بنعرف نحلم يا استاذنا عثمان ميرغني، لكن.!!(1/2)

بسم الله الرحمن الرحيم

ب/ نبيل حامد حسن بشير
جامعة الجزيرة

جاء بعمود الباشمهندس/ عثمان ميرغني اليومي بتاريخ 26/8/2015م بأننا (شعب لا يعرف كيف يحلم)!!! يعني، كما قال حرفيا، عندنا هشاشة بل أنيميا في الأحلام، وأن أحلامنا بسيطة وصغيرة (عشة صغيرة كفاية علينا)!!! طلباتنا وطموحنا صغير وبسيط.. نحن في حاجة ماسة (لنتعلم) الأحلام الكبيرة.. وعليها يجب أن (نحاسب من يحكموننا).. لماذا لا تكون لنا طموحات وتصبح كل مدينة وقرية ببلادنا مثل دبي. ماذا ينقصنا حتى نحقق أحلامنا؟ وضرب مثلا بدول فقيرة جدا لكنها أنجزت، وكل مدنها وقراها وخدماتها جميلة وكافية. قال الباشمهندس: “تعالوا نحلم أحلام كبيرة”!!!
والله يا باشمهندس نحن كشعب نحلم بأشياء كثيرة وكبيره وعظيمة عظمة السودان، وليست مستعصية علي شعب صاحب تاريخ يغوص في أعماق الحضارات، بل مؤسس لها، بل يقال أن البشرية وتاريخها بدأ من هنا (من عندينا قبل 350 الف سنة!!). علمنا البشرية كل شيء من الناحية الاجتماعية والثقافية والزراعية والصناعية والطبية والهندسية واستخلاص المعادن، وقبل كل شيء الكتابة. بل يقال أن اغلب الأنبياء كان مسقط رأسهم ببلادنا هذه، وعلي ضفاف نيلنا العظيم، وخرجت بقية الشعوب من هذه البقعة الطاهرة قبل 10 ألاف عام الي بقية القارات، ومنها أيضا عادت بعض القبائل مرة أخرى الي منبعها الأصلي، وهو السودان القديم.
أما بالنسبة لحكامنا،جيلنا نحن عاصر فترة قصيرة من الاستعمار البريطاني (الحكم الثنائي)، والاستقلال، والديموقراطية الأولي، وحكومة نوفمبر، والديموقراطية الثانية، وحكومة مايو، والديموقراطية الثالثة و الآن نكتوي بحكم من يدعون بأنهم سياسيون، ولا يعرفون عن السياسة شيء(قاطعنها من راسهم) ، ويدعون أنهم جاءوا لإنقاذنا لا نعرف مما يريدون انقاذنا، والآن نبحث عن طريقة أو (نحلم) بها لتنقذنا منهم. كل حكامنا هؤلاء لم يرتقوا لمستوى أحلامنا.
المستعمر البريطاني طوال فترة حكمه كان يفكر (بالإنابة) عن الشعب ويحاول أن يهيئ بيئة تصلح لتكوين دولة متحضرة أو معاصرة بقدر الامكان على حسن رأيه وفكره وثقافته، وبدأ بالعمل التخطيطي ببعض المدن مثل العاصمة المثلثة ومدني وكوستي وسنار والأبيض والقضارف وكسلا وبورتسودان وعطبرة وحلفا القديمة، والغريبة كلها كانت نسخ متشابهة في كل شيء. قام بتأسيس الطرق الداخلية والمصارف الخريفية (موجودة حتى الآن)، مكاتب الحكومة، والمستشفيات المدارس (كتاب، وسطى، ثانوي عالي) كلية غردون، ميناء بورتسودان، ميناء حلفا، مطار الخرطوم وبعض المطارات الأخرى، الخطوط الجوية السودانية (أول خطوط طيران افريقية)، السكك الحديدية، النقل النهري، النقل الميكانيكي، كبانية الكهرباء، الترام، الماء، التليفونات، ثم المشاريع الزراعية مثل الزيداب، طوكر، والجزيرة. أرسل مبعوثين الي انجلترا للاستزادة من العلم والتخصص. رغما عن ذلك لم نصل الي مستوى مصر أو سوريا أو لبنان ، ولن نصل اليه قريبا، لكن كانت خطوات جادة للأمام، وأقل من طموحاتنا.
بماذا كان يحلم شعبنا طوال فترة الاستعمار؟ كان يحلم بالاستقلال وسودنة كل الحكم. لا توجد مشكلة قفة ملاح، ولا صحة ولا تعليم لمن أراد أن يتعلم. كل المدن والقري متساوية في الخدمات واحتياجات المواطن البسيط (خالص). الخير باسط، لكن لابد من الاستقلال (حلم وهدف مشروع).
تم الاستقلال، جاءت حكومات الديموقراطية الأولى التي كان من المفترض أن تبدأ أولى خطوات (أحلامنا) كشعب يملك كل شيء والآن أصبح يملك ارادته بعد خروج المستعمر. لكنها شغلت بأمور السودنة ومشكلة الجنوب التي بدأت قبل الاستقلال بثلاث سنوات. ظهرت الخلافات الحزبية وتم تسليم الحكم للفريق عبود في 17 نوفمبر 1958م، ولم تنجز الديموقراطية الأولي أية انجازات (احلام) خلال 35 شهر تولت فيها الحكم.
نظام نوفمبر ركز علي شيئين: التنمية والجنوب. الأولى جزء من أحلامنا، والأخيرة هي التي قصمت ظهره وعصفت به بعد 6 سنوات. شجع النظام الصناعات، أقام بعض الطرق الداخلية وطريق مدني الخرطوم، أضاف لمشروع الجزيرة كل أقسام المناقل، وأسس الخطوط البحرية ومصنع سكر الجنيد وبعض مصانع الغزل والنسيج والصناعات الصغيرة المهمة، ودعم السكك الحديدية بقوة. من انجازاته (المتفردة ) والتي لم تقم بها أي حكومة أخرى (الصرف الصحي) ببحري والخرطوم وأم درمان. كما قام بتأسيس امتداد العمارات الحالي بدرجتيه الأولى والثانية بالخرطوم، مع تأسيس كل الخدمات من أسقلت وكهرباء ومياه ومدارس ونقاط شرطة قبل أن يقوم أصحاب القطع السكنية بالبناء، وهو فكر متقدم جدا يطبق في كل دول العالم المتقدم حاليا. حتى نهاية حكم نوفمبر لم نكن نعرف أو نسمع شيء عن الفساد أو المفسدين سواء من حكام الديموقراطية الأولى أو حكم نوفمبر. بل كان الجنيه السوداني يعادل 3.3 دولار، والرئيس عبود شخصيا لم يتقدم لنيل قطعة أرض بأي منطقة من مناطق السودان وخططها الاسكانية، ونالت زوجته رحمها الله قطعة (بالدرجة الثانية)، علي ما أعتقد شارع 45، وهو منزل الأسرة الحالي!!! عواصم الولايات وجدت حظها من الخدمات والتطوير مثل الأبيض وكوستي والدمازين ، وأسست حلفا الجديدة وخشم القربة وقام مشروع حلفا الجديدة، لكن كان هذا الأخير على حسابنا نحن النوبيين مع حسرتنا على اختفاء عاصمتنا الحضارية حلفا الفديمة أجمل وأنظف المدن السودانية في ذلك الزمان.
سقط نظام نوفمبر وكلنا يعرف كيف ولماذا، وجاءت الديموقراطية الثانية التي انشغلت بالجنوب والعمل الحزبي والمكايدات الحزبية ولم تضف شيئا سوى دستور جديد. أما اجتماعيا واقتصاديا فلم تساهم بشيء ملموس الى أن جاءت مايو في الخامس والعشرين منه في العام 1969م، أي أنها استمرت 41 شهرا فقط).
سيطرت مايو على كل شيء(حتى على أحلامنا). علقت الدستور، الغت الأحزاب، أممت أكبر الأنشطة الاقتصادية، خرج من البلاد كل التجار وأصحاب رأس المال الأجانب من هنود واغريق وايطاليين وشوام، الذين كانوا من أهم تروس عجلة الاقتصاد السوداني، وكانت لهم أحلامهم الكبيرة جدا والتي كانت من الممكن أن تجعل من السودان دولة متقدمة تكنولوجيا واقتصاديا..الخ. أما عن الأحلام فكانت أحلام مايو ليست أحلام كل الشعب السوداني، وأولويات قادة مايو وقادة الاتحاد الاشتراكي فيما بعد. نعم قدمت مايو الكثير مقارنة بمن سبقوها، لكن أقل من طموحاتنا بكثير، بل عطلت الكثير من أحلامنا نتيجة الدوران في فلك (الاشتراكية)، ثم تغييره الي فلك المعسكر الغربي، ثم في نهايتها في فلك الاسلاميين الذين دمروها من الداخل فتحللت وجاءت ثورة ابريل الشعبية وقضت على تلك الحقبة بخيرها وشرها. عليه نستطيع أن نقول أن مايو عطلت أحلامنا الحقيقية كشعب لفترة امتدت الى 16 عاما.
جاءت الديموقراطية الثالثة (6 ابريل 1984 ? 30/6/1989م، أي 50 شهرا). حفلت تلك الفترة بإعادة تأسيس الأحزاب، واعادة هيكلة الدولة، ومحاولات التواصل مع الحركة الشعبية واعادتها الي العمل سويا لحل قضية الجنوب/السودان..الخ. لم تنجز هذه الفترة أية انجازات محسوسة على كل المستويات فكانت بمثابة دعوة مفتوحة للجميع أن يجربوا حظهم بالانقلاب عليها؟ كان يطلق على السودان (رجل افريقيا المريض). نجح تخطيط الجبهة الاسلامية وتسلمت السلطة عنوة وبدأت في تحقيق (أحلام الاسلاميين فقط)، متناسين أن هنالك شعب له طموحات أكبر بكثير من مقدرات وطموحات هذه المجموعة التي لم يتطور فكرها وفهمها عن ما كانت عليه (كاتحادات طلابية) بجامعة الخرطوم. فهل يمكن لمثل هذه النوعية أن تحقق أحلام شعب يرى أنه الأحق والأجدر بقيادة منطقته الافريقية والعربية والاسلامية.
بماذا كنا نحلم بعد تخرجنا من الجامعات؟ وما هي أحلامنا الآن؟ هذا ما سنكتب عنه في الحلقة الثانية ان شاءالله. أللهم نسألك اللطف (آمين).
نعي اليم
ننعي ببالغ الحزن والأسى فقيدنا بجامعة الجزيرة وفقيد العلم البروفيسر/ يوسف قمر، أستاذ الكيمياء الأحيائية، وأحد مؤسسي الجامعة، العميد الأول للكلية الاعدادية وأول عميد ومؤسس كلية الصيدلة. ننعيه أساتذة وطلابا لعلمه الغزير وخلقه الرفيع وابتسامته التي لا تفارقه، وحبه وأبوته واحترامه للجميع واسلوبه الاداري الرفيع. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته والهمنا جميعا وأسرته المكلومة الصبر والسلوان.

تعليق واحد

  1. نحنه دايمن عندنا حلم منقيف منتظرنوا زمن!!!!اسه منحلم نايمين وصاحين!!!!!!!!! نخلص من الانقاذ عشان نشوف حظنا!في باقي العمر!!!!!!!!!!!!!

  2. وبدون تكسير ثلج حقيقة ما قال عثمان هو الواقع في السودانين لاونعرف نحلم واحلامن صغيرة , اما ما ذكرته يا استاذ عن خصايل السودانينين وووووالخ فكله كلام غير صحيح بدليل فاقد الشئ لا يعطيه وقال الخليفة عمر رضي الله عنه اذا استغضب شخص ولم يعضب فهو حمار فقس علي ذلك كم من المرات والحكومات استغطبت الشعب السوداني ولم يغضب

  3. هناك فرق بين الحلم و الطموح.
    الحلم يدخل ضمن الأعراض المرضية الهروبية كما يقول علم النفس (حلم الجعان عيش). اي يمارس الإنسان الهروب من واقعه الذي يعيشه إلي عالم متخيل و طوباوي. و الأحلام تعني الأماني,اي يتمني الإنسان أن يصبح كذا و كذا.لكن الأماني هي رأس أموال المفاليس كما تقول العرب.
    أما الطموح فهو شئي مقبول أن يطمح الإنسان إلي تحقيق هدف سام في حياته ليعيش سعيدآ.قيل أن نابليون القائد الفرنسي كان يستلقي علي سريره ذات ليلة مقمرة و يرنو ببصره إلي السماء.سألوه :قال أنه يطمح إلي غزو الفضاء بعد أن غزا الأرض و إستعمرها!.
    هل نحن شعب طموح يسعي إلي المعالي أم أننا شعب يحلم مثل ظلوط و لا يعمل؟

  4. سيدي البروف المحترم :
    هل انت جاد فيما ذكرته بالسطور ( الثامن وحتى الخامس عشر ) من المقال ، اذا كان ذلك كذلك ، فانا لله وانا اليه راجعون ،،، واتمنى ان تكون ( بتمزح ) سيدي المحترم !

  5. نحنه دايمن عندنا حلم منقيف منتظرنوا زمن!!!!اسه منحلم نايمين وصاحين!!!!!!!!! نخلص من الانقاذ عشان نشوف حظنا!في باقي العمر!!!!!!!!!!!!!

  6. وبدون تكسير ثلج حقيقة ما قال عثمان هو الواقع في السودانين لاونعرف نحلم واحلامن صغيرة , اما ما ذكرته يا استاذ عن خصايل السودانينين وووووالخ فكله كلام غير صحيح بدليل فاقد الشئ لا يعطيه وقال الخليفة عمر رضي الله عنه اذا استغضب شخص ولم يعضب فهو حمار فقس علي ذلك كم من المرات والحكومات استغطبت الشعب السوداني ولم يغضب

  7. هناك فرق بين الحلم و الطموح.
    الحلم يدخل ضمن الأعراض المرضية الهروبية كما يقول علم النفس (حلم الجعان عيش). اي يمارس الإنسان الهروب من واقعه الذي يعيشه إلي عالم متخيل و طوباوي. و الأحلام تعني الأماني,اي يتمني الإنسان أن يصبح كذا و كذا.لكن الأماني هي رأس أموال المفاليس كما تقول العرب.
    أما الطموح فهو شئي مقبول أن يطمح الإنسان إلي تحقيق هدف سام في حياته ليعيش سعيدآ.قيل أن نابليون القائد الفرنسي كان يستلقي علي سريره ذات ليلة مقمرة و يرنو ببصره إلي السماء.سألوه :قال أنه يطمح إلي غزو الفضاء بعد أن غزا الأرض و إستعمرها!.
    هل نحن شعب طموح يسعي إلي المعالي أم أننا شعب يحلم مثل ظلوط و لا يعمل؟

  8. سيدي البروف المحترم :
    هل انت جاد فيما ذكرته بالسطور ( الثامن وحتى الخامس عشر ) من المقال ، اذا كان ذلك كذلك ، فانا لله وانا اليه راجعون ،،، واتمنى ان تكون ( بتمزح ) سيدي المحترم !

  9. كيف يمكننا إقناع هذا الشخص (عثمان ميرغني) بأن قامته سواء الفكرية أو السياسية أو قامته الجسمانية لا تسمح له بالقفز هكذا في الظلام بالسعي لإنشاء حزب؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..