أخبار السودان

تجربة الإنقاذ .. مفيدة

د. أمل فايز الكردفاني/المحامي

ثلاثة وعشرون عاماً من المأساة .. كانت تجربة قاسية على الجميع بما فيهم الرئيس الذي لا أبالغ إن قلت إنه كلما تذكر حُكْمَهُ انقلبت امعاؤه من الهموم وغص حلقه من الكآبة . فيجب أولاً أن أؤكد أمراً مهماً وهو أنه مهما بلغ ثبات عزيمة المرء على التجبر والبطش والإجرام فإن في أعماقه مضغة تتحرك وتختلج لتذكره بآثامه حتى لكأن كل ما يملكه في الدنيا لا يساوي قطرة من لحظة هناءة هادئة ووادعة. هنا حيث تتكاثر القيود ملتفة في معصم من صنعها ليسور بها أيدي الآخرين حتى يصبح هو نفسه عبداً لتاريخه الأسود وحاضره وهو مذموم مدحور ، ومستقبله الحالك مما هو قادم يطلُّ عليه وطلعه كرؤوس الشياطين. وكلما تعمق القتل والاعتقال وتعفن الخطاب أدرك قرب الساعة وأدرك أنها لأدهى وأمر .

الآن نحن على مشارف الحرية ، نتنسم رحيقها من على الأفق ، البؤساء يرفعون أعناقهم إلى السماء ، المغتصبون والمغتصبات في الزنازين السوداء يرفعون أعناقهم ، اولياء الدماء التي سفحت قرابينَ للعرش يرفعون أعناقهم ، المحالون للصالح العام ، المهجرون من أوطانهم ، الطلاب والخريجون العاطلون ، المرضى الذين أقعدهم تفسخ المؤسسات الصحية والفقر ، كلهم الآن على مشارف الحرية ونحو أفقها يرفعون أعناقهم ، الثائرون الصارخون على الظلم والتهميش يرفعون أعناقهم ، الشرفاء وأصحاب الضمير المستنير يرفعون أعناقهم ، الشباب الذي حُطمت آماله يرفع أعناقه ، بل وحتى السياسيون الإنتهازيون والعاهرات وبائعات العرقي .. كلهم.. كلهم بلا استثناء .. يرفعون أعناقهم … فلقد اقتربت الحرية..
وعندما تأتي الحرية ، مشرعة أذرعها للبائسين والوطنيين ، سوف تجدهم وقد أخذوا الدروس والعبر من هذه الفترة الدهماء والتي كانت لازمة في سيرورة مصير الأمة ليتعلم الشعب قيمة ما يملكه من ماديات ومعنويات ، ويدرك بأننا كبشر لا يمكن أن نتجاهل قيمنا المعنوية لحساب القيم المادية . فالإنسان روح وجسد . وليتعلم الشعب من هذه الحقبة السوداء قيمة الحرية، هذه الحرية التي تمنحنا كل شيء (المسئولية ، التفكير الإبداعي ، الفصل بين السلطات ، استقلال القضاء ، المساواة أمام القانون ، وكافة مبادئ العدل والإنصاف والسلام الإجتماعي…الخ) .

سيتعلم الشعب ألا يكرر أخطاء الماضي ، وسيتعلم أيضاً كيف يقرأ بوادر الدكتاتورية التي يمكن أن تطل عليه بلا سابق إنذار من أي جهة ترغب في فرض وصاية آيدولوجية أو عقائدية أو قبلية أو جهوية عليه. سيتعلم الشعب الآن كيف يجلس متشاوراً ليحدد هويته أمام العالم .وكيف يكرس لمفهوم قوة القانون بدلاً عن قانون القوة والسلاح .. شارعاً في بناء دولة القانون والمؤسسات وتعايش الثقافات والأعراق . سيتعلم الشعب كيف يخلق ويدير دولة حديثة قادرة على التعاطي مع المجتمع الدولي بأسره بإيجابية وسيادة مدعومة من جماهير الشعب .

إن فترة الإنقاذ البائسة ، لهي فترة مهمة جداً ومفيدة ، لقد كشفت لنا عن الكثير ، وتعلم منها الشعب الكثير ، وربما لولاها لما استطاع أن يتقدم خطوة واحدة تجاه المستقبل وظل حبيس صراعات الماضي ورواسبه التاريخية. في هذه الفترة سقط العديد من الرموز الديناصورية وانكشفت سؤاتهم ، وتعرى الكثير منهم ، واغتنى منهم من اغتنى ، وتحدث الناس عن المسكوت عنه وكانوا من قبل من الصامتين . وظهرت مشاكل مكونات المجتمع التي كانت حبيسة الأفئدة . لقد خرجت كل الأوساخ إلى العلن ومن ثم فإنها لن تعود …

في فترة الإنقاذ المشئومة ، تعلمنا قيمة أن يحمل المرء بين جوانحه قناعات ومواقف وآيدولوجيات ؛ مدروسة وممنهجة ومشتغلة وفاعلة يعتقد بأنها قادرة على أن تخرج الدولة من مآزقها عند الحاجة . وبتجمع كافة القناعات تُثرى الساحة الوطنية بزخم المعرفة والعلم والكفاءات والمفاهيم الحديثة لتساهم في إدارة الدولة (إجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وغيره).

أهزوجة الحرية

نعم أحبكِ
ولذا أرقص تحت ظلالكْ
متحرراً من طاعون الخجل الأفريقي
وهاهم ثوارالإيقاع الصاخب
يعبثون في دمائي
يدغدغون مفاصلي
يشدون شفاهي لأبتسم
أنا ليبرالي
ليبرالي في حبك
***
لم أحمل سلاحاً من قبل
لم أطلق رصاصة
فقط كنت أتأمل جسدك
على أطراف التاريخ
ورياح الحرية تخفق
على ثنايا ثوبك عند النهدين
كنت متشتاقاً لأنتمي إليك
بلا قافية
أطلق رغباتي
صارخاً أغني
وأسير كعادتي
.. بلا .. هدف
محطماً طريق القدر الغيبي
نعم..
..أحبك..
ولذا أرقص تحت ظلالك
بنشوة المنتصر بغير معركة
عندما يمنحه الكون هداياه
عن طيب خاطر

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نعم تعلم الشعب ولن يستطيع التقدم الا من يحب الشعب ….والشعب السودانى هو كتله واحده صماء تتدحرج سويا لا كتلا…..الذين يريدون وراثة النظام عن طريق القبيله الشعب قال لا…الذين يريدون وراثة النظام عن طريق الدين الشعب قال لا….الذين يريدون وراثة النظام عن طريق البندقيه الشعب قال لا….الذين يريدون وراثة النظام عن طريق الطائفيه ،الشعب قال لا.
    فهذه كلها ادوات ظهرت مع النظام وأثبتت فشلها وستذهب مع النظام الى غير رجعه.
    نعم لدولة المؤسسات ….نعم لحكم الدستور والقانون ….نعم للكفاءات والتخصصات .
    نعم لدولة المواطنه والمدنيه التى تقف على مسافه واحده من كل الناس بغض النظر عن اللون والجنس والدين.

  2. ما اروعك حواء السودان حين تنشدين الحرية وانت في قمة الالق والتجمل تدعين نسمات الحرية تدغدغ عواطفك لا تفصلين بين الحب والحرية لانهما واحد وبدونهما لا عيش ولا هواء ولا ماء . انت من يتعلم منك الوطن كيف يتجمل للقاء الاحرار الذين ينشدون بحبه وعلوه وسموه فوق كل رغبة وامنية فليبق الوطن عنوان توحدنا نبراس وعينا قاموس وطنيتنا التحية لدكتورة الكرفاني كلماتك وقود معركتنا لانتزاع الوطن من ايادي الغدر والانحطاط والفساد

  3. الشعب تألم و تعلم وسدد فاتورة تعلمه هذه بارواح طاهره زهقت و دماء ذكيه سكبت و كرامة اهينت واناس عذبوا و شـرودو وحوروب فى رزقهم و استقرارهم فى وطننا الحبيب الذى يسع الجميع ولا توجد بيننا ابتلاءات الافساد الوثنى التى انتشرت بنتانتها و عفنها بين البسطاء .
    راس النظام اوس البلا و لا يمتلك قلبا فى الاصل بل يمثل هولاكو التترى السودانى الذى فتك بالعباد و قتل من قتل واسر من اسر و اعتقل و شرد و استولى على كل خيرات البلد و حرم القائمين عليها و اصتفى بعض من فصيلته وهؤلاء هم حاشيته ومجلسه ومستشاريه ولا خير فى نافع و لا الخضر كلهم رمتاله و زباله وعديمى الاحساس و الضمير وتنعدم فيهم النخوة و الشهامة السودانية الاصيله التى عهدناها فى اباءنا زاجدادنا و لكن اتونا من ادغال كلهارى ام من عهد سحيق قبل الميلاد ؟
    شى عجيب الكل يتظلم و الكل يشكى من الغلاء الفاحش و سؤا الخدمات و انعدام الدواء وشح بعض المواد الاساسيه فى الاسواق ولكن هؤلاء الرجرجه لا يسمعون و لا يتحركون بل يرسلون عسكرهم لفض التجمعات و التظاهر مهما كلف ذلك من هتك للاعراض او سفك دماء او اعتقال اكبر عدد من الشباب اهذا هو البعير الذى فقد الذاكره و استبدل الامعاء بامعاء من تخلو من الغليظه ولا تقوى على هضم الفول و العدس والقاورومه او السخينه او ملاح الكول او المريس كلها تصيبها فى الانسداد والالتهاب الحاد مما يستدعى طلب اخصائى من مصلحة المجارى و الصرف الصحى لتسيلكها .
    اه يا زمن و اين نحن و اين هم اموت فى اليوم مره واصاب بالاعياء اذا اطل احد هؤلاء فى اى اخبار عالمية او فضائية كرها فيهم و فى اسلوبهم الرخيص وما يضللون به الشعب و العالم بانهم بدينهم متمسكون و بشرع الله مطبقون وما لدنيا وما هى الاافتراءت من اناس فقدوا الاحترام من الصغير قبل الكبير وك1بهم و نفاقهم في مستتر وانى اتعجب اهؤلاء البشر لا يسمعون او تصلهم اخبار من الحديث الدائر فى الشارع بالرغم من عدد طلاب الامن المسرحين بين الاحياء الاسواق و المصانع و المقاهى و محل ستات الشاى وغيرها .

  4. انا اري ان هذا الريس الذي ابتلانا الله به لا يدري بما جري ويجري من حوله فليس له ضميرا يعذبه لانه مغيب وفاقدا للوعي والمعرفة…لو كان انسانا فطنا لحول معركة القصر والمنشيه لصالحه بجرة قلم ونسب كل ما حدث في السنوات الاولي لغريمه الترابي وحمله كل اثم كل ما حدث ولاعاد الاف المشردين الي الخدمه وبدا عهدا جديدا…يقيني انه ترك كل الامور لمن خطط لهذا الانقلاب المدعو علي عثمان وهذا ما جناه وجناه علي عثمان ودفع ثمنه شعب السودان والشعوب المجاوره…الا لعنة الله علي من اوصلنا لهذا الدرك السحيق…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..