الدعاية الاعلانية و رسائل التمييز

الدعاية الاعلانية و رسائل التمييز
نجم الدين جميل الله
[email protected]
كلما تحدثنا عن التمييز العرقي … أتهمنا من البعض باننا عنصريون … و حين نتحدث عن التعددية … يتهموننا باعداء العروبة … اما عندما نتحدث عن درجات المواطنة …. يكذبنا معظم اهل السودان التائهون في بحور الظلام …. و يوم نتحدث عن حقوقنا المشروعة …نصنف ضمن المتمردين
اما عندما تروق لنا البال فنتحدث عن حقوق الانسان و الحرية …. فنحن اعداء الوطن وفق تعريفهم
و لكن لحسن حظنا .. و الحمد لله … وجدنا ادلة دامغة و موثوقة عن التمييز و ترتيب المواطنين في درجات ( و خشم بيوت كمان ) و لكم هذه الامثلة :-
الاول : دعاية اعلانية عن اسبيرات مارينا تعرض على قنوات السودان منذ فترة
يظهر في اول الدعاية رجل شمالي السمات ( و معروف من شنبو) … يليه واحد من الشرق(ادروب) قائلاً ” اسبيرات مارينا كاش يدينا دين يدينا ” يعني ناس الشرق درجة ثانية ( لكنهم فقراء ) و الدليل ” كاش يدينا و دين يدينا ” يعني مافي كلمة افضل من الجملة دي للدعاية ؟؟ هذه دعاية عالمية تعرض على مستوى العالم … لكن ابت نفوس العنصريون إلا ان يرسلوا رسالة للمشاهد فحواها … ان في الشرق من لا يقدرون على شراء اسبيرات مارينا بالكاش …. و ياتي بعد ذلك رجل من الغرب ( و معروف نمرة كم ) و اخيرا ً يظهر الجنوبي ليقول اسبيرات مارينا حاجة تمام و يشير بيده اسبيرات مارينا( كده) … مسكين انت … انت درجة رابعة حتى في الدعاية !!! و تنتهى الدعاية بكلمة الجنوبي ( كده ) لكن رسائلها المسمومة لن تنتهى عند تلك الكلمة … فكل صغير شاهد تلك الدعاية يحفظ في ذاكرته درجات اهل البلاد … منو درجة اولى و منو درجة رابعة .
الثاني : هى دعاية لبوهيات المهندس
البداية هذه المرة من بورتسودان اي الشرق و كل ظني ان ذلك حدث لشئ في نفس المخرج … لكن فجاة يليه دنقلا ( الشمال ) و السؤال المحير هو ما العلاقة التى تجمع الشرق و الشمال ؟ على الاقل اعلانيا ً حتى يليه مباشرة ؟؟ الم يكن من المعتاد ان يلي الشرق اتجاه الغرب ( من طوكر إلى الجنينة و من نمولي إلى حلفا ) الاجابة عند مخرج الاعلان …. معروف طبعا الرسالة… يا ناس الشرق انتم معانا سوا
و ياتي الغرب كالعادة في المرتبة الثالثة و يظهر احدهم من الابيض … ثم يليه جوبا ليختتم الجنوبي بعربي جوبا الدعاية قائلاً ” قويه و …. بتاعه تمام ” و نقول التمييز بتاعه بردو كان تمام
يقيني إن الترتيب لم تكن محض صدفة …. لماذا لم تاتي الصدفة بالشمالي في اخر الصف ؟؟
لماذا لم ياتي بالجنوبي في الدرجة الاولى او الثانية في إحدى الدعايتين ؟؟ لماذا لم ياتي الغرباوي في إحدى الدعايتين في المرتبة غير الثالثة ؟؟ …. كانت رسائل الترتيب اكثر من واضحة
هذه ليست إلا مجرد مقتطفات من رسائل التمييز الترتيبي (العنصري ) ضد اهلنا في الجنوب و الغرب و قد ادت إلى إنفصال الجنوب … و إن لم تتوقف ستفصل الغرب ايضاً لا محالة
إضافة بسيطة : انظر إلى لافتات الدعاية في بلادي … 99.9 % .. دعاية باصحاب البشرة السمراء !!! لماذا ؟؟ كم عدد اصحاب البشرة السوداء في بلادنا ؟؟ انا لا اتحدث عن اثنياتهم …. فقط عن بشرتهم فهل من يحصي ؟ لماذا نمارس تمييزا ً مقننا ضد البشرة السوداء ؟؟ الم يكن من الافضل ان تكون اللافتات مزيجا ً من البشرتين ؟ ليعكس تمازج الغابة و الصحراء … الم يكن من الامثل ان تعكس الدعاية عن حقيقة تركيبة الشعب السوداني ؟؟
كنت من الذين يؤمنون بان العنصرية و التمييز يصنعها الافراد و ليس المؤسسات و لكن بعد تعمق المشاهدة و تكرار مشاهدتها بعمق اكثر … الحقيقة هى ان هنالك مؤسسات لصنع العنصرية و التمييز و تصديرها للاجيال القادمة عبر بوابة الاعلان و الدعاية …. و إستغرابي كيف فات على اصحاب الاقلام الكبيرة و الالقاب الكثيرة ( كاتب , و محلل , خبير وطني , خبير إستراتيجي ) كيف فات عليهم الرد على تلك الرسائل المسمومة ؟؟ …
إلى السيد وزير الاعلام و وزارته الغافلة … إنتبهوا إلى تلك الرسائل … و تدبروا محتواها قبل ان تسمحوا بعرضها على شاشات التلفزة …. و رجاءاً اوقفوا تلك الدعايات فورا ً … و هذا كله.