سندوتش طعمية ..!ا

هنــاك فرق.

سندوتش طعمية ..!

منى ابو زيد

رحاب طالبة جامعية تعيش يومها بشخصيتين.. الأولى حقيقية في محيطها الخاص، حيث بيت أسرتها الضيّق .. المتهالك، في أكثر أحياء الخرطوم الطرفية فقراً .. وحيث يؤمّن والدها بالكاد مصاريف مواصلاتها اليومية من وإلى الجامعة.. وحيث (تباصر) أمها بعنت مشقة إعداد وجبة اليوم الواحدة..! أمّا الوجه الآخر فتعيشه رحاب خارج عالم أسرتها بين شوارع الخرطوم المُسفلتة وفي أحيائها الأنيقة.. وداخل حرم الجامعة.. وعلى مدار ساعات يومها الدراسي.. وحيث لم تحتمل قسوة الاختلاف وذل التباين في المأكل والملبس مع أخريات وآخرين قادمين من طبقات أكثر راحة، وأقل هاجساً بحق المواصلات وحق الفطور..! فماذا فعلت؟!.. في البدء ? وكالمعتاد – انتبذت لها مكاناً قصيّاً بعيداً عن الأضواء الكاشفة.. ثم لم تلبث أن لانت شيئاً فشيئاً لفرمانات مجتمع المظاهر.. اختارت حبيباً ينفق على الرفقة الجيّدة بسخاء من لا يخشى الغدر..! في البدء كانت الكذبة أمام الأهل ضرورة لتبرير ارتداء بلوزة أو حذاء جديدين.. أو امتلاك كريمات التفتيح العصيّة على ميزانية الأسرة.. ثمّ تحوّل الأمر بمرور الزمن إلى لا مبالاة أنتجها الفقر، وعززت منها قلة الحيلة.. كم التنازلات من أجل التماهي مع زينة الأخريات.. ومن أجل التشبّه ببنات الطبقة المتوسطة العليا، لم يكن يؤلمها بقدر ما آلمتها ? أحياناً – سياسة غض الطرف التي انتهجتها الأسرة مع حكاية تغيّر الأحوال..! إلى أن أتى على رحاب زمان بحثت فيه بإخلاص عن صفعة أب أو ركلة أخ تعيدها إلى أيام العوز والهمّ.. همّ سندوتش الطعمية..! هل تلوم أسرتها؟!.. أم تسخط على ندوب الطبقية القبيحة التي شوّهت وجه مجتمعها العاصمي؟!.. أم تُلقي باللائمة على طموحها الأكاديمي الذي وقف بها على أعتاب التطرّف الطبقي..؟! الوقوف على أعتاب الجامعة في مجتمعنا المحلي لا يعني وقوف الطالب على أبواب التغيير عطاءً واكتساباً فحسب.. بل يعني ? أيضاً – دخول أسرته في دوامة الهم والقهر المادي طويل الأجل..! الحياة الجامعية ? حيث المنعطف الأخطر للصقل الأكاديمي والترسيخ الاجتماعي للهوية والانتماء – أصبحت (في ظل الغياب التام لدعم الدولة، والحضور المخجل لها عبر بعبع الرسوم الدراسية) محفوفة بالكثير من المزالق النفسيّة والخيبات الثقافية والمفارقات الاجتماعية المؤلمة..! الجامعات اليوم (وفي ظل بعض السياسات الإدارية العرجاء) باتت مرتعاً للمظاهر ومسرحاً للطبقية الاجتماعية بكل أشكالها الفظّة، وألوانها الفجّة القاتمة.. من التفاوت بين مقدرات طلبة الصف الدراسي الواحد على تغطية نفقات المواصلات إلى امتلاك السيّارات الفاخرة .. ومن معاناة المنافسة على الظهور بملابس لائقة تحاول أن تتحدى اتساع الفجوة الطبقية بين الطالب الفقير ونظيره الغني.. إلى المبالغة في عرض الأزياء والاستعراض الموسمي لأحدث صيحات الموضة والماركات العالمية..! اتّساع هوة التباين بين ذوي السعة والمعسرين في الجامعات الحكومية لا يثنِّي على حقيقة إخفاق الدولة في دعم المواطن في أحلك ظروفه وأخطر منعطفاته المادية فحسب؛ بل يُنذر ? منذ اليوم ? بـ (تسونامي) صُنَّاع قرار الغد..!

التيار

تعليق واحد

  1. استاذة منى لك التحية : اذا دخلت فى الاسباب التى ادت الى ذلك وتفنيدها يكون احسن

    – الاسرة فقيرة ومحتاجة وهذا بسبب الحكومة وهذا لايعفى ايضا الاسرة من تربية بنتهم
    -لماذا انتشر البوبار لهذه الدرجة فى مجتمعنا
    – مجتمع اصبحت المظاهر الخداعة غالبة عليه —– رجاء يا استاذة حللى وفندى المشاكل بذكاءك

  2. لقد اثرتي قضية غأية في الخطورة يا اخت مني وهي مستقبل الشباب السوداني ،فالتعليم اصبح لمن أستطاع إليه سبيلا!!!والاسر ذات الدخل المحدود لا تستطيع توفير تكلفة العملية التعليمية،نعلم ان التعليم اصبح مكلف جدا في هذا الزمن ولكن من المعلوم ان الدول التي تحترم شعوبعا تجتهد في توفير الحد الادني لمجأنية التعلم.والسؤال الذي يطرح نفسه هل اصبح التعليم مقابل لفقدان الأخلاق؟

  3. لله يحفظ بناتنا عمر ابوجاعورة جفف الواطة وخلى اتعليم عبء لاتحتمله معظم الاسر وكلف امر بناتنا للتقرابى بتاعو ارزل مخاليق الله شغال فى الاعلام بس على ارض الواقع داخليات زى الطين يارب خلصنا من هؤلاء الاوباش

  4. قصتك يا اخت مني تكد تكون جنون العصر بالموضى لكن الاخلاق والتربية السليمة اهم
    من الدراسة بالجامعات وغيرها نساءل الله ان يغفر لها

  5. اذا لم يتم كنس هذه الطقمة الفاسدة فلا تتوقوا غير الانهيار الكامل في كل شئ فلكم ان تقرروا مصيركم كما فعل الاخرون أو تجلسوا علي الرصيف لتشاهدوا العجب.

  6. احيانا اتسائل هل الجميع لا يفهمون ؟ هل تلك الفتاة البائسة هي الوحيده التي تعاني؟ ام اسرتها التي تعاني؟ام الذي امتلكها هو الذي يعاني ؟؟؟ الا ترين معي أن الوضع السياسي الراهن هو الذي افرز هذا الوضع فحول الانسان السوداني الي سيد او عبد او جارية ؟ لنجد ان معظم نساء السودان من ملكات اليمين؟؟ هل تسطتيعين رؤية مكان الخلل الآن؟:crazy: :crazy:

  7. المستاحيق تشوه البشره التى خلقها الله سبحانه وتعالى بطبيعتها تحمل الحيوي والنضارة
    الزى فى الجامعات يجب ان يتم تدوحيده بين الطلب والطالبات على حد سواء .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..