من لم يمت بدانات اليرموك وقذائفه ، مات بمخلفاته !!!

في مشهد أشبه بأفلام الرعب ، أفزع أسرتها ، قام جهاز الأمن باستدراج واختطاف الصحفية هبة عبد العظيم التي أعدت تحقيقاً صحفياً عن تلوث مياه النيل الأبيض ، الي مول عفراء باستخدام هاتف أحد أقربائها ثم اقتيادها من هناك داخل سيارة أمنية الي مكان مجهول عجزت إدارة الإعلام بجهاز الأمن عن معرفته حيث تم التحقيق معها ثم الإفراج عنها لاحقاً !!!
هذا التدخل السافر من جهاز الأمن في هذه القضية التي أثارها التحقيق يهدف الي حماية مصنع اليرموك الحربي الذي يمثل المحرك الأساسي للآلة الحربية الإنقاذية ومصدر الذخائر والأسلحة التي أججت بها الإنقاذ حروبها في أطراف الوطن وأصبحت تراهن كل يوم على تحقيق النصر بها على أعدائها !!!
لماذا لم يختطف جهاز الأمن الصحفيين الذين أجروا تحقيقات سابقة عن تلوث مياه النيل الأبيض بسبب مخلفات مصانع السكر في كنانة و عسلاية ، ولا أؤلئك الذين حققوا في تلوث مياه النيل الأزرق بسبب مخلفات مصنع سكر غرب سنار ؟
لماذا تحرك الجهاز بهذه الوحشية وكشر عن أنيابه عندما أصبح المتهم في هذا التلوث هو مصنع اليرموك للإنتاج الحربي ؟؟؟
التحقيق الصحفي الذي قامت به الصحفية هبة ، استند الي تقرير أعدته وزارة الصحة بولاية الخرطوم وكشفت فيه عن تلوث مياه النيل الأبيض إبتداءاً من جنوب منطقة العزوزاب بمواد كيميائية خطرة ، و بمعادن الرصاص والكروم التي تهدد صحة الملايين من سكان تلك المناطق وتنذر بكارثة تسرب المواد الملوثة والمعادن الثقيلة الي المياه الجوفية .
وقال وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور مامون حميدة في تقرير مصور عرضه أمام مجلس وزراء الولاية في رمضان الماضي أنه أخذ عينات من مياه النيل الأبيض جنوب منطقة العزوزاب وفحصها بمعامل داخل وخارج البلاد فجاءت نتائجها متطابقة بأن المياه ملوثة بأنواع مختلفة من البكتيريا الضارة والجراثيم بالإضافة الي وجود مواد كيميائية ومعادن مسببة لسرطان الجهاز الهضمي والكبد الوبائي والبلهارسيا . وأضاف التقرير أن التلوث الكيميائي كان شديد التأثير على مياه النيل الأبيض لدرجة أدت الي فصل مياه الصرف الصحي والنيل داخل مجرى النيل الأبيض بخط مستقيم واضح يُرى بالعين المجردة ، بالإضافة الي وجود رغوة تشبه رغوة الصابون بأسفل مصرف اليرموك عند نقطة المصب بالنيل جنوب كبري الدباسين ، وصفها التقرير بأنها ناتجة عن المواد الكيميائية بالمياه .
لقد نتج تلوث مياه النيل الأبيض في هذه المنطقة من مصدرين أساسين أولهما المصرف الرئيسي للصرف الصحي وثانيهما مصرف مخلفات مصنع اليرموك الحربي الذي يختلط بالمصرف الأول ويتجهان سوياً لتلويث النهر جنوب كبري الدباسين .
والي الخرطوم السابق عبد الرحمن الخضر كان على علم بهذا الأمر ولم يحرك ساكناً حتى ذهب !!! ووالي الخرطوم الحالي الذي كان راعياً للصناعة الحربية عندما كان وزيراً للدفاع هو أيضاً على علم تام بهذه الجريمة ، ويعلم السموم التي تتدفق من مصنع اليرموك وتفتك بالأحياء المائية وبملايين البشر والحيوانات التي تعيش في هذه المنطقة ، ولم يحرك ساكناً !!!
هذا الوالي الذي حدثنا من قبل بأنه سيقتفي أثر الفاروق عمر بن الخطاب وسيقيل عثرة كل بغلة في ولايته ، متى يفعل شيئاً ينقذ به أرواح الملايين من البشر الذين تهدد حياتهم مخلفات اليرموك ؟
ألم يكف هذا اليرموك آلاف الأرواح التي أزهقتها قنابله وداناته ، وآلاف الأعضاء التي بترتها ألغامه وقذائفه في دار فور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ؟
وإذا كان ضعف الإمكانيات يحول دون وضع الحلول المناسبة كما قال أحمد قاسم وزير البنى التحتية بولاية الخرطوم فلماذا لا يتم تفكيك هذا المصنع الذي ينفث عوادم سمومه في النيل ، لينعم الملايين من أبناء هذا الشعب بماء وهواء نظيف وبيئة صحية سليمة ؟
لماذا لا يتم تفكيك هذا المصنع لتخرس المدافع والطائرات التي تفتك بأبناء الوطن ؟
لم نسمع يوماً أن طلقة من اليرموك أصابت عدواً في حلايب أو شلاتين أو الفشقة أو تل أبيب ، ولكننا نسمع كل يوم بعشرات القتلى والمصابين تفنيهم دانات وقذائف اليرموك في شتى بقاع الوطن ، و مئات المرضى تفتك بهم الحُمِّيات والإسهالات والبلهارسيا والدوسنتاريا وحالات التسمم الغريبة والتهابات الكبد الوبائي وسرطانات الجهاز الهضمي والأمراض الجلدية وأمراض الجهاز التنفسي ، وذلك في قلب العاصمة بالدباسين وأبو آدم والعزوزاب وجبل أولياء !!!!!!
لماذا تصبح حياة الناس رخيصة في سبيل بقاء الإنقاذ وآلتها الحربية ؟؟؟
Mahdi Zain
مهدي زين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..