الشعب السوداني وذاكرة الذبابة

الشعب السوداني شعب مسالم وغير دموي وغير عنيف بطبعه؛ أوقعه حظه العاثر في نظام قمعي عنيف جدا ؛ بدأه الترابي وأنصاره بعنف وقمع شديدين ؛ إلى ما قبل المفاصلة أنشأ الترابي بيوت الأشباح وجمع الإرهابيين كبن لادن وكارلوس وحماس وطالبان وخلافه .. أتذكر أن مجموعات من حماس كانوا يحملون السلاح في سياراتهم ومجموعات من ملتحين بيض البشرة يقفون في الشوارع لتفتيش السيارات ليلا .. استمر الترابي في السيطرة العنيفة على الدولة ومحاولة زعزعة استقرار الدول الأخرى كمحاولة اغتيال حسني مبارك ودعم الإسلاميين المتطرفين في الجزائر ..الخ. كل هذه سياسات عامة لكن بيوت الأشباح مؤكدة ولا شك فيها وهناك مئات من الشهود عليها.
كانت المظاهرات لا تنقطع فالجامعات تخرج والمدارس تخرج في تظاهرات تنتهي نهايات دموية حيث يتم تسليح التابعين للنظام من طلبة وغيرهم وكانت عمليات القتل والاعتقال تجري على قدم وساق . عاث الترابي فسادا في الأرض لم يشهده الشعب السوداني حتى في ظل حكم عبدالله التعايشي ؛ وأصبح السودان مهددا بالضرب المباشر من أمريكا بعد أن أطلقت هذه الأخيرة صاروخا على مصنع الشفا كقرصة أضان حتى يرعوي النظام . وبالفعل كان لابد للبشير أن يخرج قليلا من أزماته السخصية ﻷن الأمور كانت تخرج من سيطرته . فكانت المفاصلة. التي أثارت شكوكا كثيرة حول حقيقتها . هذا مختصر لبعض ماحدث ، ولكن الأمور لم تنته بالمفاصلة ولكنها هدأت قليلا ؛ أصبح الحصار مرهقا للنظام ومنظمات حقوق الانسان تفضح بشاعته والضغوط الدولية تزداد وكان أمام النظام فرصة واحدة للتنفس وهي فصل الجنوب ، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن ؛ فقد انفصل الجنوب ولم تكف الضغوط الدولية عليه بل ازدادت بارتفاع معدلات القصف والتدمير في دارفور ونهوض المسؤولية الجنائية الدولية على القائمين بأعمال العنف ، والنظام يزداد هشاشة وضعفا يوما بعد يوم حتى أنه تعامل مع مظاهرات سبتمبر بعنف يتجاوز الحد المقبول ولا تستدعيه الضرورة .
ما أريد قوله بعد هذا الاختصار الشديد هو أن الشعب السوداني لا يتعامل مع أخلاقيين أو نظام سلمي ؛ بل مع نظام تاريخه أسود جدا، وراهنه أدهم . وبالتالي فإن اقتلاع هذا النظام لا يأتي بمظاهرات سلمية أو عصيان مدني فأغلب العاملين بالخدمة المدنية تابعين حقيقة أو حكما للتيار الإسلامي.هذا التيار الذي شرب من عنف مفاهيم سيد قطب ، فالصراع والقتل وسفك الدماء هو سنده الموثق نصا وروحا.
ما يمكن أن يقتلع هذا النظام هو المقاومة المسلحة ؛ بحمل جماعي للسلاح ؛ فهذا النظام لا يؤمن إلا بمنطق القوة ، ففي الوقت الذي يهرول فيه للتفاوض مع حاملي السلاح تجده يعتقل ويمارس كل أشكال العنف ضد المعارضين السلميين ، أنه نظام لا يؤمن إلا بالعنف ولا يمكن اقتلاعه بالنوايا الحسنة.
إن ذاكرة الشعب السوداني كذاكرة الذبابة؛ ولولا هذا النسيان لكن الشعب قد طالب البشير بمحاكمات لجرائم الترابي التي اقترفها أثناء حكمه ، ولكن الترابي عاد وهاهو يجمع أنصاره من جديد مبرءا من أية مسؤولية. لم يحاسب ولم يحاكم ولم يسأله أحد والشعب المسالم اللا عنيف الأبولوني الأخلاقي يقف موقف المتفرج ، يشاهد مجرمه الأكبر وهو يبحث مرة أخرى عن السلطة لكي يذيقنا الأمرين من جديد. إن الشعب السوداني لابد أن يغير من نمط تفكيره إذا أراد التحرر ؛ أن يتحول من شعب ساكن إلى منفعل ، إلى شعب لا يراهن على حقوقه إلا بالدماء . أن يخوض تجربته القاسية ؛ ﻻن التجارب القاسية هي التي تصقل الشعوب ، هي التي تشد من عودها . وليس قراءة الكتب. فالكتب تأتي في زمان الرفاهية والبندقية زمانها هو زمن اغتصاب الحقوق.
طوبى لمن يحملون السلاح بدلا عنا
ويغامرون بأرواحهم من أجل اقتلاع حقوقنا وحقوقهم
في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان
ونتمنى أن ينداح حمل السلاح حتى يشمل كل السودان
ولكي يتواكب مع مظاهرات محمية بالسلاح
[email][email protected][/email]
As usual,Perfect.
اشد ما يغيظني ان البعض يرثي لحال الترابي بل قبلوه في المعارضة لمجرد نهرة من عسكر الكيزان ,,, رقة مبالغ فيها من شعب السودان !!!!!!!!!!!