التسيب.. سرطان الخدمة المدنية

أمس الأول الأحد كان اليوم الأخير في العطلة التي أقرها مجلس الوزراء لعيد الأضحى المبارك على أن يكون يوم أمس الإثنين اليوم الأول للدوام في مؤسسات الخدمة العامة وهو اليوم الذى يفترض أن تنجز فيه مهام ومعاملات متراكمة لأكثر من أسبوع.
هب المواطنون منذ ساعات الصباح الأولى ليقضوا معاملاتهم في دواوين الخدمة العامة ولكن عندما حضر المواطن غاب الموظف الذي كالعادة لم يلتزم بالحضور في اليوم المحدد باعتبار ان (اليوم الإثنين وغدًا الثلاثاء وبعدها الأربعاء جارة الخميس الذي هو في الأساس يوم إداري أو يوم قصير بعده الجمعة إجازة وكذلك السبت) إذن فالعطلة مسمترة حتى الأحد المقبل.
يتسيب الموظفون لأنهم أمنوا شر العقاب او المساءلة في ظل تردٍّ ضرب الخدمة العامة لأكثر من ربع قرن مضى بعد أن تدخلت سياسات المؤتمر الوطنى فيها عبر التمكين وتفضيل الولاء السياسي على الالتزام الأخلاقي والوازع الديني الذي يقول صراحة أن من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل.
موظفو ديوان شؤون الخدمة العامة الذين من المفترض أن يكونوا الجهة الرقابية خرجوا بالأمس قبيل الساعة الثالثة بعد الظهر رغم أن قانونهم ينص على أن نهاية الدوام تكون عن الثالثة والنصف… ولذا فإن كان رب الدار بالدف ضارباً فإن أهل البيت شيمتهم الرقص!!
التسيب سرطان ينخر عود الخدمة المدنية المهترئ أصلاً بعدد من الآفات من لدن التمكين والتعيين بالواسطة وإبعاد الكفاءات والخوف من المسنودين.
لجنة إصلاح الدولة التي تقود عملية الإصلاح كونت لجنة أصبحت تجتمع وتنفض لأكثر من عام دون ان يكون لها أي تأثير مع العلم بأن صلاح الخدمة العامة يبدأ بالانضباط في الحضور والانصراف والانضباط في أداء الوظيفة أولاً قبل أن يمتد للمحاور الأخرى.
بالطبع توجد من اللوائح والقوانين ما يمكِّن من محاسبة العامل او الموظف الذي يقصر في أداء مهامه أو يتسيب عن عمله وتبدأ العقوبة بالتوبيخ والخصم وتصل في أقصاها الى الفصل من الوظيفة ولكن لا أحد يهتم بتطبيق اللوائح لأن المطلوب بتطبيقها نفسه يتسيب في العادة أكثر من موظفيه.
وبالطبع لا نطمع في ان تتحرك وزارة العمل تجاه محاسبة الموظفين المتسيبين لأن الوزارة نفسها أصبحت جعلاً تتنازعه الأحزاب خاصة المؤتمر الوطني الذي تبرع بها للأحزاب المشاركة معه ولكنه لم يتنازل عنها فنشبت الخلافات فيها بين الوزيرة السابقة وإدارة الوزارة لدرجة عصفت بالوزيرة من منصبها في التشكيل الأخير وتم تقسيم الوزارة الى وزارتين.
تحتاج الخدمة العامة إلى ضوابط تستأصل آفة التسيب وآفة الموبايل الذي يقضي فيه الموظفون وقتاً اكثر من الوقت الذي يقضونه في انجاز معاملات الجمهور ويقيني أن ذلك لن يأتى الا بتثقيف العامل بأهمية العمل كقيمة حياتية أكثر من كونه وظيفة تدر دخلاً للموظفين.
ويحتاج إصلاح الخدمة العامة الى إعلاء أمر المحاسبة والابتعاد عن العواطف والمحاباة والخوف من العمق السياسي للموظف أو العامل فضلاً عن إبعاد التدخلات الخارجية في أي شأن داخلي في أي مؤسسة خاصة فيما يتعلق برفع العقوبات التي يمكن أن توقعها المؤسسة على أي من منسوبيها المقصرين في أداء الوظيفة.
[email][email protected][/email]
عن اى عمق سياسى تتحدث الخدمة المدنية اصبحت مقلوبة فالذين هم مدراء هم فى درجات دنيا اما الذين يتعاملون مع المواطن هم فى الدرجة الاولى فما فوق و المدير لا يستطيع محاسبة من هو اعلى درجة منه و الاعلى درجة محبط و اصلو ما فارقة كتير