المسئولية التقصيرية لمشغل المنشأة النووية ‏

المسئولية التقصيرية لمشغل المنشأة النووية
‏(على ضوء بروتوكول 1997 المعدل لاتفاقية فينا لسنة 1963)‏

‏ تمثل القوة النووية نقلة كبيرة سواء على النطاق الاقتصادي أو السياسي أو الأمني ، وبعيد ‏انتهاء الحرب العالمية الثانية ثم نهاية الحرب الباردة كحقبتين هامتين أظهرتا القوة النووية ‏وخطورتها على البشرية ، فإن العالم قد بدل نظرته تجاهها من كونها أداة حرب إلى كونها ‏وسيلة للاستخدامات السلمية ، ومن أهم استخداماتها ؛ إنتاج الطاقة .‏
وفي ظل ارتفاع أسعار النفط ، ظهرت الطاقة النووية كطاقة بديلة ؛ إلا أنها في نفس الوقت لم ‏تخل من خطورة لا نجدها في بدائل الطاقة الأخرى ، ومنذ أن بدأت عمليات التحول إلى ‏الطاقة النووية وحتى اليوم ، تكاثرت الحوادث النووية ألتي أفضت إلى إزهاق الأرواح أو إحداث ‏الجروح والتشوهات وتدمير الممتلكات ، فوق هذا وذاك تدمير بيئة كوكبنا نفسه ، مما استدعى ‏من المجتمع الدولي أن يجتمع على إبرام اتفاقية فيينا بشأن المسئولية المدنية عن الأضرار ‏النووية والتي بدأ نفاذها في 12 فبراير 1963 ، ثم لتعدل بعد ذلك في عام 1997. وتعتمد ‏قواعد التعويض عن الأضرار الناشئة عن الحوادث النووية على مبادئ المسئولية التقصيرية ‏وليس العقدية ، وإن لم يكن بإمكاننا الجزم بأنها اتبعت في ذلك مذهب المسئولية التقصيرية ‏الموضوعية أم الشخصية أم خليط منهما ، رغم أن المادة الرابعة (1) قد نصت على أن ‏مسئولية المشغل مسئولية مطلقة ، وهي ترجمة لكلمة ‏strict liability ‎‏ ويرى البعض أنها ‏تختلف عن المسئولية المطلقة لترجمة ‏absolute liability‏ ، غير أننا نرى أن المسئولية ‏المطلقة في الحالتين ليست سوى إختلافاً بين الإستخدامين الأمريكي والبريطاني ، خاصة أن ‏هذه المسئولية إنما ظهرت في القانون الجنائي قبل القانون المدني ، وانتقلت إلى أحكام ‏المسئولية التقصيرية ، فالمسئولية المطلقة مدنياً تعني تلك التي تنهض على الضرر وليس ‏الخطأ وهو نفس المضمون الذي أطلق عليه الفقه اللاتيني المسئولية الموضوعية.‏
ووفقاً لهذه المسئولية فإن كل عمل يحدث ضرراً للغير يلزم من اقترفه بالتعويض (الغرم بالغنم) ‏، مادام قد انتفع من هذا الفعل.‏
ويلاحظ ?بداءة- أن الإتفاقية قد ألقت على كاهل المشغل (أي مشغل المنشأة النووية) كل ‏العبء ، فهو ?كقاعدة عامة- مسئول مسئولية مطلقة عن أي ضرر يلحق بالغير جراء حادثة ‏نووية من منشأته . ثم لتورد الإتفاقية بعض القيود على هذه المسئولية لتلطف من حدتها. ‏
ويهمنا في هذا الصدد أن نبين بديهيات المسئولية التقصيرية ، فالمسئولية التقصيرية هي ‏مسئولية ?غير تعاقدية- أي أن المسئول عن الضرر لا يوجد بينه وبين المضرور علاقة ‏تعاقدية ، أو أن علاقته التعاقدية لا دور لها في الضرر ، وإلا كانت المسئولية عقدية وليست ‏تقصيرية . كما أن المسئولية التقصيرية تنشأ دائماً كإخلال بإلتزام قانوني ؛ وهو بذل العناية ‏اللازمة في أي نشاط يقوم به الشخص (طبيعياً أو معنوياً ) تجنباً لإضرار نشاطه هذا ‏بالآخرين.‏
وللمسئولية التقصيرية ثلاثة أركان ؛ أولهم الخطأ ، وثانيهم الضرر ، وثالثهم علاقة السببية بين ‏الخطأ والضرر أي أن يكون الضرر قد نشأ بسبب الخطأ. ويتكون ركن الخطأ من عنصرين ؛ ‏أولهما التعدي وثانيهما الإدراك أي أن يكون من قام بالتعدي مدركاً له ، فلا عقاب على غير ‏المميز أو المجنون ….الخ
ووفقاً للمسئولية الصارمة (المطلقة) التي تقع على عاتق المشغل في الحوادث النووية ؛ فإنه لا ‏يشترط أن يتوفر عنصر الإدراك ، فمتى وقع الحادث النووي فإن المشغل يكون مسئولاً عن ‏أي أضرار تصيب الغير حتى ولو لم يكن هو من تسبب في هذا الحادث النووي ، كما لو كان ‏شخص ما قد دخل المنشأة النووية فأحدث بأجهزتها أضراراً تسببت بتسرب إشعاعات نووية ‏أفضت إلى مقتل أشخاص أبرياء . إلا أن الاتفاقية لم تجعل هذه المسئولية مطلقة دون قيود ، ‏حيث أنها استثنت ثلاث صور ؛ الصورة الاولى ما نصت عليه المادة الرابعة على أن المشغل ‏يستطيع أن يتحلل كليا أو جزئياً من الإلتزام بدفع تعويض -أي التحلل من المسئولية ‏التقصيرية – إذا ثبت أن من أصابه الضرر هو نفسه من أفضى بفعله إلى حدوث الحادث ‏النووي جراء إهماله الجسيم ، أو جراء عمل أو امتناع عن عمل بقصد إحداث الحادث النووي ‏، ومن ثم يشترط في حالة الإهمال أن يكون جسيماً ولم تبين الإتفاقية مدى الجسامة ، ومن ثم ‏فإن تحديدها يترك للسلطة التقديرية للقاضي وفق معيار الشخص المعتاد أي الشخص الذي من ‏ذات مهنة الشخص المهمل ومعرفته العلمية والفنية، فإذا لم يكن الإهمال جسيماً فإن ‏المسئولية تنعقد على عاتق المشغل ليدفع التعويض لمن وقع عليه الضرر . ومثال حالة ‏الإهمال الجسيم ، أن يدخل الشخص إلى المنشأة دون أن يرتدي السترة الواقية من الإشعاعات ‏النووية ، أو أن يقوم بتفجيرات أرضية في محيط المنشأة النووية فتؤدي إلى إحداث تشققات ‏بالمنشأة ينتج عنها ضرر شخصي له أو دمار ممتلكاته ، …الخ. وأما مثال التعمد فهو أن ‏تتجه إرادة الشخص إلى إحداث أضرار بالمنشأة النووية لإحداث الكارثة ، أياً كان دافعه لفعل ‏ذلك ، فإذا بالكارثة تقع عليه هو أيضاً فيتضرر منها. وفي كلتا الحالتين لا يجوز للمتسبب في ‏الحادثة أن يطالب بالتعويض ، غير أن المشغل سيكون مسئولاً عما يحيق من أضرار بغير ‏من تسبب في الضرر . فمسئوليته هنا مطلقة لا محل للتحلل منها. ولكنه يستطيع بعد دفع ‏التعويضات للمتضرر أن يرجع على من تسبب بالضرر ، مع ملاحظة أن هذا الرجوع لن ‏يكون ذا فائدة في أغلب الأحيان إلا إذا كان الفاعل مليئاً مالياً. كما لو أن من قام بالحفريات ‏شركة مقاولات ضخمة أو مثل هذا. والسبب في تحمل المشغل لهذه المسئولية ؛ أن عليه دائماً ‏التزاماً قانونياً ببذل العناية اللازمة بالحفاظ على المنشأة من أي اختراق أو إضرار ، ووقوع ‏الحادث ?ولو بسبب شخص آخر- يعني أنه قصر في حماية المنشأة النووية.‏
الصورة الثانية: حدوث الضرر بسبب حادثة نووية ناتجة مباشرة عن حرب أهلية أو نزاع مسلح ‏أو أعمال عدائية أو عصيان مسلح . ولم توضح المادة المقصود بالعمل العدائي ، لكننا نرى ‏أن العمل العدائي يشترط فيه أن يكون عملاً نظامياً بحيث يتجاوز العمل العدائي الفردي وإلا ‏دخل في نطاق الفقرة السابقة . كذلك نصت الإتفاقية على التحلل الكامل للمشغل من المسئولية ‏في حالة حدوث الحادث النووي نتيجة كارثة طبيعية خطيرة ذات طبيعة إستثنائية ، كالزلازل ‏وغيرها .‏
وهذان الاستثناءان يستندان إلى حالة الحادث الفجائي والقوة القاهرة ؛ ولهذين السببين شرطان ‏يجب توفرهما :‏
أولاً: عدم إمكان توقع الحادث الفجائي أو القوة القاهرة.‏
ثانياً: إستحالة دفع هذا الحادث أو تلك القوة القاهرة أو آثارهما.‏
الشرط الأول: عدم التوقع: فيشترط أن يكون الحادث الإستثنائي أو القوة القاهرة غير متوقعة ، ‏فإذا قامت شركة نووية بإنشاء محطة نووية في منطقة بها-مسبقاً- نزاعات مسلحة فلا يمكنها ‏أن تدفع بالحادث الفجائي لتتحلل من المسئولية ، كذلك إذا أعلنت إحدى الدول عن عزمها ‏على شن حرب على الدولة التي بها المنشأة النووية خلال مدة معينة ورغم ذلك استمر المشغل ‏في تشغيل المنشأة، فإن المشغل لا يستطيع التحلل من مسئوليته ، ونرى أنه يستطيع التحلل ‏إذا أثبت أنه رغم توقع الحرب إلا أن الجوانب الفنية لإخلاء المنشأة وتفكيكها تطلبت زمناً أكثر ‏مما يتيحه الوقت المتبقي لشن الحرب. كذلك إذا كانت المنشأة في منطقة معروفة بكثرة زلازلها ‏أو براكينها فلا يجوز للمشغل أن يتحلل من مسئوليته على أساس القوة القاهرة.‏

الشرط الثاني: أن يكون من المستحيل على مشغل المنشأة النووية أن يدفع الخطر : فإذا كان ‏بإمكانه ذلك ورغم ذلك تقاعس عن دفع الخطر فلا يجوز له أن يتمسك بالحادث المفاجئ أو ‏القوة القاهرة للتحلل من مسئوليته.‏
وتجيز الاتفاقية أن يتم الاتفاق على تحمل مشغل المنشأة المسئولية حتى في حالة حدوث القوة ‏القاهرة وهذا ما تجيزه أيضاً مبادئ القانون المدني.‏
غير أن الاتفاقية لم تشر إلى إجازة ذلك الاتفاق فيما يتعلق بالحادث المفاجئ ، ونرى أن ‏الاتفاقية ?بالتالي- قد تركت الأمر للقانون الداخلي لدولة المنشأة أي التي على أرضها قد تم ‏إنشاء المنشأة النووية.‏
إنتفاء الإلتزام بالتعويض:‏
وهما حالتان نصت عليهما المادة الرابعة :‏
الحالة الاولى: إذا وقع الضرر على المنشأة نفسها.‏
الحالة الثانية: أن يقع الضرر بوسائل النقل التي تنقل المواد النووية .‏
وذلك لأن هناك احتمالان لكل حالة لا ثالث لهما ؛ الاحتمال الأول أن تكون المنشأة مملوكة ‏للمشغل أو ?الاحتمال الثاني- أنها تحت إدارته ، وأن المادة النووية المنقولة تحت مسئوليته ‏أو ?الاحتمال الثاني- أنها تحت مسئولية الناقل. وهذا يعني أن المنشأة إن لم تكن مملوكة ‏للمشغل ?كما لو كانت مملوكة للدولة- فإن علاقة المشغل بالمالك تكون علاقة تعاقدية وهي ‏بالتالي تخرج عن المسئولية التقصيرية ، وإن كانت مملوكة للمشغل نفسه فلا شك أنه لن يكون ‏مسئولاً عن تعويض نفسه وفق المسئولية التقصيرية ، وإن جاز له أن يستخلص مبلغ التأمين ‏وهذا وفق مسئولية تعاقدية لا تقصيرية أيضاً.‏
وكذا الأمر في حالة المواد النووية المنقولة التي تسبب ضرراً بالناقلة ، فالنقل إما أن يكون ‏على مسئولية الناقل فلا محل لمسئولية المشغل ، أو أنها تحت مسئولية المشغل ، وهنا تكون ‏هناك علاقة تعاقدية بين المشغل والناقل والمسئولية ?من ثمَّ- مسئولية تعاقدية لا تقصيرية.‏
وقد أجازت الاتفاقية- بالرغم من ذلك- أن تفرض الدولة على المشغل تحمل مسئولية الأضرار ‏التي تلحق بالناقلة . على ألا يتجاوز مبلغ التعويض ما قررته المادة الخامسة في الإتفاقية وهو ‏‏300 مليون وحدة (وهي وحدات يقررها صندوق النقل الدولي) وكانت في الإتفاقية قبل تعديلها ‏خمسة ملايين دولار .‏
قلنا بأن المشغل يكون مسئولاً عن تعويض الأضرار التي يسببها الحادث النووي حتى ولو نتج ‏هذا الحادث بسبب الغير ، ولكن الإتفاقية أجازت للمشغل بعد دفع التعويضات أن يرجع على ‏من تسبب في الضرر كما أسلفنا.‏
لقد آثرنا أن نبدأ بما سبق عن ملامح المسئولية التقصيرية لنضع الإطار العام لها ، قبل أن ‏نشرع في الحديث عن أمرين مهمين ، وهما صفة المشغل ، والضرر .‏
صفة المشغل:‏
حددت الإتفاقية المشغل بأنه الشخص الذي قامت دولة المنشأة بتسميته أو اعتباره مشغلاً.‏
وهذا يعني أن الدولة قد تكون تعاقدت مع المشغل لتشغيل المنشأة النووية ومن ثم اتخذت ‏قرارها او سنت قانوناً تسمي به هذا الشخص مشغلاً للمنشأة . وهذا المشغل في غالب الأحوال ‏يكون شخصاً إعتبارياً.‏
النطاق الزماني لصفة المشغل : عددت الإتفاقية عدة تصورات لمدى إنسحاب مركز المشغل ‏على الشخص ؛ فقد يقوم مشغل المنشأة النووية بالتعهد ?لمشغل آخر- بناءً على عقد مكتوب ‏بأنه سيتحمل مسئولية التعويضات الناشئة عن حوادث في منشأة نووية للثاني؛ فإذا وقعت ‏الحادثة قبل هذا التعاقد ظل المشغل الآخر مسئولاً عن التعويضات. أما إذا وقعت بعد التعاقد ‏فإن المتعهد هو من سيكون مسئولاً عنها.‏
وإذا حدث الحادث النووي من مواد واردة من منشأة نووية أو متولدة عن هذه المواد الواردة ؛ ‏كالإنبعاثات الإشعاعية فإن المشغل يكون مسئولاً عن الضرر ، أما إذا نقل أعباء التكفل بتلك ‏المواد لمنشأة نووية أخرى فإنه لا يكون مسئولاً وإنما يسأل في ذلك مشغل المنشأة التي نقلت ‏إليها هذه الأعباء.‏
وإذا قام شخص بإرسال هذه المواد النووية إلى شخص آخر في دولة غير طرف في الإتفاقية ‏فإنه ؛ إذا لم يتم تفريغ المواد ، ظل الشخص المرسل مسئولاً عنها ، أما إذا أفرغت بحيث أخلى ‏المرسل طرفه منها فإن تلك المواد تكون في حيازة المرسل إليه وبما أنه في دولة ليست طرفاً ‏في الإتفاقية فإن أحكامها لن تسري عليه.‏
وإذا كانت المواد مخزنة في منشأة نووية ولكن تحت مسئولية شخص غير مشغل هذه المنشأة ‏فإن الأخير لن يكون مسئولاً عنها. ويكون الناقل أو المناول لمواد نووية مسئولاً عن التعويض ‏إذا طلب تسميته مشغلاً لها من المشغل الأساسي وكان قانون الدولة يجيز مثل هذا الإتفاق .‏
وقد أفاضت الإتفاقية في هذه الفروض وعكسها إفاضة نرى أنها لم تكن في حاجة إليها.‏
وباختصار يمكننا القول ؛ أنه متى كانت المنشأة النووية أو المواد النووية تحت سلطة ‏الشخص القانونية فإنه يعد مشغلاً لها ومن ثم مسئولاً عن التعويض .‏
تعدد المسئولية :‏
إذا تعدد المشغلون وكان من المتعذر الفصل بين الأضرار المنسوبة إلى كل واحد منهم فإن ‏المسئولية تكون مشتركة ومتعددة ، ومعنى مشتركة أنها تكون مسئولية تضامنية ومتعددة أي ‏أنها تحسب بنسبة الضرر الذي أحدثه كل مشغل، فقد يكون الضرر الذي ألحقه أحدهم بنسبة ‏عشرين في المائة ويكون الثاني خمسين بالمائة ، ويكون الثالث عشرة بالمائة ، ويكون الرابع ‏خمسة بالمائة ويكون الخامس عشرة بالمائة …وهكذا على هذا النحو .‏
على ألا تتجاوز قيمة التعويض الذي يدفعه كل واحد منهم النصاب الذي حددته المادة الخامسة ‏من الإتفاقية.‏
وكذا الحال في حالة كان المشغل واحداً ولكنه يشغل عددا من المنشآت النووية ونتجت عنها ‏كلها أضرار في حادث واحد ، فهنا يكون مسئولاً عن تعويضها بما لا يتجاوز النصاب.‏
ويلاحظ أن هذه الأحكام وإن كانت من البديهيات إلا أن الإتفاقية أضافتها حتى لا يحدث خلط ‏خاصة مع الأخذ بالمسئولية المطلقة أو الموضوعية .‏
ثانياً: الضرر النووي:‏
عرفت المادة الأولى من الإتفاقية الضرر :‏
‏1، الوفاة أو الاصابة الشخصية؛ ‏
‏2? وفقدان أو تلف الممتلكات؛ ‏
وكل عنصر من العناصر التالية بالقدر الذي يحدده قانون المحكمة المختصة:‏
‏3? الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفقدان أو التلف المشار اليهما في الفقرتين الفرعيتين ? ‏‏1? و? ‏
‏2?، وبالقدر غير الوارد في هاتين الفقرتين الفرعيتين، اذا ما تكبدها شخص يحق له المطالبة
بالتعويض عن مثل هذا الفقدان أو التلف؛
‏4? وتكاليف تدابير استعادة الأوضاع في البيئة المتلفة، ما لم يكن التلف طفيفا، اذا كانت هذه ‏‏?‏
التدابير قد اتخذت بالفعل أو يزمع اتخاذها، وبالقدر غير الوارد في الفقرة الفرعية ? 2‏
‏5? وفقدان الدخل، الناجم عن منفعة اقتصادية من استخدام البيئة أو التمتع بها، المتكبد نتيجة ‏لتلف ‏
‏ شديد يلحق بتلك البيئة، وبالقدر غير الوارد في الفقرة الفرعية ? 2‏
‏6? وتكاليف التدابير الوقائية وكل خسارة أو أضرار أخرى سببتها مثل هذه التدابير وأي خسائر ‏اقتصادية، خلاف أي خسائر ناتجة عن اتلاف البيئة، اذا أباح ذلك القانون العام للمسؤولية ‏المدنية الذي تطبقه المحكمة المختصة.‏
هذا وقد كانت الأتفاقية قبل التعديل في البروتوكول الأخير لا تشمل الفروض التالية على ‏الفقرتين الأولى والثانية ، خاصة تلك المتعلقة بالأضرار البيئية.‏
وهناك أضرار قد تتفاقم ، وربما لا تظهر إلا بعد سقوط الدعوى بالتقادم ؛ فهذه الزيادة أو ظهور ‏ضرر جديد يمكن تضمينها ?ولو بعد سقوط الدعوى بالتقادم- في دعوى تكون قد رفعت ‏بالفعل قبل نهاية تقادم المدة وبشرط ألا يكون قد صدر في الدعوى المرفوعة قبل التقادم حكم ‏نهائي .‏
وعليه فهناك شرطان لتضمين هذه المطالبات عن الأضرار الجديدة ، وهما: ‏
الشرط الأول: أن تكون هناك دعوى قد رفعت قبل نهاية مدة التقادم .‏
الشرط الثاني: ألا يكون قد صدر حكم نهائي في الدعوى المرفوعة مسبقاً.‏
ولم تحدد الإتفاقية المقصود بالحكم النهائي ؛ خاصة مع اختلاف الأنظمة القانونية ، فبعضها ‏يميز بين الحكم النهائي والحكم البات ، وبعضها يماثل بينهما ، ونرى ان المقصود بالحكم ‏النهائي أن تكون الدعوى قد استنفدت طرق الطعن العادية وغير العادية ، فيكون الحكم النهائي ‏هو المعلن عن الحقيقة القانونية فيها بحيث يحوز قوة الأمر المقضي ، فلا يجوز رفع الدعوى ‏لإتحاد الخصوم والسبب والمحل .‏
هل يشترط أن يكون الضرر مباشراً ؟
وفقاً لمبادئ القانون المدني ؛ فإن الضرر يجب أن يكون مباشراً ، ومعيار المباشرة أن يكون ‏الضرر نتيجة طبيعية للحادث النووي وذلك حيث لم يكن المضرور قادراً على توقيه بجهد ‏معقول ، ومثال الضرر المباشر الوفاة والجرح وتلف الممتلكات . ولكن ماذا لو حدث الآتي:‏
أدى انبعاث نووي إلى مقتل رب أسرة وإتلاف مزرعته ، وترتب على إتلاف المزروعات أن ‏أسرة المتوفى تحملت التزامات مالية كانت على المتوفى مثل ثمن التقاوي والأسمدة التي لم ‏يدفع لبائعيها، كما أن الأسرة لم تستطع دفع أقساط تعليم أبنائها ، ولا إيجار المنزل ، ونتيجة ‏لأنها لم تعد تمتلك المال فقد توفى أحد اعضائها لأنهم لم يستطيعوا توفير دواء له …الخ ‏فالحادث النووي أدى إلى ضررين فقط هما وفاة رب الأسرة وتلف المزروعات ، أما ما حدث ‏بعد ذلك فهو مجرد توالي لأضرار جراء الضرر المباشر . فهل يكون للأسرة المطالبة بكل تلك ‏الأضرار من مشغل المنشأة النووية؟
وفق مبادئ القانون المدني فإنه لا يجوز طلب التعويض عن الأضرار غير المباشرة ، فإلى أي ‏إتجاه ذهبت الإتفاقية؟
لم تكن الإتفاقية تسمح بغير التعويض عن الضرر المباشر ، ورغم أن التعديل في البروتوكول ‏قد أضاف :( الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفقدان أو التلف المشار اليهما في الفقرتين ‏الفرعيتين ? 1? و?2?، وبالقدر غير الوارد في هاتين الفقرتين الفرعيتين، اذا ما تكبدها شخص ‏يحق له المطالبة
بالتعويض عن مثل هذا الفقدان أو التلف). رغم هذا ؛ فهل هذه الإضافة تعني الضرر غير ‏المباشر؟ تظل هذه الإضافة غامضة ، فهي قد تشير إلى الضرر غير المباشر ، ولكنها قد ‏تشير أيضاً إلى الضرر إخلالاً بمصلحة مالية أو تفويت فرص وهما ضرران مباشران. والراجح ‏أن المقصود هنا هو الضرر إخلالاً بمصلحة مالية كما لو ترتب على تلف المزروعات دفع ‏تعويضات عن تعاقدات سابقة لصاحب المزرعة أو تفويت فرص تعاقدات كان من المفترض ‏أن تتم لولا الحادث النووي. وهذا يعني أن الإتفاقية لا تجيز سوى الضرر المباشر .‏
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..