ترحيل سوق السيارات.. قرار متفجر
الصدفة وحدها وضعتني أمس في قلب تجمع غاضب لتجار وسماسرة السيارات بدلالة الصحافة، جنوب الخرطوم، لأجد نفسي شاهداً على شرارة الغضب العنيف الذي يعبر عنه هؤلاء العاملون في مجال تجارة السيارات.
الحكومة دائماً تكون هي السبب في إيقاظ سخط الفئات المختلفة عليها وغضبهم منها.. الحكومة بقرارات غير مدروسة وخاصة قرارات المحليات تتسبب في خلق حالة الفوضى في كل مكان..
هذا القرار بشكله الحالي هو قرار غير سليم وطريقة معتمد الخرطوم في معالجة اكتظاظ مواقع دلالات السيارات والمظاهر المصاحبة لذلك، هي طريقة خاطئة مائة بالمائة.
الذين استمعت إليهم أمس من قادة لجنة دلالة السيارات بالصحافة أو بالسوق المركزي بعضهم ضباط نظاميون معاشيون ومديرون تنفيذيون سابقون وضباط إداريون سابقون والبعض الآخر تجار وحملة بكالريوس ومثقفون، ولذلك هم يمتلكون القدرة على تفهم القرارات الصحيحة أكثر من بعض متخذيها وصناعها أنفسهم كما لديهم الاستعداد والوعي لتنفيذ الإجراءات الإدارية المنطقية والصحيحة أما القرارات الارتجالية التي تريد جهات محددة من بينها محلية الخرطوم فرضها بأسلوب الجبر والجزر والشدة فهم كما يبدو لي لن يستسلموا لها بسهولة لأن المحلية قامت بتغييب دروهم تماماً، قبل اتخاذ القرار وتقديمه لهم جاهزاً للتنفيذ.
سوق السيارات المركزي جنوب مدينة الصحافة ليس مجرد تلك الواجهة من السيارات التي تزحم امتداد شارع أفريقيا يوم الجمعة وتعكس ذلك المظهر السلبي والوقوف الخاطئ على جنبات ذلك الطريق، بل هو سوق يعمل فيه أكثر من أربعة آلاف تاجر ووسيط وبه مئات المكاتب المتخصصة على امتداد منطقة السوق المحلي.. سوق ضخم جداً تدار فيه عشرات المليارات من الجنيهات يومياً أما يوم الجمعة من كل اسبوع فترتفع نسبة رأس المال المتحرك داخل هذا السوق إلى أكثر من خمسين مليارا.
المعتمد نمر الذي يصر على نقل تلك الأسواق كان عليه أن يدرس قراره جيداً ويدرس تداعياته الاقتصادية والاجتماعية قبل أن يتخذه.. كان على الرجل أن يفهم أن قرار نقل دلالة الصحافة من موقعها الحالي يعني قتل مربعات السوق المحلي بالكامل تلك التي تضم مئات المكاتب التجارية التي شيدها أهلها بتمويلات من البنوك ليسددوا التزاماتهم من ريع استئجارها لأصحاب المكاتب العاملة في سوق السيارات.. عشرات المباني سيقود قرار نمر هذا أصحابها إلى السجون.. بعد تعثرهم عن سداد ما عليهم من التزامات في حال إخلائها وترحيل السوق.
وعشرات المكاتب الأخرى كان تجار السيارات قد امتلكوها ودفعوا فيها مئات الملايين ليشيدوها ويديروا منها أعمالهم وهم يدفعون للحكومة كل ما عليهم من ضرائب ورسوم.
آلاف الشباب الذين يعلمون في هذا المجال يكفلون أسرهم.. لقد ارتفعت دعوات هؤلاء إلى السماء وأنا شاهد عليها أمس يسألون ربهم أن تطيح قرارات تشكيل الحكومة الجديدة هذا المعتمد.
كل هذا كوم والموقع الجديد في سوبا والذي لم تشاور فيه المحلية أصحاب الشأن كوم آخر.. موقع غير آمن وغير مناسب وضيق وصغير لا يكاد يسع عشرة بالمائة من حجم سوق السيارات في دلالة الصحافة وحدها دعك من سوق المريديان وعبيد ختم وغيرها.
قرار محلية الخرطوم بنقل دلالات السيارات إلى سوبا هو قرار غير مدروس ويجب توقيف تنفيذه بتدخل مباشر من والي الولاية.. حتى يتم تحديد موقع آخر آمن وقريب وواسع يتم اختياره بالتشاور مع تجار السيارات أو لجنتهم..
الحكومة التي تتحدث في هذه المرحلة بلغة الحوار يجب أن تلتزم في كل قراراتها وخطواتها بمبدأ الحوار وثقافته لكسب رضا الفئات الحرفية والمهنية.. فقد انتهى زمان القرارات التعسفية والارتجالية.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
اليوم التالي