الوسيلة و اخوان الصفا

يقول الشاعر صديق مدثر:”أخوان الصفا تنظيم لأصدقاء..الفكرة جاءت من عند عبدالكريم الكابلي, و عرفنا علي عبدالواحد عبدالله و كمال عمر الأمين و إخترنا د.محمد العثمان جرتلي رئيساً لنا”. كنا في إخوان الصفا نجتمع من وقت الإفطار يوم الجمعة مروراً بالغداء, حتي المساء ثم نفترق. كان رسم الدخول عملاً مبدعاً:مثلاً قصة قصيرة, مسرحية,شعر. كان العمل الإبداعي يحظي بمناقشات واسعة و بعد إجازته يتم منح العضوية. بدأنا بأوبريت السودان, و قبل أن يكتمل العمل تفرقنا أيدي سبا. سعيت و د.جرتلي إلي ضم الوسيلة إلي تنظيم أخوان الصفا (راجع كتاب الشاعر صديق مدثر, من إصدارات مركز عبدالكريم ميرغني/2012 ص 170) يواصل د.جرتلي الحديث عن الوسيلة:”إن من الجوانب الخفية في حياة هذا العبقري الذي إقترن إسمه بتعدد المواهب, أنه كان شاعراً و أديباً مرهف الحس. كان الوسيلة يقوم بإستمرار بترجمة الأدب الأجنبي الذي يعجبه, و خاصة شعر شيكسبير, و قد نمَّي إهتمامه بالأدب حتي أصبح كاتباً” و يستطرد د.جرتلي:”كان الوسيلة يتمتع بما يوحي بأنه سيصبح شاعراً, لما له من خيال مرهف و محلق”. و نحن نلمس ذلك في كتاباته الأدبية في صحف ذلك الزمان-الصراحة والميدان والجهاد-والتي يبدو فيها متأثراً بشعراء الإنجليز. و لهذا كان الوسيلة مؤهلاً لعضوية تنظيم أخوان الصفا, لكن الطريق الذي سارت فيه حياته و إنشغاله بالعمل السياسي و مسؤولياته الحزبية الكثيرة, صرفته عن الشعر والمسرح أيضاً, ثم كان الوقت قد فات و رغم أن الوسيلة عني عناية فائقة بالترجمة إلا أن حبه للشعر يأتي أولاً. لقد كان بحق شاعراً بروحه, ينظر إلي الحياة والناس بعين الشاعر و بقي محتفظاً بالشعر طيلة حياته, و يري فيه مصدراً لتقدم الإنسان و لتطوره نحو الأفضل. لذي فإن نشاط الوسيلة السياسي كان قد أعاقه عن الإنتظام في لقاءات أخوان الصفا, لا لسبب سوي أن حياته قد توزعت بين الإختباء في المخابئ بأمر الحزب و بين العمل السياسي العلني سكرتيراً للجبهة المعادية للإستعمار مما فرض عليه التنقل بين العواصم و المدن السودانية أو أن يكون عرضة للإعتقال و السجن. أنني اسجل بحزن شديد إن عدم الإستقرار الذي لازم حياته قد حرمنا و حرم السودان من عبقريته و مواهبه التي لو قدر لها أدني قدر من الإستقرار ربما تفجرت و كشفت عن أديب لا يشق له غبار.(مصدر سابق كتاب الشاعر صديق مدثر).

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..