، لتتجه جميع الجهود داخل الأحزاب ، كبيرها وصغيرها لتجميع كياناتها في حزبين كبيرين ليشكلا المستقبل السياسي لشعبنا .

· وحيث ان الراهن السياسي الحالي قد إختصر نفسه في كيانين منسجمين ويرتبطان بإتفاقيات سياسية لها اهدافها ومضامينها ، فمن الممكن جدا ، أن يقود حزب المؤتمر الوطني وما يشاركه من أحزاب في الحكومة الحالية ، حواراً جادا كي يؤسسوا حزبا واحدا كبيرا وبتراضي قوي بينهم .

· كما يمكن للمعارضة التي وقعت نداء باريس أو ميثاق الجبهة الثورية بمجمل حركاتها المسلحة وأحزاب التحالف المعارض ، أن يبذلوا خطوة أكثر جرأة لتأسيس حزب مدني واحد . ذلك أن الخريطة السياسية بتكتلاتها الحالية تساعد كثيرا في قيام حزبين كبيرين .

· أما كيف تبدأ الخطوات ، فذلك متروك لمن يهمهم الأمر من الوطنيين الشرفاء في الحكم والمعارضة معاً ، وبغير ذلك ستبقي الساقية مدورة .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..