شيخ ادريس بركات : موت صحافي فوق العادة!

بسم الله الرحمن الرحيم
كان ( الخبر) عنده مقدساً .. وكانت مقدرته علي استنطاق مصادره تقوم علي ركيزتين ، الثقة والمهنية ، ولهذا ظل منقطعاً في عمله الصحفي للأخبار ، واختار ان تكون وزارة الخارجية هي مركز ثقله الخبري لاعتبارات منها ان كل سفارات السودان بالخارج (تصب ) محتواياتها هناك ، وان ” النوعية” التي يتعامل معها مغسولة في التهذيب ومعطونة في المسؤلية .. ولهذا كان صديقاً للكثير من السفراء ، وكان يعرف الدبلوماسيين واحداً واحداً حتى لتظن انه يعمل معهم في وزارة الخارجية .. واشهد انهم كانوا يبادلونه وداً بود ، فلا يبخلون عليه بخبرية او تعليق مما جعله معروفاً في اوساط زملائة ” بالمحرر الدبلوماسي” وكان لايغيب او يتغيب عن القمم الافريقية اينما انعقدت ، وبهذه المداومة كان يجد من وفد السودان للقمم تلك معاملة خاصة لدرجة انه في العهد المايوي الذي لم تكن تصدر في البلاد سوى صحيفتين ، كانت الصحيفة الاخرى توفد رئيس تحريرها (شخصياً) حتى لا يخلو الجو للمحرر الدبلوماسي الذي لم يكن سوى شيخ ادريس بركات!
ولم يكن ” ابو الشيوخ” محصوراً في الخارجية وحدها، فقد كان ” النمرة” الخاصة لاتحاد الطيارين السودانيين الذين لايتأخرون في دعوته لؤتمرات اقليمية وعالمية علي حسابهم ، وكان هو يعرف كيف يرفع من شأن اتحادهم ذلك ومهنتهم ،(الكباتن) زمراوي وشيخ الدين وجزولي وكردفاني..
وفي المجتمع العاصمي كان شيخ ادريس بركات معروفاً تماماً ، بين رجال الاعمال وبين الرياضين والفنانين وبين ” فطاحل” الخدمة المدينة الذين يعدهم لك بالتواريخ علي اطراف اصابعه .. وقد شكل (ثنائياً) صحفياً مع ابن خالته المرحوم توفيق جاويش ، رغم المنافسة المستمرة بينهما في خدمة صاحبة الجلالة الصحافة .. وقد عملا معاً في جريدة ( الصحافة) عند شارع علي عبد اللطيف في مبنى (بلدمور) فوضع كل منهما بصمته الخاصة في المهنة وفي المجتمع ..وايمتد العمر بشيخ ادريس ليكون كبير المحررين في جريدة [السودان الحديثة] بعد قيام ثورة الانقاذ في 1989.
تميز شخ ادريس بالهدوء وبمخالطة الناس ويستحيل ان يتخلف عن عقد زواج او العزاء في مأتم ولايخلو من خفة روح مقرونة بسخرية وهو محب لعقد ” المقارنات” ويتبرع بالمعلومة في كل مايعرف خاصة المتصلة بالناس .. وطيلة معرفتي الطويلة به ، ماعرفت فيه إلا الصفاء والنقاء مظهراً ومسلكاً ودواخلاً لا يتحدث عن شخص بسوء ولايشارك في الحديث عندما يكون سالباً .. ويستمتع بما يسمع من حكاوي او نكات او مواقف ، وكان معي دائماً يستحثني علي المزيد من قصص الافارقة ويستمتع بها ويرويها لاصدقائه فيما بعد..
كان شيخ ادريس بركات صحافياً محباً لبلده ومهنته وصحابه الكُثر ..وكان
(ام درمانياً) اصيلاً كما كان انساناً لايصيب منه الاخرين الا الخير.. وربما شخص بتلك المواصفات اختار ان يعيش في هذه الدنيا ويمضي عنها (وحيداً)..
رحمه الله.
[email][email protected][/email]
دقوشة وبخيتةاْحلى كبل فى التاريخ ..شعب كل حكومة.
نسأل الله الكريم الرحمة والمغفرة للصديق الراحل شيخ إدريس وأن ينزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين.
اللهم أنزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور.
اللهم اجعله ممّن ينادى عليهم يوم القيامة((كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم فى الأيام الخالية)).
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بعد قيام ثورة الانقاذ في 1989 لو سمحتة انقلاب الانقاذ الاسم الصحيح
له الرحمة والمغفرة
نسأل الله ان يتغمد الاستاذ شيخ إدريس بركات بقدر ما قدم لبلاده ولمهنته من خدمات. عرفته ضمن من عرفوه في وزارة الخارجية وبالرغم من الحاحه في الجري وراء الخبر الصحيح واصراره للحصول على المعلومة فإنه كان شخصية محبوبة في وزارة الخارجية. ولعل من أهم ميزاته أنه كان لا يغلب مصلحته المهنية على المصلحة العامة فكان يحجم عن نشر ما تطلب منه عدم نشره لأسباب تتعلق بأمن البلاد أو مواقفها في السياسة الخارجية وهو ما لا يلتزم به الكثير من الصحفيين.
الا رحم الله شيخ ادريس والهم آله وذويه وأصدقاءه العديدين الصبر الجميل