السيد وزير الإعلام نخالفك الرأى

شاهدت عددا من الحوارات التي تجريها قناة الشروق، مع عدد من الذين يشاركون في الحوار الوطني الجاري اليوم في الخرطوم، بدأ المحاور في حواراته الأولي ميالا بالرأي المؤيد للحوار، و ناقدا للقوي التي لم تشارك في الحوار الوطني، و كانت المهنية تحتم عليه أن لا يميل للرأي الخاص، بقدر ما يطرح من التساؤلات ما يوضح الغائب عن الفهم، و لكن باستمرار اللقاءات بدأ الميل ينداح أكثر إلي الموضوعية، و في هذه الحالة نجد العذر لهؤلاء، باعتبار إن الذين يعملون في ظل النظم غير الديمقراطية، لا يعرفون الحيادية، لآن النظام نفسه لا يسمح بذلك، أن الكثير من العاملين في الإعلام جاء بهم الولاء، لبعض هذه المواقع في أجهزة الإعلام، فالتخلي عن الانحياز يحتاج وقتا. و لكن في ظل هذه اللقاءات، لفت نظري اللقاء الذي أجري مع وزير الإعلام الدكتور أحمد بلال عثمان و الدكتور النور جادين أستاذ الإعلام. ركز الدكتور أحمد بلال عثمان في حديثه علي قضيتين، كانتا محور اهتمامه، و اتخذها إستراتيجية لتعضيد رؤيته، إن كان كرؤية فردية أو كحزب، القضية الأولي تتعلق بالحوار خارج السودان، و الثانية محاولة استعداء الحزب الحاكم ” المؤتمر الوطني” ضد القوي التي تطالب بالتغيير، باعتبار إن الدكتور من خلال إشاراته السياسية، يحاول أن يؤكد أنه مؤيدا لنظام الحزب الواحد.
و قبل الخوض في رؤية الدكتور بلال، هناك مصطلحين مختلفين في الخطاب السياسي، المصطلح الأول هو ” الإصلاح” الذي يتردد في خطابات السيد رئيس الجمهورية، و الرئيس حتى الآن لم يتحدث عن التغيير السياسي، أو التحول الديمقراطي، و ربما يكون الرئيس معذورا لأنه لا يريد أن يثبت إدانة بنفسه علي النظام، و يريد أن تأتي قضية التغيير من القوي المعارضة، بعد أن يحصل مساومة فيها، و هي مقبولة في ظل الصراع السياسي، و المعارضة تتحدث عن تغيير النظام، و التغيير يأتي لرفضهم لدولة الحزب الواحد، و يتطلعون للدولة التعددية، و هذا التحول يتطلب تغيير في هيكلية الدولة، و في القوانين، أما القوي المتحالفة مع الحزب الحاكم، هي مضطربة في تقيمها لقضية نظام الحكم، فخطابها أيضا مضطرب بسبب رؤيتها، فهي تريد أن تكون مناصرة للحزب الحاكم، لكي تكون مشاركة باستمرار في السلطة، فتتحدث عن “الإصلاح” مرة، و عند الحديث عن الديمقراطية تأتي بمصطلح ” التغيير” لكي تبين للمعارضة إنها تشاركها الرأي و لكن بتحفظ، و من هؤلاء الدكتور أحمد بلال، الذي يحاول أن يخلط المفهومين، و هما مختلفين في المقصد و الدلالة، و كل له إجراءاته الخاصة في العملية السياسية.
يقول الدكتور أحمد بلال في الحوار في تلفزيون الشروق ( إن المعارضة ساعية إلي نقل الحوار خارج السودان، و نحن لن نقبل حوار أهل السودان أن يكون بالخارج، حيث كل القوي السياسية هي في الداخل، ما عدا حزب الأمة رئيسه في الخارج، أما الحزب في الداخل، و لكن يمكن أن نتحاور مع الحركات في الخارج، بهدف إقناعهم للحضور للمشاركة في المؤتمر في الداخل) هذا الحديث يفارق الحقائق، و إذا كان السيد وزير الإعلام، يحاول أن يلوي عنق الحقيقة، و بهذه المقولة يجعل عدم تصديق الأغلبية لأجهزة الإعلام الحكومية رأي يميل إلي الصواب. و إن حديث وزير الإعلام لا يستند علي أية إثبات للأتي:-
1 ? إن المعارضة بمختلف مكوناتها موافقة علي أن يكون الحوار في الداخل، و لم يشذ منهم أحد في ذلك، و هذا مؤكد في كل تصريحاتهم و بياناتهم، و يمكن لآي مواطن أن يذهب إلي ” [url]www.google.com[/url] ” و يجد ما طرحته المعارضة عن الحوار الوطني. أنما المعارضة تتحدث عن مؤتمر تحضيري في الخارج، و سوف نعلق علي ذلك فيما بعد.
2- إن الدكتور بلال يعلم هذه الحقيقة، باعتباره عضوا في لجنة ” 7+7″ و التي ذهب منها عضوان التقيا بقوي نداء السودان في أديس أبابا، و وقعا معهما خريطة الطريق، و الحديث كان يدور حول قضية المؤتمر التحضيري، و علي السيد وزير الإعلام أن يخرج بيانا أو تصريحا واحدا لقوي المعارضة تطالب فيه بنقل مؤتمر الحوار للخارج، و إستراتيجية وزير الإعلام لتغيب الحقيقة لا يخدم الحوار الوطني، و لا يساعد علي خلق وعي يدعم عملية التوافق الوطني.
و السبب الثاني قال الدكتور أحمد بلال (إن قوي المعارضة ساعية إلي تفكيك المؤتمر الوطني، تريد أن تقضي علي المؤتمر الوطني و نحن لن نسمح بذلك مطلقا) هذا نوع من الهستريا تسبق نتائج الحوار الوطني، و قبل أن يتعمق الحوار الوطني الذي تشارك فيه بعض القوي السياسية، و عدم مشاركة قوي المعارضة، لكن يظهر الدكتور قلقا من النتائج المستقبلية للحوار، في أن يؤدي إلي تحول ديمقراطي، و يقود إلي الاحتكام إلي الشعب، عبر صناديق الاقتراع في انتخابات نزيهة و شفافة، كل حزب مستندا لقوته الجماهيرية، بعيدا عن “الكوتات” التي درج المؤتمر الوطني علي توزيعها علي الأحزاب المتحالفة معه.
و أيضا يحاول الدكتور من مقولاته أن يرسل إشارات لقوي المعارضة لتحريضها، لعدم المجيء بطريق غير مباشر، عندما يحاول التلميح إن الحوار مهما اشتد و توسعت دائرة المشاركة، الهدف منه هو إصلاح للنظام القائم و ليس تحول ديمقراطي، بهدف التحريض لعدم المشاركة، حتى تعتقد القوي السياسية إن الحوار الهدف منه ليس الوصول لنتائج عبر الحوار إنما هدفه محدد، إصلاح في الهيكلية القائم للنظام.
و كما قال الطيب مصطفي في الحوار الذي أجرته معه قناة الشروق، إن القوي التي ترفض قضية الحوار الوطني، و تخاف أن يحدث تغيير في نظام الدولة، ربما يكونوا أفرادا أو مؤسسات، أو مجموعات، و هذه حقيقة إن استمرار نظام شمولي فترات طويلة في الحكم، يساعد علي خلق مراكز للقوة و مراكز للرفض، باعتبار هناك أفراد و مجموعات أيضا تناضل سلبيا للدفاع عن مصالحها، و ربما قدراتها و تصوراتها و قاعدتها التي تستند إليها لا تؤهلها أن تكون جزءا من نظام ديمقراطي، و هؤلاء سوف يعطلون أية مسيرة للعمل من أجل التوافق يحدث تغيير في البناء العام للدولة، و الدكتور أحمد بلال ليس لديه مسوغات تجعله يضطر للوي عن الحقيقة غير الدفاع عن مصالح حزبية أو ذاتية، و رغم إطلاعه علي رؤية الآخرين بحكم موقعه في لجنة ” 7+7″ و بحكم موقعه كوزير الإعلام إلا إنه يحاول أن يؤكد علي إن المعارضة مصرة لنقل الحوار للخارج، و في ظل المعلومة المتوفرة و الموجود في كثير من المواقع، يكون قد اختار المنهج الخاطئ.
أما الهدف من قضية الحوار التحضيري، إذا الدكتور لا يعرف الهدف منها هو يتركز في ثلاثة مطلوبات:_
أ ? أن القوي السياسية المعارضة، تهدف من الحوار التحضيري أن تعيد النظر في الأجندة الموضوعة من قبل لجنة ” 7+7″ التي لم تشارك فيها، و بالتالي لم تكن مشاركة في وضع الأجندة، و تريد إعادة النظر فيها.
ب ? إن القوي المعارضة تريد أن يرأس الحوار شخصية محايدة، و كما ذكر السيد الصادق أنه لا يقبل أن يكون الرئيس البشير رئيسا للحوار الوطني، و قال ياسر عرمان لا يمكن أن يكون الخصم هو الحكم.
ج ? الحديث عن قرار مجلس الأمن و السلم الأفريقي 539 و قرار الأمم المتحدة رقم 2047، تصر عليه المعارضة حتى يصبح هؤلاء ضامنين علي تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
و كان علي وزير الإعلام أن يوضح ذلك، دون اللجوء لتغيب الحقائق، و إن يرفض حتى المؤتمر التحضيري هذا من حقه، و أن ينتقد رؤية المعارضة، و لكن من الخطأ محاولة طمس الحقائق. نسأل الله أن يهدينا إلي الطريق القويم.
نشر في جريدة الصيحة الخرطوم
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..