نحو مدخل نزيه لوحدة المعارضة السودانية

على الرغم من اشتداد الحماس النظري للتغيير السياسي والاجتماعي عند النخب والافراد. إلا أن الجميع يتفق أنه ليس في الإمكان تغيير لا تصنعه الجماهير العريضة ولا تسنده كتلتها المتجاوزة لكل التقسيمات القديمة والجديدة. لا سيما في هذه الحالة الراهنة والتي تمتعت بسيولة سياسية منقطعة النظير في التاريخ السوداني الحديث. فلم يكن يعلو في السابق صوت المواطن العادي ? منضويا لحزب أو غير منضو ٍ – على صوت الحزب أو القيادة أو الزعامة بمثل ما هو يفعل الآن.
الآفاق التي تفتحها معادلات الواقع المعيش لالتحام الجماهير والتفافها حول مهمة صناعة التغيير ومساندته أوسع من أن تحصيها هذه المقالة المعنية بعكس ذلك الآن؛ رصد بعض المعوقات النظرية والعملية التي قد تحول بين هذا الالتحام وهذا الالتفاف الواجب الممكن.
بالنظر إلى الشرائح الأشد نشاطا وتأثيرا وهما شريحة الشباب و شريحة “كبار” الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والأربعين أو الخمسين ويندر أن تجد الذين هم خارج هاتين الشريحيتين منخرطين في عمل ذي طبيعة سياسية أو ثورية مباشرا كان أو غير مباشر. اللهم إلا أن يكون منتميا إلى تنظيم أو حزب سياسي محدد أو يحمل وعيا خاصا يجعله يسلك سلوك السياسيين والثوريين المنهجين. عكس الشريحيتين المذكورتين حيث تنشط وتتحمس أعداد كبيرة لا تنتمي للأحزاب السياسية. وحتى الذين ينتمون لهذه الأحزاب من هاتين الشريحتين باتوا يتطلعون لدور أكبر بكثير من مجرد التبعية العمياء وانتظار الإشارة أو التوجيهات من الطبقة أو المجموعة أو الفرد القائد أو الزعيم.
إلى هنا والصورة لا بأس بها ولكن يتعين علينا أن نقترب أكثر لنتحسس مكونات الخطابات السياسية والفكرية التي تتحكم في هاتين الشريحتين وإلى أي مدى يمكن أن تساعد هذه المكونات في إصلاد الكتلة الجماهيرية الفاعلة أو – على الأقل – اجتذاب أكبر قدر ممكن من آحادها إلى فكرة متكاملة الملامح ومستجيبة لأسئلتهم المشتركة ? على الأقل ? عن ماهية التغيير المنشود وضمانات تلبيته لتطلعاتهم المشروعة في حياة حرة كريمة ومطمئنة.
هذا هو المدخل النزيه، وليس سواه بحال من الأحوال، إلى مهمة وحدة أو توحيد قوى المقاومة السودانية. فالعمل المعارض والمقاوم يتعين عليه أن ينظر إلى هذه الكتلة المغيبة باعتبارها عنصرا طليعيا في عملية المقاومة وليس عنصرا تابعا بحال من الأحوال. والقوى والواجهات “القديمة” ، ونأسف لهذا التوصيف المؤلم ولكنها حقيقة مرور الوقت التي طالما تجاهلها المتباطئون عن إنقاذ النظام، نقول أن القوى والواجهات القديمة يتعين عليها أن توائم وجودها داخل كيمياء هذه الكتلة الجماهيرية “الشبابية” الفاعلة وليس خارجها أو بالضد منها إن أرادت أن تكتب لنفسها استمرارية في سودان ما بعد الإنقاذ
أهم مكونات الخطابات السياسية التي تتحكم في هؤلاء الشباب في تقديري المتواضع هي
1- النزعة الوطنية السودانوية : وهي الأهم على الإطلاق، بداهة أننا نتحدث عن وطن سوداني تقوم الدولة فيه على أساس المواطنة الأمر الذي يتطلب تشرب السودانوية اعتناقا واحتراما وهذه يشترك فيها الجميع
2- نزعات العدالة الاجتماعية والحريات الأساسية وهذه يشترك فيها أغلب المنضوين تحت الواجهات والتنظيمات السياسية ومعظم الذين هم خارجها وهي نزعات لا تعارض فيما بينها وتجد القبول عند غير المتحمسين لها وهي أيضا إطار لابد منه لسودان ما بعد الإنقاذ
3- النزعات السياسية المحافظة (ما يمكن تسميته يمين الوسط واليمين غير المتطرف) والمتمثلة في الكثير من كوادر وشباب الاحزاب العتيقة (بما فيهم طيف من اليساريين التقليديين والجمهوريين أيضا بالمناسبة) والنزعات الليبرالية الجديدة التي تنادي بحريات شخصية أكثر مما تتضمنه مواثيق الحريات السياسية والمدنية وينشأ بالبداهة بين هاتين الحزمتين من النزعات تعارض وتناقض واضح وهنا مربط فرس هذا المقال!
كيف سنجد الطريق إلى كتلة ثورية شبابية صلدة في ظل هذا التناقض الواضح، وفي ظل حقائق أخرى مرتبطة تتعلق بالطبيعة الثقافية والروحية للمجتمع السوداني الذي نطمح لإخراجه من أغلال الاستغلال الدينوسياسي إلى رحاب دولة مدنية تسد جوعته وتوفر حرفته وتحترم عقيدته وتباشر تنميته وتحقق رفاهيته وأمنه وطمأنينته ؟
ولعل من حسن الطالع أن نظام الاستغلال الدينوسياسي احتفى احتفاء شديدا جدا في حواره المكذوب المزعوم بأعتى دعاة الحريات المثلية المزعومة من السودانيين
الله في!

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..