رسوم بتاع لا تموتُ إلا إذا أجَلَكا تم !!

بسم الله الرحمن الرحيم

في سبعينيات القرن الماضي نشط الشباب في مختلف المجالات الرياضية والثقافية..فكونت الفرق الرياضية والغنائية والمسرحية..التي غيرت من ليالي السأم وملأت فراغ أمسيات الريف بما هو مفيد..قريتنا كانت متميزة في هذا المجال..تكون فريق لكرة القدم ما زال موجوداً ..وفرقة فنية ما زال فنانها شاكر يعطر أفراح الحلفاويين في الخرطوم وزكريا في حلفا..أما المسرح فقد ضاع لحاجته لامكانيات عجزت عنه الفرق الكبرى..العزيز الكابتن عبده نجم كان مبدعاً متكاملاً ..فعلى تميزه الأكاديمي كان قائد الفريق وهدافه وأفضل لاعبي حلفا وقتها..وهو المغني عذب الصوت وعازف العود الماهر الذي أخذت مبادئ العزف منه في داخلية حلفا الثانوية..وهو الممثل الذي لعب على تناقضات اللغات واللهجات بين القبائل وأضحك كل الناس رغم جدية قسماته البينة..وفي إحداها كان يمثل دور الفكي الدجال الذي يبيع العروق لمرتادي عيادته..وهو يصيح..عرق محبة..عرق طلاق ..عرق بتاع لا تموت إلا إذا أجلكا تم !!!
تداعت لي هذه الذكريات وأنا أطالع خبراً عن عسر الهضم الذي أصاب نظام التحصيل الإليكتروني الوليد ..فمع صلاحيات المحليات والولايات في التشريع لجبايات ورسوم تغطي بها المنصرفات الدستورية والإدارية الضخمة وتسير بها القليل من قضايا الناس..انفلت الأمر حتى بلغ عدد الرسوم والجبايات 173 ألفاً بالتمام والكمال للخدمات ..ومنها رسم سرج حمار ورسوم عادم !!! حتى ظننت أن الرسم الناقص هو الذي عنونا به المقال . والحال كذلك ..لم يكن لأي مصمم للنظام الإليكتروني أن يتوقع هذا العدد المهول ليدرجه بما يحتاجه الأمر من رموز ومسائل وقوانين.. وأمام هذه المعضلة ..توقف النظام الذي احتُفل به وعرض به المسئولون في الدارة.. وبعد جهد مضن من الشركة المصممة توصلت إلى الاكتفاء بعدد 39 ألف رسم حسب ما أفاد مدير ديوان الحسابات..ما يعني أن 132 ألف رسم لا بد من تحصيله خارج النظام..فتأمل !!!
الخلاصة أن الأمر رغم كونه عادياً في الدول الأخرى ..إلا أنه أضيف إلى طيبي الذكر ..نأكل مما نزرع..ونكتفي بالكهرباء من سد مروي ..وللطاقة القصوى الكامنة حتدور مكنات المصنع..ونفوق العالم أجمع ..والذهب سيعوضنا ذهاب بترول الجنوب..فهل اقتنع اهل النظام بعلتهم..أم ينتظرون حتى يقتنع الديك!!؟

[email][email protected][/email]