مقالات سياسية

قبر المهدية الأخير – أمدرمان وأم دبيكرات، 1885 ? 1899م

قبر المهدية الأخير – أمدرمان وأم دبيكرات، 1885 ? 1899م
مقتطفات من كتاب: “سيف النبي”
?The Grave of Mahdism? ? Omdurman & Umm Dibeikrat, 1885 ? 1899
From the book: ?The Sword of the Prophet?
فيرقس نيكول Fergus Nicoll
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

مقدمة: هذه ترجمة لشذرات قليلة لبعض ما ورد في الفصل العشرين (تحت عنوان “قبر المهدية الأخير”) من كتاب الإعلامي والكاتب البريطاني فيرقس نيكول المعنون “سيف النبي: مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون”، والصادر في عام 2004م من دار سيتون للنشر.
نال فيرقس نيكول بكالوريوس الدراسات الشرقية من جامعة أكسفورد، ثم حصل على درجة الدكتوراه من جامعة ريدنق بأطروحة عنوانها: “جلاديستون وغردون والسودان”. وعمل مدرسا للغة الإنجليزية بثانويات السودان في ثمانينات القرن الماضي، ثم كاتبا ومقدما لعدد من البرامج في هيئة الإذاعة البريطانية، وفي الأمم المتحدة وفي معهد الوادي المتصدع Rift Valley Institute بشرق أفريقيا، ثم باحثا بجامعة درم (حيث أجرى بحثا عن “دائرة المهدي”) وبالقسم الإنجليزي لقناة الجزيرة بين عامي 2013 ? 2014م.

المترجم
**** **** **** **** ****

كان قرار الخليفة عبد الله بإخلاء مدينة الخرطوم مدفوعا بالقلق من تأثير الأشراف القاطنين بالمدينة على أمنه. بينما أكتفى التعايشة بالسكن في مساكن بالغة التواضع في أمدرمان وما حولها. وظلت الآية التي ذكرها سيده المهدي الراحل في آخر خطبة له ترن في أذني الخليفة :” وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال، وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال”. لذا فقد أمر الخليفة عبد الله، وبعد مرور أقل من شهر واحد على وفاة المهدي، جميع سكان الخرطوم بالرحيل عنها، وأمهلهم أربعة أيام لا تزيد لإخلاء المدينة. وشدد في التحذير من مغبة التأخير، وكلف عبد الحليم مساعد بمتابعة أمر الإخلاء واستخدام القوة ضد كل من يتقاعس عن تنفيذ الأمر، وأمربسرعة تبليغه شخصيا عن كل من يتأخر أو يتدخل في أمر الاخلاء ليلقى العقاب المناسب. وأكد الخليفة أن أمر إخلاء الخرطوم لا يستثني أحدا، وأن على كل من في الخرطوم أن يغادرها حتى وإن كان يعمل في بناء المراكب أو بيت المال أو مستودع الأسلحة أو في مكان آخر.
ولكن ما حدث فعلا هو أن عملية إخلاء الخرطوم استغرقت عاما كاملا. فما أن أقبل شهر سبتمبر من عام 1886م حتى كانت كل المصانع والورش ومخازن الأسلحة وأحواض بناء القوارب قد استنسخت أو نقلت إلى أمدرمان. وبنيت بالمدينة محلات جديدة للتجار الذين أجبروا على الرحيل من الخرطوم، وأقاموا لهم مساكن جديدة فيها لم تكن بالطبع في ذات الرقي الذي كانت به منازلهم القديمة في الخرطوم. وقام الأنصار بهدم كل مباني الخرطوم من أجل الاستفادة من طوبها وأخشابها الجيدة للبناء في مدينهم الجديدة، والتي لم تكن تعرف مثل تلك المواد الجيدة. وغدت الخرطوم المهزومة المهدمة مدينة أشباح، وامتلأت أزقتها الكئيبة بالأنقاض.
ورغم انشغال الخليفة بإحكام قبضته الحديدية على السلطة، إلا أن ذلك لم يمنعه من بذل جهود متقطعة من أجل توسيع حدود دولته الجديدة. فقام قادة جيشه بغزو الحبشة في عام 1889م ووجهوا جيش يوحنا ملك الحبوش نحو القلابات حيث جرح الملك نفسه في معركتها. غير أن الاحتفالات التي أعقبت نصر الجيش المهدوي لم تعمر طويلا. فقد كانت القوى الأوربية تعد العدة للسيطرة على كل ما يمكنها السيطرة عليه من الأراضي الإفريقية. فبدأت إيطاليا بالهجوم على الميناء المصري القديم مصوع. وما أن حل عام 1890م حتى كان الإيطاليون قد انتزعوه من المهدويين، وبعد أقل من أربعة أعوام على ذلك الحدث كان الجيش الإيطالي يقف على مشارف مدينة كسلا. ولم تكن محاولة الخليفة لغزو مصر بأفضل حظا من محاولته في شرق البلاد. فبعد نجاح عبد الرحمن النجومي في طرد ما تبقى من رجال الجيش البريطاني من المناطق الشمالية في 1885م أقام له معسكرا في بربر أولا، ثم في دنقلا، وبقي هنالك في انتظار أوامر الخليفة. وبما أن الخليفة لم يكن يولي النجومي ثقته الكاملة وكان يشك في ولائه له، فلم يكن ليسمح له بالقيام بهجوم كاسح على الجنود البريطانيين الذين كانوا يقومون بحراسة الحدود الجنوبية لمصر. وأرسل الخليفة قريبه يونس ود الدكيم ليتولى قيادة الجيش في دنقلا بديلا للنجومي. وكان كثير من أفراد ذلك الجيش قد أصيبوا بمرض الجدري، وفر آخرون من الخدمة لسوء معاملة ممثل الأوتوقراطية التعايشية لهم. ولا غرو، إذ أن الجوع كان قد بدأ، وببطء، في نهش أجسادهم. وكان المهدي قد أرسلهم في البدء لملاحقة الجيش المصري ? التركي المتقهقر شمالا في بدايات 1885م، وأوصاهم بعدم حمل مؤن كثيرة معهم في ذلك الزحف المقدس، وأوصاهم بالثقة في الله، وعدم الاهتمام المفرط بالماديات وتخزين المؤن، فمن شأن كل ذلك ? كما يرى المهدي – أن يؤخر مسيرتهم الجهادية. ولم تكن ظروف ذلك الإقليم الشمالي الفقير لتسمح بإعاشة جيش مكون من أكثر من 5000 مقاتل وعدد كبير من المتطوعين. وكان عاما 1888 و1889م عامي قحط ومسغبة، في سائر أرجاء البلاد، ومناطق الشمال بخاصة، حيث أنخفض مستوى مياه النيل وفشل انتاج المحاصيل. ودفعت الحاجة ? وليست غيرها – بالجيش المهدوي شمالا لمحاولة مهاجمة الجيش البريطاني على حدود مصر الجنوبية، وذلك بقيادة النجومي. ولم يقابل الجيش المهدوي الزاحف شمالا لتحرير مصر جنديا مصريا واحدا. وسجل بابكر بدري (الجندي في ذلك الجيش) لاحقا أن سبعة وعشرين يوما من دون تذوق قطعة خبز واحدة كانت كفيلة بإنهاك جسده تماما. وأضاف قائلا: “لو أحضروا لي في أيام زحفنا تلك على مصر مصحفا لأقسمت عليه أننا – حتى ونحن على تلك الحالة البائسة – سنستولى على مصر بلا ريب. يا لتلك الروح! يمكنك أن تقول بأنها عائدة لشدة لإيمان والتصديق، أو التهور أو الجنون ? سمها ما شئت. غير أنه ليس بوسعك أن تنكر وجود تلك الروح “.
غير أن طموحات المهدويين في غزو مصر انتهت بطريقة مأساوية لا هوادة فيها في الثالث من أغسطس 1889م حين ألحق جنود الجنرال فرانسيس قرينفل (أحد مساعدي وولسيلي) هزيمة ماحقة بالنجومي وجنوده بالقرب من قرية توشكي على الضفة الغربية للنيل. وأحضرت جثة الأمير النجومي للأسرى المهدويين للتعرف عليه. وكتب بابكر بدري عن ذلك المشهد لاحقا في مذكراته التالي: “بدت لحيته الرقيقة مغبرة كأنه عائد للتو من التفتيش على جنوده، ولم تبد على وجهه أي علامة على قبح الموت”. وخلافا لما فعله من نجوا من مَقتَلة توشكي، لم يبد الخليفة أي مشاعر تعبر عن الحزن لفقده أحد أقدم قواده موتا في ساحة القتال. وعلى كل حال، فلم يكن الخليفة قد فقد بالموت إلا عددا قليلا من المقربين الذين كان يثقف فيهم، بينما كان الموت هو مصير آلاف ممن كان يشك في ولائهم له من المنافسين المحتملين. لقد كانت تلك الأيام أيام مجاعة ومرض وجنون عظمة. ولم تثر الأخبار التي تسربت لاحقا لأمدرمان عن تحرك للجيش البريطاني ? المصري جنوبا لغزو السودان أي نوع من العجب أو الاستغراب. وحذر عثمان “شيخ الدين” ابن الخليفة نفسه والده من مغبة تبخيس إصرار “النصارى” على الانتقام من المهدية. وورد في كتاب “مذكرات يوسف ميخائيل” بعضا مما ذكره ذلك الابن لوالده الخليفة: ” تعلم جيدا بأن الإنجليز لهم ثأر قديم معك. يريدون الانتقام لمقتل هكس وغردون وكل من قتلنا من الانجليز بالسودان. ويريد المصريون كذلك أن ينتقموا منا لقتلنا الجنود الترك والمصريين وطردنا لهم من أراضينا التي كانوا يسيطرون عليها. الآن يقدمون علينا للانتقام لأنفسهم وللسيطرة على بلادنا”.
كان البريطانيون يعدون فترة أربعة عشرة عاما فترة أكثر من كافية للتفكر في فشل عملية إنقاذ غردون. وبالقطع لم يكن هنالك في بريطانيا من نسي ذلك الرجل. ففي المخيلة الشعبية (وبتغذية من الصحافة الشعبية) كانت صورة غردون هي صورة البطل البريطاني الذي هجرته حكومة غادرة، وتركته لقمة سائغة لجحافل البرابرة المتوحشين. وتلك بالطبع صورة أكثر دراماتيكية من الصورة المبتذلة لإداري وجندي مرتزق غريب الأطوار كلفته الحكومة المصرية بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من كرامة مستعمرة يائسة محطمة. وبالنسبة للكثيرين كان غزو السودان بمثابة مهمة لم تنته بعد وتنتظر الإكمال. وكتب عالم المصريات الشهير أيس. أي. واليس بيدج رسالة لوينجت باشا جاء فيها أنه “يتمنى أن يرى “الخليفة…ذلك الوغد villain وهو يعذب ويقطع قطعا صغيرة …”.
غير أن تسعينات القرن التاسع عشر كانت أعوام تدعيم وتقوية السيطرة المدنية والعسكرية البريطانية على مصر (وفي ذات الوقت كانت وزارتي المالية والحربية في لندن مشغولة بمنازعات في مستعمرات أخرى تتطلب الاهتمام، من الأشانتي على ساحل غرب أفريقيا، إلى نيوزيلندا والحبشة وأفغانستان). غير أن رجال القيادة العسكرية البريطانية بالقاهرة ? وكثير منهم كانوا من الذين اشتركوا في الحملة الفاشلة لإنقاذ غردون بين عامي 1883 ? 1885م – كانوا أحرص الناس وأكثرهم حماسة لمحاولة إخضاع السودان مرة أخرى، وفاقوا في ذلك السياسيين في لندن. وكان أكثر الناس إثارة للرأي العام البريطاني وحماسا للقيام بحملة منظمة لإنقاذ غردون هو الضابط البريطاني وينجت، والذي كان هو الكاتب الخفي ghost writer لمذكرات القس أورفالد وسلاطين باشا.
وبدأ التخطيط وجمع المعلومات الاستخبارية والترتيب الصبور على تجميع القوات اللازمة لعملية إعادة غزو (أو استعادة) السودان في أخريات تسعينات القرن التاسع عشر. وعلى الرغم من إنشاء 270 ميلا من خط السكة حديد عبر الصحراء القاحلة، وإقامة أكثر من 2000 ميلا كيبل تلغراف، وشحن ستة مراكب تحمل مدافع عبر شلالات النيل عسيرة العبور، مع نشر 20000 رجلا (منهم 7500 بريطانيا و12500 مصريا)، فقد كانت تلك الحملة الثانية أقل كلفة من الحملة الأولى، إذ لم تتعد تكلفة الحملة الثانية مبلغ 2.5 مليون جنيه إسترليني تولت مصر دفع معظمها. وكان تخطيط الحملة بالغ الدقة، حرك فيه الجنرال هيربرت كتشنر جيشه جنوبا بحذر شديد في كل ميل يقطعه، حتى لا يتقدم كثيرا عن خطوط إمداده وهو يتقدم وئيدًا في بلاد الخليفة. وتم له الاستيلاء على مدينة دنقلا في سبتمبر 1896م. ثم زحف على مدينة برب فوصلها بعد عام كامل. وفي ربيع عام 1898م حدثت معركة أتبرا، وأعقب ذلك في نهاية العام مذبحة كرري.
ورغم أن الخليفة أيقن أنه قد هزم، إلا أنه أبى أن يستسلم. ومهما يكن رأي المرء في طريقة إدارته للبلاد، إلا أنه ما من أحد يمكنه إنكار شجاعة الرجل. ورغم هزيمته في معركة كرري إلا أنه قرر أن يقاتل للنهاية، لولا أن أنصاره حملوه حملا على مغادرة أرض المعركة. ذهبوا به أولا إلى الدويم ومنها إلى شات Shat ثم إلى براري كردفان. غير أن الخليفة وجد أن أعداد مؤيديه، حتى في مناطق أنصاره التقليديين، بدأ في التناقص السريع، فآثر مواصلة السير مع ثلة من أتباعه إلى جبال النوبة، وبدأ من معسكره هنالك في تجميع أنصاره من المناطق المختلفة. وفي ذات العام (1899م) بدأت القوات البريطانية ? المصرية في إخضاع كل المناطق الغربية للحكم الجديد، وأوكلت مهمة البحث والقضاء على الخليفة ورهطه للمقدم وينجت باشا مع قوة مكونة من 3700 من الجنود المصريين في شرق كردفان. وأقام الأنصار معسكرين لهما، أحدهما غرب النهر في شمال جبال النوبة بمنطقة جديد (وكان يقوده الخليفة عبد الله بنفسه)، وكان الآخر بالقرب من معسكر الخليفة بقيادة أميره المخلص أحمد الفضل محمد. وقام الأنصار بأول هجوم لهم على الجيش الغازي، غير أنه لم يكن ناجحا، وفقد فيه الأنصار عددا كبير من مقاتليهم. وانتهت المقاومة في أم دبيكرات، حيث أفلح جنود وينجت في إغلاق كل منافذ الهرب على الخليفة وصحبه ومحاصرتهم. وبقي بقرب الخليفة أشد قواده إخلاصا له واكثرهم شجاعة، وكان معظمهم من رجال قبيلته مثل أخويه وأحمد الفضل محمد، وبعض كبار الأشراف مثل علي ود الحلو والصديق بن محمد أحمد المهدي (18 عاما). وفي فجر الجمعة (24/11/ 1899م) بدأت المعركة الأخيرة ضد المهدية (والتي لم تستغرق أكثر من ساعة واحدة) حين بسط الخليفة وصحبه فرواتهم وجلسوا عليها مستقبلين القبلة في انتظار الموت. ووصف أحد الضباط البريطانيين في رسالة له محفوظة الآن في جامعة درام ما حدث في تلك الساعة عقب مقل الخليفة وصحبه:
“عدت لأرى الخليفة وهو ملقي على الأرض. وجدت أمامه جثماني حارسه وجندي آخر، وبجنبه قائده المخلص أحمد الفضل، وورائهم ثلة من قادته. للخليفة وجه عريض لطيف (broadish nice face) وجبهة مستقيمة، وجسد ممتلئ، ولحية شَائِبٌة خفيفة، مع أنف معقوف ولون أفتح قليلا مما هو معتاد عند البقارة. وكان هنالك أيضا علي ود حلو، الخليفة الثالثة، وقائد الدراويش عند إقدامهم على ارتكاب أعمال مجازر atrocities في غزواتهم. وكان بالفعل يبدو مثالا نموذجيا لمن بإمكانه إرتكاب تلك المجاز. كان رجلا نحيلا صغير القد، يغطي الشعر كل جسده. ولم أر في حياتي وجها تطفح منه القسوة والشر مثل وجه ذلك الرجل. وبدا، حتى وهو ميت، وكل أسنانه بارزة مثل ضبع يزمجر”.
لقد انطلقت الثورة المهدية عشية قرن إسلامي جديد. ولكن ما أن أقبل قرن مسيحي جديد حتى كانت تلك الثورة في مهب الريح، بسبب جيش الغزاة الأفضل تنظيما والأقوى نيرانا. غير أن نار المهدية لم تخمد تماما. فقد نفخ ابن المهدي (السيد عبد الرحمن)، والذي ولد بعد وفاته، في ما خمد من جمر المهدية، وحافظ على عشيرته حية وقوية متماسكة على الرغم من مراقبة السلطات اللصيقة لكل تحركاته، وهو ينشر دعوة والده ويوزع نسخا جديدة من “راتب المهدي”. وأعاد الأنصار المهدية في القرن العشرين باعتبارها قوة سياسية وتجارية معتبرة مقرها ? كما كانت في الماضي – الجزيرة أبا. غير أنه يجب تذكر أن أيام الدولة المهدية البحتة قد قبرت في أم دبيكرات.
وكما كتب وينجت باشا في عام 1899م” يمكن القول بأن القبر الأخير للمهدية لم يكن بعيدا عن مهدها في الجزيرة أبا، تلك الجزيرة الجميلة التي تقع على النيل الأبيض، محاطة من كل جانب بالأشجار”.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. (( بقيادة أميره المخلص أحمد الفضل محمد …)) للاسم الحقيقي هو

    احمد فضيل محمد

    وهو احد اشجع امراء المهدية حيث كان ينشد اثناء الحرب

    ما الموت الا مرة والموت افضل من الحياة المرة

    رحم الله كل من مات في سبيل الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..