الشعب صديق نفسه!!

اوراق متناثرة
الشعب صديق نفسه!!
غادة عبد العزيز
نشرت الصحف السودانية خبرا صغيرا في صفحاتها يوم الجمعة الثامن عشر من مارس 2011، يقول الخبر ان مواطنا لقى حتفه إثر حادث حركة في الطريق الجديد الذي إفتتح غرب الشجرة قبيل شهرين. وما ان وقع الحادث حتى خرج عدد كبير من المواطنين يعبرون عن احتجاجهم بسبب حالة الطريق مطالبين بوضع إشارات لتنظيم حركة المرور بالإضافة إلى حواجز اسمنتية تحد من سرعة السيارات. وبالرغم من ان شرطة مكافحة الشغب قد حاولت جاهدة فتح الطريق الذي اغلقه المتظاهرون إلا انهم رفضوا التحرك من مكانهم حتى حضور مسؤول كبير. وحضر إلى مكان الحادث مدير شرطة محلية الخرطوم اللواء بخيت البشير ونائب دائرة الشجرة عبدالقادر محمد زين بالإضافة إلى عدد آخر من المسؤولين، ورفع إليهم المواطنون طلباتهم.وقدم المسؤولون وعودا إلى المواطنين بان جميع مطالبهم سيتم تحقيقها وسيتم عمل (مطبات) على الطريق في خلال اليومين المقبلين.
وليس هذا الحادث هو الأول من نوعه، ففي يوم الأربعاء الثالث والعشرين من فبراير 2011، وقع حادث مماثل بشارع الستين. فلقد إصطدمت سيارة بـ(ركشة) كانت تقل خمسة افراد لقوا حتفهم حال وقوع الحادث. ولم يمض الحادث تلك المرة مرور الكرام بل قامت مجموعة من النسوة سريعا بالعمل على سد الطريق وساعدهن شبان ضاحية الجريف غرب. وبدأ المواطنون يهتفون صيحات غاضبة على وضع الطريق الذي لقى اكثر من ثلاثين شخصاً مصرعهم فيه في خلال العام الماضي فقط. وطالب اهالي المنطقة ايضا بحضور الوالي نفسه لكي يرى الوضع بعينه ولكي يرفعوا طلباتهم العادلة والتي تقتصر على إصلاح الطريق. وفي غضون ساعات قليلة، بدأ العمل على تركيب إشارات ضوئية في الطريق مع وعد قطعه المسؤولون لتركيب اشارات اخرى في ثلاثة اماكن شهدت حوادث حركة مماثلة.
السؤال الأول الذي ورد على خاطري، انه إذا كان تركيب إشارة ضوئية لا يأخذ سوى ساعات قليلة كما في الحالة الأولى، أو يومين كما في الحادثة الثانية، فلماذا تباطأ المسؤولون عن القيام بواجباتهم والعمل على ضمان حياة المواطنين؟ لماذا الإنتظار حتى يفقد اكثر من ثلاثين مواطناً حياتهم خلال عام واحد بالجريف غرب او تسع وفيات في شهرين كما في حادث غرب الشجرة، حتى يتم العمل على تنظيم المرور؟ وحقيقة لا ادري إن كانت الثلاثة اماكن الأخرى التي وعد بها المسؤولون المححتجين تتضمن الطريق الواقع بغرب الشجرة أم لا، لكن يبدو ان المسؤولين يتبعون سياسة الإرضاء المؤقتة والتي تضمن صمت الناس لفترة وإرضاءهم بوعود براقة تجعلهم يمضون في طريق حياتهم ويلتهون بامور معيشتهم بدون ان يحققوا الوعود التي قطعوعها على انفسهم وعلى مؤسساتهم وحكوماتهم، وبدون ان يدركوا ايضا ان كل يوم يمر وكل حادثة تقع هي ضغط زائد على صمام صبر الشعب الذي اثبت انه صديق نفسه وانه يستطيع، تماما، ان يطالب بحقوقه ويدافع عن إحتياجاته حتى آخر قطرة في دمه.
الصحافة