تلاشت عروبتي.. ولكن لا اعاديهم

غادرت بلادي لأول مرة مكرهاً ..مثل كثير من ابناء جيلي علو او دنو في العرق او اللون كما ندعي ونصنف حالنا في مجتمع اقبح موروثاته البحث عن هذه الجوانب التي لا تستوى معها قيم واصول الانسانية.. نقدر كثيراً العروبة ويرجع هذا التقدير للقيم الإسلامية التي تسود مجتمعنا, واعتقد انه توجد فجوة كبيرة في التواصل السوداني العربي لأن كل العرب لا يعرفون عن السودان وشعبه سوى انهم برابرة يسكنون الغابات والاحراش علا او دنا عرقهم او لونهم.
نعم اغلبنا يجوب اصقاع الدول العربية بحثاً عن الارزاق او الشعائر الدينية ,ويبقى التواصل مزروع في دواخلنا بخط وهمي ليس له في الواقع من الطرف الآخر إلا علواً وتكبراً وترفع باللون والعرق ودرجة النقاءه حتي داخل مجتمعاتهم.
هاجرت لمصر قبل زمن ليس بالقصير وحملت متاعي وزادي ولم يساورني ادنى شك بأني غريب فأنا عربي! وفي كل مرة امسح علي شاربي وانتظر لحظة الوصول إلي اهلي وعشيرتي في العروبة في بوابتها الاقرب لنا هي ام الدنيا..!
اول نداء سمعته نادوني بلوني وانا في صف تأشيرة الدخول.. يا سمارة ورأيت انه نداء غير مستنكر بين جميع الاطراف.. وقفت قليلا ثم تلاشى الإسم واصبحت متصالح مع هذا الإسم الجديد “سمارة”
عملت في مهن كثيرة هامشية لكي لا امد يدي او احتاج لأحد ومن بينها عملت في شارع عبد العزيز وما ادراك ما شارع عبد العزيز حيث تجارة وصيانة الهواتف المحمولة.
في صباح يوم جئت باكراً لأجد مكاناً في الرصيف لأعرض بضاعتي من الهواتف”الموبايلات” المستعملة, فوقف رجل بجانبه امين شرطة امامي واشار للشرطي.. اهو يا بيه.. ولم يمهلني الامين فسارع واخذ كل بضاعتي واحكم قبضته في قميصي من الخلف بدأت إسأل عن السبب حتي وصل بي إلي قسم شرطة الموسكي الذي يبعد عشرات الامتار من الشارع.. عرفت من حديث الرجل ان احد السود ..! وقالها هكذا باع له تلفون بايظ.. فأنكرت ذلك لثقتي بأني لم ابيعه ما يتحدث عنه, وكان يوجد في الشارع عدد من الاسوانيين سمر البشرة..
بدأت ادافع عن موقفي بشدة وقلت له يوجد في الشارع باعة كثر سمر البشرة فعليك ان تبحث عن الذي باعك هذا التلفون..
الامينِ: يا روح امك كلكم عبيد شبه بعض لو ما إنت يبقي اخوك وح تدفع ثمنه..
في هذه اللحظة دخل نقيب شرطة تبدو عليه الثقة في النفس .. فسأل : سمارة دا مالو يا جدعان..؟
قام الامين بشرح الموقف كما قصه الرجل صاحب التلفون البايظ..
النقيب سأل الرجل هل إستلمت التلفون من يد هذا الرجل وسلمته الفلوس في يده..؟
بدأ الرجل يرتبك في الحديث وعندما لم يفلح في إقناع النقيب قال له: هذا الرجل شتمني وشتم مصر يا بيه بلفظ قبيح..
النقيب.. هل شتمت الرجل ومصر بلفظ قبيح..؟
ضحكت طويلاً وقلت لا..
النقيب: بماذا شتمك انت ومصر..؟
الرجل: قال لي يا بيه ..تييييييت امك وتيييييت مصر..
النقيب: تيييت امك وتييييت مصر وتييييت السودان كمان.. اي خدمة يا بيه..
النقيب: امشي يا سمارة شوف اكل عيشك وإنتهي الامر هكذا..
لوننا الاسود مصدر فخر وإعزاز يجب ان نفاخر به وجزورنا العريقة الضاربة في التاريخ عتاقة اكسبتنا لون كطين امنا افريقيا..
للذي لا يعرف والمفارقة العجيبة ان 80 ثمانين بالمائة من العرب في العالم يتواجدون في افريقيا ويتناسون ان هذه القارة هي سمراء سوداء وان كلمة عربي عند الاتراك تعني الأسود..
معاً لنعلي قيم قوميتنا السودانية الاصيلة النابعة من قلب افريقيا التي هي مصدر قوتنا وفخرنا وعزنا..
حلبي .. نوباوي.. دارفوري.. ادروبي.. شمالي.. فونجاوي.. كردفاني..جلابي..
انت سوداني فقط ولا ينظر لك الآخرين غير انك سوداني اسمراني اسوداني بربراوي.. علوت او دنوت..
قوموا إلي قوميتكم يرحمكم الله.
القصة ليست للتهكم علي الإخوة المصريين بل لتسليط الضوء علي واقع نعيشه ..
خليل محمد سليمان
[email][email protected][/email]
احييك اخي سليمان على هذا المقال الفاضح للحقيقة التي يهرب منها كثير من سودانيينا . معظمنا واجه الذي واجهته انت سواء في مصر او السعودية او الاردن او لبنان …أو أي بلد عربي وان كان افريقيا مثل مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وحتى موريتانيا . فقد شتم اهل موريتانيا سفيرنا الشاعر عبدالله الازرق الذي تغزل في وزيرتهم الناها ووصفوه بالعبد . لكن اين المفر من الذين يتمسحون بالعروبة والعرب منهم يفرون كالفرار من المجزوم . اذا اردنا العزة والكرامة فهي في الاعتراف بافريقيتنا واحترامها مع بعض دماءنا العربية وعدم اللهث وراء العرب . وان تطور انفسنا اقتصاديا وعمرانيا وعلميا و(ماديا بمال كثير) وسترى في ذلك اليوم كمية الاحترام التي سيغرقنا بها العرب وخصوصا المصريين لا لسواد عيونا او بشرتنا ولكن بسبب كثرة مالنا . حتى ذلك اليوم فلندخل في تحدى حقيقي مع ذاتنا ونحترم بعضنا بعضا .
احييك اخي سليمان على هذا المقال الفاضح للحقيقة التي يهرب منها كثير من سودانيينا . معظمنا واجه الذي واجهته انت سواء في مصر او السعودية او الاردن او لبنان …أو أي بلد عربي وان كان افريقيا مثل مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وحتى موريتانيا . فقد شتم اهل موريتانيا سفيرنا الشاعر عبدالله الازرق الذي تغزل في وزيرتهم الناها ووصفوه بالعبد . لكن اين المفر من الذين يتمسحون بالعروبة والعرب منهم يفرون كالفرار من المجزوم . اذا اردنا العزة والكرامة فهي في الاعتراف بافريقيتنا واحترامها مع بعض دماءنا العربية وعدم اللهث وراء العرب . وان تطور انفسنا اقتصاديا وعمرانيا وعلميا و(ماديا بمال كثير) وسترى في ذلك اليوم كمية الاحترام التي سيغرقنا بها العرب وخصوصا المصريين لا لسواد عيونا او بشرتنا ولكن بسبب كثرة مالنا . حتى ذلك اليوم فلندخل في تحدى حقيقي مع ذاتنا ونحترم بعضنا بعضا .