خنجر العنصرية المسموم في عقولنا

عن الداء القاتل الذي ينخر العقل اتكلم اليوم عن عقود طويلة من التعليم والاسلام لم تستطع اكتشاف وصفة وعلاج لمجتمع به علبة الوان طبيعية مكتسبة من الخالق . كان من المفترض ان تكون بوصلة للتقدم في جميع مناحي الحياة .هذه الالوان مصحوبة بلغات وحضارات احدثها اقدم من دول لها وزنها الان ويشار اليها بالبنان.
العنصرية القاتلة في مجتمعنا انها لعمري اشد فتكاً من الحروب والقتل الذي نراه في الشاشات في هذه الحقبة الزمنية السوداء من العصر البشري التي ستضاف الي ذلك الصندوق الذي يسمي التاريخ وكيف تخلصت فيه الحضارات المتقدمة الان من ويلاتها عبر التاريخ . العنصرية موجودة بوجود الانسان منذ القدم لا ننكر وجودها ومن ينكر ذلك انما هو مجادلاً لا اكثر ، فهي جأت في قوالب واشكال كثيرة عبر التاريخ البشري ولم يكن لها مقياس ثابت لكن نستطيع ان نقول انها مرت بتقلبات كثيرة منها ماكان قوي واقصد به مدي تفعيل شكلها وممارستها في فترة ما . وكذلك مرت بمراحل كادت ان تتلاشي وتندثر ، ولكن سرعان ما كانت تستعيد عافيتها وتستمد قوتها من ممارسات البشريين . لا اريد ان اتحدث عن نماذج بعينها فلكل مجتمع مكوناته وخصوصيته ، واقصد كلمة (نماذج) هنا المجتمعات التي تبعد عنا من حيث المسافة الزمنية والثقافة التكوينية لذلك المجتمع ، مثلاً لا استطيع ان اتحدث عن التجارب الاروبية أو التجربة الامريكية فكلاهما يختلفان عنا من حيث التكوين المجتمعي والثقافي و(الديني) .
اذا طرحنا سيكون من خلال ثلاثة مكونات اعتبرها القاعدة الهرمية التي بني عليها المجتمع السوداني (متعدد التشكيل الجميل). ذلك التعدد الذي لا يوجود مثله الا في قارة كاملة وهو الذي جعلها اقوي قوة بشرية معرفية متقدمة (امريكا) اعرف ان هناك كثير من يخالفني الرأي لهذا الطرح ولكن القصد التنوع وقبول الامريكيين لانفسهم وانتمائهم لتلك الثقافة هو ما اقصد فمثلاً لانري مواطن امريكي ولد وتشبع بالثقافة الامريكية وهو في اصول مهاجرة سوي كان من الجزيرة العربية أو ارض النهرين أو حتي من ادغال افريقيا التي تشتهر ايضاً ( بقبليتها) الصارخة يلمح في حديثة أو في تعريف نفسة أو اصله بانه من قبيلة عربية اشتهرت بالكرم والشجاعة أو من قبيلة أفريقية اشتهرت بالقوة والبأس . انما يقول انا موطن امريكي (فقط) .
قبل ان نحيد عن طرحنا يجب لملمة الموضوع لانه قابل للتشعب نرجع الي مداخلنا الثلاثة التي لم اذكرها وهي القبيلة ـ الثقافة ـ الدين .
دعونا نتعامل (بعقل البسيط) في التعامل مع قواعد الهرم الثلاثة .
القبيلة هي ركن بل اساس بنيت عليه الثقافة السودانية . فنجد انها مرتبطة بكل مناحي الحياة فمثلا لا يمكن استخراج ورق ثبوتي من دواوين الدولة الا وذكر فيه القبيلة بل اكاد اجزم خانة القبيلة في بعض الاوراق اهم وهي كفيلة بان تجعلك من (المحظوظين) . بل حتي يمكن ان تلعب القبيلة دوراً هاماً في نيلك ارفع المناصب الي هنا ينتهي دورها في الحظ ، دعونا نتطرق لبؤسها من جانب اخر هل تعلم ان للقبيلة دور في الحب وهي كفيلة لافشال قصة و وأدها في المهد بمجرد معرفة الي اي قبيلة تنمي وان قدر الله وان تستمر وكللت مساعي المتحابان بالنجاح واصبحوا تحت ظل بيت واحد فلك ان تتخيل مدي المعاناة التي ستحل عليهم من المجتمع ومن الاقارب (الرافضين) غير مبالين بان الله زرع حبه في قلب هذين الاثنين دون غضاضة وانها الفطرة السليمة
والمعاناة تتطور وتلتحق بالابناء من بعدهم ويفرض عليهم انواع من التفرقة والعنصرية حتي من اجدادهم الذين كانوا يمنون النفس برؤية احفادهم وكم تغنوا بعبارات مثل( ان شاء الله اشيل اولادك ) سوي كان للبنت أو الولد . ويتحمل هؤلاء الابناء تبعات وامراض ناتجة عن فكرة واعتقاد يهدم ويكسر السمؤ الذي خلق الله به تعدد الالوان والالسن والسحنات ، بل انه يفرض علي الجيل الناتج عن تلك التجربة التي عاندت التيار خيارت مجحفة فمثلا لا يقبل اي شاب ان يتزوج تلك الفتاة او اي فتاة ان تتزوج ذلك الشاب بحكم ان امه أو ابيه والعكس صحيح ليسوا من قبيلة يمكن ان (تتناسب) مع قبيلته/ قبيلتها فالنسب مرهون بمدي احقية القبيلة بالمصاهرة .
الثقافة هي عدة ادوات المنوط بها الارتفاع والرقي بالفكر الانساني وجعل العقل مركز استنارة لصاحبة ليعينة علي التطور ومجارة الواقع . اذا الثقافة هي التي تساهم في تكوين وعي وادراك الشعوب بجانب التعليم فلا تطور من غير قرأة وفن وشعر وابحار في العلوم الانسانية كافة ، الادب ـ التاريخ ـ الفلسفةـ الفنون .. الخ هذه الاشياء مجتمعة تكون الثقافة وبقدر اطلاعك وابحارك وسعة عقلك ومعرفتك ياتي ادراكك . مع حالة المجتمع السوداني كان من المفترض ان نكون في قمة الهرم الثقافي بل من المفترض ان نكون قبلة لباحثي المعرفة والاستنارة من كافة اوتاد الارض ، بلد بهذا التنوع الفريد كان من الممكن ان تكون الحياة فيها صاخبة لاتهدأ من كثرة الزائرين لرؤية مهرجان في الغرب يتحدث عن الانسان والفن والدين والاخلاق .. ومهرجان اخر في الشرق يتحدث عن الجمال والبساطة واخر في الجنوب يتحدث عن افريقيا كلها مختزنه في وجوه وشموخ هؤلاء الناس .. واخر في الشمال يتحدث عن سر فرعون وكيف انه كان اسمر اللون ولم يكن ابيض كما روج له .. وللوسط مهرجانه الخاص الذي استطاع ان يمزج فيه كافة الوان واعراق وثقفات هذا البلد الفريده.
لكن لم نستفيد من هذا التنوع ولا هذا الكم الهائل من الموروثات بل العكس صحيح استخدمناها اسوء استخدم . فتجد اختلاف اللكنة مصدر للسخرية واطلاق عبارات التهكم والاستهزاء وان كانت في الخفاء وهي تقود الي توسيع الهوة وعزل لطرف بعينة .. وكان التمسك بموروث ثقافي ومحاولة ممارستة والاحتفاء به يقابل بالعزل ويوصف بانه ينتمي اي ثقافة ليست سودانية ويتم عزله عن بقية المجتمع وهذا العزل يزيد الهوة اكثر وهذا العزل شارك فيه حتي المستنيرين من الطرفين العازل والمعزول . العازل بترديدة للعبارت الاقصائية من شاكلة ( ديل ما بشبهو السودان والسودانيين) (لاقك سوداني شكلو كدا وبعمل كدا) ..الخ والامثلة كثيرة . اما المعزول أول علي استكانته وعدم تبين الموروث الثقافي وتاريخه واهميته ومكانته الثقافية لدي تلك الفئة من المجتمع والاكتفاء بالتفكير في التخلص من هذا المجتمع والتبعية له سوء عن طريق ترديد عبارات علي شاكلة ( انتو عرب واحنا افارقة ) ( اولاد الزرقة واولاد النيل ) والعبارات الاخري التي توسع الهوة وتخلق الكلمة القاصمة للظهر ( احنا وانتو) يعني عبارة عن شعبين عدم قبول الاخر ادي بهم الي تناحر وتقاتل لاثبات ايهما احق بالارض ….. عرفت لماذا جاء التشبية بامريكا لانها تشبهنا في التركيبه السكانية والثقافية . لم يدعي احد هناك احقيته بامريكا اكثر من الثاني ولم يدعي احد انه اعرق وذو اصل وفصل اكثر من الاخر رغم ان فيهم الابيض والاسمر والاسود والبني والاصفر .. وكل شخص يمارس ثقافته ويقبل الاخر ويعلم في قرارة نفسه ان انتمائه اكبر من ان يكون لمجرد اثنية أو قبيلة . بمعني بسيط لماذا ترضي بقطعة صغيرة من الكيكة .
الدين رغم ان غالبية سكان السودان يدينون بدين الاسلام . الا انهم رغم سماحة ورقة وجمال هذا الدين تجد ان هناك بعض تعاليم هذا الدين ورغم معرفتهم الكاملة بها ، يتم تجميدها تمام في بعض الممارسات الحياتية رغم ان الله قد بين كل شئ لنبيه الذي ادي الامانة باكمل وجه وبلغ الرسالة خير تبليغ . فمثلا تجد في معاملات الزواج كما اسلفنا سابقا رغم ان الرسول عليه افضل الصلاة والسلام قال (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي . لكن عندنا يحصل العكس بمجرد زكر انه من قبيلة كذا او اصله كذا ، هذا كفيل بان يضرب بالحديث الشريف عرض الحائط ويجمد العمل به لحين اشعار اخر . ومثال اخر التنابز بالالقاب التنابز هو: نعت الشخص أو نداؤه بصفة أو لقب أو اسم يكرهه، أو ما فيه ذم له أو تحقير أو استهزاء به أو سخرية منه، وكل هذا محرم، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ الحجرات: 11.
الحال عندنا مختلف وان لم يكن بصورة علنية لكن تجد عند المواقف المتصادمة تظهر الاوصاف والالقاب القبيحة المؤلمة الجارحة القاسية التي تصنع الهوة والانقسام .
القبيلة كمكون انثروبيولجي متناه في القدم و حتى من خلال الاديان هي مكون اصيل من مكونات المجتمعات البشرية لكن من هذه المجتمعات ما جعلتها فسيفساء
باذخة الاناقة و منهم من اتخذها مميزا سلبيا للغير
( هم)ر و ايجابيا لنا(نحن) مما نشأ عنه ظلم الانسان لاخيه الانسان رغم المكون الديني الواحد الذي اتخذه البعض كشان هتافي و بعض من ارث القبيلة كل ما ذكرنا ليس ذو اثر الا كما ذكرت اذا ترتب عن انتمائك لقبيلة ما تمييز ايجابي من قبل وارثة القبائل الدولة للتي تفرق بين مواطنيها بحكم انتمائهم العنصري و الجهوي
و صدق عمر بن الخطاب(كنا اذلاء فاعزنا الله بالاسلام فان ابتغينا العزة في غيره اذلنا الله)
اخي امين قناعتي ثابتة بان داء العنصرية سببه الاساسي هو الجهل…
قل لي بربك كم تبلغ نسبة الامية في السودان؟
علينا ان نجتهد لتوصيل نسبة الامية بامريكيا وانا اجزم لك سوف نكون مثلها في تعاملنا…
كلما إستحضرت ظاهرة العنصرية السودانية المزعومة .. كما أغرقت في الضحك والتعجب .. لسبب بسيط هو أن جميع السودانيين يتشاركون الدماء .. ولا أحد منهم ينكر هذه الحقيقة ببساطة لأنها أوضح من أن تنكر .. بل أن إنكاره لا يقل عن إنكار الشمس في رابعة النهار!!..
ففيم العنصرية ؟؟ أين مقومات العنصرية .. أهو تعبير عن عقدة النقص التي نصر على الإمتناع عن التكلم عنها أم ماذا؟؟