نظرية القوة فى العلاقات الدولية ؟؟!

نظرية القوة فى العلاقات الدولية !!؟
The theory of power in international relationships
د.فائز إبراهيم سوميت
” 3 ”
الماضى :
فى المبحث الثانى من هذه الدراسة تناولت تاريخ نشؤ العلاقات السياسية الدولية فى العصور القديمة والوسطى والتى تطورت إلى أن وصلت إلى العلاقات الدولية فى العصور الوسيطة والحديثة وإحلال فكرة الأمن الجماعى محل الأمن القائم على توازن القوة وقلنا أن الباحثون رفضوا الفكرة القائلة بنشأة العلاقات الدولية بعد معاهدة وستفاليا فى العام 1846 . وفى هذا المبحث ومواصلة لتاريخ نشأة العلاقات الدولية السياسية أتناول :
العلاقات الدولية فى عصر الإسلام :
إن ظهور الإ سلام وتكوين إمبراطورية إسلامية تهدد أوروبا , بإنتزاع السيادة من المسيحية , كان حدثا جديدا فى تاريخ العلاقات الدولية .. ولقد إختلف علماء الإسلام فى تفسير العلاقات بين المسلمين وغيرهم من الشعوب التى لم تعتنق الإسلام . فمنهم من قال إن العلاقة بين الأمة الإسلامية وغيرها من غير الإسلامية لاتقوم إلا على أساس الحرب والقتال .. إستنادا إلى القرآن والسنة فى قوله تعالى : ” وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ” صدق الله العظيم سورة التوبة الآية 36 .
وفى الأثر النبوى روى عن النبى ” ص ” ? أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ” .. ومنهم من قال أن العلاقات تقوم على أساس السلام .. إستنادا إلى قوله تعالى : ” من قتل نفسا بغير نفس , أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس أجمعين ” المائدة , الآية 32 . ونحن بهذا الصدد إلى جانب الرأى الثانى لأن الإسلام لايجيز قتل الإنسان لمجرد أنه لايدين بدين الإسلام . وللإسلام وجهة نظر خاصة فى العلاقات الدولية , ذلك أن الإسلام لم يكتب له أن يسود وينتشر فى العالم كله , بل شاءت الظروف أن يستقر فى مكان جغرافى معين , رغم الإتساع الذى بلغه شرقا إلى الهند والصين وغربا إلى الأندلس وغرب أوروبا , وقد نشأ عن هذا قيام دولة إسلامية تعتمد فى تكوينها على الوحدة الدينية بغض النظر عن إختلاف افرادها فى اللغة والجنس وتلك الوحدة هى ما تسم بالأمة الإسلامية أو دار الإسلام .
والشاهد أن العلاقات تطورت فى العصر الإسلامى بين المسلمين وغيرهم حيث تطورت وسائل الإتصال مع الممالك والقبائل . ولم تعد العلاقات بين المسلمين وجيرانهم قاصرة على التبادل التجارى , بل تعدتها إلى ” نواح إقتضتها ظروف تنفيذ السياسة الجديدة المبنية على السلام لاالقهر ” ? المصدر : السفير محمد التابعى , السفارات فى الإسلام , القاهرة , 1988 , ص 41
وللإسلام باع طويل فى عقد المعاهدات والإتفاقات , حيث عقد المسلمون عددا كثيرا من المعاهدات والإتفاقيات ومن أهم هذه الإتفاقيات : عهود الذمة كما عرفوا معاهدات حسن الجوار والصداقة والتحالف إضافة إلى معاهدات التجارة .) المصدر : السفير محمد التابعى , سابق , ص 55 . وقد إشتهر المسلمون بشدة حرصهم برعاية العهود والإلتزام بالإتفاقيات التى كانوا يبرمونها مع غيرهم من الدول والشعوب غير الإسلامية كما رفض الإسلام مبدأ اللجؤ إلى القوة ودعا إلى إحترام الأديان وحرية المعتقدات وأن دعوته قائمة على أساس الحجة والإقناع والحوار .
أما بالنسبة لعلاقة المسلمين بالدول الأخرى فقد ميز الفقهاء بين دار الإسلام التى إصطلحوا على إطلاقها على الدولة أو الدول الإسلامية , ودار الحرب التى يعنى بها الدول التى يدين أهلها بتعاليم مخالفة لأحكام الإسلام . إن هذا التمييز لايعنى مطلقا بأن الأمة الإسلامية ذات طبيعة عدوانية أو أنها فى حالة حرب دائمة مع الدول غير الإسلامية , بل أن أساس العلاقة بين دار الإسلام ودار الحرب هو : ” السلم ما لم يطرأ ما يوجب الحرب ” ? المصدر : د. صلاح الدين عامر , قانون التنظيم الدولى , الطبعة الثانية , دار النهضة العربية 1984 , ص 82 . حيث اقرت الشريعة الإسلامية إقامة علاقات بين الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية وتبادل جميع أشكال المعاملات والعلاقات الدبلوماسية والدولية معهم . وهناك أيضا من يقول بأن هناك دارا ثالثة هى ” العهد والتى لم يظهر عليها المسلمون , وعقد أهلها الصلح بينهم وبين المسلمين وما يؤدونه من أرضهم يسمى خراجا دون أن يؤخذ منهم جزية رقابهم ” – المصدر : د.على محمد شميس , العلوم السياسية , الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان , الطبعة الثالثة , طرابلس , 1988 , ص 321 .
فى بداية منتصف أربعينيات القرن التاسع عشر وبعد أن صار هناك شبه إستقرار فى العلاقات السياسية الدولية , بدأ شبح الحرب العالمية الثانية يلقى بظلاله الكثيفة على العالم بعدما تبين من ضعف عصبة الأمم المتحدة وإنعدام فاعليتها فى نشر الأمن والمحافظة على السلام الدولى مما جعل الأمر يتطلب وجود تنظيم دولى جديد لإحتواء الأزمات التى خلفهتا إخفاقات عصبة الأمم فكان قيام :
منظمة الأمم المتحدة :
من ألمانيا الهتلرية كانت الشرارة الأولى التى عملت على إشعال نيران الحرب حيث قام هتلر فى عام 1938 بضم اراضى النمسا للرايخ الألمانى . إن نزر الحرب وإتساع نطاقها وإمتداد رقعتها كان يشير إلى أنها ليست مجرد نزاع بين الأمم ولكنها فى جوهرها صراع بين الأفكار والأيديولوجيات التى تعتنقها هذه الأمم وهى النازية والفاشية والإشتراكية والليبرالية . ولقد ظهرت الخطوات الأولى فى طريق إنشاء منظمة الأمم المتحدة فى الوثيقة الشهيرة التى وضعها كل من تشرشل وروزفلت والتى عرفت بميثاق الأطلسى والتى نصت على إيجاد ” نظام عام للأمن القائم على قواعد أوسع ” . ثم كانت الخطوة الثانية فى كانون الثاني من عام 1942 فى تصريح الأمم المتحدة . ثم تجلت الخطوة الثالثة فى مؤتمر موسكو فى تشرين الأول من عام 1943 والذى أقرت فيه إحداث منظمة دولية تقوم على أساس المساواة بين جميع الدول المحبة للسلام . ثم تأكد هذا القرار فى مؤتمر طهران والذى جمع لأول مرة الزعماء الثلاثة : روزفلت ستالين وتشرشل . وفى ديسمبر عام 1943 شكلت هيئة دراسات مركزها واشنطن , وذلك من أجل وضع المبادئ التى ستقوم عليها المنظمة الجديدة وعملت هذه الهيئة على مرحلتين وعقدت إجتماعاتها فى فندق ” دومبارتن إكس ” فى واشنطن . وقد كانت مقترحات دومبارتن إكس أساسا للمناقشات فى سان فرانسيسكو بإعتبارها ” ورقة العمل التى إنطلق منها المؤتمر هناك لصياغة الميثاق ” ? المصدر : ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية , منشورات مكتب الإعلام العام للأمم المتحدة , أبريل 1994 , ص 6.5.
فى المبحث القادم : الأمم المتحدة الأهداف والمبادئ
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. د. فايز ابراهيم سوميت هل انت الاستاذ فايز سوميت الذي عملنا معه في بداية التسعينات في معهد خاص بام درمان شارع الاربعين (معهد سهولي) مع الاستاذ عثمان حماد واستاذ الحاسوب المعروف وقتها ,,,,كانت لنا ايام

  2. د. فايز ابراهيم سوميت هل انت الاستاذ فايز سوميت الذي عملنا معه في بداية التسعينات في معهد خاص بام درمان شارع الاربعين (معهد سهولي) مع الاستاذ عثمان حماد واستاذ الحاسوب المعروف وقتها ,,,,كانت لنا ايام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..