شول منوت.. شفاك الله وعافاك

أحزنني جداً الخبر المتداول على نطاق واسع عن معاناة الشاب الأبنوسي المبدع، شول منوت، مع المرض الذي ألم به، ويرقد الآن طريح الفراش بمستشفى سنار، يكابد آلامه وحيداً بلا نصير ولا معين، وهو من طبقت شهرته الآفاق وسار بذكره الركبان، وصار رمزاً للتآخي والتقارب والتحابب والتدامج والتثاقف، كان ذلك قبل نحو ستة أعوام، عندما قدّم هذا الصبي اليافع المنحدر من منطقة أبيي المتنازع عليها، درساً مجانياً لما ينبغي أن يكون عليه حالها، إلفة وتوادد وتعايش وتدامج لن يتحقق من مماحكات السياسيين ومغالطات القانونيين، والأولى به أهل الثقافة والفن والأدب، ولست هنا للحديث عن الإجادة والروعة التي أدى بها هذا الأبنوسي الوسيم بعض أغاني التراث والحقيبة التي شدا بها عبر حلقتين من برنامج «نجوم الغد»، فأطرب وأمتع وأبدع، وإنما للتذكير بتلك الإشارة البليغة التي بعث بها وقتها للمتخاصمين على قطعة أرض لن تغني شيئاً عن ضرورات التواصل الإنساني والتلاقح الوجداني والتثاقف وتبادل المصالح لمنطقة حدودية مثل أبيي، ظلت طوال تاريخها مثالاً لكل هذه المعاني، كما قال الإذاعي المخضرم محمد سليمان الذي استغرقته «اللفتة» التي قدّمها شول فترك التقييم الفني جانباً وطفق يُحدّث كشاهد عيان عن عمق الصلات وقوة الوشائج التي كانت تجمع بين مكونات المنطقة الإثنية من دينكا ومسيرية، تمثلتها وجسدتها قيادة رشيدة ونبيلة وحكيمة اضطلع بها ناظرا القبيلتين، دينق مجوك وبابو نمر، اللذان لم يكونا يفترقان ويؤثر أحدهما الآخر ولو كانت به خصاصة، ولم تترك لفتة شول حتى للمطرب المثقف أنور عبد الرحمن والموسيقي الأشهر محمد سيف فرصة للتقييم والتقويم الفني، فلم يجدا مناصاً من التعريج بالحديث إلى منحى مؤداه أن الثقافة والفن يمكن أن يصلحا ما أفسدته السياسة، وأنهما الأقدر على مخاطبة مثل هذه القضايا، ومن ثم تحرير الخلاف وصهره وصبه في وعاء واحد جامع ومانع، أبيض ونظيف مثل صحن الصيني، لا فيهو شق من المسيرية ولا طق من الدينكا..
لقد قلنا من قبل مراراً ولن نقنط من أن نكرر ونعيد ونزيد ما قلناه من أن أبيي لا تصلح أن تكون وقفاً للمسيرية، ولن تفلح إذا استخرجت لها بطاقة هوية دينكاوية، بل صلاحها وفلاحها في أن تجمع بين القبيلتين نطفة من هنا وعلقة من هناك، وهذا هو قدر مناطق التداخل الحدودي، تلفتوا أين ما شئتم فلن تجدوها إلا كذلك، فإن لم تتعايش قبائل المنطقة وتتداخل وتتدامج فيما بينها وتتبادل المنافع، وإن لم تحترم بعضها بعضاً وتعترف ببعضها البعض، ستبقى المنطقة على فوهة بركان خامد، يهدأ حيناً ويثور أحياناً، ولهذا الأوفق برأينا أن يجد الطرفان ويجتهدا للبناء على النموذج اللفتة الذي جدده الشاب شول منوت وأرساه من قبله شيب وشيوخ الدينكا والمسيرية. ولا نملك إلا أن ندعو لك يا شول بشفاء تام وكامل لا يغادر سقماً.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا أستاذ حيدر بدل ما كل واحد فيكم يدبج ليهو مقال فيه عصارة الحزن والآهات والأنين ما تعملو ليكم نفرة لعلاجه وأنا متأكد أن الأطباء في السودان لن يقصروا.
    عشان ما ينطبق علينا المثل أسمع جعجعةً ولا أرى طحناً much cry little wool

  2. مقالك ده كنت متوقع تختمه بمناشدة لنقابة الفنانين (المهن الفنية) لتساهم في علاجه باقامة عدد من الحفلات في الولايات والخرطوم ومناشدة اصحاب القلوب الرحيمة ومناشدة مقدم برنامج نجوم الغد الاستاذ بابكر لعمل نفرة لعلاج هذا الشاب الانيق الفلتة…

  3. طلعت بره الموضوع وجعلتة سياسيا السؤال ماذا نحن فاعلون له رد الجميل واجب هلينا نحن غشاق غنة عليك ان تتبني رحلة علاجة بوضع رقمك الهاتفي لتحويل رصيدا لعلاجة بدلا من لعن الظلام اوقد شمعة ي حيدر تجدنا ان شاء الله من المساهمين ف اترك الساسة لمكائدهم وسد الننقص المتلازم عليك بتبنية واعرض حالتة لكاردينال والوالي وادريس والطالع الجديد الخندقاوي اذا لا تريد وضع هاتفك او مناشده او اوباما او انجليا مبركل اولا واخيرااو خادم الحرمين دي من عندي انا اصلوا الكفار اكقرهم رحمة ورافة مننا نحن المسلمين

  4. يلا يا بابكر الصديق أعملوا ليهو حفل جماهيرى من خريجى جامعة الغناء الحديث
    لصالح علاج اخونا شول منوت .. وأهو بكون واحد من أجندة الوحده الجاذبه ..!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..