الرئيس البشير: بين مطرقة النظام الخالف وسندان أنظمة الحكم فى دول الخليج ومصر

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:-
لا ريب أن السواد الأعظم من عقلاء وحكماء وطننا الحبيب ،يتفقون تماماً بالمألات الكارثية التى يمكن أن يتدحرج نحوها وطننا الحبيب،فالوضع الراهن لا يبشر بخير بالرغم من أن ديننا الحنيف يأمرنا بأن نكون متفائلين ،فالحرب الأهلية مازالت تدور رحاها و تحصد فى أبناء الوطن الواحد،فى دارفور،جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق،والأزمة الإقتصادية تزيد من قبضتها وهى ممسكة بشدة بخناق محمد أحمد المسكين والذى قطعاً لا ظهر له مع الحزب الحاكم أو الحركة الإسلامية،لذلك تداهمه غلاء المعيشة وتضربه ليس على رأسه فحسب بل على بطنه،والأهم من ذلك تدهور أخلاق وتقاليد وعادات الكثير من السودانيين سواء كان على المستوى الداخلى أو الخارجى،تلكم الأخلاق والتقاليد والعادات الكريمة والفاضلة والتى كانت غايةً فى السمو ومضرب مثل ويحتذى بها كثير من شعوب دول العالم ،أصبحنا نراها بأم أعيننا تتدهور يوما بعد يوم ،وما تبقى لنا إلا فقط نصب سرادق العزاء لما أصابنا فى أعز ما لدينا وصدق أمير الشعراء حينما قال:-إذا الأمة أُصيبت فى أخلاقها*** فأقم عليها مأتماً وعويلاً.
وبرجوعنا إلى الجزء الول من عنوان مقالنا هذا ،نجد أن كثير منا قد سمع أو قرأ بفكرة أو الكيان المقترح من قبل زعيم الحركة الإسلامية السودانية د.حسن الترابى والذى أطلق عليه إسم النظام الخالف،والذى يهدف إلى توحيد الفرقاء الإسلاميين مرةً أخرى ،بل يتعدى ذلك بدعوة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وأحزاب البعث والناصريين لحجز مقاعدهم فى هذا القطار والذى والله لا ندرى هل سيكون قطاراً يحمل هم كل السودانيين؟أم هى الحيلة والمكيدة التى درج عليها شيخ الحركة الإسلامية من أجل إنقاذ ما تبقى من حركته بعد فشلها الذريع داخلياً فى إدارة الدولة،ومحاربتها على المستويين الإقليمى والدولى؟
لا أشك مطلقاً فى أنَ د.الترابى قد قام بقراءة دقيقة لتجربة حركته وحزبه فى حكم السودان لأكثر من ربع قرن من الزمان ،وذلك بالرغم من تركه للسلطة وإنشقاقه عن الحزب ،وتكوين حزب جديد بإسم المؤتمر الشعبى،ولكن كما يقولون العبرة بالخواتيم ،فخاتمة الحركة الإسلامية هى فشلها الواضح فى تطبيق الإسلام بصورة صحيحة وكذلك فشلها الكبير فى إدارة دولة مثل السودان ،تعج بالتباين العرقى والدينى والثقافى،فالشيخ حسن الترابى لا أحد يشك فى إمكانياته العقلية الكبيرة،وقوة الكارزمة التى يتمتع بها،ولكنه بعد كل هذه الصفات التى يتصف بها زعماء قادوا شعوبهم ،إلى سيادة حكم القانون ودولة المؤسسات ،يجد هذا الشيخ أن كل المجهودات التى بذلها من تفكيرٍ وتربية لأتباعها لأكثر من خمسين عاماً،يجد نفسه الأن صفر اليدين بالرغم من أن تنظيمه قد وصل للسلطة وهيمن على كل مفاصل الدولة بطريقةٍ ميكافيلية، وهى قطعاً تتعارض مع مبادئ الإسلام السمحاء ،بحيث أن الإسلام أهدافه وغاياته سامية،وبالتالى وبالضرورة لا بد أن تكون الوسائل للوصول لهذه الأهداف والغايات شريفة.والمتتبع للأحداث المحلية والإقليمية والعالمية،يجد أنَ التنظيم العالمى أصبح فى مهب الريح ،إذ كثير من دول العالم قد ضيقت عليه الخناق،وخاصةً فى دول الخليج العربى وجمهورية مصر وليبيا،وهذا أدى لقيام الرئيس البشير لإنتهاج سياسة خارجية جديدة،بدأها بقلب ظهر المجن لإيران الحليف الإستراتيجى لحكومته،ولك بإغلاق كل المراكز الثقافية الإيرانية فى السودان،وكذلك بالتضييق على عمل الحسينيات،كما أنه صرح بأن حكومته لا علاقة لها البتة بالتنظم العالمى للإخوان المسلمين،وختم هذه السياسة الجديدة بالمشاركة بقوات من الجيش السودانى فى عاصفة الحزم ضد الحوثيين وقوات على عبدالله صالح فى اليمن ،وهذه الخطوات بالإضافة لإبعاده لقيادات نافذة من حزبه ،كان لها القدح المعلى طيلة ربع قرن من الزمان فى إتخاذ القرارات الكبيرة ،كل هذه المعطيات بلا شك تضع الرئيس البشير فى موقفٍ لا يحسد عليه ،وربما مقبلات الأيام تجعل الذين كانوا يؤازرونه بالأمس يقفون ضده،وخاصةً بعد أن أصبح بعض الإسلاميين المستنيرين يرون أنَ بقاء الرئيس البشير على سدة الحكم فيه مجازفة بمستقبل الحركة الإسلامية،على كلٍ وحسب رأى فإن نظام شيخ حسن الخالف هدفه الرئيسى والمخفى هو إبعاد الرئيس البشير عن السلطة وعن الحركة الإسلامية ،والتى ستعود إن لم يكن كلها فأغلبها إلى حضن د.الترابى.
أما الجزء الثانى من عنوان المقال فهو موقف الأنظمة الحاكمة فى دول الخليج وفى جارتنا من ناحية الشمال مصر من تنظيم الأخوان المسلمين والذين يعتبرونه مهدداً خطيراً لبقاء حكمهم ،فالرئيس البشير بين خيارين لا ثالث لهما فإما أن يختار هذا المعسكر ويترك إيران العدو التقليدى لدول الخليج والتنظيم العالمى للأخوان المسلمين ،وإما أن يواجه عزلةً إقليمية واسعة قد تعجل بسقوط حكمه،وحتى الأن لم يحسم الرئيس البشير هذه الملفات بصورة قاطعة،ولكن نقول إنَ غداً لناظره قريب.
وبالله الثقة وعليه التُكلان
د.يوسف الطيب محمدتوم-المحامى
[email][email protected][/email]
عبدالباقي الظافر
قبل أيام احتفى الشيخ الترابي بوفد من الاتحاد العام للطلاب السودانيين تناول معه أفطار رمضان بداره بالمنشية..استوقفني أن الوفد الزائر أهدى الشيخ ساعة يد..أغلب الظن أن الطلاب أرادوا تذكير شيخهم أن عامل الزمن مهم جداً في مسيرة الحركة الإسلامية..الشيخ كان أكثر حماساً من الطلاب فقد تحدث صراحة إن الوحدة بين فرقاء الإسلاميين قادمة بل حدد لها أجلاً محشوداً بالأماني على ألا تتجاوز رمضان القادم.
أغلب الظن أن الشيخ الترابي وبعد انقلاب السيسي في مصر بدأ يتحسس تاريخ الحركة الإسلامية وواقعها ..وكان من الأجدر للشيخ أن ينظر للمستقبل البعيد..في تجربة إخوان مصر اشتركت القوى اللبرالية والتقليدية واتحدت مع مؤسسات راسخة كالمؤسسة القضائية والعسكرية في قلب الطاولة على أول رئيس مصري منتخب في التاريخ المعاصر .. عواطف الشيخ الترابي وجدت من يتلقفها من جانب المؤتمر الوطني..من هنا بدأت أمنيات وحدة الإسلاميين تحت شعور الخوف من الآخر.
في تقديري يخطئ الشيخ الترابي في اندفاعه من أجل تسويق مشروعه الجديد الموسوم بالنظام الخالف..في النهاية لن تصل الرحلة إلى مبتغاها..في أفضل الأحوال سيجمع الشيخ بعض من أشتات المعارضة الإسلامية ولكنه لن يتمكن من ترويض نظام الإنقاذ الجامح والراكض في ميدان الشمولية.
الساعة تقول إن الانقاذ الآن في أصعب مراحلها ..العنت الاقتصادي بات حاضراً..ترهل النظام السياسي واستشراء الفساد أصاب عموم الناس بخيبة أمل تنتظر الفرصة لتتحول إلى غضب جماعي عارم ينتج تغييراً أو فوضى..بالحساب السياسي ليس من مصلحة الإسلاميين أن يكونوا في سلة واحدة فيسهل صيدهم عبر خصومهم..حتى مرارات المفاصلة ما زالت تغص في حلوق الذين ظلموا من بين شيعة الشيخ الترابي.
حسنا ..الشيخ يفترض إن تلاميذه الذين خرجوا عليه قبل خمسة عشر عاماً وهو في أوج مجده سيعودون آليه وعلى وجوههم توبة إخوة يوسف..الصحيح أن الإصلاح في الحزب الحاكم يفضي فقط إلى توطين وتوسيع نفوذ بعض الجماعات القابضة..الشيخ الترابي مجرد بطاقة ضغط تستخدم في الصراع الداخلي بين هذه المجموعات..الآن من استخدموا بطاقة الترابي انفردوا بالسلطة بالكامل ولم يعودوا في حاجة لتقديم مزيد من التنازلات لا لإخوانهم في الحزب ولا لشيخهم في الحركة .
العالم الخارجي في هذه اللحظة لن يقبل بحركة إسلامية على واجهتها الشيخ الترابي ..العلاقات التي بدأت تتجاوز مرحلة الفتور مع الخليج العربي لن تتحمل صراحة الشيخ الزائدة عن اللزوم..مصر تتعامل الآن بفقه الأمر الواقع مع حكومة الخرطوم ولكن ظهور الترابي مرة أخرى في دور المرشد سيجعل القاهرة تتحسس سلاحها.. الترابي في نظر الغرب هو أخطر شخصية إسلامية ..هو الوحيد الذي وصل إلى السلطة واستطاع أن يخادع العالم لبعض الوقت قبل أن يكشف عن لحية الإنقلاب العسكري في الخرطوم.
بصراحة..إذا نظر الشيخ جيداً إلى ساعته لتأكد أن وحدة الإسلاميين لن تتحقق في الوقت الراهن ولربما لن تتحقق تحت عباءته أبداً.. إنها مهمة ليست مهمة في هذا التوقيت.
التيار
عبدالباقي الظافر
قبل أيام احتفى الشيخ الترابي بوفد من الاتحاد العام للطلاب السودانيين تناول معه أفطار رمضان بداره بالمنشية..استوقفني أن الوفد الزائر أهدى الشيخ ساعة يد..أغلب الظن أن الطلاب أرادوا تذكير شيخهم أن عامل الزمن مهم جداً في مسيرة الحركة الإسلامية..الشيخ كان أكثر حماساً من الطلاب فقد تحدث صراحة إن الوحدة بين فرقاء الإسلاميين قادمة بل حدد لها أجلاً محشوداً بالأماني على ألا تتجاوز رمضان القادم.
أغلب الظن أن الشيخ الترابي وبعد انقلاب السيسي في مصر بدأ يتحسس تاريخ الحركة الإسلامية وواقعها ..وكان من الأجدر للشيخ أن ينظر للمستقبل البعيد..في تجربة إخوان مصر اشتركت القوى اللبرالية والتقليدية واتحدت مع مؤسسات راسخة كالمؤسسة القضائية والعسكرية في قلب الطاولة على أول رئيس مصري منتخب في التاريخ المعاصر .. عواطف الشيخ الترابي وجدت من يتلقفها من جانب المؤتمر الوطني..من هنا بدأت أمنيات وحدة الإسلاميين تحت شعور الخوف من الآخر.
في تقديري يخطئ الشيخ الترابي في اندفاعه من أجل تسويق مشروعه الجديد الموسوم بالنظام الخالف..في النهاية لن تصل الرحلة إلى مبتغاها..في أفضل الأحوال سيجمع الشيخ بعض من أشتات المعارضة الإسلامية ولكنه لن يتمكن من ترويض نظام الإنقاذ الجامح والراكض في ميدان الشمولية.
الساعة تقول إن الانقاذ الآن في أصعب مراحلها ..العنت الاقتصادي بات حاضراً..ترهل النظام السياسي واستشراء الفساد أصاب عموم الناس بخيبة أمل تنتظر الفرصة لتتحول إلى غضب جماعي عارم ينتج تغييراً أو فوضى..بالحساب السياسي ليس من مصلحة الإسلاميين أن يكونوا في سلة واحدة فيسهل صيدهم عبر خصومهم..حتى مرارات المفاصلة ما زالت تغص في حلوق الذين ظلموا من بين شيعة الشيخ الترابي.
حسنا ..الشيخ يفترض إن تلاميذه الذين خرجوا عليه قبل خمسة عشر عاماً وهو في أوج مجده سيعودون آليه وعلى وجوههم توبة إخوة يوسف..الصحيح أن الإصلاح في الحزب الحاكم يفضي فقط إلى توطين وتوسيع نفوذ بعض الجماعات القابضة..الشيخ الترابي مجرد بطاقة ضغط تستخدم في الصراع الداخلي بين هذه المجموعات..الآن من استخدموا بطاقة الترابي انفردوا بالسلطة بالكامل ولم يعودوا في حاجة لتقديم مزيد من التنازلات لا لإخوانهم في الحزب ولا لشيخهم في الحركة .
العالم الخارجي في هذه اللحظة لن يقبل بحركة إسلامية على واجهتها الشيخ الترابي ..العلاقات التي بدأت تتجاوز مرحلة الفتور مع الخليج العربي لن تتحمل صراحة الشيخ الزائدة عن اللزوم..مصر تتعامل الآن بفقه الأمر الواقع مع حكومة الخرطوم ولكن ظهور الترابي مرة أخرى في دور المرشد سيجعل القاهرة تتحسس سلاحها.. الترابي في نظر الغرب هو أخطر شخصية إسلامية ..هو الوحيد الذي وصل إلى السلطة واستطاع أن يخادع العالم لبعض الوقت قبل أن يكشف عن لحية الإنقلاب العسكري في الخرطوم.
بصراحة..إذا نظر الشيخ جيداً إلى ساعته لتأكد أن وحدة الإسلاميين لن تتحقق في الوقت الراهن ولربما لن تتحقق تحت عباءته أبداً.. إنها مهمة ليست مهمة في هذا التوقيت.
التيار