ترانيم الوطن: دكان اليماني

* بدأت خطواتنا الاولى نحو مقاعد الدراس ولم يكن في ذلك الزمان مطاعم دليفري لتمدنا بشرائح الهمبرغر الطازجة واصابع البطاطا المقلية .. امي لم يكن لديها براد ارففه مليئة بالاجبان ومربي الفراولة والتوت البري .. اصلا لم يكن يدخل الخبز المحمص والمدهون بالزبدة ورائحة اليانسون وحبة البركة لدارنا بالكاد كنا نرتشف كوب شاي مقنن بالحليب يتميز عن ” الكرك ” الذي زاع صيته خليجيا انه بحليب من ضرع معزاتنا فلم يكن يخلوا منها حوش من حيشان بيوتنا الواسعة المنتشرة بها عناقريب واسرة وبنابر لمن جاؤا من الاقاليم من اهلنا وعزوتنا ومعارفنا.. هذا جاء ليخلع ضرسه واخر ليقدم عريضة لان احدهم تعدى على حواشته وقطف من سبايط حلاله وتمره .. اخر جاء بابنه ليلتحق بالثانوية بعد ان تخلف سنتان عن مساره التعليمي لانه يريده سند للاسرة وافندي بقلم ومحبرة وتلك جاءت خصيصا لتشتري فركة قرمصيص وفردة صناعة نقادا مدينة شندي لعرس بنتها فمصالح العباد كانت متمركزة بالعواصم والمدن الكبيرة .
* امي انزل الله على قبرها رحماته ومغفرانه قبل ان تشق اشعة الشمس كبد السماء تكون قد ملاءت ” الطبق ” برقائق كسرة الذرة مؤنة الغداء والفطيرة من دقيق القمح بنكهته العابرة لبيوت الجيران وتقول ان بيت ما به ” تمر و كسرة ” اهله جياع برغم ذلك ” كنا فزعانين ” وكان احشاؤنا لا تمتلي او هي كالطاحونة تهضم كل ما ندخله من كثرة حراكنا واستنشاقنا للهواء الطلق وضربة الشمس لا ندلف للمدرسة قبل ان نمر بدكان ” اليماني ” لا تمنعنا حواشي الاسلاك والكراكيب التي حصن بها رفوف دكانته لكي لا تمتد ايادينا لحلاوة دربس ونعناع وحلاوة طحنية او حبيبات زيتون وشريحة جبن دون دفع قرش نحاسي مقدما .. يعرف قيمتها تماما ذلك اليماني ولا يدفقها لنا اهالينا إلا بالكادر حتى ولو تمرغنا بتراب الارض وهطلت الدموع مدرارا ..
* ” عمي علي بياع الزيت ” أكادر اذكر ملامح وجهه واحصي كل ما تعرجت من جلدته وارتسمت على صفحتها رحلة كفاحه بطرائق بدائية للمعيشة من دكانته وتكفل ابناءه السبعة عشر او يزيد .. لم يكن يتاح لنا رؤية وجوه بناته الخمس ولكن ابناءه متشابهي القسمات بسبايب شعورهم التي تجز بامواس عتيقة لا شفرات لها رغم انهم صغار كونوا قبيلة وايادي قوية مساندة لابيهم ” لم نكن نكترث لمخلاياتنا من الدمورية ” حمالة الكتب على اكتافنا ” خاصة حينما يحل الصباح ونخرج من بويتنا كالنحل الذي انفجر من حشئ الخلايا فيكونوا سواتر لمنعنا دخول دكانتهم كعين حارسة تمنعنا خطف تمرة او بصلة او مسحة زيت كانوا عمالة مجانية.. ففي ذلك الزمان لم يعرف الناس القرارات الاممية المانعة ومحرمة لتشغييل الاطفال القصر وإن وجدت تلك القوانين فهي ليست لها اذن صاغية لعمي علي او اي من دكان يماني في حارتنا .
* مع ” دق الجرس ” لا نرجع لبيوتنا إلا مرورا بذات الدكانة نبحلق باعيننا في برطمانات حلاوة نعناع ودربسن .. وحصاد عمل عمي وهو متكي للقيلولة على دكة من الطين وابناءؤه يرصصون ايرادات مبيعاتهم في “الفرصة ” و خلسة من المعلم على طاولة مستديرة عرجاء ارجلها و” الملاليم ” يعدها عمي علي بحرص شديد وبين كل كومة فكة يزجر احد ابناءه لان حصاد عمله قل مليما او قرشا هذا إن لم يتبعه بكف يحمر على اثره خد الصغير الذي نحسده انه تلميذ نجيب وتاجر ناصح وهو لم يغادر سن التاسعة ربما .. ويوما بعد الاخر يتعلم ان القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود .. فيا ترى كان عمي علي يعد ابناءه لذلك اليمن الذي لم يعد سعيدا .. والذي يتوجع ويحترق وتجف موارده ويوجوع صغاره وكباره .. ولا نملك إلا ان نقول اه يا يمن آه يا يمن !!
* احفاد عمي علي لابد انهم منتشرين الان في بلاد الله الواسعة بعد ان نالوا قسطا من التعليم وثقافة “التجارة شطارة ” مارسوها ونعومة اظافرهم وركبوا الصعاب والهجرة الى بلاد الله الواسعة عابرين القارات والبحار والصحاري معلمين ومتعلمين وتجار وبحارة بحثا عن رغد العيش وسبل معيشة هانئة يتعايشون ويعيشون في سلام متصاففون في معترك الحياة اليومية مترجمين لمقولة الناس شركاء في ” الماء والهواء والكلا ” دون ان يشكلوا فكرا منحرفا او اطماع دينية وطائفية واثنية .
* هؤلاء كان ابناء اليمن السعيد علي ومصلح وصالح قبل ان ياتي ما يعرف بالحوثيين وتهب عليهم عاصفة الحزم بريحها ورياحها وطائراتها وامنها وامانها فهل يا ترى ضمنهم عمي علي بياع الزيت وابناءه السبعة عشر او يزيد ( بالتزامن ومجلة السمراء ).
عواطف عبداللطيف [email][email protected][/email] اعلامية مقيمة بقطر
كلام خارم بارم يا حاجة وملئ بالأخطاء وفي الآخر زدتي الطين بلة بمدحك لـ عاصفة الحزم وطائراتها (وامنها وامانها)؟! أي أمن وأي أمان تقصـدين؟ هذه العاصفة أهـلكت اليمنيين ودمرت بلادهم تدميرا؟! ألا تخافين الله؟
طبعا الكيزان معروفين بالكذب والنفاق أخزاهم الله..