قفة الملاح بعيدة المنال!!!!

بسم الله الرحمن الرحيم

جاء علي لسان الأستاذ/ علي عثمان محمد طه الذي تولى عدة وزارات منذ ذلك اليوم من ذلك الشهر من ذلك العام قبل 26 عاما، ووصل لدرجة النائب الأول لرئيس الجمهورية الانقاذية التي أتت من أجل الضعفاء من أبناء هذا الشعب “الفضل”، بعد قاد المحادثات الاتي أدت الي انفصال جزء عزيز من الوطن ، جاء علي لسانه بالصحف السيارة والالكترونية أن الحكومة (حكومة حزبه) لن تستطيع حل مشكلة (قفة الملاح)، أي سلة الغذاء،حتى وان بقيت في الحكم لخمسين عاما قادمات!!!! يا للإحباط والحسرة و يا للهول.
أنا كمواطن ضاع من عمري 26 عاما كنت فيها آملا في تحسين حالة الوطن والمواطن بعد كل هذا العناء والدمار والمهانة والوعود والتجارب والانفصال والتضارب في السياسات العامة والاقتصادية والذلة والاهانات، شعرت بأن هذه السنوات أصبحت هباءا منثورا!!! ان كان هذا هو رأي رجل من الداخل (خالص)، يعني من جوة، يعني من بيت الكلاوي، فهل نستطيع أن نغالطه فيما يرى!ّ!!
لكن العقل يقول أننا نعيش في بلد يزخر بكل امكانيات الدول المتقدمة موارد خام و عقول وعلم وموقع استراتيجي..الخ من كلام ناس الاقتصاد،، لكننا (نقبع) في القاع بكل المعايير. أين يكمن العيب؟ أهو فينا؟ أم في من يحكمنا؟ أي من يديرون أمورنا (وكمان غصبا عننا)،وماذا يريد هؤلاء الحكام منا بعد أن صبرنا عليهم 26 عاما و(انتزعوا) خمس سنوات جدد بخبث شديد وخداع وتناقضات مكشوفة للطفل قبل الكبير؟ والله يستر من الجايات.
نقول للأستاذ من أين لك هذه القدرة علي (التنبؤ) بهذا الأمر؟ لا نريد أن نكرر ما قالة الزعيم الراحل محمد أحمد المحجوب لمن قال بأنه يتنبأ بحدوث كذا وكذا. فما كان من الزعيم الذكي السياسي الا ان رد عليه ردا أفحمه وجعله يسحب مقولته. ما هي المقولة؟ أسالوا غيري حيث لو كتبت في هذا المقال ستحذف أو يمنع نشر الموضوع نفسه!!!. ام يكون ذلك بسبب (معرفتكم بمقدرات) الحزب لحاكم وبرنامجه؟ أم بسبب أن هذ الأمر(القفة) في الأساس ليست من أولوياتكم؟ أم أنه ليس ضمن الأجندة قصيرة أو طويلة الأمد؟
لم يمر هذا الشعب الكريم بمشكلة تتعلق بقفة الملاح منذ مجاعة سنة ستة!!! قبل الاستعمار أو حتي ذلك اليوم الذي ارتكبتم فيه أكبر غلطاتكم (طبعا ما في داع لتحديده)…. هذا الشعب كان يأمل فيما هو أكثر من قفة الملاح. كان يأمل في أن يصبح شعبا من شعوب الدول المتقدمة نظرا لما يملكه من امكانيات مادية وعقلية وكبرياء (شعب عارف عز نفسه).
ببساطة كده، ما هي مكونات حلة الملاح، أساس قفة الملاح. اللحم والبصل والزيت والصلصة/الطماطم، والخضار والبهارات. بقية الصينية في الغالب هي السلطة، وفي البيوتات ذات الدخل العالي بعض النواشف من لحم (محمر أو مشوي) و دجاج او سمك، كما يفضل البعض وجود الأرز أو المكرونة أو المحشي. شوية شوربة تتم الناقصة. هذا بالإضافة الي الكسرة أو الرغيف أو القراصة او العصيدة. هذه الأخيرة لا تتطلب أكثر من الملاح ووراها كوز موية كارب وان أمكن كباية شاي. . معليش يا جماعة المحرومين والصائمين آسف جدا ان كنت قد ذكرتكم بأشياء أصبحت من متطلبات الجنة. مش هم الحكومة، وصرحوا عديل كده أنهم ما بيقدروا علي توفيرها لينا، ونحن ما بنعرف أكثر من الحكومة!!
زماااان، عندما كنا صغارا، كان متوسط الاسر تصرف ما بين 30 – الي 50 قرشا يوميا مقابل قفة الملاح. أما الأسر التي تصرف من 50قرشا حتى واحد جنيه يوميا معدودة (بذخ شديد). اغلبية الأسر تصرف أقل من 25 قرشا في اليوم. كيلو اللحم لا يتعدى 8-12 قرشا. أجعص خضار لا يتعدى قرشين، عدا الطماطم (المجنونة). أكبر ديك 10 قروش، كيلو السمك 5-7 قروش، جوز الحمام2.5 قرش، رطل اللبن قرش واحد، وبعد الظهر 3 رطل بقرشين. الرغيفة أكثر من 200 جرام بقرش واحد، وكيلو الجبن 8 قروش،والطحنية 4 قروش، ورطل السكر بقرشين، وجالون البنزين 12 قرشا، وتذكرة البص قرش واحد ، والطراحة من الديوم حتى سوق الخرطوم قرشين ونصف.
نرجع للموقف الراهن، ونفند لماذا لا تستطيع الحكومة توفير قفة الملاح حتى بعد 50 سنة. فلنبدأ باللحم. نحن من أغنى الدول في قطاع الثروة الحيوانية. حسب الاحصائيات وبعد انفصال الجنوب، لدينا أكثر من 100 مليون رأس، ونحن 32 مليون نسمة. يعني أن كل منا نصيبه 3 رؤوس. بالنسبة للزراعة فنزرع حوالي 40 مليون ان مروي ومطري بخلاف الزراعة الشتوية والبساتين علي ضفاف النيل. الخضروات تزرع طوال العام البهارات تزرع شتويا ، أغلبها بالشمالية. بالنسبة للكسرة والعصيدة ليست لدينا اشكالية حيث نزرع مساحات ضخمة من كل أصناف الذرة الرفيعة. أما محبي القراصة فهم يزرعون قمحهم الخاص بالقراصة وهم من مواطني الشمالية، ولا يعتمدون علي قمحكم المستورد (المسيخ). الأرز المكرونة لا يعتبران من أساسيات قفة الملاح، وأغلب الأرز كان يستورد من مصر وباكستان، والكيلو لا يتعدى 5 قروش. عليه كل مقومات قفة الملاح متاحة وبوفرة شديدة ولا تخضع لعمليات التصدير والاستيراد والدولار بأنواعه ومسمياته وأسعاره المتعددة.
المشكلة اصبحت في الأسعار المفتعلة والسياسات المالية وغير المالية الخاطئة بما في ذلك تقنين (الاحتكار)، وبواسطة شركات أو أفراد يتبعون للنظام الحاكم. الانتاج وفير، ولا نرى تصدير سوى في قطاع الحيوان، فلماذا لا تتوفر السلعة للمواطن وبأسعار في متناول يده؟
هل يصدق أحد ان كوم الباذنجان الأسود يصل الي 10 جنيهات (بالجديد)؟ العجورة الي 5 جنيهات، وكيلو اللحم الى 75 جنيها (بالجديد)، يعني أعلي من سعره بمصر الدولة المستوردة للحوم منا؟؟!! هل يعقل أن يعلن عن (العدس والأرز) بإعلانات التلفاز!!! يا ترى متى سنرى اعلانات البصل والكجيك!!!!
كل أسعار المواد المذكورة أعلاه المكونة لقفة الملاح ارتفعت آلاف المرات ، من بضع قروش الي جنيهات، ثم آلاف الجنيهات. عليه، السؤال هو المشكلة وين؟ في عملتنا؟ في فشل الدولة في ادارة الاقتصاد؟ أم فشلها في التحكم في السوق؟ والسؤال الأكثر الحاحا و(خبثا): هل تريد الدولة التحكم في السوق في ظل احتكار قيادات الحزب الحاكم لهذا السوق؟؟!! ان كان السبب هو تدني سعر العملة مقابل العملات الاجنبية،. وين فهذا بالضرورة يشير الي ضعف السياسات الاقتصادية والسياسية، خاصة وضع الدولة في حالة حرب مستمرة وفي عدة جبهات.هنا يصبح الاقتصاد هشا، بالضرورة تلجأ الحكومة الي الجبايات وزياد الضرائب وضعف المرتبات/ وبالتالي تصبح قفة الملاح هي الضحية، خاصة الاطفال و احتياجاتهم من الألبان ومشتقاتها. أكاد أراهن علي أن غالبية أطفال السنوات العشر الأخيرة لا يعرفون طعم اللبن، في حين أن ابناء وبنات الأستاذ وأحفاده وحفيداته ينعمون بكل منتجات شركة المراعي السعودية، والفاكهة المستوردة بأنواعها بما في ذلك الكيوي والكاكا والقشدة والأناناس ..الخ.
نحمد الله علي أنه قدر للسودان أن يكون قريبا من دول الخليج العربي خاصة المملكة، والا كان مصير الشعب الفضل هو الهلاك. هل علمت الآن يا سيادة النائب الأول السابق من أين يأكل الشعب الفضل ومن أين يكتسي. بارك الله في المغتربين الذين أدركوا مسبقا)ا بأن مثل هذا اليوم سيأتي، ولن تستطيع الانقاذ (انقاذنا). أللهم نسألك اللطف (آمين).

تعليق واحد

  1. اذن مافى قفة ملاح (ولو) بعد 50 سنه (ضوئية ولا عادية؟).
    سمعنا كمان مسئول تانى (زى) (اخو) قال حيسلموا حكمهم الدجال.
    خلصت الحكاية . الموت واحد كان بى (جوع) او بى (حركة).
    الله يخلصنا .

  2. ما اتكلمت عن اهم مشكلة في قفة الملاح والعملت المشلكة للاقتصاد السوداني كله وهو القمح ..
    لانو السودان مابزرع القمح مضطر يستورده بي مليارين من جملة 8 الى 9 مليار دولار هي ميزانية السودان ولعدم وجود العملات الصعبة لذلك ، بالتالي لابد من ايجاد سلعة لتصديرها من اجل جلب الدولار لاستيراد القمح ولم يجدو غير الثروة الحيوانية والدهب وبالتالي زاد سعر اللحمة فهمت..
    استيراد القمح يضيع كل عملة السودان الصعبة وبالتالي يتدهور سعر الصرف وتتدهور قيمة الجنيه ويتدهور الاقتصاد كله وتلجا الحكومة للضرائب والجمارك وبالتالي زيادة اسعار كل السلع ويحدث ما نحن فيه الأن ..
    اوقفو استيراد القمح اضمن لكم قفة ملاح رخيصة ..!!!

  3. حضرة البروف ببساطة السودان منهوب في وضح النهار ؟؟؟ ماذا نتوقع من حكومة تحارب البنوك الوطنية وتشجع البنوك الشخصية والمشبوهة كبنك ببلوس اللبناني المشهور بالمخدرات وغسيل الأموال ويكفي أنه لبناني ؟؟؟ بنك صالح الكامل البلاي بوي سابقا بمصر وصديق الممثلة الحسناء صفاء أبو السعود وزوجها الحالي فتح بنك بمبلغ متواضع بمساعدة اللص القدير عبدالرحيم حمدي ووجد بيئة الفساد المناسبة ليحصد الملايين ويفتح في مصر حيث بيئة الفساد المناسبة ؟؟؟ والفيصل مالك بنك فيصل الحرامي وابنه محمد الفيصل المقيم بمصر حيث الليالي الحمراء الماجنة حيث غطي جسد الممثلة الحسناء شيريهان بالدولار لسترها عندما رقصت أمامه عارية ؟؟؟ وبنك السلام لمؤسسة المتعافن والاماراتي خرباش المسجون حاليا ؟؟؟ هذه البنوك الشخصية الفاسدة تتلاعب كما يحلوا لها باقتصاد السودان تسندها عصابات الإنقاذ المتمكنة يشتروا الدولار من السوق السودة المسماة دلعا بالسوق الموازية؟؟؟ المستثمرين الطفيليين يغرفون من السوق السودة بدون حسيب او رغيب ؟؟؟ محاصيل وثروة السودان القومية تهرب علنا الصمغ علي تشاد الجمال والبنقو الي مصر والذهب الي إثيوبيا ومصر ودبي والسكر الي إثيوبيا وتشاد وما خفي أعظم ؟؟؟ فبالعقل كدا لماذا هجم الأتراك والشوام وغيرهم علي الخرطوم هل عاجبهم حرها وكتاحتها والا الدولارات السايبة في سوق الله أكبر؟؟؟والتي تقدر ب 15الي18 مليار دولار أميركي سنويا يدخلها المغتربين علي السوق السودة لمساعدة أهاليهم حتي لا يموتوا من الجوع او المرض او لشراء الأراضي والشقق والتعليم وغيره ؟؟؟ فخليها مستورة ؟؟؟ والذي يريد قفة ملاح كاربة فليهاجر الي أي بلد غير السودان المنهار اقتصاديا ومنهوب تحت حراسة البشير رئيس مجلس إدارة بنك امدرمان الإسلامي خالص؟؟؟

  4. يا بروف ما شاء الله حسبتها من زمن القرش والطرادة الكانت بتمتعنا وتملا قفتنا , والله كلما نقرأ عن حال السودان المائل نبكي حسرة على حال أهلنا وما حل بهم من ضنك وضيق, وعلى أيامنا النواضر بجامعة الجزيرة والنشي على وجه الخصوص, ومدينة ودمدني قلب الجزيرة النابض …و كلما أقرأ لك أقول لصاحبك دكتور نبيل لازال صامدا ومصادما رغم ناس شرطة المرور العدموهو التعريفة ما بين مدني والخرطوم ,وكثيرا ما تضحكني دعواتك بالساحق والماحق والبلا المتلاحق لأنني أحس فيها الصدق وأنها طالعة من القلب … أرى يا دكتور قد أصبتهم في مقتل جنس بلاوي واقعة فيهم اليومين دي !!!! أظن أنك أنت ودكتور عبدالاله أكثر الأساتذة ولاء للجامعة نأمل أن ينصلح بكم الحال وترجع سيرتها الأولى ولكم مودتي ولأهل بيتكم

  5. يا برف صدق علي عثمان لانهم قتلوا قفة الملاح فكيف يعيدوها وكل سياساتهم ضدها انظر يوم قامت الانقاذ كان كل زيت الطعام انتاج محلي بذرة /فول/مسم /عباد الشمس وللسيخ مصطفي مصنع بالميناء يصدر زيت كالبترول بالبايب 2/كل مستحضرات الحمام والغسيل انتاج سوداني 3/كل الحلويات انتاج سوداني مربات عسل طحينية جبنة 4/كل القطن او معظمهه يلج بالسودان وهناك مصانع نسيج كما تعلم 5/هل تصدق كما كتبت انا شخصيا هنا ان مقولة ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع كان مشروع بدأ في عهد الديمقراطية سرا لكي لا يحارب حسب بحث اعدته وكالة الانباء تحقيقا لمقولة الرئيس والاكتفاء منه عام 1995 وحينما تم عرض البحث علي مدير الوكالة واظنه (النجيب ادم قمر الدين )قال لهم لا نريد اي حاجة عملوها الجماعة ديك فما كان من رئيس لجنة البحث ولكن هذه هي الحقيقة عليكم اكمال المشروع !!! اذكر ان مدير مصنع الصابون ببورسودان جاء للشيخ مصطفي قائلا له المصنع يحسر سنويا فكان رد الشيخ (اعرف ولكن عليك ان تعرف ان هناك 3ورديات بتاكل عيش من المصنع ) هذا كله كانت توفير للعمله الصعبة بطريق غير مباشر اضف اليه ان هذه العمالة المذكورة اصبحت عطالة اضافة لضياع مشروع الجزيرة وسكه وغيرها مما تعلم مما اضعف من ناحية اخري القوة الشرائية اضافة لعطالة الصالح العام فهل الركشات حل اقتصادي صدق من تنبأ عام 1989بعد الانقاذ محذرا من استمرارهم لانهم لا يفهمون معني وكل فهمهم ان الدولة مثل ادارة اتحادات الطلبة !!!

  6. دكتور نبيل ؛ حبيبنا ، سلمت يداك وسلم قلمك الحصيف النظيف .. عندما أقرأ لك أتذكر التاريخ الجميل للسودان لأنك تذكرنا بذلك الماضي التليد .. معليش طولت منك كتير .. سلامي الكتير لك ولبقية شعب السودان (الفضل) .. أظن كلمة “الفضل” دي حقتك براك يا نبيل..

  7. اليك تفاصيل اكثر دقة يا بروف ربع اللحمة عجالي ب 15 ج بصل لحلة واحدة ب 5 جنية بلاش من الطماطم لان الكيلو ب 40 جنية صلصة علبة صغيرة ب 2.5 ج زيت 2 ج سكر 2 ج شاي 2 ج فحم 5 ج خضار 5 ج رغيفات 5 ج المجموع يكون 43.5 يعاني الشهر يساوي 1305 جنية دا بدون لبن وبدون موزة واحد او برتقالة بدون كهرباء بدون فاتورة موية علمآ بان فاتورة الماء والكهرباء اجباري لا مفر منها وهي تقريبآ للمتوسط الاسرة 50 ج شهريآ يبقي الحساب الصاح 1355 . موظف بالدرجة التاسعة مرتبه 860 ج متزوج العجز 495 ج لو ساكن مع ابوه موظف بالدرجة الثامنة مرتبه 985 العجز 370 موظف بالدرجة السابعة مرتبه 1100 العجز 255 ويتواصل هذا العجز للموظفين الي الدرجة الثالثة وبتالي تصريح علي عثمان رغم غباه واحباطة وهو صحيح في ظل انعدام العقول الاقتصادية النيرة . اسال الله السلامة والعافية

  8. بعد ثلاثة وعشرين عاما من الفشل السياسي والأيديولوجي وصل نظام الإنقاذ محطته قبل الاخيرة ,وبدا واضحا من المشهد الحالي ان مقدمات رياح التغيير بدأت تهب علي أنحاء السودان. مؤكدة ان الإنقاذ ليست استثناء من ثورات ما يطلق عليه الربيع العربي, وعلي خلاف اربع ثورات عربية تشابهت ظروف إندلاعها, فان السودان تحت سلطة الإنقاذ يتفرد بمميزات غريبة من أهمها إشعاله حروب بمحض ارادته مع دولة جنوب السودان الوليدة ودارفور وجنوبها , و النيل الأزرق , وجنوبها مختتما هذا الفيض الناري بأحدث حروبه المالية ,وهي الحرب الإقتصادية التي شنها اخير ضد كل الشعب السوداني.

    بعد ما يقارب من ربع القرن تحطمت سفينة (الإنقاذ ) وتمزقت اشرعتها وها هي تجنح الي ساحل رماله متحركة.
    طوال سنوات تسلطها مرت الانقاذ بثلاثة مراحل مرحلة (المشروع الرسالي الذي غلفته بديمقراطية التوالي صناعة عرابها الذي تحول الي ألد أعدائها) ومرحلة , (سقوط هذا المشروع بمقاومة محلية وضغوط غربية, ثم مرحلة التحول الي الدولة الأمنية الكاملة الذي كاد الأمن فيها ان يكون هو الدولة اذا لم يكن بالفعل قد صارهو الدولة .
    مثلها مثل الانظمة الإستبدادية التي سقطت تحت حوافر الثورات كانت (الإنقاذ ) تري انه قد ال اليها حكم السودان الي الأبد بعد ان سيطرت علي عصب الدولة إثر إتفاقي السلام في نيفاشا عام 2005 والقاهرة في العام نفسه ,ووصولا الي الإنتخابات المزورة التي ظنت إن فوزها الأحادي فيها يسقط عنها جناية الإنقلاب العسكري علي الديمقراطية ويكسبها الشرعية تحت حماية أمريكية, وهذا ما يتحجج ويتبجح به قادتها كلما زاد عليهم الهجوم ,ورفع عنهم غطاء الفساد, وقد إرتفعت هذه النبرة الان كثيرا تبريرا لاستمرارهم في الحكم وزريعة لقمع مخاليفهم الراي .

    يتفق الكثير من المراقبين ان الإ نقاذ دخلت باختيارها في المأزق الذي صنعته بيدها , فعلا وة علي الصرف البذخي علي الأمن والجيش والمليشيات العامة والخاصة ,والباب العالي قصر الرئاسة , وجيش المستشارين ,وزراء الدولة ووزراء الترضيات , فأنها فتحت أبواب السودان للمؤتمرات الأ قليمية من كل نوع وجنس ,فصار لنا مربد سوداني توزع فيه الجوائز علي الشعراء والكتاب الاسلامويين غير المعروفين إحياء لسوق عكاظ , وتيمنا بالباباطين والجنادرية, فالدولة النفطية الجديدة كاد ان يلبس قادتها العقالات من فرط التخمة المالية ,وحاكوا في ذلك أمراء الخليج عندما يرسلون اولادهم للدراسة في أفخم الجامعات ,ويجلبون لحريمهم المجوهرات والأزياء من بيوت عالمية مشهورة ,بل وصل السفه الاسلاموي ببعضهم حدا ان صاروا يطلبون (ارساليات ) خاصة ب dhl من كريستيان ديور , وهارودز ,وغيرها من بيوت الموضة الأروستقراطية وصار لهذه المهام سماسرة ذوي لحي مدببة علي وجوههم قرر من كثرة السجود للمال في أيديهم خفة كخفة كوبرا في لدغ من يقترب منها, وفى البناء تطاولوا فيه فصارت لهم حديقتان حديقة للشاي , واخري مثمرة للفواكه,ولأول مرة يشهر الفساد كثقافة اسلاموية تحت الشمس في إقامة ايا صوفيا سوداني (للعارف بالله الشيخ ) احمد البشير !!, وبالقرب منه حي باذخ بأكمله له شناشيل ملونة ومشربيات مرزكشة اطلق عليه السودانيون (حوش بانقا لإشقاء واقارب الرئيس . ومن كثرة الترف صار للوزراء ترزيون خاصون في الصين وتايلاند يفصلون لهم البدل ,والسفاري , مهمة يباشرها سفيرهما هناك ترسل لهما المقاسات ويتوليان متابعة الإنجاز.

    ليس من المستغرب ,أو المدهش ان تصل الإنقاذ الي هذه الخاتمة , وليس من المستغرب ايضا ان تلجأ الي القوة للمحافظة علي مصالح لصوصها وسلطتها المتآكلة , فبعد ان عدمت الوسيلة في معالجة الإنهيار الأقتصادي المدوي ودخول الشعب مرحلة المسغبة , وكذا في اقناع الناس بأن ماحدث هو إبتلاء وقدر من الله كما يقول خطباؤها في صلوات الجمع , فأن لا سبيل امامها سوي استخدام العنف ضد المتظاهرين ,فقدر الله الذي اصاب الشعب بهذا النصب والإملاق لم يجعل علماء السلطان يشيرون الي القدر نفسه الذي أصاب بالثراء الفاحش الطغمة الفاسدة والتي علي رأسها رئيس النظام الغارق واسرته حتي اذانهم في المال الحرام.

    شاهد قادة الانقاذ وفي مقدمتهم رئيسهم ثلاثة أنظمة شمولية مشابهه تساقطت أمام أعينهم تحت حناجر ملايين الثوار , شاهدوا صديقهم وولي نعمتهم القذافي الذي تأسوا به عندما كونوا لجانا شعبية كلجانه ,شاهدوه ملطخا بدمائه يطلب من قاتليه الرحمة التي سقطت من قاموسه لأربعين عاما قضاها في حكم ليبيا , شاهد اسلامويو الإنقاذ زين العابدين بن علي وهو يعلن توبته في الزمن الضائع , وشاهدوه يهرب في طائرته الخاصة مهرولا في غير وجهة , فترفض امريكا وفرنسا أستقبال عميلهما الأول في المغرب العربي, فيلجأ الي السعودية مذموما مدحورا, وشاهدوا ذلك النقابي التونسي الذي اتخذته قناة الجزيرة (بورومو ) لها وهو يصيح فجرا (بن علي هرب بن علي هرب أصداء صوته تقشعر لها الآبدان الوطنية شاهدوا مبارك الذي حاولوا قتله ففشلوا تستجوبه المحكمة وهو محمول علي سرير عيناه تحملقان غير مصدق مايجري حلم هو ام حقيقة شاهدوا علي عبد الله صالح ذلك الجاويش الجاهل ينجو من محاولة اغتياله داخل مسجد قصره , ولكن الثوار يجهزون عليه سياسيا , شاهدوا كل هذه الحقائق تجري امام اعينهم ولكنهم يكابرون ويرددون كلاما غريبا بأن الشعب السوداني ثار ثورتان من قبل ,والثالثة كانت (ثورتهم !) ولا يفهم قاريء تصريحاتهم ما يعنونه من ثورتى اكتوبر, وأبريل هل ذلك ذم لهما أم اشادة,؟ انها اللوثة السياسية تصيب الذين لايحسنون قراءة التاريخ واخذ العبر منه.
    لقد احرق بشار الأسد المزارع والغابات وقتل النساء والأطفال ,ودمر المدن السورية مدينة مدينة يحاكي نيرون ولم ينجح حتي الان في كسر ارادة الشعب , استخدم الأسد العلويين لقتل السنة ساعيا الي تحويل المعركة الي معركة طائفية ولكن وعي الشعب السوري كان اكبر منه فخاب مسعاه وهاهم قادة جيشه وجنوده الشرفاء يتخلون عنه ويلتحقون بالجيش الحر بينما جيشه يتآكل مثل لوح ثلج تظهر عليه الثقوب

    سيسير البشير علي الدرب درب اليأس نفسه , فالأسد حليفة السابق الذي تخلي عنه ,اوقف الة قتله ,او تركها تعمل ,فأن محكمة الجنايات الدولية في انتظاره , والبشير كذلك لا يملك دفاعا عن نفسه إلا ان يقتل,ويقتل ويقتل, أو يسلمه الثوار الي مصيره المحتوم يتبعه وزير دفاعه الي عدالة الدنيا قبل الاخره,

    من مقدمات ما شهدناه في التظاهرات يلحظ المراقب استخدام العنف الأسلاموي المفرط الذي مارسه الرباطة ,والشرطة هو مرحلة اولي وحسب التجربة الإيرانية من خبراء امنيون في طهران استعين بهم, فأن مواجهة المظاهرات ستتدرج صعودا ,ثم هبوطا , ثم صعودا حسب حركة الشارع , وفي فقه العنف الايراني الذي زود به خبراء ايرانيون جهاز محمد عطا هو ان تبدأ المواجهة بجرعات من القنابل شديدة التأثير علي الجهاز العصبي ,وعصي كهربائية تشل الانسان ,ورصاص مطاطي يؤدي الي “الشلل في حالات الإصابة في أماكن حساسة، كما يؤدي لتشوهات في الجسم وعدم توازن أثناء الحركة وصعوبة في المشي نفسها الأسلحة التي استخدمها الايات ضد جماهير موسوي وخاتمي فى شوارع طهران بعد ان احتجت علي إنتخابات 2009 المزورة , اذن النظام سيتدرج في مواجهة التظاهرات, تبدأ بضرب وإعتقال الرؤوس الشبابية المنظمة للعمل الجماهيري وهذه المهمة الان يقوم بها عناصر من الشرطة والرباطة من أجل إجهاض الحراك في مهده ,أما المرحلة الثانية وحين تزداد كثافة الجماهير في الشوارع في الخرطوم تحديدا فهنا تتدخل طلائع قوات الامن التابعة لعطا بعرباتها المدرعة واسلحتها الآيرانية والصينية للتعامل مع الواقع المتغير, فإذا استطاعت اطفاء مركز الحريق , فأنك تمنع ألسنته من الامتداد الي الاطراف التي هي مدن السودان الأخري .

    وسط هذا الحراك يطرح الكثيرون سؤالا هاما عن دور الجيش إذا تصاعد الموقف وامعن النظام في زيادة جرعات العنف ,هل سينحاز الي جانب الشعب كما حدث تقليديا في انتفاضتين سابقتين ضد عبود والنميرى؟ يجيب خبير عسكري سوداني في الخليج بأن ذلك لن يتكرر وفق تلك الالية لأن الإنقاذ انتبهت الي هذه القضية منذ استيلائها علي السلطة فشرعت في تحويل الجيش الي تنظيم عسكرى عقائدي مسقطة عنه الصفة القومية التي كا يتمتع بها ,وكذا أغلقت أبواب الكلية الحربية أمام أي شاب لا ينتمي إلي الحركة الإسلاموية , فكان إن إستطاع فرع إعداد القادة العسكريين داخل الحركة أن يحصر القبول في الكلية العسكرية فقط علي عناصر حزبية منتقاة بعناية جري تربيتها من مراحل الثانوية العامة حتي الجامعات والمعاهد العليا لسياج الجيش العقائدي الجديد من الأخطار, وتلك تجارب استمدتها الإنقاذ من نظامي البعث في العراق علي عهد صدام حسين ومن سوريا في عهد بشار الأسد الايل للسقوط انظر الزي المدرسي العسكري لطلاب الثانويات لذي اوكل لسمسار اسلاموي معروف خياطته في سوريا, ولم ينس إستراتيجيو الإنقاذ ان يطًعَموا كل ذلك بالتجربة الايرانية الي أنشأت الحرس الثوري كذراع حزبية مقابل الجيش ويصنعوا قوات الدفاع الشعبي والدبابين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..