الهروب شمالا

اوشكت الدولة الوليدة في جنوب السودان ان تفرغ تماما من مواطنيها نتيجة للتراجعات الكبيرة والمستمرة في مقومات دولة لازالت تبحث عن الحد الادني لبقائها علي قيد الحياة فالحرب هناك تحصد كل يوم ضحياها علي ايقاعات الحرب والتنازع السياسي بين الفصائل والمكونات الجنوبية والمواطنين لا سبيل لهم سوي البحث عن ملاذات اخري بلا حرب وبلا جوع فبالامس حمل اكثر من 12 الف لاجئي جنوبي بقاياهم ويمموا وجه دولة السودان القديم وتناثروا في مجموعات سكانية يطوقون مناطق المجلد وابيي في ولاية غرب كردفان ومن قبل كانت ولاية النيل الابيض تحتضن ايضا اكثر من 68 الف لاجئ جنوبي شردتهم الحرب الاهلية في الجنوب وفي الخرطوم اعداد مضاعفة ربما لا تقل عن هذا العدد ممن امتنعوا عن العودة الي دولتهم الوليدة في الجنوب ولازالت تدفقات الاخوة الجنوبيين مستمرة وربما تسارعت وتيرتها هذه الايام خصوصا بعد القرار الرئاسي من الحكومة السودانية التي فتحت حدود الشمال علي مصراعيها امام الجنوبيين وهو ذات القرار الذي سبقته توجيهات رئاسية اخري بان يتم التعامل مع الجنوبيين داخل حدود السودان كما الشماليين وهذا يعني ان يتمتع هؤلاء الجنوبيين بكل المزايا والحقوق التي يتمتع بها الشماليين . ولكن تبقي القضية الاساسية في مدي قدرة الدولة السودانية في الشمال علي تحمل اعباء دولتين باقتصاد فقير ومازوم حيث لا يمكن اقتسام هذا الاقتصاد علي شعبين , ولهذا فان كثير من الخبراء يعتقدون ان قرارات فتح الحدود ذات ابعاد سياسية اكثر من كونها انسانية وهي قرارات اربكت كثيرا المنظمة الاممية ووكالاتها الطوعية العاملة في السودان وبالاخص المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة لان هذه المنظمة محكومة بوضعية اللاجئين فقط وهو وضع لا ينطبق علي الجنوبيين فهم في نظر الحكومة السودانية مواطنيين سودانيين فهو اذن قرار سياسي ربما يضر بهؤلاء الجنوبيين خاصة اذا عجزت دولة السودان من تقديم الخدمات الانسانية والعاجلة لهم .
مسيرة لاجل الحوار ..!
عبر كرنفال جماهيري حاشد تقرر ان تخرج الخرطوم صباح اليوم الاثنين “قسرا” لا طوعا لرسم صورة للاحتفاء والمناصرة لمخرجات الحوار المجتمعي الذي انشغلت به ولاية الخرطوم الايام الفائتة وهو منهج او فكرة ربما هي اقرب للكسب السياسي فهناك من لا يري لها منطقا او مبررا فجماهير الولاية ليست في حاجة للاحتفاء “بالردحي والتنظير” داخل القاعات ولكنها في الواقع في اشد الحاجة الي مخرجات عملية اوتنفيذية لهذا الحوار تفيد المواطن في معاشه وفي خدماته وتخفف عنه العناء والرهق فالحكومة لديها رصيد وافر من التجارب كما ان ذاكرتها “مشبعة” بالوثائق والاتفاقيات والتوصيات والقرارات وربما وصلت حد التخمة من هذه التجارب .
وحيثيات خروج جماهير الخرطوم اليوم طبقا للتصريحات الرسمية هي محاولة او تجربة غير مسبوقة قد تصب في اتجاه تضخيم الذات الحزبية اكثر من كونها تعالج امراض الولاية في خدماتها وتنميتها لكن يبدو ان هذه الذات تمارس قدرا من الوصايا علي شعب ممكون تطوقه الازمات والعاتيات من كل الاتجاهات , فوزارة التربية والتعليم وكانها الان تقحم “اقحاما” لممارسة ادوار حزبية حيث تقرر ان تخرج هذه الوزارة صباح اليوم بكل منسوبيها “معلميها وطلابها والعاملين فيها ” في مسيرة مليونية حاشدة فكرتها تسليم مخرجات الحوار المجتمعي للسيد رئيس الجمهورية يجني ثمارها المؤتمر الوطني ولا تفيد وزارة التربية والتعليم في شي ان لم تنتقص من رسالتها التعليمية والوطنية فلسنا اذن في حاجة تفرض علينا ان نحتفي ونفرح كل هذا الفرح وبكل هؤلاء الملايين من البشر كوننا انجزنا ما ننشده من هذا الحوار المجتمعي , وبالطبع ستخرج الجماهير “طوعا” يوم ان تدرك ان ولاة امرها انجزوا حوارهم وشكلوا الاليات واللجان وشرعوا في التنفيذ لكل ما خرجت به مناقشات الحوار المجتمعي من قرارات تحيل البؤس والعناء الي واقع جديد يتصالح مع مشكلات المواطنين ويلبي اشواقهم ومطلوباتهم المباشرة حينها سنحتفي ايما احتفاء ولكن بالامكان ان يتم كل هذا الاحتفاء عبر بيان رسمي من الجهة التي صنعت فكرته ورعت كل مراحله او ان تعقد هذه الجهة مؤتمرا صحفيا لاعلان هذه المخرجات بكل تفاصيلها ومحاورها وبشرياتها .
فشل “البيع المخفض” ..
لم تكن اسواق البيع المخفض بولاية الخرطوم هي التجربة الاولي التي عجزت من امتصاص احتقانات واسقاطات سياسة الاقتصاد الحر التي لجات اليها الانقاذ في تسعينيات القرن الماضي معالجة ازمة الندرة في السلع الاستهلاكية ولكن هذه التجربة اي تجربة الاسواق المخفضة سبقتها تجربة شركات الامن الغذائي في تلك الفترة الباكرة من عمر سياسة التحرير الاقتصادي ولكنها اجهضت وانهارت فكرتها تحت وطأت الفساد وغياب القانون وانتهت الي سجون ومحاكم وملاحقات والان تتكرر ذات التجربة فلم تتعظ حكومة ولاية الخرطوم من تجاربها فبالامس كشف معتمد الخرطوم الفريق احمد علي عثمان ابوشنب عن تجاوزات طالت مشروع البيع المخفض بالخرطوم عبر بوابة التصاديق علاوة علي خروجها من فكرة البيع المخفض ولكنها سارت علي نمط السوق الموازي من حيث الاسعار والجودة كما تجاوزت هذه الاسواق اشتراطات وزارة المالية لاقامة الاسواق المخفضة وبالتالي فشلت في المهمة واهدر مكاسب الحق العام فالاسواق في تضربها الفوضي والاسعار في جنونها فلا سبيل اذن من المعالجة سوي اغلاق هذه الاسواق بشكل نهائي ومحاسبة منسوبيها قبل تسريحهم ولهذا فان الرسالة التي يجب ان تفهمها محلية الخرطوم التي وضعت يدها علي هذه التجاوزات بان الفشل الذي لازم تجارب البيع المخفض ربما يعكس حقيقة الفشل الاداري في ظل غياب الرقابة والقانون الرادع وليس بالضرورة ان تكون الفكرة هي الفاشلة .
حراك الجزيرة ..!
حراك كثيف تنشغل به الاوساط الصحفية والاجتماعية والثقافية بولاية الجزيرة لجهة بناء جسور جديدة “للسند” والعبور بارض الكنانة الي امجاد وافاق ورؤي جديدة تعيد للجزيرة بعض القها وشروقها القديم , البعض يري ان هذا الحراك يجب ان يصب في اتجاه مخاطبة القضايا الاساسية التي لازالت تبحث عن تعاف وتصالح خصوصا علي مستوي القري والارياف بالجزيرة ويقترح البعض كذلك بان هذا الحراك يجب الا ياخذ مسارات بعيدة عن الواقع او تمجد “النخبة” اكثر من كونها تستجيب لمطلوبات “الريف ” و الهامش .وربما اخذ هذا الحراك عدة واجهات ولكنه لاشك يعطي مؤشرات موجبة ويحاول صياغة ارادة جديدة لاهل الجزيرة في تدفع في اتجاه المناصرة للعهد الجديد والتغيير الذي جاء بحكومة ايلا .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هههههههههه بالله كادت دولة الجنوب ان تفرغ هل تعلم ان الموجودين هم متمردين واسال اهل النيل الابيضعندما قالوا ان الجنوب بالخير طالما الزين نزحوا لا يوجد فيهم دينكاوي فيوم نري الدينكا عبر الحدود تاكدوا الحنوب خرب وقع ليك يا جرقاس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..