مقترح بمهرجان لإحياء ذكري عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة رائداً من رواد التنوير (10)

بقلم: د.جمال بلال عوض

الآن-فقط أظن, و بعد أن كتب الأصدقاء عن عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة من زوايا عدة, و تطابقت الأحكام في تقدير نضاله و تضحياته فكرياً و أدبياً, و منزلته بين رواد التنوير, ولم يكن هناك مناصاً من ذلك, فقد كان الوسيلة متعدد الجوانب, و تناول في حياته موضوعات شتي, و كان هو نفسه يكاد أن يكون خلاصة حياة جيله و عصره. سأقصر الحديث عن ناحية واحدة من نواحي الوسيلة وهي:(الوسيلة المترجم), وإذا كان الوسيلة بأنه قد عرف أكثر بأنه السياسي المرموق, المضحي من أجل شعبه, الذي لا يراه الناس إلا صنواً لنضاله السياسي-الطريق الذي إنتهجه باكراً- لكن الترجمة مع ذلك كانت في طليعة نواحيه المهمة الجديرة بالدرس و التقدير لان الترجمة تعتبر رائداُ أساسياً لنقل ما وصلت إليه الحضارة الإنسانية بجميع إتجاهاتها إلي لغتنا حتي نستطيع شاعة الملائم منها لأكبر عدد من طالبي الدرس و راغبي المعرفة, و حتي يشتشعر المطلع عليها قيمة لغته و إمكانياتها في نقل التراث العلمي والأدبي والمعرفي من اللغات الحية مما يسهم بعد ذلك بأن نقيم مجتمعاً مثقفاً و مجتمعاً باحثاً و مجتمعاً دارساً و عالماً. إن إقتراحنا بإقامة ممهرجان لإحياء ذكري هذا القائد الوطني والمثقف العضوي الخالد إنما يكون مقدمة الأولي لإحتلال مقعده في الذاكرة الوطنية. صحيح و منذ فجر التاريخ فإن الأمم والشعوب المختلفة, تعرف حق عباقرتها وعظمائها عليها, أو تتنكر لهم و لا تفيهم حقهم إلا بعد الموت, و ربما لا تفيهم إطلاقاً. قد يمتد هذا التنكر أو التجاهل زماناً قليلاً أو كثير, و مرد ذلك إلي عوامل مختلفة: بعضها يتصل بالحياة السياسية, و بعضها الآخر ينشأ عن طبيعة المجتمع. الأمثلة كثيرة و نضرب مثلاً بسقراط الذي مات مسموماً بعد محاكمة معروفة وهو رأس فلاسفة الإغريق, لكننا اليوم لا نجد جامعة في الدنيا إلا و قد إتخذت من فلسفته مادة تدرس. وهذا أبو حيان التوحيدي, لم يذكره أحد من المؤرخين إلا بعد ثلاثة قرون من وفاته, واليوم يبحث الكثيرون عن كل حرف تركه هذا العبقري, و ينقبون في المكتبات عن أي أثر له. الوسيلة سيداتي سادتي جدير بالتكريم و لنبحث بجدية في تاريخه و آثاره التي تركها لإن إحياء ذكراه حق واجب له علينا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..