ضرورة المشروع السياسي الجامع من أجل التغببر

زين العابدين صالح عبد الرحمن

رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يشهدها السوداني, و معاناة الناس, و تدني مستوي المعيشة, و زيادة الجنونية في أسعار السلع, و لكن ظل خروج الناس محدودا في الأحياء و غيرها, و لهذا أسبابه الموضوعية التي تعطل نجاح الانتفاضة في السودان, و في ذات الوقت هناك تخوف كبير من النظام في حدوث الانتفاضة و نجاحها في أية وقت, و أيضا لهذه أسبابها الموضوعية.
يقول علماء الاجتماع, إن أية عملية تغيير في المجتمع تحتاج لعوامل مهمة لكي تنجح عملية التغيير, أول هذه العوامل إن تكون هناك مشاكل تعوق عملية التطور في المجتمع, أو أن يعجز النظام القائم في تحقيق احتياجات المجتمع, و هذه المشاكل قائمة في السودان, و بصورة أكبر من المتوقع حيث عجزت الدولة عن توفير أبسط مقومات الحياة للناس, و ليس فقط أنها عجزت بل كما ذكرت سابقا أنها لن تستطيع أن تجد أية علاج للأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد في القريب, أو حتى في المستقبل في ظل النظام القائم.

العامل الثاني, إن القوي الاجتماعية المناط بها عملية التغيير أي “الطليعة التي تقود عملية التغيير” تواجه إشكالية و هو السؤال الذي تردده العامة ” ما هو البديل” و السؤال يأتي ليس لآن الواقع هو الأفضل, و لكن من دروس التاريخ, حيث إن القوي المطروحة في الساحة و التي كان قد تم اختبارها عدة مرات, و فشلت في الحفاظ علي النظام الديمقراطي, يعتقد العامة ليست هي البديل الذي يجب أن تغامر من أجله. و في نفس الوقت عجزت القوي السياسية في الوصول إلي اتفاق سياسي, ينتج مشروعا سياسيا يقنع الجماهير, بل البعض منها يقدم رجل و يؤخر الأخرى, و في نفس الوقت عجز إعلامها في الداخل للوصول إلي أكبر قطاع من الجماهير في المدن و القرى, و هذا لا يجب أن نعزيه لقوة النظام, أنما لتقاعس المعارضة و عدم حسم خياراتها.

العامل الثالث, أداة التغيير, و أيضا المعارضة لم تحسم خيارها في الوسيلة التي تستخدمها في عملية التغيير, فهناك أجسام عديدة في المعارضة و لكل واحدة منها وسيلتها التي تعتقد أنها الوسيلة الناجعة في عملية التغيير, مما يظهر إن هناك خلافات داخل المعارضة, و هي قوي غير مترابطة و مبعثرة و هي حتما سوف توثر سلبا في عملية التغيير, لآن تحديد الوسيلة من قبل المعارضة و الالتزام بها يؤكد إن هناك اتفاقا بين المعارضة, و هو الذي يسهل الوصول إلي المشروع السياسي المقنع للجماهير.
العامل الرابع, إن يكون المجتمع بكل مكوناته موافق علي عملية التغيير, بل هناك طليعة واعية تدفع في عملية التغيير, إلي جانب أن يكون النظام الجديد الذي يخلف ما هو قائم مقنع للجماهير و هو الغائب الآن, رغم إن 90% من الشعب السوداني مقتنع أن النظام القائم قد فقد شروط بقائه, حيث عجز النظام في توفير ابسط مقومات المعيشة للعامة, و فشل في حل أزماته التي تلاحق رقاب بعضها البعض, و السؤال المهم الذي يبحث عن الإجابة رغم ضنك العيش و اقتناع الجماهير إن النظام قد فقد مقومات بقائه إلا أنها ما تزال مترددة للخروج لإحداث عملية التغيير لماذا؟.

الإجابة علي السؤال. ليس كما تقول قيادات الحزب الحاكم لأنها مؤيد للنظام أو أنها هي التي انتخبت قيادات النظام كل هذه الإجابات هم يعلمون غير صحيحة. و الإجابة الفصل عند المعارضة و هنا لا اقصد المعارضة الأحزاب أو الحركات, أنما المعارضة القوي الاجتماعية القادرة علي تقديم مشروع سياسي مقنع و تقدم قيادات مقنعة للشارع وفي ذات الوقت لديها القدرة علي توصيل مشروعها إلي أكبر قطاع من الجماهير و أن تخلق حوارا وسط الجماهير حول ضرورة عملية التغيير التي سوف تقدم حلولا لمشكلات السودان و تسهم في عملية توفير الحياة الكريمة للشعب, هذا الحوار هو الذي يخلق الوعي الذي يعد الأرضية المهمة لعملية التغيير و الانتفاضة الشعبية.

لا يغيب علي أية متابع للحركة السياسية في السودان, و مهتم بشؤونه السياسية, يتأكد إن النظام القائم في حالة من القلق و الخوف, من حدوث الانتفاضة في أية وقت, باعتبار إن مقوماتها و عوامل قيامها متوفرة في السودان, وإن النظام عاجز عن إيجاد أية حلول للمشاكل التي يواجهها السودان, إن كانت سياسية أو اقتصادية, إلي جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه, ثم اتهامات المحكمة الجنائية التي تشل 80% من قدرة الدبلوماسية السودانية في إحداث أية اختراقات خارجية, لاسيما إن النظام بدأ يفقد مساحاته في القارة الأفريقية و العربية, الأمر الذي يضيق الخناق عليه. و رغم إن مؤسسات النظام الرافعة لشعار الشريعة الإسلامية, و قررت قبول القروض الربوية, و لكن لا اعتقد هناك جهات في ظل العقوبات المفروضة علي السودان تقبل بإعطائه قروضا تسهم في علاج الأزمة الاقتصادية, و دول الخليج التي تعتبر القبلة الوحيدة للنظام قد اعتذرت تكرارا لمعرفتها بالوضع السياسي في السودان, و علي محدودية الحركة الجماهيرية في الخروج علي النظام تعتبر سببا في إحجام الدول عن تقديم مساعدات أو قروض مالية للنظام الحاكم.

إن الحصار الذي يفرضه النظام علي الصحافة, و منعه للعديد من كتاب الرأي و المحللين السياسيين من الكتابة, تؤكد الأزمة العنيفة التي يعيشها النظام, ثم حصاره للجامعات و منع الطلاب للتعبير عن رأيهم, محاصرة القوي السياسية و منعها من قيام الندوات, و اعتقال بعض قياداتها كلها تظهر أزمة النظام السياسية, ثم الاعتقالات للقيادات الطلابية و الشباب, محاصرة الصحف الالكترونية السودانية و حجبها في الداخل, كل تلك الممارسات تؤكد إن النظام بدأت تتصدع جدرانه, و فقد النظام القدرة علي المبادرة السياسية التي تخرجه من أزماته.

إذا نظرنا إلي عملية تقليص الوظائف الدستورية و التنفيذية في الحكومة الاتحادية و الأقاليم, و التي اقترحها النظام كواحدة من الحلول التي توفر المنصرفات, و التي تساعد علي حل الأزمة الاقتصادية, نجد إن النظام لم يستطيع أن يطبقها كما وعد, فقط الغي وظائف تعد علي أصابع اليد, لآن قيادة النظام تعرف أن مناصريها و المدافعين عنها يدافعون عنها بمواقعهم و مكاسبهم من الدولة, و إذا خسروا ذلك تغيرت اتجاهات ولاءهم, مما يسمح أن يكون الانفجار من داخل النظام الحاكم, لذلك لم يستطيع النظام أن يذهب في عملية تقليص الوظائف بالصورة التي كانت مقترحة, و من فقدوا وظائف دستورية أعطيت لهم وظائف في أماكن أخري, لكي يظل الولاء قائما, و بالتالي النظام في أزمة حقيقية, و تعلم جميع قياداته ليس هناك حلا يلوح في الأفق القريب أو البعيد, و كل كلمات الطمأنة ما هي إلا بهدف اكتساب الوقت و تأخير خروج الجماهير.

إذن ما تزال الكرة الآن في ملعب القوي الساعية لعملية التغيير, و التي تحتاج إلي حوار مع بعضها البعض, لكي يوصلها إلي مشروع سياسي جامع متفق عليه, القضية الأخرى, و التي يجب إن تلاحظها قوي التغيير قضية “الأثنية و القبلية ” التي ظهرت بقوة علي السطح, و هي قضية غير مساعدة علي بناء النظام الديمقراطي في المستقبل, و يجب أن يحدث فيها حوار حقيقي و أية تجاوز لها سوف يخلق مؤثرات سالبة في المستقبل و في الختام نسال الله التوفيق.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. خروج الناس ليس محدودا. لم نشهد لا فى اكتوبر ولا ابريل خروجا متزامنا فى عدد من المدن. غير ان الغائب هو نقابات العمال السكة حديد مثلا بسبب دمار تلك المؤسسات كقطاع انتاج من الاساس .
    وحتى الامس خرجت الابيض وقبل الافطار.
    واتفق مع دعوتك لضرورة الحوار.
    بصفة خاصة محددة بين ممثلى الثورة والجبهة الثورية هذا هام وخطر جدا ارجاؤه.
    وجه البعض هذا النداء لقوى الاجماع الوطنى . ولم نسمع اجابة.كان الاجدر مشاركة الثورية فى اجتماعات وتوقيع وثيقة البديل.ويبدو ان ثمة بعض العراقيل لن نخوض فيها الان .لذا دعنى اشاركك برايي ان يكون تمسك ومطالبة بحضور ممثل ولو بالاسكايب من الجبهة الثورية لاجتماعات التفاكر والقرار مع ممثلى الثورة. .ولا يغلق هذا الباب امام قوى الاجماع الوطنى للقاء الثورية.
    ممثلو الثورة جسم مفترض سينشا حتما لو تقاعست قوى الاجماع الوطنى عن دورها.وربما ينشا منسجما معا.

    اتفق معك مية المية حول ضرورة المشروع السياسي الجامع من أجل التغببر.

  2. تانى مادايرين إنقلابات ..
    والقوات المسلحة دورها فى حراسة الوطن وليس حراسة الشعب والُحكم، وترك الوطن يضيع لقمة سائقة للمتربصين به الآن ضاع الوطن والشعب يعانى الويلات ،
    وعليكم بتجربة الهند الديمقراطية .
    .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..