الجفاف العاطفي

اعتدنا ونحنُ نقرأ: «واللّقمة يضعُها الرّجلُ في فم امرأته صدقة» أن نُركّز على لفظةِ اللّقمة ونُهمل يضعها في فم امرأته! السِّر إذن ليس في اللقمة بل في طريقة تقديمها!
ولقد حرص الإسلامُ أن يجعل كلّ شأنٍ من شؤون الحياة طقساً من الحبّ، فاجتماع رجل وزوجته على مائدةٍ ليس اجتماع خروف ونعجة أمام معلفٍ يعُبُّ كل واحد منهما ما يملأ بطنه ثم ينفضّ الجمعُ! هذه الحركة اللطيفة تحوّلنا من كائنات مُقتاتة إلى كائناتٍ مُحبّة، وتُحوّل الطعام من غذاء للمعدة إلى غذاءٍ للقلب والرّوح!
جوع المعدة أمره يسير، يسدّه رغيفٌ، ويُسكته صحن أرزّ مهما تأخّر، أما جوع المشاعر والأحاسيس فقاتِلٌ إن لم يُقدّم في وقته! وأكثر أنواع البخل إيذاءً ليس ذاك الذي يتعلّق بالمال وإنّما ذاك الذي يتعلّق بالاهتمام!
الفقرُ الحقيقيّ ليس في الجَيْبِ وإنّما في القلب! ونحن في الغالب نتقبّل فكرة فقر من حولنا ونتعايش مع قلة إمكاناتهم لأننا نعرفُ أنّ هذا رزقا ليس لهم في قلّته يد، ولكن الذي لا نتعايشُ معه هو فقرُ الأحاسيس! وقلّة ذات القلب! هذه الأشياءُ الصّغيرة التي لا تُكلّف درهماً ولا ديناراً، أشياء بالمجان هي التي تجعل الحياة رغم قسوتها جنّة!
هديّة بسيطة دون مناسبة….
عناقٌ في غير موعده….
كلمة أحبك في زحمة سير….
وردة من بائع متجوّل…
ثناء أمام الآخرين….
تشجيع ولد، ومديح بنت، تفعل في القلوب أكثر مما نعتقد!
عندما نُغدِقُ الحُبّ على من حولنا نُحصّنهم جيداً من الوقوع في أفخاخ اللطف العابر الذي يُقدّمه الآخرون! صحيح أن اللطف ليس مرضاً يجب أن نُحصّن من حولنا ضدّه ولكن الخواء العاطفيّ مقتلة! إننا نعيشُ جفافاً عاطفياً يجعل منا جميعاً فرائس سهلة أمام أولئك الذي يجيدون الاصطياد في الماء العكر! وحتى إن حسُنت نوايا الآخرين يبقى الجفافُ العاطفيّ سيّد التأويلات يُفسّر كل كلمةٍ عابرة على أنّها رسالة حب!
صارت البنتُ تسمعُ صباح الخير كأنّها: أنا أحبكِ
وتسمعُ كيف حالكِ على أنها: لقد اشتقت إليكِ
وتسمعُ كم عمركِ على أنّها: أنتِ في سنّ مناسبٍ للزواج أيّتها الجميلة.
ونحن نتحمّل مسؤولية كلّ هذا!
إنّ أقسى ما نواجهه اليوم ليسَ البطالة في الأعمال وإنّما البطالة في الأحاسيس!
وليس ارتفاع أسعار الطعام في المطاعم ولكن انخفاض سعر الحب على موائدنا!
وليس ندرة الورد بل ندرة الذين يقدّمونه!
وليس ندرة الأرصفة قرب البحر بل ندرة الأزواج الذين يمشون هناك كحبيبين!
النّاسُ يجِفّون من قلّة الاهتمام كما يجفُّ الزّرع من قلّة الماء! فاسقوا زرعكم ولا تحوجوه لماء الآخرين!
تلويح:
وصلتني هذه الرسالة من قارئ فاضل عبر الواتس آب… ووجدتها عامرة بالنبل والعمق والجمال فهرعت بها إليكم، جعلنا الله من السقاة المسقيين بإذن الله
اليوم التالي
اسم الله عليك
عدم الشغلة بعمل اكتر من كده؟؟ عينك في الحكومة وتطعنى في الطماطم يا صحافة الإنقاذ…هو في زول جيعان بحب..شكلك ما بتطعى ابراهم مالسو في هرم الاحتياجات وضع الحوجة الى الطعام أولا والطعام عند الكيزان…صحفيين جهلة ؟؟؟ الحب داير مزاج والمزاج داير جيب مليان
صاحبك دا هو ذاتو العندو جفاف عاطفي …
كلام رومانسي غير موجود في أرض الواقع..
طيب اقولكم حاجة احبكم كلكم اها تاني في شنو
الاستاذة/ داليا
بعد التحية والشكر على هذا الموضوع الجميل، أقول أن هذه الاشياء الجميلة أو الروماسية نفتقدها ولا يمكن على الأطلاق أن نعثر عليها ليس في الاجواء أو الطروف التى نشانا وترعرعنا فيها ولكن في ظل هذه الأجواء التعيسة في أي مكان وزمان وما نكابده من شظف وضيق وعنت في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فهذه الأشياء تتوفر للمريشين وذوي البال المرتاح واللذين يقبلون بأي وضع كان ويمكنهم التعايش معه, نحن في وضع لا يعجبنا فيه العجب ولا الصيام في رجب، بالأحرى في وضع لا نحسد عليه وفاقد الشىء لا يعطيه. الله يجازي اللى حجر قلوبنا.
كلام جميل الجفاف هذا غالبا ماتبدا به المراة
هى التى تحول الرجل الى صحراء قاحلة
غالبا ميكن الرجل فى منزله كالضيف لايجد من المراةماكان يجيش فى خاطره
من حب وحنان وشوق اليها
تحية محبة وإحترام للجميع..
حتى اكون صريحا فإني لم اكمل قراءة المقال واكتفيت بالسطور الاولى فقط لاشعر انه لابد من قول التالى :
كلما كان الحديث عن العواطف والمشاعر تم تصوير الزوجة لاسيما السودانية على انها صحراء تصدعت اراضيها جراء فصل الصيف الجاف الذي يمر به الرجل السوداني..عليه اقول لو تفرغ النساء لبيوتهم و العاملات منهن لعملهن و اقللن من اضاعة الوقت في مشاهدة المسلسلات التركية منها والعربية لكانت حياتهن لتكون ميةالمية و لقللن من إستسقاء العواطف ، واعلمن اخواتي اكرمكن الله ان ما تشاهدن في التلفاز “ليل نهار” انما هو تمثيل في تمثيل و خارج عن واقع الحياة و ان صح القول وكان ذلك يعكس ولو جزءا من الحقيقة فاعلمن اكرمكن الله ان تلك تركيا وهذا السودان وان تلك الهند وهذا السودان شتان بين اعرافنا واعرافهم وعاداتنا وعاداتهن وظروف بيئتنا وظروف بيئتهم و التي لا اعلم ان كنتن لاحظتن ذلك في تلك المسلسلات..الغريب في الامر انو اهلنا أمي وامك أبوي وابوك عاشوا واتزوجوا و ولدونا انا وانت و غيرنا لكن ما اشكن امهاتنا وجداتنا من جفاف عاطفة ابائنا واجدادنا عارفين ليه انا اقول ليكم ليه لانهم كانوا ناس يعطون و لا ينتظرون ويقدمون على انفسهم و يقدمون وعلى رغم النظرة العابسة التي في وجوههم عاشو او يعيشون حياة مطمئنة وقودها المودة والحب والرحمة ولو ما كانو ديل في كان بابور رحلتم دا وقف من زمان.. ولذلك اقدم نصيحة عامة لي و ليك و البنت ديك و الولد داك اقيفوا في المراية وعاينوا لا انتي بتشيهي التركيات و لا الهنديات في المسلسلات و لا انت يا اب شنب بتشبه مهند عيشوا واقعكم و ما تخربوا بيوتكم..
معلومة خاااااصة ومهمة جدا للاخوات البشتكن من جفاف مزن عاطفة ازواجهن اعلمي انه لا مطر من غير بخار الماء فكوني تلك البحيرة التي يتصاعد منها البخار ليرطب ذلك الجفاف فتنظر الامطار حنانا وحبا وعاطفة على عشكم الزوجي.
جهزوا المظلات !!!!
وعلى قول المثل (لو قيالة ريدتنا زي مهند ونور تبقي عيانة وعاوزة ليك دكتور)
أوهام يا داليا….اخواتك “جواري” في بلاد العرب والعجم وانت بتكتبي في الكلام الماسخ دا؟؟!!
يابتاعت ندي القلعة انت
كلامك كله زيف وبطلان
شكرا لك أختى الكريمة لنشرك لهذه الرسالة الرائعة .. و شكرا جزيلا لكاتبها لأنه حقيقة قد ضرب في الوتر الحساس .. و نبش أمرا نتجاهله عن قصد أو غير قصد .. ولكنه أمرا يجب أن نهتم به و نراعيه و ننثره في حياتنا العامة والخاصة .. لعل الحب و معانيه السامية تنزرع في قلوبنا و في شفاهنا .. فلتكن قلوبنا دائما خضراء .. و شفاهنا دائما مبتسمة .. يا رعاكم الله .
اهنئك الاستاذة داليا على اختيار هذه الرسالة الرائعة للنشر . فعلا هى تشريح دقيق لحالة الجفاف العاطفى المزمن الذى يخيم على القلوب حتى تجف أغصان الحياة و تتساقط وريقات العشق و الغرام و تموت ثمار الحب … أتمنى أن يقرؤها بعمق حتى يدركوا كيف يمكن ان تصنع كونا من الجمال وأن لا تملك الا نظرات من تحيه و يحبك .
ولماذا لا تذكرين اسمه حفاظا على حقه الادبى
التحية والشكر لك صاحبة المقال على الرسالة الجميلة المنقولة عبر أثير الفضاء
نعم عندما يجف قلب الانسان ويتصدى من معانى الحب والحنان يفقد كل شئ
وكما يجف احساسه الداخلى .. وهذا مكمن الحياة الدافئة لكل انسان
ومتى ما فقد المرء احساسه النبيل فقد كل شئ جميل في الدنيا