الشباب وتحديات العمل الطوعي في السودان ؟!!

بدأ الشباب يقبل علي ممارسة العمل الطوعي في الاونة الاخيرة إقبالا ينبأ عن وعي وتفهم للأوضاع التي تمر بها الدولة السودانية وما يشوبها من تردي إن كان في الجانب الإقتصادي او السياسي او حتي الإجتماعي ، ذلك الوعي الذي يخلق مجتمعا متقدما مدركا لما يدور من حوله ، ويري الشباب ان ممارسة العمل الطوعي تكسب مهارات مؤسسية كممارسة العمل الإداري ومعرفة إدارة العمل الطوعي وما شاكلها من مهارات اخري ،او ربما استهوتهم المفاهيم الجديدة والموجات العاتية التي غزت العالم والتي كان ترمي الي التغيير بمفهومه العريض بعد فشل النموذج السياسي حيث ان التغيير كان مجزوءا وناقصا ، لذا فإن خوض الشباب للعمل الطوعي دليل عافية ونضج وقد يصبح لوثة ونغمة حال إصطدام هؤلإء الشباب بمفاهيم كالحرية والديمقراطية والعدل ومفاهيم اكثر تقدما كحقوق الإنسان وحقوق الجندر وما شاكلها من حقوق اخري ، وكثيرا ما ينتج من جراء هذا الإصطدام تشويه لهذه المفاهيم – إلا ذوي العقول – وإبتزال وربما إدعاء وتمثل اعمي دون الغوص وتمحيص وتغليب هذه المفاهيم واخذ ما يمكن اخذه وترك ما لا يصح تمثله ولكن فقدان العقلية الناقدة لدي الشباب و الإنجرار والتقليد باتت طريقتنا في الحياة وهذه ما يؤخذ علي شبابنا حتي من يتمتع منهم بقدر من الوعي للأسف انجر وراء ماينتجه الغرب من منتوج ، وعلي كل فإننا لم نصل بعد الي مرحلة إستيعاب المفاهيم العصرية او فلنسمها القيم العصرية الازلية لذا فإنه ليس من المنطقي إدعاء مثل تلك القيم التي لا زلنا نحبو للحاق بها .
إن التجارب السياسية في بلادي شجعت الكثيرين في الإنصراف عن هذا الحقل والتحول الي الحقل الطوعي ، طالما ان الاخير لا يقل اهمية عن الاول ، ولم يدركوا قط ان العمل السياسي يشابه كثيرا العمل الطوعي بل ان وجه الاختلاف يكاد يكون معدوم إلا في اللفظة ؟! فلو علم البعض ممن يظنون بأن الطوعي خير من السياسي ربما لأعادوا النظر في الامر ، وهذا لأن الثيمات تتشابه حد التطابق فمثل ما هنالك مكاسب وأجندة خاصة وصراع وحب للسلطة والثروة والشوفينية والشو في حقل السياسة هنالك ايضا ذات الاشياء في الحقل الطوعي ، حتي ان المقاصد بات لا يرجي منها وجه الله وبهذا يتراص الطوعي مع السياسي في صف واحد !!
إن مفاهيم المؤسسية من المفاهيم التي لم تتأسس بعد بشكل مناسب في بنية الوعي الجمعي ، فكل محاولات التقرب من هذا المفهوم هي محاولة بائسة لا طائل منها ، وآذا جاز لنا التأكيد المقيد علي هذا المفهوم – من جانب آخر – فينبغي علينا تحديد بعض مؤسسات المجتمع المدني كحقل إستطاع ان يستوعب بعض المؤسسية وعجز ان ينفذ الي اعماقها ! لأن إرساء دعائم المؤسسية يكون مواز لإرتقاء المجتمع ومدي تقدمه ، ولأنه يحوي بداخله الكثير من المرتكزات الاساسية مثل التنمية البشرية والتخطيط الإستراتيجي وبناء القدرات واخير ظهور مفهوم الحوكمة او الحكم الرشيد كمفهوم راق يعالج التناقض ما بين السلطة والمجتمع بإصلاح حال السلطة كما ينادي ايضا بالعدالة الإجتماعية ودول المواطنة والتقسيم العادل للفرص والمكاسب ، لذا فإن بطء سير وعي المجتمع فوت الفرصة في إستيعاب وتأصيل مثل تلك المفاهيم الجديدة .
اتشجع دوما للنفرات الشبابية والمبادرات وأري انها نشأت نتيجة ظروف موضوعية وإحتياجات معينة أرتأي الشباب انهم افضل من يتصدي لها ، وهذا لعمري حافذ يعكس بصورة جلية نظرة الشباب لمجتمعاتهم المستضعفة وتقديم العون لها ، وهنالك نماذج عديدة لمنظمات ومبادرات شبابية كان لها اثر واضح في مجمل الحياة العامة علي إختلاف مستوياتها ومجالاتها وطبيعة عملها وقدرات القائمين عليها ، نفير مبادرة من المبادرات التي اتت كرد فعل طبيعي للكوارث والسيول التي إجتاحت اطراف العاصمة ومدي التأثير والدور الذي قامت به هذه المبادرة كذلك المؤسسية التي إنعكست علي طبيعة عملها مما اكسبها صيتا جاوز حد المعقول وجعلها عرضة للعداء من قبل الحكومة وتم كيل التهم لها لأنها استطاعت برغم المعوقات ان تبرز مؤسسية وتنظيم لا يضاهي وجدية مفرطة في تقديم العون والمساعدة للمتضررين ، وهكدا فإن الفترة القصيرة التي عاشتها (نفير) إستطاعت خلالها ان تقدم الكثير ،
ولا ننسي مبادرة الإنسانية والبناء التي جاءت من رحم الواقع المأزوم ، واقع الفقر والجهل والمرض لتمد اليد بيضاء الي مواطن الشرق المغلوب علي امره ورغم التحديات والمعوقات التي المت بها إلا انها لم تنثني امام هذه العواصف فراحت تقدم لاهل الشرق بعض المساعدات وبالخصوص اهل القري النائية ، فعملت في جانب الصحة والتعليم وتقديم الخدمات كالكساء والغذاء والدواء للطبقات المعدمة وما تحت خط الفقر وبرغم الامكانيات والتحديات لا زالت تكافح هذه المبادرة لإحداث بعض التغيير في واقع شرق السودان وولاية كسلا بالتحديد .
كذلك شارع الحوادث تلك المبادرة التي تخصصت في جانب الصحة كأول مبادرة تحسست اوجاع المواطن السوداني وأناته وقررت تقديم خدماتها برضي وبحركة دءوبة تشابه خلية النحل وقد حققت تقدم باهر بتدشينها لغرفة عناية للأطفال بالخرطوم وغرفتها الثانية قد اتضحت ملامحها .
اما كلنا قيم فهذه المبادرة ذات النداءات فهي تسير بخطي ثابتة وبمؤسسية تستحق الإحترام ساندها في ذلك شبكة علاقات جيدة مع اعلام المجتمع وهذا منحي ممتاز يربط بين الطبقة الوسطي او البرجوازية بالمسحوقة !! في تكافل لا يخفي علي احد . ونجد ايضا صداقات كمبادرة وليدة لها دورها المقدر وسيكون لها دور متعاظم في القريب العاجل ، اما ظلال الرحمة فهذه المبادرة حقا تستحق الإحترام والفوز بالمرتبة الاولي عربيا لأنها صراحة نبذت سلاح الإعلام ذو الحدين وعملت في تجرد تام وإخلاص فأستحقت الفوز فهنيئا لها ولنا هذا الفوز ونتمني لبقية المنظمات ان تحزو حزو ظلال الرحمة حتي تلوذ بأجر الآخرة كاملا غير منقوص .
هذه نماذج من مبادرات شبابية آثرت تقديم يد العون للمجتمع لكنها قوبلت بمتاريس شديدة وعقبات كآداة منها نظرة الدولة للتجمعات الشبابية وقوانين العمل الطوعي الصارمة والتشكيك وتضيق الخناق لهذه التجمعات الشبابية و إتهام هؤلاء الشباب بأنهم ( يسار ) او عملاء لجهات خارجية او مرتزقة او طالبي مناصب و لم تدرك هذه الحكومة أن ما يدفع الشباب اكبر من هذا كله !!
لذا نتمنى أن تعود هذه الحكومة الى رشدها و أن تنتهج نهجاً مغايراً في التعامل مع منظمات المجنمع المدني ككل و المبادرات الشبابية بشكل خاص و أن تتخلى عن نظرية المؤامرة التي دمغت كل أفكار هذه الحكومة فأختلط عليها الحابل بالنابل و أ، تتيح مساحات لهؤلاء الشباب ليمارسوا التطوع طالما عزفوا عن ممارسة السياسة ولم يجدوا مساحة للوظاىف في الدولة لأن للشباب طاقات إن لم توظف في خير هذا الوطن ستوظف في تدميره و إفناء هذا النظام و ثورتي أكتوبر و أبريل خير دليل على ذلك ؟؟!!
[email][email protected][/email]