أخبار السودان

خيرُ جليس في هذا الزمان.

لست أدري لماذا إنتابني شعور و كأن المتنبي ذلك الشاعر الذي شغل الدنيا كان تنبؤه إستشرافياً بحق وحقيقة في جزئية أنني وربما الكثيرون مثلي لايجدون فرصة للمؤانسة مع خير جليس إلا فوق سرج سابح هذا الزمان وهو الطائرة ..فقد كانت بالنسبة لي ساعات رحلتي الأخيرة للوطن فرصة لمعاودة متعة القراءة التي تقطعت وتقاسمتها تقنيات العصر الحالي التي تحاصرنا في كل أوقات فراغنا .. بل هي باتت لا تترك لنا ثانية إلا و أقتنتصها قسراً !
فقد إستلبنا التلفزيون عن الإذاعة ..ثم جاء الفديو ليحكمنا قليلاً ويمضي تاركاً المجال لما أخذ مكانه في مساحة زمننا وعقولنا من التصوير الرقمي .. وجاءت الفضائيات التي لم يعد بمقدور العيون أن تحصي عدد أنجمها في السماء المفتوح على كل بوابات البسيطة !
أما الحاسوب فقد كان الآب الشرعي لكل الذين ورثوا عنه روعته فتطورت بهم تصاعداً في الأداء الساحر و تراجعا في الحجم والوزن وربما تفاوت القيمة .. فجعلوا العالم كله بين يدي كل إنسان ولو كان يعيش في الأحراش !
من منا إلا القليلون قد تمتد يده الآن الى مكتبة منزله إلا لماما وإن تكدست في أرففها الكتب التي قد إقتناها إهداءً من مؤلف الكتاب او من صديق أو شراءً من آخر معرض كتب زاره من قبيل الوجاهة ليس إلا ..!
وهاهو الواتساب الآن يزيح الفيس بوك بعيداً عن دائرة السيطرة متملكاً مقدمات الآنامل على مدى ساعات اليوم و الكل منكب بالعيون والعقول شاردة عن محيطها .. وإن كانت مجتمعة في بيت واحد أو حتى غرفة صغيرة .. لايرفع الواحد منهم رأسه ناحية الآخر إلا على صوت ضحكة أو همهمة جاره مع من يتهامس معه كتابة أو يطالع له صورة بعث بها اليه !
أما مسألة ( القروبات ) فهي قيد من يلتف حول ساقيه فلن يستطع الإفلات من سيل الرسائل والنقة التي ترد وتترى بالعشرات بل والمئات في الدقيقة الواحدة .. إلا بالإنسحاب عنها و تحمل ما يترتب عليه من هجوم يتلقاه متهمين له بالهروب الكبير أو التعالي عنهم بيعاً..!
نعم صدقت يا خالد السيرة وملك القريض ومسطر أبيات الحكمة التي سارت أمثالاً في ركاب العصور ..ايها القائل .. أعز مكان في الدنا سرج سابح .. وخير جليس في الزمان كتاب .. فقد بتنا لا ننهل من خير الجليس إلا ونحن في الفضاء على مقعد طائرة ولكن سرعتها لا تمهلنا حتى نكمل مؤانسة ذلك الجليس لآنها لو علمت ليست كسرعة سابحك ذاك الذي يعبر المسافات والصحاري في شهور .. بينما سابحنا يقطع رحلة الشتاء والصيف مابين الشام واليمن او العكس في زمن لا يتجاوز الفاصل بين صلاتي الظهر والعصر ..!
ولو أنك عدت الى زماننا هذا .. فستنشد بحق .. خير جليس عند أهل هذا الزمان .. الواتساب ..!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. عزيزي حمادة ونحن في زمان فاتنا الدلع فالندلع انفسنا فما قلت الكل غافل عن الكل والمتنبي حكيم ديوان وشاعره المفوه صاحب حكمه تسري علي مدي الازمان يجد الناس فيها ملهي ومغزي وتسرية لاحزان حتي لكانك تقول لو خاتم النبوة لكان متنبيا حقا اعطته الصحراء من سعة الافق والمدي ما خلده للناس وبالناس وفي الناس وفي كل مناحي الحياة له حكمه قادته لمقتله في طموحه نحو السلطه ولو خادمه لهرب من الموت ولكن بيت قاله اورده موارد الهلال كانه اراد ان يوزع الحكمه دون ان يتبعها سلوكا وكيف يبتعها في نقطه فارقه في الحياة ولكننا من المؤكد لا معدي لنا الا خير جليس في الزمان كتاب تماما كما رماني دبلوماسي لاحقا من عهد الاولية ان لقبني (بخيرو جليس ) ومثلك فارفت سلوكي وولقبي انها الغربة ومحنة وطن نحن من جيل ادمن القراءة والفكر والتامل لكن الظروف قصمتنا فتوزعنا عن الوطن فضاع كل اجيال اكتوبر خارج السودان فمن اين تاتي الثورة الا مجاعة وهو ما يلوح في الافق!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..