الديموغرافية الذهنية للسودانيين

ليس هذا بحث علمي و لا هو بمقال حقق شروط كتابة المقالات و لكن يمكن ان يتطور الى اي منهما اذا توفر الزمن و تمدد العمر.

السودان متنوع إلى حد كبير عرقياً ً و ثقافياً و دينياً مما قد يطرأ للذهن بدون كبير عناء أن هذا تباين كبير لا يمكن أن يتعايش اهله فيما بينهم تعايشا سلميا فيما بينهم و تشير الدلائل الماثلة من حروب و منازعات أن شدة الاختلاف بين السودانيين ذات اثر بائن و أنها ذات تكلفة باهظة الثمن من خسائر في الأرواح و الموارد و القعود بالسودان و السودانيين ليس فقط في قاع عدم التطور بل الانحدار إلى غياهب الاندثار.
في هذه النسخة مما اسميه مجازا مقال يتلاشى هذا التباين إلى ثلاثة اختلافات ذهنية (و لا أقول فكرية) تكاد تتحد في غير اختلاف إلا على بعض التفاصيل. هذه القطاعات الثلاث هي:
1- *السوداني المسلم الملتزم أو المتشدد*
2-*السوداني من أصحاب الديانات و المعتقدات الأخرى و المستنيرين و اللادينيين.*
3-*السودانيين المسلمين العاديين*

لا يختلف اثنان على أن الديمغرافية الذهنية السودانية يمكن ان تخرج عن هذه المجموعات كما لا أعتقد أن هناك تداخل واضح overlap بين هذه الذهنيات مما قد يعتقده البعض من تشارك كبير. أقول لا تخرج عن هذه المجموعات لأن الدلائل تشير أن البروفيسر في علم الاجتماع السوداني قد* ينتمي لنفس المجموعة من الذين لم يجدوا حظ في التعليم الاكاديمي و التي تضم كل من يعتقد بأن الإسلام هو الحل و أن الخطأ في التطبيق و من ثم فإنهما لن يدعما من يقول بفصل الدين عن الدولة. في هذه المجموعة يتفق السني و الشيعي و الصوفي و أنصار السنة و غيرهم ال حد يصعب فيه التفريق بينهم*و من اوضح الدلائل تسمية الكثيرين لقوانين الشريعة الاسلامية التي نفذها نميري ب “قوانين سبتمبر” و إن شذ في ذلك الأستاذ محمود محمد طه و لكن اختلافه مع هذه المجموهة ليس جوهرياً فهو يرى أن الاسلام هو الحل أيضاً.
من الدلائل كذلك “تحرج” السياسين في زمن الديمقراطية من إلغاء هذه القوانين لذات الذهنية و أسباب أخرى أقل اهمية من تفتيت و تدهور البلد فهم بذلك يفضلون اندثار البلاد على ان يقوموا بالغاء هذه القوانين.

المجموعة الذهنية الثانية هم أصحاب الديانات و المعتقدات الأخرى scriptural or non-scriptural و اللا دينين و المستنيرون و هؤلاء لا يرون أن الاسلام وحده هو الحل فهم في الغالب اما* تناولهم العسف و عدم الأمن على مدى تواجد مثل هذه الأنظمة و المجموعة الاولى من المتشددين. أغلب هؤلاء لهم رأي واضح في فصل الدين عن الدولة و رأيهم مضاد للمجموعة الاولى.

من أهم المجموعات الذهنية و أكبرها في السودان “إلى عهد قريب” هم المسلمون السودانيون العاديون الذين لا يتعصبون لشيء فهم قد يصلون و يشربون الخمور بعد صلاة العشاء و قد لا يصلون أو يصومون أبدا و لكنهم يعتبرون أنهم مسلمون.

هذه الفئة أكثر سلاما فيما بينها و يكون للتقاليد و الأعراف قدحا معلى على موضوع الدين. قد تتداخل العرقية إلى حد ما في طريقة ممارسة الحياة اليومية و لكن مثلا إذا ترشح صديق لهم سيصوتون لهذا الصديق لأنه صديقهم و يريدون له النجاح بغض النظر عن برنامجه إلا إذا كان برنامجه ذا صبغة متطرفة فإنهم في الغالب لن يصوتوا و سينتظرون ما ستأتي به الصناديق او غيرها و سيتعايشون معه الى حين.*

القصد من هذا العرض المختصر اختصارا غير مخل لفت الانتباه أن النظرة للحالة السودانية بتقسيمات كثيرة و معقدة لن يوجد عملا مؤثراً من ناحية التطبيق أو تنظير يصلح كإطار للتخطيط الفعال فبالنظر إلى الديمغرافية الذهنية للسودانيين يستطيع المهتمين أن يكونوا أكثر فاعلية* بدلاً من الحرث في المكان الخطأ الذي لن ينتج إلا مشكلة أخرى.

أعتقد جازماً أن الاسلاميين قد فطنوا تماما لهذا التقسيم الديمغرافي ثم اجتهدوا في الارتقاء بذهنية السودانيين المسلمين العاديين إلى ذهنية المسلمين الملتزمين أو المتشددين ليتحقق لهم تأمين غالبية ذهنية من الصعب إزالتها حتى ولو بصناديق الاقتراع الديمقراطية.

لا أقول قد نجحوا في ذلك و لكنهم نجحوا في أن يجعلوا القضايا المطروحة أبعد ما تكون في أن تؤثر على مسار هذا التخطيط الاستراتبجي المهم فيما يحرث المعارضون و المختلفون في صخر لا ينتج ثمرا الا بعد طول امد

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ليست الديموغرافية الذهنية للسودانيين هي سبب الصراع في السودان بل الديموغرافية الثقافية هي السبب. الخرطوم عاصمة السودان منطقة تقاطع عمودي للثقافة النيلية الزراعية المستقرة مع ثقافة السافنا الرعوية المتحركة. الصراع في حد ذاته لن ينتهي قريبا، ولكن حسن ادارته يمكن ان تؤدي لأن يكون التنوع مصدر قوة للسودان وسؤ ادارته سيكون مصدر ضعف.

  2. المفكر السوداني استاذ الشيخ محمد الشيخ يري ان البنية االعقلية (او الذهنية) السودانية تسيطر عليها بنية العقل التناسلي. وحسب فهمي لطرح الشيخ محمد الشيخ، فان كل المجموعات الثلاث التي ذكرتها اعلاه تقع _ رغم اختلافها الظاهر _ في نفس المجموعة: يدفعهم في هذه الحياة غريزة وعقلية التكاثر، والتي تحكم جل او كل قيمهم وطموحاتهم.
    هناك _ حسب الاستاذ الشيخ محمد الشيخ _ بالاضافة الي بنية العقل التناسلي بنيتيان اخريتان تحكمان العقل الانساني هما ١. بنية العقل الراسمالي/المادي، وهؤلاء تحكم طموحاتهم وقيمهم المادة وجمع المال والثراء؛ ٢. بنية العقل الخلاق، وهؤلاء تحكم طموحاتهم وقيمهم مدي تمكنهم من الابداع الخلاق.
    ويري الاستاذ الشيخ محمد الشيخ ان لكل انسان كل هذه البنيات الثلاث في عقلة، ولكن بنية واحدة من الثلاثة تسود، وتعمل علي توظيف البنيتين الاخريتين لمصلحتها. في السودان ومعظم الدول المتخلفة اقتصاديا وتنمويا وحضاريا وسياسيا واجتماعيا، فالبنية السائدة هي بنية (او اذا شئت ديموغرافية) العقل التناسلي، ولها يسخر الموسر او المبدع السوداني ما لهما من مكتسبات وملكات البنية المادية (من مال وعقار ونفوذ الخ) او البنية الابداعية الخلاقة (من مواهب فنية/ادبية/معرفية الخ).
    هذا هو النموذج. وطبعا لكل قاعدة شواذ _ يقول الاستاذ الشيخ محمد الشيخ.
    لا اتفق مع كل ما يقول (وليس ذلك مهما هنا) ولكن طرحه يبدو لي اكثر اقترابا للحقيقة من محاولتك هنا.
    ربما يفسر هذا الكثير عن فشل السودانيون منذ الاستقلال!
    مع التقدير والاحترام.

  3. أعتقد أن القصد هو الخريطةالذهنية
    لكاتب المقال أقترح عمل مسح بياني بالأسئلة التالية:
    هل ترى أن الشريعة هي الحل؟
    هل ترى أن الاسلام هو الحل؟
    لا هذا و لا ذاك
    و شوف النتيجه كيف

  4. هل ما اشعل الحروب فى الجنوب واقصى الغرب دون اقصى الشمال والشرق هو اختلاف الديموغرافية الذهنية ؟ لا اعتقد بصحة هذا الراى فنظرة واحدة الى مناطق الصراع والعنصر المقاتل توضح جليا انه صراع اثنى ثقافى كامل الاركان واضح المعالم لا تصلح لعلاجه اساليب العطارين والبصراء والحالة محتاجة لتدخل جراحى عاجل .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..