سياسة التسليم «الميداني»

اذا صحت المعلومات والتسريبات المتداولة الآن على مستوى حكومة ولاية الخرطوم، بأن «سعادتو» عبدالرحيم محمد حسين الوالي الجديد رفض التسليم على «الورق» للمشروعات التنموية والخدمية التي لم تكتمل بعد، بل حدد أن يكون التسليم ميدانياً، فيه كثير من المكاشفات بالحقائق والأرقام والتعاقدات ومستويات التنفيذ والجودة والجهات المنفذة. إن كان هذا حقاً صحيحاً، فإن هذا النهج سيكون هو الأول من نوعه على الأقل بهذه «الخرطوم»، ولكن يبقى السؤال، ما الذي دعا سعادتو عبد الرحيم للتفكير في مثل هذا النهج؟ وهل يمكن أن نعتقد أن الوالي الجديد تراكمت لديه ثروة معرفية ضخمة من المعلومات والحقائق بكل اخفاقاتها ومفاسدها.. الحقائق الواقعية تقول إن الرئاسة لم تكن راضية عن حكومة عبدالرحمن الخضر في إدارتها لملفات الخدمات والتنمية والأراضي والاستثمارات، وربما يدرك الوالي الجديد تماماً هذه الحقيقة وبكل اخفاقاتها وفشلها بحكم قربه وعلاقته الحميمة مع السيد رئيس الجمهورية، ولهذا لم يكن الفريق عبد الرحيم محمد حسين إلا هدية من «القصرالرئاسي» لجماهير ولاية الخرطوم. وطبقاً للنهج والسياسة الجديدة لحكومة ولاية الخرطوم، إن كانت فعلاً صادقة في هذا المسعى، فإننا نتوقع أن تتناثر كل الأوراق والملفات والتعاقدات الخاصة والعامة، الخاصة بمشروعات الولاية وتتبعثر في الفضاء الميداني وأمام الأشهاد وكاميرات التصوير وأصحاب الأقلام، حتى تتكشَّف كل «الكوميشنات» والأموال المهدرة، ومن ثمَّ تكتمل عملية التسليم والتسلم، وعلى السيد الوالي أن يكون شفافاً أمام الحق العام، حريصاً وأميناً عليه، وأن يكون رادعاً لإعادة كل ما هو مسلوب من حق الولاية وشعبها. ندعوك السيد الوالي بأن تبدأ منذ الآن عملية تقليب كل الأوراق والملفات والوقوف على كل الملابسات والمراحل التي مر بها «جسر الدباسين» على أن تكون المراجعة لا من حيث انتهى الآخرون، ولكن من حيث بدأ «الأولون».
آليات «للحشد» الوطني
هل تعتبر الكيانات الشعبية الموازية للمؤتمر الوطني هي مجرد آليات للحشد الوطني كما قالها الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول الأسبق لرئيس الجمهورية أمام شباب المؤتمر الوطني بمنزله يبدو أن ما أطلقه علي عثمان يشكل حدود الحالة الذهنية للمؤتمر الوطني في نظرته للقوى السياسية والتقليدية والشعبية التي تشاركه في تكوينات الحكم والإدارة في الدولة.. ولكنها بأي شكل من الأشكال لا تعبر عن مرجعية فكرية او دينية او سياسية فهي إذن.. مجرد «آليات» وأدوات للحشد.. ولكن غاية ما يمكن أن تلعبه هذه المجموعات، هي وظيفة «الكمبارس». وبهذا الفهم والتوصيف يقدم المؤتمر الوطني منحه وعطاياه ومكارمه لهذه الكيانات، كلٌ حسب دوره وطبيعة أداءه، وتلك هي اعترافات الأستاذ علي عثمان التي أطلقها من منصة غير دستورية..أما المفكر «التقدمي» منصور خالد او المستشار السابق للراحل الدكتور جون قرنق لم يذهب بعيداً عن اعترافات طه، بل كان توصيفه للقوى الحزبية التقليدية أكثر قساوة، فهو يعتقد أن هذه القوى تتمحور حول أشخاص فقط وهي بالتالي بلا فكرة وبلا تفكير، ويُعرف كذلك عن الدكتور منصور خالد بأنه سياسي وخبير ومفكر من طراز آخر قد لا تتوافق قناعاته مع ما يسمى بأنموذج الإسلام السياسي الذي جاءت به الحركة الإسلامية من خلال مشروعها للحكم وهو ذات المشروع الذي تقاطعت معه أفكار ومفاهيم (السودان الجديد) والتي شكلت البناء السياسي والفكري للحركة الشعبية، ولكن اللافت أن منصور خالد كان بالأمس حضوراً في حفل إفطار (ود إبراهيم) الذي جمع أصحاب مشروع الإسلام السياسي بحكامه ومعارضيه
المؤتمر «المستحيل»
غبش في المواقف وخلل تنظيمي ومشاركة دستورية بائسة وحزب يقوده زعيم «ونجله» ومعارضة خلف الظلال تتبارى في التصريحات المضادة ما بين الشيخ حسن ابو سبيب وعلي السيد المحامي، ولكن ذات المعارضة تواجه زعيمها حافية الأقدام حاسرة الرأس، وليس بعيداً عن المشهد الكلي، فإن هناك تيارات شبابية وحديثة تغلي كما داخل أوصال الحزب تبحث عن فضاءات خارج «العباءات». هكذا هو الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل..وهن على وهن، مسلوب الإرادة غائب عن جماهيره، قيادته تحمل عصاها على كتفها لتمارس فضيلة الرحيل والترحال بحثاً عن المطارات والشواطي الدافئة. معطيات جديدة رمت بكامل ثقلها وأدواتها على واقع هذا الحزب العجوز وفيها أن المؤتمر العام الذي فشل في انعقاده الاتحادي الأصل منذ أكثر من خمسين عاماً أصبح هذا المؤتمر «المستحيل» أحد الأدوات الجديدة للمؤتمر الوطني للضغط على قيادته حتى تستجيب لدعوات انعقاده، وربما أدركت الحكومة ومجلس أحزابها إنه حان وقت التبديل للقيادة التاريخية للاتحادي الأصل او أن المرحلة ما عادت هي ذات المرحلة لاستيعاب الواقع القديم.
يبدو أن مشكلة المؤتمر العام للاتحادي الأصل أما لكونها قضية مال وإمكانيات وهذا خيار أضعف لأن المؤتمر الوطني ربما لا يبخل بالمال على حليفه وشريكه في البرنامج الوطني، وهنا تأتي مرحلة إملاء الشروط وتمرير الأجندة، او أن المشكلة تكمن في الهواجس والمقلقات التي تخشاها القيادة الدينية والروحية للاتحادي الأصل من جماعات الحزب التي لا تدين بالولاء لطائفة الختمية، وفي كلا الحالتين فإن المؤتمر العام لهذا الحزب ظل حلماً بعيد المنال علاوة على ذلك، فإن الحزب فقد الكثير من جغرافيته بالولايات ومع هجرة القيادة وانشغالاتها الخارجية تنامت طموحات الآخرين من منسوبي الحزب فقفزوا خارج أسوار الحزب أو انتهجوا سياسة إثارة الغبار الكثيف في وجه قيادة الحزب، وهذا الأسلوب برع فيه القياديان الشيخ أبو سبيب وعلي السيد المحامي. وعموماً فإن الاتحادي الأصل أمام ضغط جديد حيث يطالبه مجلس الأحزاب بعقد مؤتمره العام وهي مطالبة يمكن توصيفها لإضفاء شرعية للشراكة السياسية والدستورية القائمة الآن بين الوطني والاتحادي الأصل. فهل يستجيب الحزب..أم تطلق الجماهير مجدداً نداءات فض الشراكة والعودة الى «دار ابو جلابية»؟؟!
التالي
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..