الثانية عشرة منتصف الحنين

تركض الثواني باتجاه يوم جديد.. والساعة تعلن منتصف الليل تماماً.. وأنا والأرق والوجد نتقلب على جمر الأشواق.. تتقاذفنا الذكريات والأفكار المتباينة.. تسلمنا حيناً للإيمان المطلق بفيض محبتك الغامر لنا.. ثم لا تلبث أن تلقي بنا في أتون من الهواجس والقلق خشية أن تكون المسافات قد خصمت من رصيد محبتنا في حياتك!!
تقول جدتي: (البعد محنة).. ورغم قناعتي المطلقة من واقع تجربتي معك بأن البعد يؤجج العواطف ويخفي العيوب التي كانت تتسبب في خلافاتنا الصغيرة، إلا أنني لم أستطع بعد أن أستسلم لهذا التفسير الإيجابي وأوظفه لصالح علاقتي بك.. إنني أريدك هنا كيفما كنت.. أريدك داخل إطاري الجغرافي وتفاصيلي اليومية.. تقاسمني الهم وتبادلني النجوى وترسم معي الأحلام وتناقش معي الأفكار وتتأمل معي الأوضاع.
أريدك على سطح ذات الأرض.. ويظلنا ذات السماء.. نكابد معاناتنا اليومية.. ونواليها بالحمد والرضا.. نسخر من أوجاعنا بالصبر.. ونناوش إحباطنا بالأمل.. وننتصر لأنفسنا بالإيمان بالله ونحن نشهر سيف محبتنا في وجه الظروف.
والآن.. تفصلني عنك أميالاً من الفراغ.. فالساعات دونك رتيبة.. والحياة كئيبة.. والليل طويل.
لقد خسرت رهاني أمامك بالجلد.. فلم أستطع أن أحتمل غيابك لأيام.. ولا أعدك أنني قد أستطيع يوماً.. إنني مسكونة الآن بحنق طفولي يبحث عن فرصة للانفلات.. أريد أن أضرب بقدمي على الأرض وأبكي احتجاجاً، وأطالب بك مثلما يفعل الأطفال لتحقيق رغباتهم.
وكنت أعمد إلى قضاء النهارات في انشغال دائم يلهيني عنك ويعفيني من وخزات القلب المؤلمة كلما تداعيت في خاطرى.. فكيف أفعل مع الليالي التي ترخي سدولها كل يوم وتجتاحني بالحنين العارم في توقيتها الثابت كلما أعلنت الساعة الثانية عشرة منتصف الحنين؟!
لا أستطيع حينها التغاضي عن لهفتي عليك.. فالعالم حولي يغفو على وسائد السكون.. ويظل صوتك وحده مجلجلاً بضحكتك الحبيبة.. يحاصرني صوتك عبر الأثير.. وتزكم أنفي رائحة عطرك الأخاذ وهي تضوع من الحواشي وكأنها تصفعني بالحرمان.
هكذا ينتصف الليل وأنا منغمسة فيك.. كل تفاصيلك حاضرة.. وذكرياتنا في القلب ماطرة.. تغسل رهق الحياة وتجلو مرايا القلب لأرى صورتك بوضوح سافر يحرض على العناق.
لقد فكرت جدياً في التخلص من كل الساعات الموجودة حولي.. تلك المعلقة على الجدار والكائنة بقرب فراشي.. إن الساعات تمارس ضدي حصاراً قاسياً.. وترن أجراسها في تمام منتصف الليل وكأنها تعمد لتعذيبي!
يحملني صوت عقاربها بعيداً لحدود الملل.. فالشاهد أن كل الأوقات تمضي في غيابك بكامل رتابتها المقيتة.. ويفقد كل شيء زهوه وألقه حتى تعود، فتعود للتفاصيل حياتها.
إذن يا سيدى.. سيد الأشواق واللوعة.. كن عند الموعد.. وأرفع عينيك إلى السماء في الثانية عشرة من منتصف كل ليلة، أينما كنت وكيفما كنت.. فلا بد وأنك ستلمح بريق الحنين وتستشعر طيفي وتتنشق عطري في زواياك.. يحفك بالدعوات والأمنيات.. ويبثك كل الحنين.
تلويح:
حنيني إليك.. وليل الغربة أضناني.
اليوم التالي
1. هذه الخواطر في رائيي تاتي اصدق تعبيرا اذا نظمت شعرا: اذ الشعر يعتقها من محدودية المناجاة الحميمية الشخصية/البين-انسانية، ويدخلها في نطاق الادب
2. ادناه محاولة تناص شعري للنص النثري للاستاذة داليا الياس
【هاهي الثواني تركض صوب يوم جديد:
الساعة تعلن منتصف الليل تماماً..
وأنا والأرق والوجد الشديد
نتقلب على جمر من الأشواق مديد..
تتقاذفنا هذي الذكريات وتلك الأفكار
تسلمنا حيناً لايمان مطلق جبار
بفيض محبتك الغامر لنا ? للدار..
وحينا اخري لأتون من الهواجس والقلق
خشية أن تكون المسافات التي طوت سماتك
قد خصمت من رصيد محبتنا في حياتك!!
(البعد محنة): تقول جدتي عن تجربة لها الدهر عرك.. هذا هراء: اقول انا بقطع، مسلحة بواقع تجربتي معك ..
فالبعد يؤجج العواطف اذ هي بالقرب خفتت
ويخفي العيوب التي بالالف تراكمت ? كثرت
لكنني الان اضحيت من راي جدتي
تبا للبعد: إنني أريدك هنا كيفما كنت..
أريدك داخل إطاري الجغرافي كما انت..
ومركز دوامة تفاصيلي اليومية متي شئت..
تقاسمني الهم، تبادلني النجوى، تدللك مودتي ..
ترسم معي الأحلام، تخفف عند وهن من لوعتي
تناقش معي الأفكار، وتسخر احيانا من حدتي ..
أريدك على سطح ذات الأرض..
تظلنا ذات السماء..
نكابد ذات معاناتنا الفرض..
نواليها حمدا ورضا..
نرشق أوجاعنا صبرا..
نناوش إحباطنا أملا..
وننتصر لأنفسنا إيمانا..
بالله.
والآن؟ تفصلني عنك أميال من الفراغ..
الساعات بدونك تزحف ثقيلة رتيبة..
والحياة بدونك كم هي كئيبة كئيبة!
والليل طويل: ارق ودموع ومنك صيام
لقد خسرت رهاني أمامك يا صديقي بالجلد..
لم أستطع أحتمال غيابك يا حبيبي لأيام..
لا لن أستطيع دونك صبرا. لا اعد احد..
يسكنني الآن حنق طفولي: علي، علي الدنيا، عليك..
يبحث عن فرصة للانفلات _ ليزبد ويرغي..
أريد أن أضرب بقدمي على الأرض وأبكي لديك..
وأطالب بك مثلما يفعل الأطفال، فيا لهفي اليك.
أعمد قضاء النهارات في انشغال دائري..
عله يلهني عنك، يبعدك بعضا عن خاطرى..
يعفني من وخزات القلب المؤلمة..
فكيف أفعل مع الليالي التي ترخي سدولها كل يوم تجتاحني بالحنين العارم في توقيتها الثابت، اي صوم؟
كلما أعلنت الساعة الثانية عشرة منتصف الحنين؟!
لا أستطيع حينها التغاضي عن لهفتي عليك..
فالعالم حولي يغفو على وسائد السكون..
ويظل صوتك وحده مجلجلاً بضحكتك الحبيبة..
يحاصرني صوتك عبر الأثير..
تداعب أنفي رائحة عطرك الأخاذ وهي تضوع..
من الحواشي وكأنها تصفعني بالحرمان.
هكذا ينتصف الليل وأنا منغمسة فيك بلا انعتاق..
كل تفاصيلك في حاضرة..
وذكرياتنا في القلب ماطرة..
تغسل رهق الحياة والسهاد..
تجلو مرايا القلب والفؤاد..
فارى صورتك بوضوح سافر يحرض على العناق.
كم فكرت في التخلص من كل الساعات حولي..
تلك المعلقة على الجدار والكائنة بقرب فراشي..
فالساعات تمارس ضدي حصاراً عصياً..
وترن أجراسها في تمام منتصف الليل ملياً!
وكأنها تعمد لتعذيبي!
يحملني صوت عقاربها بعيداً لحدود الملل..
فالشاهد أن كل الأوقات تمضي في غيابك
بكامل رتابتها المقيتة..
ويفقد كل شيء زهوه وألقه
حتى تعود..
فتعود للتفاصيل حياتها.
إذن يا سيدى.. سيد الأشواق واللوعة..
كن عند الموعد..
وأرفع عينيك إلى السماء
في الثانية عشرة من منتصف كل ليلة..
أينما كنت وكيفما كنت..
فلا بد وأنك ستلمح بريق الحنين
وتستشعر طيفي وتتنشق عطري في زواياك..
يحفك بالدعوات والأمنيات..
ويبثك كل الحنين.】
داليا الياس/سبتمر 2015
اه من الغربه والحنين .
اضغاث احلام ليس الا.
مقالك ذكرني بسيدنا عمر رضي الله عنه، عندما كان يتفقد الرعية في ليلاً، واثناء مروره ببعض البيوت سمع صوت امرأة تناجي زوجها وتقول :
تطاول هذا الليل تسري كواكبة ……… وليس بجنبي شيء الاعبه
والله لو الله رب اراقبه ………………. لزلزل من هذا السرير جوانبة
الله اكون في عونك
رومانسية خالص يا داليا، كان الله في عونك
معزوفة جميلة يا داليا.
بس ساعات ألاحظ عليك تدني في مستوى الكتابة..لدرجة إثارة الحنق عند بعض متابعينك من الراكوباب والذين كثر منهم من جيدي القراءة.
اي واحدة راجلها مغترب تاخد كلام داليا ده وتعمل منو كوبي بيست وترسلو لراجلها عشان تاني يوم يخلي شغلو ويجي يبلط جنبها …وبدل مايعيشوا الليل في الرومانسية يعيشوا في المقاوحة والتفكير وشيل هم يجيبو حق رسوم المدرسة كيف ويجازفوا حق الايجار كيف وحق الاكل بكرة كيف وحق الجمرة الخبيثة وحق موية الحمار وحق الطماطم يامواطن …ده كان ماراجلها قال ليها بدل ماتقعدي الليل كلو تنقنقي وتنقي شوف ليك صاج كسرة وللا كفتيرة شاي ساهري في تجهيزهم عشان بكرة تطلعي تفرشي في الشارع وتبيعيهم وتساعديني شوية
الناس ياداليا بقت ماعارفة التاريخ ماعارفين هم في ياتو يوم وللا ياتو سنة مش ياتو ساعة …مافيش حد بيبص ع الساعات الايام دة لانو اصلا مافي وقت لي ده
زمان الناس هداوة بال وانت زمانك الترحال
عزيزي المغترب انت وزوجتك جزاكم عند الله
حنيني ليك فاق الظنون واخلاصي باقي مع الزمان ……
مبدعة يا استاذه داليا .. ياريت كل الناس تقدر تعبر عن الجواها بالسهولة واليسر هذا .
لا غبار على الاستاذة لكن لم يعجنبى هذا التعبير
“وتزكم أنفي رائحة عطرك الأخاذ”