حسن سليمان، كاشف النوبة

حسن سليمان، كاشف النوبة
Hasan Suliman, Kashif of Nubia
مارسيل يونقفلايش Marcel Jungfleisch
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة لمذكرة صغيرة نشرت في العدد السابع والعشرين من مجلة “السودان في مذكرات ومدونات” الذي صدر في عام 1946م، عن كاشف النوبة حسن سليمان (1746 ? 1830م)، الذي كان آخر حكام النوبة شبه المستقلين قبل أن يطرده المماليك من الحكم بعد أن فروا من مصر ولاذوا بالسودان في عام 1811م.
وتطلق كلمة “الكشاف” على حكام النوبة الذين تزاوجوا مع العرب من مصر والجزيرة العربية والألبان والأتراك (من تركيا والبوسنة والهرسك) واعتنقوا الإسلام.
ويعد كاتب المقال، مارسيل يونقفلايش (1879 ? 1958م)، من أشهر المهتمين على مستوى العالم بسك العملات وبجمع قطع العملة (numismatist) في القرن العشرين، وكان عضوا بالمعهد المصري وأستاذا بالمعهد الوطني للفنون والحرف (Conservatoire National des Arts et Métiers).
المترجم
********* ******** ********* **********
الكاشف الحسن هو ابن سليمان، وربما هو حفيد إبراهيم من عائلة بوسنية قطنت كوسا Kussa (أو Kushi بحسب ما جاء في “معجم السير الذاتية في السودان” لريتشارد هيل وآخرين. المترجم). وكان السلطان سليم (الأول) هو من نصب أفراد تلك العائلة كشافا في القرن السادس عشر الميلادي، وظلوا من بعد ذلك يتوارثون الحكم (حتى عام 1818م، حين كانت الحكومة المصرية تحضر لغزوها للسودان. المترجم).
وكان وادي النيل بين الشلالين الأول والثاني مقفلا تماما في القرن الثامن عشر، واضطرت القوافل القادمة من دارفور للسير على طريق الصحراء غربا. وفشل نوردن نفسه في عبور المناطق جنوب للشلال الثاني (المقصود هو فريدريك لويس نوردن، 1708 ? 1742م، القبطان الدنماركي، الذي ألف كتابا مشهورا هو “رحلات في مصر والنوبة Travels in Egypt and Nubia” والذي صدر في كوبنهاجن عام 1757م. المترجم).
ولم تجد الحملة الفرنسية والتي أطلقت لتعقب المماليك الفارين جنوبا وقتا لأي تواصل مع ملوك النوبة، والذين كانوا يفرون ويلجأون للصحراء في الأوقات التي يحسون بها بالضعف وعدم القدرة على المقاومة. وقام هؤلاء في عام 1810م بتكرار ذات المناورة، وانسحبوا للصحراء الشرقية في الوقت الذي كان المماليك فيه يفرون جنوبا بعد فشلهم في الصمود في قصر إبراهيم، وكان المصريون يتعقبونهم حتى مدينة دنقلا بين 1811 إلى 1812م (إبراهيم المذكور هو أحد كبار زعماء المماليك. ولد في جورجيا (1735م) وتوفي بدنقلا (1817م). وكان قد نجا هو وولده من المذبحة التي دبرها ضدهم محمد علي بسبب وجودهما في طرة، وحاول لاحقا توحيد صفوف المماليك ضد محمد علي باشا دون جدوى. المترجم).
وكان للكاشف سليمان ثلاثة أبناء: الحسن والحسين ومحمد. وتحالف الحسين ومحمد مع أخيهم الأكبر وأعادوا ملكهم في عد الدر (Ed Derr) في عام 1813م، واشكيت (Ishkid) في عام 1816م، ولكن في هذه المرة تحت سلطة الوالي محمد علي باشا، والذي كان يحكم باسم الباب العالي sublime Porte في عهد الخلافة العثمانية.
وفي عام 1818م ساءت سمعة الحسن (والذي كان عمره قد فاق السبعين عاما) فتولى أخوه حسن (والذي كان يصغره بخمسة عشر عاما) مقاليد حكم منطقة النوبة بمساعدة ولديه داؤود وخليل. وفي عام 1820م بدأت الحملة المصرية ? التركية لغزو السودان، وقام حينها إبراهيم باشا بعزل الحسن وولديه عن الحكم.
وكانت عملات النقود المستخدمة في أرض النوبة في تلك السنوات هي عملة القرش الاسباني (الريال أبو مدفع) وبعض القطع الذهبية غير المحددة. وانتشرت في المنطقة بعد عام 1811م العملات المصرية البرونزية. وبعد ثلاثة أعوام من ذلك ظهر القرش المصري الفضي، والذي تم سكه بين عامي 1223 -1227 هـ وعام 1229هـ.