الوعد السراب

كثير من مسؤولي الدولة أصبحوا لا يتورعون في إطلاق الوعود الواحدة تلو الأخرى، ولا يهتمون ابدا لحبل الكذب القصير الذي لا يفتأ أن يخرج لسانه ضاحكا عليهم، بل ويصل بهم الأمر أحيانا إلى تبرير الوعود السراب بآخرى أضل سبيلاً…
ونحن هنا نتعهد أمام القارئ الذي نعتبره صاحب الحق الأول في امتلاك المعلومات بأن نعمل تذكيرهم بالوعود التي يطلقونها ونذكرهم بها حال الإخفاق في تنفيذها فقط ليعلم الرأي العام أن هناك من يعد ولم يف بوعده ، سواء كان بقصد أو بغير قصد.
في صبيحة يوم الجمعة الموافق 29 مايو الماضي تحدث د. أحمد قاسم محمود حسين، وزير البنى التحتية والمواصلات، لبرنامج مؤتمر إذاعي الذي تبثه الإذاعة السودانية، وأكد أن قطار الخرطوم سيتم تشغيله في مدى 45 يوما تشغيلا تجاريا تجريبيا من الجيلي وحتى الخرطوم، وإن محطات النقل النهري اكتملت وسيبدأ التشغيل في غضون شهرين وهو الحديث الذي احتفلت به الصحف الصادرة يوم السبت 30 مايو، غير أنها ما كانت تدري أن السيد الوزير يقول حديثا فقط للاستهلاك السياسي، وإن ما قاله كذبة تضاف لبقية الكذبات.
مرت المهلة التي قالها السيد الوزير وزادت كيل بعير، ولكن لم يرَ أحدا قطارا يتحرك ولا مركبا يقل الناس، وتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الوزير كان يسوق وهما للمواطن، يزرعه فى بور الإنجازات الوهمية، البلقع الذي لا تراه إلا أعين المسؤولين فقط، وما كان حديثه إلا جرعة يخدر بها مشاعر الناس الذين أضناهم عجز الوزارة عن توفير وسائل المواصلات، التي تقل المواطن باحترام إلى موقع عمله أو منزله، دون أن يعاني ابتزاز أصحاب المركبات وتحكمهم في نقله بالسعر الذي يفرضونه عليه.
الوزير كان يعلم أنه لن يستطيع تشغيل القطار وهو أكثر العالمين بأن محطات القطار لم تكتمل بعد، ولكنه ربما أراد أن يستغل منبر الإذاعة السودانية ليسوق لنفسه منجزات وهمية، علها تعيده إلى موقعه، خاصة وإن الولاية تمر بمرحلة تغييرات كبيرة بعد التغيير الذي تم لقيادتها، وكانت حسبته تنطلق من أن فترة الخمسة وأربعين يوما كافية لتشكيل الحكومة الجديدة، فأراد أن يقول إنه ممسك بملف عال الحساسية يحتاج لبقائه ليكمله.
تصريح مثل الذي أطلقه الوزير وتعهدا مثل الذي التزم به كافيا لأن يمضي إلى حال سبيله باستقالة أو إقالة بعد الفشل في إنفاذه، ولكننا في ولاية تكافئ المقصرين وترفع من شأنهم وتحلل المفسدين، ولذا فلن نطمع ابدا في اتخاذ إجراء يحاسب الوزير على وعده السراب ، ولن نتفاجأ ابدا أن وجدناه ضمن التشكيل الجديد لحكومة الولاية، ليمضي في طريقة طعن الجرعات المخدرة في جسد مواطني الولاية.
[email][email protected][/email]