المطمورة.. آخر المعارف التقليدية التي اندثرت

ولايات:
يرى الحاج عثمان محمد الفاضل الذي يعمل مزارعاً بولاية الجزيرة أن المتغيرات التي ضربت المجتمع السوداني اذهبت بالكثير من الاشياء الجميلة، ويقول بعد أن اخذ نفساً عميقاً وكست وجهه ملامح حزن: «كل شيء كان جميلاً خاصة العلاقات التكافلية بين الناس». ويشير في حديث لـ «الصحافة» رداً على سؤال حول الاثر الاجتماعي لاختفاء المطمورة والسويبة، وهي كانت مواعين تخزين محلية للحبوب وابرزها الذرة والدخن، قائلاً إن المطمورة كانت وجهاً جميلاً لتفاصيل الحياة في الماضي، مبيناً أنهم كانوا يضعون فيها ما يتم حصاده حتى لا يتعرض للتلف، وانها لم تكن تمثل مخزنا للقوت فقط، بل كانت احدى ادوات التكافل في المجتمع. ويكشف رجل ستيني يدعي احمد حماد وهو مزارع من شمال كردفان، الجانب التكافلي الذي كانت تلعبه المطمورة قائلاً: لم نكن نحمل هما للغد، وذلك لأن وجود المخزون تحت الارض كان يمثل لنا ضمانا ضد الايام، وعلاوة على ذلك كان خير المطمورة لا يقتصر علي مالكها ولا أهله، بل يمتد ليشمل الفقراء والارامل والايتام.
والسويبة للذين لا يعرفونها، عبارة عن تخزين فوق الأرض، ويتمثل في بناء مبانٍ طينية مقفولة تماماً، وتعتبر تخزيناً جيداً وحماية ضد الفئران والرطوبة العادية، اما المطمورة فهي عبارة عن تخزين تحت الأرض، في شكل حفر معزولة الهواء وضد الرطوبة، كما أنها رخيصة التكاليف، وهنالك التخزين في الغرف والقطاطي وذلك بحفظها في جوالات، الا ان مشكلة الوقاية من الآفات تمثل مشكلة لهذا النوع من التخزين، كما ان التعفير الكميائي يعتبر خطراً ومكلفاً، وهنالك طرق للمكافحة التقليدية باستعمال السناج والرمل مواد واقية خلال التخزين، وبالرغم من أن استهلاك الذرة والدخن يعم غالبية السودان، الا أن تقانات التصنيع لا تواكب ذلك المدى، كما ان التصنيع التقليدي تقوم به النساء ويأخذ كثيراً من الوقت والجهد، وتشير دراسات الى ان 75% من الحبوب المنتجة محلياً سواء غلال او بقوليات يتم تخزينها محلياً بواسطة المزارع مما يزيد نسبة الفاقد خلال التخزين، كما أن أغلب المزارعين يرغبون في تخزين المنتوج اطول فترة ممكنة باعتباره مخزوناً استراتيجياً.
وتؤكد الدراسات والإحصائيات أن نسبة فاقد بعد الحصاد تتراوح بين 20ــ 30%، وهذا الفاقد كماً وكيفاً يعتبر سبباً لتحسين ظروف معاملات ما بعد الحصاد. ويعود الحاج عثمان محمد الفاضل للإشارة الى ان المطمورة لم يعد لها وجود مثلما كانت في الماضي، وذلك لأسباب متعددة أبرزها تراجع نسب الانتاج عما كان عليه في الماضي، عطفا على تغيير النمط الغذائي في السودان الذي بات ينحصر في القمح خاصة في وسط السودان، الا ان الحاج عثمان بدأ حزينا على ضياع قيمة التكافل، وقال إن اتجاه المزارعين لبيع المنتج من المحاصيل كاملاً نسبة للظروف الاقتصادية قلص من الكميات التي كانت تذهب للفقراء والمساكين حينما كان المخزون يتم وضعه في المطمورة.
الا ان المواطن سيف الدين عباس يرى ان الظروف الاقتصادية وتردي الزراعة من الاسباب التي أسهمت في اندثار ثقافة المطمورة ومساعدة الفقراء، وقال إن المزارع في الجزيرة والقضارف وغيرها من ولايات السودان كان بمثابة ديوان زكاة متحرك، فقد كان يفتح منزله ومطمورته للفقراء. ويقول سيف الدين ان المزارع الآن تحول الى فقير يبحث عن الزكاة مثل غيره من الفقراء، وبدا هاشم متحسراً على تلاشي الكثير من القيم والموروثات التي كانت تميز المجتمع السوداني الذي قال إنه اكتسب خصوصيته بسبب الصفات الجميلة التي كانت تميزه، ومنها إعلاء قيمة التكافل.
الصحافة
عندما كنا صغاراٌ كنا نلعب كل انواع اللعب المباح في ساحة المطامير وكنا نحدد المواقع باصحاب المطامير .. مطمورة حاج مصطفي كانت طرفاُ ومطمورة حاج الامين في النص اما مطمورة حاج احمد فهي بعيده شوية
وكنا نسمر في اطراف المطامير .. كل ذلك انتهي في قريتي الوادعة بالجزيرة
ولها من ايام
والله لقد عاصرت عصر المطمورة وكنت اظنها مجالاً للفخر والإعتزاز في حفظ المؤونة وتوفير الاستقلالية ولكن ادركت لاحقاً انها هي احد الاسباب في سؤ التغذية الملازم لأهلنا في الريف حيث يفقد العيش قيمته الغذائية تحت الارض لأكثر من سنة فيصبح نافداً يملأ البطن ولا يغذي الجسد……..
والله يا المطمورة كان زمان ليك مكانة كنا نلهو ونلعب فوق المطامير مع صخب المزامير فى الدرت وهو الوقت بعد حصاد العيش مباشرة حيث يكثر القصب والان شيد برج سوداتل وسور كبير على انقاضها يا ترى هل يعود دا الزمن لا اظن دالك
اما السويبة فهي اكثر فائدة في تخزين الذرة من المطمورة وهي شبيهة بالصوامع الحديثة حيث يجد فيها الذرة المخزن مجالاً للتنفس لأنه معرض للهواء الطلق وعادة ان الكمية المخزنة تكون قليلة وتستهلك بسرعة ولا يفعل فيها الزمن فعله بعكس المطمورة المعرضة لانعدام الهواء والتشبع بالرطوبة والعامل الوحيد المساعد في الحفاظ على الذرة هو حرارة الارض الثابتة في معظم الاحيان…..