تنظير بيت أبو خليل

بسم الله الرحمن الرحيم
أخيرا استيقظت السفارة السودانية بالمملكة العربية السعودية من سباتها العميق وقامت بإصدار بيان صحفي (هزيل) أكدت بموجبه منع عمل السودانيات في وظائف خادمات منازل بالمملكة.
بمعنى أن السفارة صمتت دهرا ونطقت كفرا، فعوضا عن أن تعمل السفارة على بسط هيبتها داخل المملكة وحماية بنات الجالية السودانية ورفع الضرر عنهن، قامت بتضييق الخناق عليهن في الرزق الحلال.
وإني أعلم جيدا أن كثيرا من السودانيين معترضون في الأساس على عمل السودانيات في وظائف خادمات بالمملكة؛ والسؤال الذي يطرح نفسه بأي صفة يعترض هؤلاء؟ وماذا قدموا لأولئك الفتيات لرفع الجوع والعوز والمسغبة عنهن، وإعانتهن على قسوة الحياة؟
وهل يستطيع أولئك المعترضون كفالة كل السودانيات اللائي ذهبن للعمل كخادمات في السعودية والتكفل بأكلهن وشربهن وكسوتهن وعلاجهن وتعليمهن؟ وهل يستطيعون الإنفاق وبذات الكيفية على تلك الأسر التي يكفلنها أولئك النسوة؟.
لا أعتقد أن الإجابة ستكون نعم، لأن أغلب المعترضين هم من المغتربين والذين ضاقت عليهم الحياة نفسها في السودان فهربوا إلى جحيم الغربة.
ونحن نعلم جيدا أن بعض المغتربين حين يعودون في إجازاتهم الموسمية يكون حصاد الغربة عبارة عن جلابيتين زبدة ،وعمة سويسرية ، وساعة جوفيال ، وعطر من باب شريف ، ونصف دستة صابون zest، ومعجون سيجنال ،ومروحة تربيزة.
أما بقية الحصاد فإنه يضيع عند بوابة جهاز المغتربين عند دفع الضرائب وبقية الجبايات.
إذا ما دام أولئك لا يستطيعون إصلاح حال نفسهم فلا داعي للتنظير في حياة الآخرين والتحدث بأسماء أشخاص لا يمكننا سد حاجتهم وكفايتهم المسغبة وسؤال الناس.
وإني أتساءل عن اليقظة المفاجئة للنخوة والغيرة على العِرض: أين كانت تلك النخوة وأولئك النسوة يتضورن جوعاً؟ وأين كانت كرامتهم وكرامة أمتنا حين كان الأطفال يموتون من انعدام الدواء وسوء المأكل والمشرب وانعدام المأوى؟.
ألم يُصبكم العار حين احتاجت أولئك النسوة إلى الأكل والشرب والمأوى والدواء والكساء؟
أين كنتم حينها؟
أسوأ شيء أن ينظر أحدهم في مصير إنسان لا هو يعرف ظروفه ولا هو يستطيع مساعدته.!
بعض المغتربين في السعودية ارتفعت لهجتهم المطالبة بمنع السودانيات من العمل في السعودية؛ هل يضيرهم يا ترى ما تعرضن له من إذلال حسب الروايات أم أنهم يرغبون في ممارسة شيء من الأنفة أمام (كفلائهم)…..بـ(وهمة) أن نساءنا لا يعملن في المنازل؟.
استفيقوا قليلا ولا تجلسوا على كورنيش (جدة) تحتسون حليب (المراعي) وتنظرون لأهل السودان الذين خرج بعضهم لممارسة (الشحدة) في الشوارع.
خارج السور :
لقد عشت في السعودية فترة من حياتي، وهي ليست بهذا السوء الذي يتحدث عنه البعض، وكل مجتمع به الصالح والطالح، فهي إذاً ليست معتقلات (غوانتنامو ) ولو كانت مثل غوانتنامو فلماذا أنتم باقون فيها؟.
*نقلا عن السوداني