الفصل التاسع من رواية (عبدالدايم وبت اندراوس)

الفصل التاسع (عبد الدايم وبت اندراوس)
بعودة (بارد النسم ) وبنتها (صابرين ) اكتست القرية بنسمه باردة من الا فراح والليالي الملاح بين مديح وغناء ونحر الكرامات حتي كانت العلامة الفارقه في هذه الاحتفالات هو غناء ورقص صابرين نفسها كختام لتلك الايام حيث انشدت بصوت عذب وهي تحتضن (دلوكتها ) تضرب عليها وهي تغني :ـ
بالسلامه يا اهلنا جينا راجعين
لديارنا الطيبة واهلنا الطيبين
سوونا الكرامة واصبحنا فرحانين
سي فوق سيادي بين الرجال باينين
ضوايه وجوهم قمر دورين
نسل الطيبي والطيبين
يعيش في طرفم الفقرا والمسا كين
ديل ان ادوك ما بكونو عادين
شمالم ما بنعرف كم صرفت اليمين
نور الصلاة يتلاصف دوام نايرين
ديمه لي الله يا راكعين يا ساجدين
حامدين لي الله شاكرين
ديل اسود الدنيا والدين
ان شاء الله في حمي المصطفي الامين
صلاتنا عليهو ما تنقطع ليوم الدين
نعيش في سعادة سالمين
مع سيادنا ما نشوف الا العديل والزين
كدي فوق سيادي بين الرجال باينين
وجوهم نايره تقول قمر دورين
فكانت هذه اجمل خاتمه لتلك الايام الجميلة التي عاشتها القريه لدرجت انهم تصوروا انها لن تكرر ولن يعقبها ما يكدرها حتي جاء عبد الدايم وزجته (بت اندراوس ) ذات مساء في زيارة لمنزل ابن عمه حسن حتي جلسا الي بعض سويا فلاحظ ابن العميد حسن ان عبد الدايم ساهما سارحا تكسو وجهه مسحة حزن حتي استفسره عن ذلك في الحوار التالي :ـ
ابن العميد حسن :ـ عبد الدايم قول بسو الله …مالك
عبد الدايم :ـ والله بلدنا جاياها مصائب عامة وخاصه
ابن العميد :ـ يا كافي البلا يا لطيف الطف بنا فيما نزل انت لطيف لم تزل حي قيوم منذ الازل والي الازل
عبد الدايم :ـ امين الله يقبل دعاك ويفرج الكرب الجاية
ابن العميد :ـ كدي اتكلم شفت شنو ولا واحد من الدارويش مرا عليك
عبد الدايم :ـ واحد بس
ابن العميد :ـ كدي احكي سمعت شنو منهم
عبد الدايم :ـ اول امس مرقت من بوش الفايتاب العصير في القوز القدامي شفت خادمكم (بخات ) الدرويشه واقفه فوق القوز
ابن العميد :ـ اها قالت شنو
عبد الدايم :ـ اتاري كانت واقفه داير تصلي العصر …جنبها قرعة مريسي (مدففه باردي ) سمعتها تقول للشفاع (يا شفاع زحو خلوني اشوف بيت الله مشان اصلي عليهم ) ثم كبرت قال ( الله الله اكبر الواطه واطاتك والصلاة صلاتك اشيا اندقا فوق واطتك ) بعداك سمعتها تقول (سي سي كدي فوق بيت الله اماني مو سمح ومنور من السما للواطه والناس طايفين منورين يلمعوا زي القمرا يا ربي توعدني هناك ) ثم كبرت !!!
ابن العميد :ـ وبعدين
عبد الدايم :ـ وقفت جنبها وهي مره مره تلتفت لي قرعة المريسي صلت صلاة غريبه صلت تلاته ركعات وتاني صلت اتنين وسلمت !!!
ابن العميد :ـ لا تبقي هبشت القرعه !!!
عبد الدايم :ـ شن يوديني دي مصيبه وسمها فاير عشقانه تمدح وتبكي وشالت القرعه جرت منها نفس طويل واتلفتت علي قائله (دا موش عشاي وصاري لحم البوش امشي اشوشو واكركع قرعتي واصلي العشا حامدي الله وشاكراه )
ويستطرد عبد الدايم قائلا نان الخبر شنو ردت بخات قائلة ( والله يا عبدالدايم ان شاء الله خير اول امس شفت منام غريب ما بعرف حكايتو شنو )
ابن العميد :ـ كدي احكي قالت شنو
عبدالدايم :ـ قالت (كانت نايمه شافت صور واحد لابس عسكري تقع من السماء ومع كل صوره ينزل دم وصوت يقول النميري جاييكم …النميري جاييكم اتردمت الصور ما قدرت اعدها )
ابن العميد :ـ تعرف من طردوا نواب الشيوعيين من البرلمان انا عرفت الحكاية مابتمشي علي عديل الله يستر من الجاي !!!
عبد الدايم :ـ يعني في انقلاب شيوعي انا قبيل قلت الانجليز ما يمرقوا وجع ياخدكم خمو وصروا
ابن العميد :ـ ما بتعرف المصيبة تجي من وين انت ما شايف الاضرابات والمطالب من النقابات دا كلو بدايات لمصائب قادمه البلد ما حملها !!!
عبد الدايم :ـ يا ربي الشقي الجاي دا من وين
ابن العميد :ـ لا يبقي من جماعتنا ناس بحري (شمالنا )
عبد الدايم :ـ من ناس ود نميري
ابن العميد :ـ اظنو منهم
عبد الدايم :ـ نان ما واطتنا اصبحت
ابن العميد :ـ والله مشكله ديل جبارين
عبد الدايم :ـ العوجه ضربتنا ان بقا زي جدو كعب
ابن العميد :ـ يضحك طبعا انت عارف جدو لمان حكم منطقتهم من قلعتو فوق الجبل من خوف الناس منو لمان مات نامن ريحتو طلعت ما في زول قدر يقرب عليه زي ما بتقول الروايات المتواتره !!!
عبد الدايم :ـ نان تفسيرك للدم مع الصورة شنو
ابن العميد :ـ الله يستر الدم ان يدخل في السياسة تاني تبقي تارات !!!
عبد الدايم :ـ والله نحن ناس طيبين ما بنعرف الدم في الحكم ولا داعي له يخاونا في معيشتنا الهادية
ابن العميد :ـ والله ولادنا المتعلمين ديل غير ضك الحنق والفسلفه الفاضية الا يودونا في ستين داهيه ..الله يستر
عبد الدايم :ـ دي مصيبة عامه ما شفت الفطقي قال شنو امس بالليل
ابن العميد :ـ يا ساتر دا كمان بتين جا وما مرا عليا ليشن
عبد الدايم :ـ جاني بعد نص الليل راكب قصبتو وقف فوق راسي وهو يقول اوش حاو كانها حمارا لمان صحيت
ابن العميد :ـ اها قال شنو الله يكفينا شرو كلامو ما قاعد يقع واطا
عبد الدايم :ـ قال داير يشرب لبن قمت قسمت اللبن شربو وحمد الله وقال لي (والله قمحكم السنه سمح وانتو فرحانين بيهو بيجيكم بلا ما يحلكم منو الا الفكي ميرغني !!!
ابن العميد :ـ ما سالتو من نوع البلا وليه ما خليتو يمر عليا
عبد الدايم :ـ سالتو قال يا جراد يا فار وقلتلو امشي لي حسن مشان يفسر الموضوع !!!
ابن العميد :ـ غريبه ما جاني
عبد الدايم :ـ قال عندو مشوار مقطع بحر للغرب وقال (شن يوديني بالليل جنب جامعكم اهلكم الصلاح يضربوني نامن اموت شئ بالحجر وشئ بالعصا ناسكم صعبين وحارين متحزمين ومتلزمين حارسين البلد بالليل وانتو نايمين في امان !!!
ابن العميد :ـ انا عارف كل الدراويش بالليل يشردوا مننا يخافو علي نفسهم باقي غارات الصالحين صعبه مع بعض !!!
عبد الدايم :ـ والله انا اتلخبطت حساباتي من بخات والفقطقي
ابن العميد :ـ مالك حسابات شنو
عبدايم :ـ كان عندي فكرة ازوج ود اخوي محمد ىباقي عول واخاف يشرد يسافر يمشي الجيش ولا البوليس !!!
ابن العميد :ـ خلي مسرة القمح تعدي علي خير باقي ياهو ضراعك
عبد الدايم :ـ العرس في الصيف حار وبعدين يجي اللرق والناس تهج من البلد يبقي ما عندو طعم والجنا بقا ينقنق كتير !!
ابن العميد :ـ انت اوعدو اصلو داير بت عمو احمد نامن القمح ينجض يبقي علي الشربه الاخيره اخر طوبه علي بداية امشير نسوي العرس !!!
عبد الدايم :ـ خلاص والله فكرة كويسه خلاص اتفقنا بس خلي في سرك
وهكذا ما كاد العشاء الذي جئ به ينتهي حتي صاح عبدالدايم :ـ
عبد الدايم :ـ يلا يا بت اندراوس ان شاء الله تبقي صليتي العشاء قبل العشي
وهنا يتدخل ابن العميد ضاحكا (ان اتعشت ما بتصلي العشاء )
عبد الدايم :ـ عليك امان الله ترخم وحيلا يموت الليل كلو تهلوس (سمح بقوم اصلي ) تدينا السهر وبعدين اوع بالك اختك فاكره ابوها بيدخلا الجني معاهو ما بتصدق كلامي انو كل شاه معلقه من عصبتها عليك الله همتك معاي في اختك المرخرخه دي !!!
ابن العميد :ـ يضحك ولخته تقف بجواره قائلا (وافق شنن طبقه )الله شافكم ولماكم !!!
هنا تتدخل بت اندراوس ( الصلعه المقابله الحر انت صلاتك ياها النعيمي انا قدر البسوي احسن منك )
عبد الدايم :ـ يا هو دا حسن انا حقي خليتو بس ..سوي حق الله … ابوك ما بنفعك بعدين طوطين !!!
لم تمضي ايام حتي تحققت النبوءه الاولي اذ تفاجأت القرية التي اعتادت ان تبدأ يومها بعد صلاة الفجر مباشرة ان قريتهم تفجرت ارضها طوفان من الفئران للدرجة التي تقتل وانت ماشي وكانك تمشي علي بساط منها مما جن جنون القريه فاذا الصياح والكوراك ضرب وكل القرية اتجهت مذهولة لمزارع القمح لتجد نفسها فجاة امام كارثه محققه وصوت الفئران تقرض في القمح كانها مناشير اخشاب مما جعل المدارس تاخذ اجازة واصبحت القرية تطارد في الفأر قتلا وحرقا وصياحا وهم في حالة هياج خائفين ان يستمر ذلك لاكثر من يوم مما يعني نهاية محزنه لامالهم في محصول وفير هذا العام وقد ظلوا بالمزارع لا ياكلون ولا يشربون حيث وزعوا البلح لبعضهم البعض اذ لا مجال للجلوس لاكل الطعام بل ومن ياتي اين الطعام والكل هائم علي وجه وسط حقول يبذل اقصي ما لديه لدرء هذه الكارثه !!!
قبل مغيب شمس ذلك اليوم ارسل المزارعون اطفالهم الصغار راجعين الي البيوت خوفا عليهم من العقارب والثعابين ومعهم بعض الشباب ليوصلوهم بامان وياتو بالرتائن والفوانيس والبطاريات والبطانين والحطب للتدفئة من برد (طوبه ) القارس فاذا بهم يتفاجأوا بوصول الفكي ميرغني تما ما كما قال الفطقي فاذا يخطب الشباب قائلا :ـ
الفكي ميرغني :ـ يا اولاد وين اهلكم
الاولاد :ـ تحت في الزراعة قيامتنا قايمة مع الفأر
الفكي ميرغني :ـ عارف
الاولاد :ـ يا شينخا انزلهم تحت
الفكي ميرغني :ـ فيكم واحد يعرف يضبح
زايد :ـ انا يا يا شيخ
الفكي ميرغني :ـ اضبح النعجة دي
زايد :ـ لكين اهلها بعدين
الفكي ميرغني :ـ قولهم جدنا الفكي جا من دنقلا ضبحا كرامة تشيل البلا
زايد :ـ سمح وهو يقلب النعجة غلط ليس تجاه القبله يتدخل الفكي
الفكي ميرغني :ـ، لا يا زايد انت ما بتعرف منو يا اولاد هنا يتدخل سالم
سالم :ـ انا بعرف
الفكي ميرغي :ـ اقلب النعجة تجاه القبله وكبر تلاته تكبيرات وقول كرامه للله ترفع البلا
ما كاد سالم يتم العمليه فاذا بالفكي ميرغني يقول لهم (سلموا علي اهلكم انا ماشي قدام حتي نهاية البلد دا بلا عام انا من قمت من دنقلا العجوز في كل حله اضبح ماشي ربنا يتقبل مع السلامه )
ما كادت تلك الليلة العصيبه تنقضي ويطلع فجرها حتي فوجئ اهل الجزيرة كلها من اقصاها الي اقصاها بان الارض قد ابتلعت طوفانها ذاك الذي ذكرهم بطوفان سيدنا نوح عليه السلام فاذا بالاذان ينطلق في المزارع والتهليل والتكبير وزغاريد النساء يشق عنان السماء حتي انهم من فرط الفرحه بكوا باعلي صوتهم متعانقين عناقا حارا وما كادت الشمس تشرق وتاتي بعض الفتيات بالشاي حتي كانت المفاجاه حين قالت الفتيات لهم (الحكايي وما فيها انو الفكي ميرغني مرا امس قريب المغرب ضبح كرامة وفات وقال بترفع البلا بحول الله وقوته ) فاذا بالجميع يشهقون بالشهادة موحدين قائلين لابن العميد (حسن ) لابد من عمل كرامه كبيره تجمع شملهم ولابد من صلاة الشكر معها ) فاذا بعبدالدايم يتدخل كعادته قائلا :ـ
عبد الدايم :ـ وجع يا خدكم انا كم مره اقول لكم سووا الكرامه تصهينوا
المزارعين :ـ والله صدقت شغلتنا المسره !!!
عبد الدايم :ـ لا لا عجبتكم المسره وسماحة القمح واغتريتو ونسيتوا الله تري وراكم الشر القدر غداكم
المزارعين :ـ والله يا عبد الدايم انت دايما زول نصيحه
عبد الدايم :ـ لكين البيسمع منو الا الفاس تقع في الراس حتي تعرفو الله حق
المزارعين :ـ التوبه من هذي النوبه والله تاني ما نخلي الكرامة مدة الابد
عبدالدايم :ـ اسالوا حسن انا جاني الفطقي وكلمني بالبلا دا لكين ما كنت قايلو قريب كدي !!!
وهكذا اتفق اهل القرية علي عمل كرامة كبيرة يتبعها ذكر ومدائح وانشاد ديني ويدعو لها الفكي ميرغني من دنقلا العجوز يجي مع الحيران لتلاوة كامل القران علي ماء ويقسموا علي المزارع حفظا لها من البلا حتي تنتهي المسرة وبذلك تحققت النبوءة الاولي للفطقي وبقيت نبوءة الدرويشة( بخات) طي الكتمان !!!
1.شكرا للقاص سيف الدين خواجة علي هذا الابداع المتصل، كما في هذا الفصل الذي يتجلي فيه مرة أخري تمكن الكاتب من كل عناصر البني السردي الحذق والمشوق والمشرب بالاصالة والتفرد.
So keep up the good work
2. تصويبات:
وزجته (بت اندراوس ) = وزوجته (بت اندراوس ) ؛ حتي استفسره = فاستفسره ؛ بل ومن ياتي اين الطعام = بل ومن اين ياتي الطعام ؛ فاذا يخطب الشباب قائلا :ـ = واذا به يخاطب الشباب قائلا :ـ ؛
كامل القران علي ماء ويقسموا = كامل القران علي ماء يقسموه
قصة فارغه وهايفه و عديمه المغزى و المحتوى قلنا ليك الف مره خليك فى الكوره و كثيير الصلج لناس الراحل الزبير وصلاح دولار و ما تنسى الشهيد عبيد ختم .