أخبار السودان

حوار العمرين مع مراعاة فروق المواقع ..!

الدكتور عمر الجزلي له كامل التقدير و العتبى والمعذرة حتى يرضى .. فهو إعلامي معتق و مخضرم ..على مدى سنوات طويلة وثق لكثير من الشخصيات السودانية وغيرها عبر برنامجه المعروف .. اسماء في حياتنا .
لكن أغلب ممن إستضافهم الرجل والأعمار بيد الله من قبل ومن بعد .. قد رحلوا بعد شهور قليلة من بث حلقاتهم أو حتى قبل ذلك بايام .. لذا فقد كان آخرون يرفضون مجرد عرض الجزلي التوثيق لهم .. خشية أن يطلق عليهم بعدها لقب الراحل المقيم !
ما كان يؤخذ على الجزلي ايضاً رغم ما أسداه من خدمة عظيمة للذاكرة التاريخية في مكتبة التلفزيون .. إنه يستاثر بكثيرٍ من زمن فرصة التوثيق عوضاً عن تركها لإسترسال الضيف في سرده فتصبح حواراً دائرياً ناقص بين طرفين بدلا من إلقاء الأسئلة في إيجاز ومن ثم فتح المجال واسعاً دون مقاطعة أو مداخلات يستعرض فيها المضيف أكثر من الضيف سيل ما يختزنه من معلومات عن سيرة حياة ضيفه .. فتخرج المعادلة أن الجزلي قد إستحوذ فيها على مساحة تقارب ما ناله الضيف من دقائق الحلقة !
الرئيس البشير في حواره بالأمس لعله قد مضى على طريق الجزلي بالقلم والمسطرة .. فقد خاف شيوخ المعارضة من الإحتراق في فرصة حواره خشية أن تكون الأخيرة ويطلق عليهم لقب الراحل فغابوا وإن حضر من حضر من أعضاء احزابهم وفق مسميات شتى.. عدا الشيخ الترابي الذي لا يبدو أنه يتذكر الموت في غفلة أحلامه بل يظن أنه خالد فيها حتى ينال من مآربه ما يرضي طموحه المتجدد رغم تراكم السنوات فوق ظهره المثقل باثام الإنقاذ وغيرها من فترات أوهامه وشطحاته السياسية.. فهو يتصور أنه لن يرحل قبل أن يصلي على كل الراحلين !
والرئيس من منصة ترؤسه لحوار من طرف واحد ومستمعيه ممثلو أحزاب ليست لها أسماء في حياتنا منح نفسه كل الزمن و جاد على الحضور بثلاث دقائق لاغيرلكل متداخل أو متداخلة .. حتى صرخت محتجة إحدى الحاضرات وهي غاضبة .. فأستضافتها سريعاً حرية التعبير التي هي إحدى أجندة المؤتمر .. خارج القاعة وربما الى مكان أكثر تعبيرا عن جدية أمن الإنقاذ حيال لغة الحوار على طريقته ..!
وبتلك الطريقة وهنا الفارق بين أسلوب الجزلي ونهج الرئيس الذي أصبح حواره مع من يُفترض أنهم جاءوا للحل والربط .. أنه أحالهم الى مجرد تلاميذ في حضرة ناظرمتسلط يهدد الغائبين ويتوعد المحرضين و يُملىء القول على الحاضرين ولا يطيق الإطالة في المجادلة .. وذلك يشكل صورة واضحة لمنطق الإنقاذ الحواري و خيبة لظن كل الذين يتوسمون في من يجلد السياسين مثل أطفال الروضة لأنهم خالفوه الرأي أو يعتقل الخارجين في مظاهرات سلمية بل و يطلق عليهم وابل رصاصه ويمنع قادة المعارضة من السفر خشية أن يقوى منطقهم في إقناع من ينون الحضور بغير ذلك على منطق الحكومة في إستقطابهم لقاعة حوار الرئيس الأوحد.. يمكن أن يتسع صدره لقبول حوار الآخرين إن هم قالوا رايهم فيه صراحة ودون مؤاربة أو خوف!
وحيث أن الشي بالشي يذكر فقد خطرت ببالي تلك الطرفة التي حكاها الناس عن أن أحد المتزلفين للمناصب من مكسري الثلج وما أكثرهم وقد نافقوا اهل الإنقاذ واحالوهم الى صحابة في أحلامهم المزعومة ..
مثلما إفترى القول أحدهم وهو يخاطب الدكتور نافع..مقسماً برؤية الرجل ويد الرسول الكريمة ممسكة بيده والنبي يبارك له ولرفاقه الإنقاذيين التمكين في الأرض ..أو ذلك النائب الذي نقل وصية نبينا الصادق الأمين الى البروفيسور مامون حميدة .. مادحا إنجازاته وإخلاصه في مهمته الإنسانية !
فقد ذهب أحدهم هو الآخر للرئيس البشير ليقول له .. رأيتكما تجلسان معاً في الفردوس ..أنتما العمرين .. أنت ببزتك العسكرية المهيبة و الخليفة عمر بن الخطاب ببدلة بيضاء وربطة عنق حمراء أنيقة .. فقال له الرئيس ضاحكاً وقد سرته الرؤيا في حد ذاتها بالطبع ..لالالا لعل من كان يجلس حيالي هو عمر الجزلي في أسماء في حياتنا.!
وطبعاً لن يلبي الرئيس طلب النجم التلفزيوني ولو طال به العمر و تمدد زمن حكمه الطويل ..إن كان ذلك في شاشة اليقظة أو حتى في عمق السُبات إذا ما دعاه للجلوس اليه ..فتوثيق الجزلي عنده يظل مثل عقدة الجنائية إياها.. بل و ربما أكثر!

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..