حكاية الخروف السكران ..!

أسعدتني جداً دعوة أحد الأصدقاء الإعلامين لحضور منتدى عريشة ( أحبة في الله ) صباح اليوم والذي ينعقد كل سبت ويؤمه عدد مقدر من نجوم المجتمع السوداني .. أدباء وشعراء وإعلامين وفنانين ومعاشيين من العسكرين ورجال الخدمة المدنية وبعض ظرفاء المجالس و حضور من الجمهور المحب لذلك النمط من الجلسات الطيبة !
شارك في جلسة اليوم الشاعر كامل عبد الماجد بقصيدتين من قريضه زاكي الأنفاس .. إحداهما كانت بعنوان مع السلامة وذكر أن مناسبتها هي يوم وداع موظفي وموظفات دولة جنوب السودان العاملين بوزارة الثقافة حينما كان مستشاراً لوزيرها .. فتاثر للدموع السخينة التي سالت من الجميع حيال تلك اللحظة المؤثرة .. بينما كانت قصيدته الثانية عبارة عن شجون وتمنيات في وقف حرب دارفور التي كان عنوانها ..
( متين تقيف الحرابة )
ثم غنى الفنان عبد الرحيم البركل فأهتزت له العريشة ومن فيها طرباً .
بيد أن البروفيسور محمد عبد الله الريح قد خطف الأضواء بطرائفة التي إستهلها بعدم صحة علاقة الشاربوت بحكاية هضم اللحم لاسيما والناس على مشارف عيد الفداء العظيم !
وقال مستطردا بسرده الجاذب أنه في أحد الأعياد إضطر الى تأجيل ضحيته لليوم الثاني .. نظراً لآن الخروف في ليلة العيد قد إستدل الى جردل الشاربوت المعد للعيد .. ونهل منه وأكل بقايا البلح .. ثم نام ..نومة أهل الكهف .. وحينما ارادوا إيقاظه صباح العيد لذبحه .. رفع راسه دائخاً تارة ينبح كالكلب و أخري يعوعي كالديك و ثالثة يسألهم إن كانت أم فتفت جاهزة لفك سكرته المعتبرة .. فقرروا تجاه تلك الحالة تأجيل ذبحه لليوم التالي حتى يستفتوا فقيها في صحة التضحية به وهو الذي كان خارج التغطية تماماً!
وقد افادهم ذلك الفكي .. ان صاحبهم وهو في هذه الحالة ترفع عنه السكين حتى يفيق من طشمته دون أن يطبق عليه الحد طبعاً لأنه في الأساس حيوان وغبيان ..!
ولعل تلك الطرفة ربما تفتح شهيتنا لنسأل وقد إختلف علماؤنا حول الضحية بالتقسيط لمن لا يستطع اليها سبيلا بالحاضر .. وهل سترفع الزوجات كلفة البوبار عن الأزواج غير المستطعين واللائي يصر بعضهن على وجوب شراء الخروف باية طريقة بغرض أن يفرح الصغار ولا يحسون بعقدة النقص عن اقرانهم من أبناء المستطيعين !
المهم أن صاحبنا بروفيسور ود الريح كان محظوظا إذ أن خروفه لم ( يتلحس ) في تلك الشلعة .. واستعاد قواه العقلية التي اهلته للتضحية بحياته كلها بعد ان تحلل من سكرته .. وهو على غير حال الكثيرين من الذين عبث لهم الحظ بأن ينفق المحروس قبل العيد بساعات دون سابق إنذار .. أو مثل خروفي انا شخصياً الذي هرب من المنزل اثناء تواجدي بصلاة العيد وعندما عدت ممنياً النفس بالشواءات وتوابعها وجدت الزوجة والأولا د امام الدار ومعهم عدد من نساء الحي في حالة حزن وبدلا من تبادل التهاني اولاً بادلوني العزاء في ذلك الأسترالي الذي قد يكون في تلك اللحظة من فرط سرعته قد إقترب من مسقط رأسه في قارته البعيدة !
لكن قصة بروفوسيور ود الريح اليوم وأنا في السودان ألهمتني فكرة أن نضع امام خروفنا في ليلة العيد القادم جردلا من الشاربوت الكارب .. منها أنه سينسى قليلا مأساته وينام حراً طليقاً قرير العين دون أن ينفق مخنوقاً بربطة عنق خاطئة أو يكون في مقدوره الهرب مثل شقيقه في الخوف والذي فقدناه وكنا في الإمارات وقتها .. ولا بأس من التضحية في اليوم الثاني أو الثالث .. إنتظاراً لذهاب سكرة خروفنا المحترم ويكون فائق ورائق لمواجهة فكرة التضحية النبيلة التي فدا بها جده الأول سيدنا إسماعيل عليه السلام .
وكل عام والجميع بخير .. ونسأل الله أن يهون رهق الأسعار على كل المسلمين لاسيما أهلنا في السودان ليكتمل طعم العيد الروحي في نفوس الكبار و تبتسم عيون الصغار لبهجته دون حرمان أو الشعور باي نقصان .
و الله يا استاذ مقالك دا براهو هون علينا كثير من آلامنا و رهق الحياة, اضحكتني و الله و زكرتني بفرحة العيد بعد ان كادت تطش ليس بسبب طشمة كطشمة خروف البروف او رهبة خروفك من التضحية النبيلة و لكن بسبب الغربة و آهاتها و ضيق بلد اسمه السودان علي ابنائه رغم كبر مساحته.
كل عام انت و اسرتك بالف خير و جزاك الله عنا خير الجزاء.
( طبعاً لأنه في الأساس حيوان وغبيان ..!)
كم سياق الكلام . حلوه .