الوطن عقيدة وهوية

صحيح أننا نعيش عصر الدولة بحدودها الجغرافية التي تحرسها الجيوش، وتقوم على بواباتها ومداخلها أجهزة رصد وموظفو جوازات وجمارك هدفهم ألا يدخل الدولة المعنية غير أبنائها والوافدين بقصد العمل أو الاستثمار والسياحة التي تدر المنفعة للبلد. عدا ذلك فإنّ الأوطان في عصرنا صارت كانتونات تضم مواطنيها الذين يؤلف بينهم عقد اجتماعي اسمه الوطن، والذي يتسع بالضرورة لما هو أبعد من رابطة العرق واللون والدين! وقد صار الوطن بهذا المفهوم إطار تعايش لمجموعات بشرية يؤلف بينها الموقع الجغرافي والثقافة بمكوناتها العديدة من لغة وفولكلور وسبل كسب العيش! وكلما حسبنا أنّ عالمنا بما أنجزت البشرية من ثورة في الاتصالات قد صار قرية كونية GLOBAL VILLAGE ? لا يعرف الحدود بشكلها النمطي، نجد أن الانتماء للمكان بطقوسه الجغرافية والثقافية يصبح الإطار الذي يصعب الإفلات منه بشكل مطلق.
والوطن ليس اختراعاً جديداً. وجد الإنسان منذ أقدم العصور في مساحة من الأرض. رأى الشمس والقمر فيها أول مرة، وسمع وشوشة الشجر أو الصمت الناطق للصحراء والجبل والبحر فيها. وعاش بها مع قوم جمعته وإياهم هموم الحياة بأفراحها وأتراحها! من هنا تكبر العلاقة بين الأرض والإنسان. ويصبح الوطن هوية تعطي من يعيش فيه ملامح يتفرد بها أينما رحل وأقام. والأوطان بمفهومها الكلاسيكي ? البيت الذي يجمع شعوباً بينها قواسم مشتركة ? ليس بدعاً، بل إن أول ما تصطدم به الأيديولوجيات الشمولية في سعيها لتضم مساحات جغرافية وشعوبا مختلفة تحت مظلة واحدة، تدار من ركن من الأركان باسم تلك الأيديولوجيا، ليحكمها شخص أو مجلس ? أيأ كان المسمى ? إن أول ما تصطدم به تلك الأيدلوجيا الشمولية هو فطرة الإنسان في تكييف نفسه في هويته المرتبط قدرها بمكان له طقسه الثقافي المحدد وسبل كسب عيشه! لذا نجد امبراطوريات ضخمة حاولت ابتلاع مكونات الشعوب باسم الدين أو اللون السياسي أو الهيمنة القومية لكنها ترنحت بفعل النقيض بين هذه المكونات البشرية والثقافية وبين منظورها الهلامي الجديد. وتفككت تلك الامبراطوريات ليعود كل أهل بيت إلى بيتهم (وطنهم). نأخذ من التاريخ القديم امبراطوريات المغول والتتار والخلافة بشكلها الهلامي غير المحدد بوطن، مثلما كان الحال في الأندلس وفي الدولة العثمانية ومثلما كان الحال في اتحاد الجمهوريات السوفياتية في العصور الحديثة.
في محاولتها لفرض الماركسية- اللينينية كنمط حياة على شعوب الاتحاد السوفياتي السابق، ظلت الدولة في الكرملين حائرة أمام الواقع الثقافي المتجذر في كل بلد والمختلف بالضرورة عن طقس الثقافة الروسية وهوية الشعب الروسي. اصطدمت طوباوية الفكرة بالواقع الإنساني الذي هو الحكم الفيصل. وحين تفككت أمبراطورية السوفيات عادت تلك الشعوب للتمسك بفسيفساء ثقافاتها وعقائدها أكثر من ذي قبل، لأن ذلك هو مكون هويتها بين شعوب الأرض.
أختم بما قاله شاعر روسيا العظيم سيرغي يسينين في قصيدة له:
(ضعوني في الجنة، وسأقول لكم: خذوا جنتكم وأعيدوني إلى وطني!!)
ويبدو أنّ الشاعر التركي ناظم حكمت نظر إلى يسينين وحكى على منواله إذ يقول:
(وضع الشاعر في الجنة فصرخ قائلاً: آه يا وطني!).
صحيفة(الوطن)القطرية
الأحد 23/08/2015
[email][email protected][/email]
هذا بالطبع ما اصطدم به العروبيين في السودان
【في غَيَابَةِ الجُبِّ،
وفي المستنقعِ العَطِنْ
هوى وطنْ
وأنتَ، نحن،
كلُّنا قابيلُ،
مَنْ أفصح بالقولِ ومن رطَنْ
و كلُّنا “نيرون” ضاحكين
فوق كومة الرمادِ
من بقايا جُثّة الوطنْ.
* * *
نهارُكَ مِن حُمّى، و ليلُكَ مِن شَجَنْ فَلِمْ تشتري الأحزانَ يا أيها الوطنْ
و ليلٍ كموجِ البحرِ أرْخَى سـدولَهٌ عليك بألوانِ التّباريحِ والمِحنْ
تمرُّ بك الأحداثُ من كـلِّ جانـبٍ كأنك جلمودٌ من الصخر أو وَثَنْ
أ مِتَّ فَلَمْ تحفلْ بمن ضجَّ أو سكنْ؟ أ صبرٌ؟ فهذا الصبر أيَّانَ يُمْتَحنْ؟
* * *
يمِيعُ وطنْ
كقطعة الثلجِ، وقد شواها
لهَبُ الظهيرَةْ
و نحنُ حوله،
على رؤوسنا الطيرُ
وفي العيون حيرةٌ
مُطْفأةٌ، ودمعةٌ كسيرةْ
نُساقُ كالشِّيَاهِ للمذبحة الكبيرةْ
عُمْياً مُكبّلين،
في غيبوبة الأسى،
وفي حبائلِ الشجنْ.
نجولُ بين الحبلِ و الجلاّدِ
منفيين في البلادِ
هَدَّنا الوهَنْ،
وفي الجوانحِ الإحَنْ.
نُسائلُ الدِّمنْ،
هل التي تعَمَّمَتْ أرجلنا؟
أم الرؤوس انتعلتْ أحذيةً؟
هل القميصُ ما نلبسُ أم كفنْ؟
و أيُّنا الفَطِنْ؟
هذا المُقَهْقِهُ الغارق،
في ضحكته،
أم السادر في الأوهامِ والوسنْ؟
وطنْ،
وطَنْ،
كان لنا وطنْ!
* * *
فيا صاحِـبَيْ مَنْفَايَ هلاَّ رأيتمـا بعيرَ بلادي لا خُطامٌ ولا رسنْ؟
قفا نبكِ، لو أنَّ البكاءَ على الدِّمنْ سينقذُ موتانا و يُبْقي لنا الوطـنْ
(ولو أنَّ قومي أنطقتْني رماحهم) نطقْتُ فأفحمْتٌ الذي قال أو رطَـنْ
فلو أنَّ قومي أنْـ ? .
ولو أنَّ قومي أنـ ?】
عالم عباس محمد نور
اكتوبر 1999
هذا بالطبع ما اصطدم به العروبيين في السودان
【في غَيَابَةِ الجُبِّ،
وفي المستنقعِ العَطِنْ
هوى وطنْ
وأنتَ، نحن،
كلُّنا قابيلُ،
مَنْ أفصح بالقولِ ومن رطَنْ
و كلُّنا “نيرون” ضاحكين
فوق كومة الرمادِ
من بقايا جُثّة الوطنْ.
* * *
نهارُكَ مِن حُمّى، و ليلُكَ مِن شَجَنْ فَلِمْ تشتري الأحزانَ يا أيها الوطنْ
و ليلٍ كموجِ البحرِ أرْخَى سـدولَهٌ عليك بألوانِ التّباريحِ والمِحنْ
تمرُّ بك الأحداثُ من كـلِّ جانـبٍ كأنك جلمودٌ من الصخر أو وَثَنْ
أ مِتَّ فَلَمْ تحفلْ بمن ضجَّ أو سكنْ؟ أ صبرٌ؟ فهذا الصبر أيَّانَ يُمْتَحنْ؟
* * *
يمِيعُ وطنْ
كقطعة الثلجِ، وقد شواها
لهَبُ الظهيرَةْ
و نحنُ حوله،
على رؤوسنا الطيرُ
وفي العيون حيرةٌ
مُطْفأةٌ، ودمعةٌ كسيرةْ
نُساقُ كالشِّيَاهِ للمذبحة الكبيرةْ
عُمْياً مُكبّلين،
في غيبوبة الأسى،
وفي حبائلِ الشجنْ.
نجولُ بين الحبلِ و الجلاّدِ
منفيين في البلادِ
هَدَّنا الوهَنْ،
وفي الجوانحِ الإحَنْ.
نُسائلُ الدِّمنْ،
هل التي تعَمَّمَتْ أرجلنا؟
أم الرؤوس انتعلتْ أحذيةً؟
هل القميصُ ما نلبسُ أم كفنْ؟
و أيُّنا الفَطِنْ؟
هذا المُقَهْقِهُ الغارق،
في ضحكته،
أم السادر في الأوهامِ والوسنْ؟
وطنْ،
وطَنْ،
كان لنا وطنْ!
* * *
فيا صاحِـبَيْ مَنْفَايَ هلاَّ رأيتمـا بعيرَ بلادي لا خُطامٌ ولا رسنْ؟
قفا نبكِ، لو أنَّ البكاءَ على الدِّمنْ سينقذُ موتانا و يُبْقي لنا الوطـنْ
(ولو أنَّ قومي أنطقتْني رماحهم) نطقْتُ فأفحمْتٌ الذي قال أو رطَـنْ
فلو أنَّ قومي أنْـ ? .
ولو أنَّ قومي أنـ ?】
عالم عباس محمد نور
اكتوبر 1999
يا استاذ يا جماع السلامو عليكو يا انسان يا طيب يا مبدع … قرأت لك في القرن المنصرم روايه تدعى خيرات لا تنسى مثل موسم الهجره للشمال …
يا استاذ يا جماع السلامو عليكو يا انسان يا طيب يا مبدع … قرأت لك في القرن المنصرم روايه تدعى خيرات لا تنسى مثل موسم الهجره للشمال …