الوثبة أم بناياً قش!

هذا مثل سودانى يحكى عن الشيخ (فرح ود تكتوك)، لكنه أصبح يضرب على كل شئ يتعب الإنسان في تشييده ، وتكون نتيجته (الفشل) .. مثل (القطية) أو المبنى الذى يعرش (بالقش)، فحينما تأتى الأمطار، تصبح لا قيمة لذلك العرش، لأنه أما أن ذهب مع الرياح أو لم يمنع الأمطار من أن تغمر الأرض وتخرب الدنيا، بالمختصر المفيد يعنى عرش فاشل!
هذا هو حال (الوثبة) الفاشله تماما بجميع أتجاهاتها وكما هو واضح أنها مستخدمة للإستهلاك المحلى وللمواصلة فى سياسة (رزق اليوم باليوم) .. ولكسب الوقت ولكى يمر مؤتمر جنيف لحقوق الإنسان بسلام دون أن يضاف البند الرابع للعاشر.
فهاهو وزير خارجية النظام الذى (هبط) من منصب عال لمنصب أقل درجة، خصيصا وبوجه غير (إسلاموى) كما يبدو، لكى يطالب برفع اسم (النظام) من قائمة الدول الداعمة للأرهاب، ولإعفاء الديون وفك الحصار الإقتصادى.
قبل الحديث عن الوثبة (الضاربة) كما هو واضح، فنحن كسودانيين نتمنى أن تتحقق جميع تلك المطالب، لكن هل يعقل أن يلتهم (النظام) وزمرته تلك الأموال وأن يملأوا منها بطونهم وخزاينهم وأن يشيدوا منها العمارات الشاهقه وزواج مثنى وثلاث ورباع، ثم يطالبوا بإعفاء الديون التى تجاوزت حتى كتابة هذا المقال 45 مليار دولارا .. هل من حقهم أن يطالبوا بإعفاء الديون ومرتبات (مليشيا) واحدة من خمس مليشيات، تزيد شهريا عن 10 مليارات جنيه سودانى؟
أم الصحيح أن يسرحوا تلك (الملبشيات) وان يعيدوا الأموال التى التهموها على دائرة المليم وهى موجودة فى البنوك الخارجية نقدا وموجودة فى شكل عقارات وإستثمارات، ثم بعد ذلك يمكن التفكير فى إعفاء الدين، من خلال نظام سودانى جديد أى بعد أن يفكك النظام مؤسساته كما فعلت ((غانا)) وأن يبتعد (الحزب) الحاكم، ونحن مضطرين أن نسميه (حزب) .. وبعد أن يبقى الجيش الوطنى لوحده فى الساحة، بعد إعادة صياغته وهيكلته، ليبقى جيشا للوطن كله لا للنظام كما هو الحال الآن.
بخلاف ذلك يكون إعفاء الديون عبث وعبء جديد على كاهل الشعب والوطن، لأن الأموال التى نهبها النظام ورموزه سوف تبقى فى مكانها تمنحهم القوة فى جميع المجالات وتمكنهم من المواصلة فى الفوز بالإنتخابات التى تزور وتصرف عليها الأموال.
كيف تعفى (الديون) والأموال التى نهبت سميت (دلعا) وتلطيفا (إختلاسات) وهى سرقة ولصوصية واضحة؟
فاجأ وزير العدل الجديد، الذى ظن فيه الكثيرون خيرا، أن اللصوص الذين سرقوا تلك الأموال والأراضى، لن يحاكموا طالما (تحللوا) يعنى من سرق 100 مليونا يمكن أن يكون قد تحلل ب 20 مليونا، ولهذا رفضنا ولا زلنا نرفض تدخل الدين فى السياسة، وكثير من البسطاء والمغرر بهم حينما يسمعون مثل هذا الكلام، يظنون جهلا أن مطالبة الأذكياء برفض تدخل الدين فى السياسة، يعنى منع الناس من اداء الصلاة والصيام أو تحويل البلد الى خمارات وملاهى ليلية وبيوت دعارة .. والأمر ليس كذلك ايها (المغرر) بهم، فتدخل الدين فى السياسة وبالتالى فى القانون، يساهم فيما يتذمر الناس جميعهم الآن منه، بأن يعفى الحرامى واللص من المحاكمة لأنه قد (تحلل) وهذا فهم (دينى).
لو خضع ذلك (الحرامى) الى القانون، فالمفروض اولا أن يبقى رهن الإعتقال وأن يقدم لمحاكمة، تسترد الأموال التى نهبها ثم يعاقب بغرامة اضافية وعدد من السنوات فى السجن، فرئيس (إسرائيل) عوقب هكذا، ولذلك تجد إسرائيل دعما من الدول الكبرى والديمقراطية، لأنها مهما أرتكبت من جرائم وفظائع فى حق (الفلسطينين) كدولة (محتلة) لكنها لا يمكن أن تسامح مسئولا مهما بلغ منصبه على جرائم سرقة أو تهرب ضريبى، ولذلك يعتبرونها الدولة الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة.
حتى لا يزائد علينا أحد، هذا النظام لا يستحق اى نوع من التسامح أو تخفيف الضغط فالشعب اصلا لن يستفيد من ذلك التسامح أو من تخفيف الضغط على كاهله.
بالعودة للوثبه (أم بنايا قش)، فمع من يجرى ذلك (الحوار) إذا كان هنالك جهات مؤمنة به وبجدواه، هل هنالك قيمة لحوار رفضت أن تشارك فيه حركات المقاومة الرئيسة حاملة السلاح بكاملها؟ ومن عجب أن قناة النظام (الشروق) تتفن فى كل يوم فى ذكر حركة سوف تشارك فى الحوار، فيصدر مباشرة نفى من رئيسها أو ناطقها الرسمى، وأضح أنهم يجهزون حركات (هلامية) لكى تقوم بتلك المهمة.
هل هنالك قيمة لحوار رفضته أحزاب قوى الإجماع أغلبها ، اذا لم تكن كلها وفى مقدمتها الحزب الشيوعى وحزب المؤتمر السودانى؟
ولماذا التهافت الآن على السيد / الصادق المهدى و(كسير التلج) من خلال رئيس النظام، المنقول عبر أبنه مساعد الرئيس؟
اليس غريبا أن يطلق مساعد رئيس الجمهورية تصريحا يقول فيه أنه (التقى) بالرئيس وكأنه سفير دولة أجنبية، وما هو دور (مساعد) الرئيس إذا لم يكن يلتقيه يوميا ويتحاور معه حول مختلف القضايا؟ الا يؤكد هذا الكلام ماقاله السيد/ منى اركو ميناوى، حينما كان كبيرا لمساعدى رئيس الجمهورية، بأنه ما كان يدعى لحضور إجتماعات المجلس الرئاسى؟
اليس السيد/ الصادق المهدى، هو ذاته الذى أهانه (النظام) بالزج به فى (المعتقل) واساء اليه الرئيس على الهواء مباشرة، حينما أنعقد لقاء (باريس) وقال بأن ذلك اللقاء نظمته (إسرائيل) واضاف أنها كانت محتاجة الى شخصية (قومية) فأختارت الصادق المهدى؟
الآن يتهافتون على الرجل ويثمنون خطابه فى العيد لأنهم فى حاجة الى (شخصية) تنقذ هذا الحوار من الفشل، لأنه لن ينجح (بكمال عمر) أو (بأبن) السيد/ محمد عثمان الميرغنى، طالما (الإتحاديين) الشرفاء، رايهم متطابق مع قوى الإجماع.
رغم أننا فى الجانب الذى لا يرى أملا فى النظام ولا جدوى فى التحاور معه ولا حل للوطن الا فى اسقاط هذا النظام، بثورة تقتلعه من جذوره، لأنهم اصحاب مشروع (ظلامى) يعادى الإنسانية ولا يعترف بالديمقراطية وحقوق الإنسان وبالتبادل السلمى للسلطة، ومبدأهم أما أن أحكمك أو أن أقتلك.
لكن لو كان من هذا الحوار خير، ولكى يعرى النظام ويفضحه (إعلاميا) وأن يتحول الى (محاكمة) للنظام يراها العالم كله، فلابد من أن يتراسه شخص غير رئيس (النظام) لأنه لا يحظى بتأييد أو إجماع الا من الأرزقيه والمأجورين .. ولا بد من أن يجرى الحوار كله بالخارج وعلنا، والنظام السودانى بكلما فيه من سوء، كان شريكا اساسيا فى المفاوضات والحوار (الجنوبى / الجنوبى)، الذى أنعقد كله فى الخارج حتى توصل الجنوبيون حكومة ومعارضة ? متمردين – الى اتفاقية سلام.
الأمر الثانى لابد أن تكون القوى السودانية كلها ممثلة فى ذلك الحوار ، أحزاب وحركات ومنظمات مجتمع مدنى وبالتساوى، حيث لا شئ اسمه (7+7) هذه الفكرة التى ابتدعها انصار النظام وأرزقيته وماجوريه، لأنهم لا يستطيعون الحياة دون التسبيح بحمد (المؤتمر الوطنى) ورئيس النظام.
أخيرا .. واضح أن هذه (الوثبة) فاشلة وهى وثبة فى ظلام وفى فراغ، لن تنقذها مشاركة الرئيس التشادى أو كل رؤساء الجوار.
تاج السر حسين ? [email][email protected][/email]