ولاية تبحث عن “مشروع”

عن اي حكومة الكترونية يتحدث السيد والي النيل الازرق ..كيف لحكومة وبكامل عقلها تتحدث عن الحداثة والتطور الالكتروني في مؤسساتها ورعاياها جياع ونازحيها يقتاتون من اوراق الاشجار والتعليم فيها تتقاصر هامته بسبب الفقر وضيق ذات اليد الحكومية ؟ اليس من الاجدي لحكومة النيل الازرق ان تتعامل بالمنطق وواقع الحال وتنكفي علي ذاتها وتمارس فضيلة الاعتراف الجهير بحقيقة احزانها والامها وازماتها ؟ اسوا ما في بلاد الانقسنا والنيل الازرق ان الحرب هناك اهلكت الحرث والضرع واحالت اخضرها الي جفاف ويباب .
فهي اذن ولاية خرجت لتوها من عتمة الخنادق ودخان الحرب مثقلة بجراحاتها شعثاء غبراء منهكة تبحث اطرافها وريفها في عناء ومشقة لاشباع بطونها الجائعة ..صحيح ان الحرب غير المبررة التي قادتها مجموعة خارجة عن طوع القبيلة والاهل والدولة احرقت كل شي وعطلت الحياة هناك بل اجهضت كل الافكار “الخضراء” والامال العريضة لمواطني النيل الازرق ,لكن كان من اوجب واجبات حكومة الوالي حسين ياسين ان يوجه كل قدرات وامكانيات ولايته ويستخدم كذلك كل عبقرياته في تحقيق الامن الغذائي لمواطنيه لان تغذية البطون في مثل هذه الحالات يجب ان تتقدم علي تغذية العقول ,فكيف اذن لجائع ان يفكر في صناعة حكومة الكترونية ؟ وقبل ان يكون ماطرحته حكومة النيل الازرق بوقف المعاملات الورقية مجرد شعار بلا محتوي او معطيات حقيقية نطالبه اولا ببكل المبررات والمطلوبات والمعينات التي تحقق ما نطمح اليه حكومة النيل الازرق لبناء حكومة الكترونية مثلا ( ماهي نسبة الامية بالولاية , وما هو المتاح من اجهزة ومعدات الكترونية وبنيات تحتية وكادر بشري مدرب يمكنة ان يمزق كل الاوراق التي كان يتعامل بها حال توفر مطلوبات الحكومة الالكترونية ؟
كنا نظن ونتوقع ان تشرع حكومة حسين ياسين في استنفار ذاتها وتحشد كامل ارادتها في رسم خارطة طريق او استراتيجية تخرج الولاية من واقع ما بعد الحرب الي اجواء السلام وبناء المشروعات المدنية والخدمية والتنموية حتي تتعايش مع الوضع الجديد فهي كما يبدو ولاية لازالت تنام وتصحو علي انقاض الحرب فما الذي قدمته حكومة النيل الازرق بل ما الذي قدمته الحكومة المركزية لانسان الولاية فيما يلي مشروعات الصحة والمياه والكهرباء والطرق والتعليم ؟ وقبل كل هذا فان الحاجة بولاية النيل الازرق تظل ضرورية وملحة لمشروع دعوي وثقافي واجتماعي يمتص كل اثار الحرب ويصحح العديد من المفاهيم والعادات والمعتقدات الدينية .
نهضة “ايلا”..هل يجهضونها ؟
ولان الجزيرة مهجورة ومأذومة ومشروعها الزراعي (العحوز) لازال يسبح في مستنقعه الآسن ..والعابرين كذلك من الجزيرة او الذاهبين اليها يحملون اكفانهم علي اكتافهم لان الطريق الذي لا بديل له في تسفارهم فهو كل يوم ينتج لهم احزانا ومآسي وينثر الجثث علي جنباته .. ولكن السيد ايلا يحدثهم الان عن الحل لهذه الاحزان ببيديل قادم هو الطريق الغربي الموازي لطريق (مدني /الخرطوم) والبشري تقول ان هذا الطريق سيبدا العمل فيه قبل ان تنتهي الايام المتبقية من هذا العام .
تلك هي امهات القضايا والمشاكل التي استنزفت ولاية الجزيرة واحرقت اخضرها ويابسها لكن السيد “الوالي” يحاول الان ايقاد الشموع وتحريك البرك الساكنة ورسم البسمة في ارض “المحنة” وانتاج واقع جديد وسلاحه في ذلك ارادة غالبة وهمة وعزيمة ورؤية وجدية لانفاذ حزمة من المشروعات الملحة والضرورية لانسان الجزيرة فالسيد والي الجزيرة افلح بالامس في ان يجتذب لولايته ملياري جنيه من اتحاد اصحاب العمل دعما للبنيات التحتية فاصحاب العمل هم في الاساس تجار يتعاملون بمبدأ الربح والخسارة لا يغامرون باموالهم ويتحاشون دائما مناطق التوترات والنزاعات واللا امن والذين جلسوا مع والي الجزيرة فيهم راسمالية قديمة هجرت الجزيرة في سنوات القحط والجفاف والتضييق والانهيارات الكبيرة في الصناعات والزراعة والتجارة لكن الان تبدل الحاكم وتبدلت الرؤية والسياسات والمناخات فتوفرت عوامل جزب جديدة كما تبدلت القناعات بشك واضح .
واكثر ما يبعث بالتفاؤل والامل تلك البشري التي يرددها السيد ايلا في خطبه و مخاطباته بعيدا عن (العك او المساجلات السياسية) فقد اكدت تجربة الثلاثة اشهر الماضية ان ايلا يريد ان يعمل ويريد ان يضع بصمته في واقع الحياة هناك . ولكن يجب عليه ان يكون حذرا و يتوقع ان تواجه نهضته هذه كل القبول والاستحسان فهناك من يحاولون (تسميم) الاجواء ونثر العراقيل في سكة الرجل بغية تعطيله واجهاض مشروعه التهضوي الذي ابتدره بحزمة مشروعات البني التحتية .
وقد ذكرنا سابقا ان السيد ايلا ربما هو اخر الكروت لاخراج الجزيرة من ازماتها واحباطاتها فالجزيرة ظلت وبالاخص في السنوات الاخيرة تحظي باهتمام كبير من الصحافة المحلية .ولهذا فان الجزيرة تهمنا كثيرا من منطلق كونها ولاية ذات بعد قومي ووطني اي خلل او انهيار فيها سيكون له تاثيرات واسقاطات سالبة علي المستوي القومي فهي في ظن الكثيرين ولاية استراتيجية من منظور اقتصادي وثقافي واجتماعي وامني . وكثيرون الان من اهل الجزيرة وغيرها طالبونا بان نقف مع هذه الحكومة بالجزيرة وقطعا سنلبي هذه الدعوة بالنصح وبالمتابعات وكشف الحقائق وتوضيحها للراي العام ومساندة كل ما من شانه يزيل الفقر والبؤس والشقاء من اهل الجزيرة ويفتح امامهم فرصا ومشروعات جديدة للتوظيف وسوف نتصدي لكل من يحاول تعطيل هذه المشروعات لمصالح ذاتية او سياسية او حزبية ضيقة وسنقف معه بالحق لا بالباطل ..وسنقول للرجل اذا احسن احسنت واذا اساء اسات ولكن الذي نشعر به الان ومن خلال متابعتنا عبر المجالس الخاصة هنا وهناك ان خيوط “المؤامرة” بدأت تتشكل , والمتربصين يبحثون عن الثغرات .
جنون الطماطم ..!
معقولة يا الطماط ..مليون جنيه للكرتونة ؟ لا ندري والله كيف لبلد زراعي تتوفر فيه التربة والمياه والمناخات والايدي العامة لكنه يفشل في ان يوفر الحد الادني من ضروريات الاستهلاك اليومي من الخضروات وبالاخص الطماطم ..فقد ظل هذا المنتج الزراعي يمارس جنونه وانفلاتاته المشروعة وغير المشروعة ولم يجد هذا المنتج ما يلجمه من جنونه ولم تفلح الحكومة حتي الان في تبني سياسة او اتخاذ قرار يحد من انفلات السعر للطماطم لكن يبدو ان المضاربات وسماسرة الاسواق هم الذي ضاعفوا من ارتفاع الاسعارفي ظل الرقابة الغائبة فالطماطم كغيرها من السلع والمحاصيل الاستراتيجية لكل اسرة سودانية لا يجب التفريط فيها فهي دائما ما تكون الملجا او البديل لكل اسرة حينما تفشل ميزانياتها في شراء اللحوم . والان كثير من الاسر قطعت علاقتها تماما مع الطماطم رغم ان هذه الطماطم ظلت منذ ان عرفناها هي الحاضر الدائم في (قفة الملاح) .ليس هناك مشكلة في انتاج الطماطم ولكن مشكلتنا دائما في ضعف الارادة وفشل السياسات الزراعية .
مأساة الكريمت ..!
اكثر من 40 الف نسمة بمنطقة الكريمت العركيين بمحلية المناقل يواجهون واقعا مأساويا بسبب العطش ..الازمة التي تطاولت سنواتها دون حلول .. وكل محاولات البحث عن جرعة ماء باءت بالفشل حيث لا سلطة ولا محلية ولا وحكومة نرجوها كلهم فشلوا في ان يخرجوا مواطني الكريمت من حالة العطش (المستوطن)..وكل الذي افلحت فيه جهود الجهات الرسمية مجرد (حفير) بلا معايير لا تصلح حتي للاستخدام الحيواني ..وكل الامراض هنا تتسرب الي احشاء المواطنين مباشرة بلا رقيب او بلا معالجات وحتي الاطفال حديثي الولادة يعانون الان من الاسهالات والنزلات المعوية بسبب المياه الملوثة التي تجود بها هذه (الحفير) .
الايام الثلاثة الماضية تفاقمت الازمة فخرجت المنطقة وعبر شبابها يطرفون كل ابواب الحكومة يبحثون عن معالجات لهذه الازمة اما ادارة المياه بالمحلية فقد مارست كل اساليب الخداع والهروب وفشلت تماما في ان تاتي بحل حتي ولو كان اسعافيا لهؤلاء المواطنين رغم ان هذه الادارة تتلقي من المواطنيين اموالا يسيل لها اللعاب ولكنها لا تعطي شيئا . وكل الذي تم بالكريمت من محاولات كان مبعثه الجهد الشعبي حيث لا سلطان ولا حكومة ولا راعي يعطي الرعية حقوقها وهذه رسالة موجعة نبعث بها للسيد والي الجزيرة عبر معتمد المناقل عشما في اي تحرك ينهي هذه المعاناة