يَسُوطهَا بِشَّة وَ يَسْهَرَ الخَلْقُ جَرَّاهَا وّ يَخْتصِمُ

في الوقت الذي طالبت فيه الغالبية من المعارضة الدارفورية توحيد ولايات دارفور في ولاية واحدة تعاند البشير و ( ركب رأسه) و جعلها خمس ولايات و لما سأله (مقنطر الكرات) الطاهر التوم عن مغزى الخمس ولايات قال البشير كلاما صبيانيا ما نصه: ( نعمل شنو إذا كان كل قبيلة عايزة ولاية؟) ثم إن البشير لما أوجعه الكلام عن دارفور ذلك الاقليم الذي تسبب في إدانته بجرائم حرب ضد الإنسانية و الإبادة الجماعية رأى أن يريح نفسه و يشغل أهل دارفور بأنفسهم (لقطها من الانتخابات الفلسطينية و التي انتهت باقتتال فتح و حماس بينما اسرائيل (رقدت قفا تتفرج). قال البشير (الرجل الذي ينزل لإرادة الدارفوريين!!!!!!!!!!!!) قال إن استفتاء سيجري في يوينو المقبل يتقرر فيه ما إن تكون دارفور ولاية واحدة أو عددا من الولايات!!
كان من كبريات الأخطاء التي صمت عليها الشعب السوداني هو تخصيص استفتاء الجنوب للجنوبيين دون غيرهم من السودانيين. السودان كان و سيظل ملكا للشعب كل الشعب بأقاليمه و قبائله و أحزابه و إثنياته. إن كان ثمة استفتاء سيكون في شأن دارفور فهو حق لكل سوداني و ليس أهل دارفور دون غيرهم حتى لا تنفتح بوابة الانسلاخ من الوطن الأم شاء هذا و تمنى ذاك.
و لكن حتى لا نقع في فخ الكرم البشيري الخبيث فإن مجرد الحديث عن استفتاء مزمع ستكون له مآلآت خطيرة تمثل فيما تمثل مرحلة تنفيذية لمثلث عبدالرحيم حمدي الذي قال به قبل عقد من السنوات. ما يبرهن ذلك أن الحكومة ما كفت عن رمي الحطب في نار دارفور المشتعلة أصلا و ذلك أن جيشت جيوشا جرارة أسندت قيادتها للمدعو حميدتي ليعيث فسادا في الأرض يحمل رايات الجنجويد و بمباركة من الحكومة المركزية تحت فرية أنها قوات دعم سريع تعمل جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة الغائبة عن وجود فعلي كيلا تلد من رحمها من يقلب على البشير حكمه كما فعل هو في العام 89. و على عكس معارضة الإمام المهدي السلمية للحكومة نجد أن موسى هلال الذراع الثانية للجنجويد يجاهر بتحديه للحكومة الساكته عليه و على أفعاله لأنه ينفذ مخططاتها بينما يُصب جام الغضب على الصادق المهدي مع أنه غير قادر على قلب (عربة كارو) فضلا عن مليشيات ما لها عدد تتبع للبشير. و تبقى الحرب السودانية رصاصات من بندقية سوداني في صدر سوداني و لا عدو حقيقي تقاتله مليشيات البشير و لكن الشعب السوداني ليس إلا.
أؤيد الرجوع إلى المديريات التسعة (أيام النميري) و لكن بعد انفصال الجنوب ترجع الولايات أو الأقاليم السودانية إلى الخرطوم ? الشرقي ? الشمالي ? كردفان ? الجزيرة(الأوسط) و دارفور. هذا التقسيم الإداري يضبط هرجلة الترهل الإداري من ولاء و وزراء ولائيين و محافظين و معتمدين و مخصصاتهم كما إنه يقلل من الأطماع بأن تذهب كل قبيلة بولاية لها و هي في الأصل لا تملك مقومات الدخل و قطعا فإن الحكومة المركزية في الخرطوم لن تقدر على تنظيف أكياس قمامة شوارعها فضلا عن أن تلتفت إلى تلبية حاجة الولايات.
بمثلما كان تقسيم اقليم دارفور إلى خمس ولايات قرارا فرديا من البشير و لم يركن إلى استفتاء أو حتى طرح القضية في البرلمان المتوسد وسائد الطاعة العمياء و الصمت المخيب يمكن للبشير و بذات العنترية و الحماقة أن يرجع في قراره بجعل الأقاليم الخمس اقليما واحدا و لن يجروء أحد على معارضته أما أن يطرح الأمر استفتاء فإن في الموضوع غاية خبيثة لن تقل عن انفصال الجنوب الذي ذهب بجل ثروات السودان بل و أصبحت دولة مهددة في المستقبل القريب كمنطقة امتداد للنفوذ الأمريكي الاسرائيلى.
على البشير ألا يعلق فشله طوال الخمس و العشرين سنة الماضية على شماعة الاستفتاء كقارب نجاة بل عليه هو و زبانيته اعلان فشلهم و الرحيل عنا و عندها لن نحتاج إلى تقسيمات بل لُحمة و تضامنا.
[email][email protected][/email]