الحوار ….كلاكيت للمرة الخامسة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحوار ….كلاكيت للمرة الخامسة
ب/ نبيل حامد حسن بشير
جامعة الجزيرة
25/10/2015م
سألني أحدهم وقال لي، لا أسكت الله لك حسا، يا زول، مالك متجاهل موضوع الحوار، ولم تعلق، ولم تكتب شيئا عنه، رغما عن مرور أكثر من اسبوعين عليه؟ ردي عليه أن ما يجري حاليا باسم الحوار لا يعني الشعب السوداني في شيء، مثله مثل الانتخابات المنتهية. فهو موضوع يهم الحزب الحاكم و من يوالونه، ومجموعة أخرى فيها من باع حزبه وزور ارادة قواعده، ومنهم من يرغب في المناصب، ومنهم من يريد ارضاء الحزب الحاكم طمعا في الفتات، وفئة أخرى باعت مجموعتها مسلحة كانت أم غير ذلك ..الخ.
وجه الشبه بين الانتخابات المنتهية و مشروع الحوار أن الشعب بعيد عنهما، والصرف الباذخ يشملهما، وثالثا، المستفيد الوحيد منه حزب الشجرة(الحاكم) الذي يملك الملعب والحكم والقانون والاتحاد المنظم والفريق الخصم أيضا.
أما الحوار نفسه فقد كتبنا عنه العام الماضي ما يلي:
1) الحوار: لماذا وكيف ومع من؟ (17/7/2014م).
2) الطريقة المثلى للحوار والا فلنلجأ للخيار الثاني (25/7/ 2014م)
3) الحوار: هل هو من أجل انقاذ الانقاذ؟ أم من أجل انقاذ السودان من الانقاذ؟ (23/9/2014).
4) الحوار الي أين؟ خرج مولانا وتبعه الامام؟!! (28/9/2014م) وجميعها توجد بالشبكة العنكبوتية.
كل ما كتبناه سمع بأذن وأخرج من الأذن الأخرى، مع ابتسامة صفراء كالعادة واعتبرونا نخرف أو سذج أو نتحدث بما لا نعرف. كل ما أردنا قوله قلناه، ويعرفونه كما يعرفون أبنائهم.
قال لي لماذا التشاؤم؟ قلت السبب (جملة اعتراضية) جاءت من الحزب الحاكم وهي (بمن حضر). هذه الجملة تحمل داخلها (جرثومة الفشل). عدم الاعتراف بالآخر هي مشكلتنا الأساسية. من حضر عرفنا سبب حضوره كما جاء أعلاه. لكن مشكلتنا (عفوان مشكلتهم) الأصلية مع من لم يحضر. لماذا لم يحضر؟ هل لديه أسباب جوهرية؟ هل هذه الأسباب ضارة بالسودان أم مفيدة؟ هل هي أسباب تتعلق بمصالح أفراد أم قبائل أم مناطق أم هي تنفيذ لأجندة خارجية؟
فلنقل أنها في أسوأ الفروض (تنفيذ لأجندة خارجية)، وعلى رأسها الانفصال. هل يصعب على الدولة محاورة هؤلاء في أي مكان واللجوء الي الحل الديموقراطي عبر الاستفتاء، وأمام ناظرينا ما يجري الأن جنوبنا السابق بعد انفصاله!!!! أن كانت هي مطالب مناطق، فحلها سهل. وان كانت مطالب قبائل، فحلها أسهل. أما ان كانت مطالب شخصية ، فحكومة الانقاذ أدرى بطرق حلها. لكن تقسيم الفصائل واغراء بعض منسوبيها لترك فصائلهم بغرض الاضعاف، فهذا أسلوب قد (عفى عليه الزمان). كانت حركة دارفور حركة واحدة، وانقسمت الي ثلاث حركات، والآن يوجد أكثر من 30 فصيل.
ان رجعنا الي 26 عاما في اليوم اياه من الشهر اياه من العام اياه، سنجد أن مجموعة ما قامت بالانقلاب علي الشرعية وهي كانت تمثل حزب معارض، وسبق له المشاركة في حكومة ائتلافية مع ذات الشخص الذي ائتلفوا مع حزبه في حكومة فاشلة استمرت لتسعة أشهر فقط انكشفوا فيه أمام الشعب السوداني، وعلموا علم اليقين بأنهم لن يحصلوا في يوم من الأيام على الحكم عن طريق الصناديق. هذه الجماعة تسلمت الحكم، وأصبحت جميع الأحزاب الأخرى (معارضة محلولة) مع تعليق الدستور أيضا. خرجت المعارضة الجديدة الي خارج البلاد، بل دعمت نفسها بالمعارضة الجنوبية المسلحة للتخلص من النظام الجديد الذي أتى عبر الانقلاب. لماذا لم يتم التحاور حينها عندما كانت المعارضة تحت قيادة واحدة بدلا عما يحدث الآن من 7+7 وبمن حضر. عندما تفتقت عبقريتهم ووقعوا في براثن الضغوط الخارجية واليأس من هزيمة الحركة الشعبية قاموا بخطأ كبير حيث قسموا المعارضة الي قسمين بعد فشلهم في الحصول غلى ما كانوا يعتقدون أنه سيحدث عن طريق ريك مشار ولام أكول ووليام نون. كان القسم المهم بالنسبة لهم هو حركة قرنق، وجلسوا معها في حوارات طالت لعدة سنوات وبكل المنتجعات والعواصم الافريقية والأوروبية والنتيجة كانت انفصال الجنوب، وتفتت المعارضة الشمالية (بفعل فاعل)ن والعودة لأغلبها الي الوطن عبر اغراءات واتفاقيات هلامية لم ينفذ 90% منها، مع استمرار التآمر داخل الأحزاب وتفتيتها بغباء كبير مما جعل كل فصيل من فصائل هذه الأحزاب كيان لا علاقة له بالكيان الأصلي، وفرض نفسه رغما عن عدم وجود قواعد خلفة، حكوميا (حصل على مناصب لا يستحقها)، و من ناحية مشاركته في الحوار الحالي (وهو لا يملك قواعد). اليس من الأفضل الحوار مع الحزب الأم بشكلة الأصلي وتحت قيادة معروفة بدلا من التحاور مع نكرات لا سند لها؟ فسبعة الحكومة ومن يوالونها وأغلبهم من المنشقين عن أحزابهم الأصلية لن يصلوا الى شيء مجد يقود البلاد الي ما نصبوا اليه، وفاقد الشيء لا يعطيه حيث أنهم فشلوا في توحيد أحزابهم والالتزام بمبادئها، بل تنازلوا عنها بكل بساطة، وغلبوا المصلحة الشخصية على المصلحة العامة التي قام وأسس عليها حزبه الأم الذي قدمه وجعل منه سياسيا ظنت الانقاذ لفترة ما أن له وزن، وتكشف لها الآن أنه بدون حزبه الأم لا يمثل الا نفسه وجشعه، وأن هدفه الأساسي الحصول على منصب مرموق يقتات منه وعياله. الناس عينها في الفيل وتطعن في ظله!!!
الحوار يتم لمناقشة مشاكل معينة ويهدف الى حلها ووضع أسس للحكم وكيفيته، ليس من يحكم، بل كيف نحكم. ان طلب من الأكاديميين بالجامعات بأقسام العلوم السياسية لقاموا بوضع أسس متفق عليها عالميا (ستاندارد) لما يعرف بالحوار. والأخير عادة غير مشروط. من هنا يبدأ الطريق. فالأكاديميين يعرفون احتياجات وطنهم ويدرسون تفاصيل المواقف التاريخية والحالية، ويعرفون ما هو المطلوب للمستقبل the way forward. فهم قادرون على وضع الأسس والاستراتيجيات للحوار.
نرى أن تتحاور المعارضة مع بعضها البعض، وتتحاور الحركات المسلحة مع بعضها ايضا ان كانت هنالك نوايا لايجاد حلول وانقاذ السودان من الانقاذ!!! ، وكل منهما يضع مطالبه، ثم تجلس الأطراف الثلاثة للحوار الذي أسس له الأكاديميون بقيادة شخصيات قومية متفق عليه، وهنالك من الأسماء والحكماء بهذه البلاد يمكنهم قيادتنا الي بر الأمان بمنتهى الحكمة والحيدة والوطنية. لكن للأسف فان الحزب الحاكم لديه رأي في كل منهم. الآن وبعد مرور 21 يوم قامت اللجان باستدعاء الأكاديميين لمحاضرة المشاركين بكل لجنة!!!!!
نقول أنه مالم تتفق المعارضة بشقيها السلمي والمسلح فيما بينها بخصوص متطلبات الحوار والنتائج المرجوة منه، ثم الجلوس مع الحزب الحاكم (الطرف الآخر) للنقاش في القضايا الخلافية، وليس من بينها الهوية (فنحن سودانيون فقط) والعلاقات الخارجية (لن تزيد عن حسن الجوار)..الخ من الأمور التي تناقشها اللجان الآن، لن نصل الي شيء، بل قد تقودنا 7+7 مع من حضر واستبعاد الفصائل الرافضة للحوار بصورته الحالية الى (كارثة أكبر) من ما نحن عليه الآن.
ففصيل واحد بعد اتفاق الجميع قد يقود الي مشاكل أكبر من تلك التي تسبب فيها قادة الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق وأدت لانفصال ثلث السودان. عليه الحوار مع الفصائل المسلحة هو الأساس. أما المعارضة الداخلية نقول مرة خرى عليها أن تتفق فيما بينها ثم تحاور النظام الذي جسم على صدور الجميع لربع قرن من الزمان ولا زالت أمامه خمس سنوات قادمات سيكون السودان خلالها في مهب الريح، يكون أو لا يكون بسبب ضعف وهشاشة الجميع حكومة ومعارضة واقتصاد ونسيج اجتماعي ..الخ. أستغرب لمن قبلوا بهذا الاسلوب من الحوار. الى من سترفع توصياتهم؟ وهل هي سترضي من لم يحضر؟ وكيف سيقنعونهم بالنتائج التي لم يشاركوا فيها، ولم تؤخذ وجهة نظرهم فيها؟ هل سيقبل الحزب الحاكم (السبعة الأوائل، ما يصدر من السبعة الآخرين؟ أم سيتنازل الآخرين عن مطالبهم ارضاء للحزب الحاكم وبمقابل مجز!!!! كمثال: ان أصر السبعة خارج الحكومة على حكومة انتقالية، هل سيوافق الحزب الحاكم وأمامه خمس سنوات قادمات فاز بها عبر انتخاباته الوهمية الأخيرة؟ ماذا اذا تضاربت وجهات النظر بين السبعتين فيما يخص الحركة الشعبية قطاع الشمال ووافقوا على مطالبها بخصوص مناقشة مشاكل السودان ككل بدلا من المنطقتين فقط؟ بمعنى آخر ما يرضي السبعة الأولى ذات السلطة والقوة والجاه بالتأكيد لن يرضي السبعة الثانية التي لا تملك سلطة وليست في موقف قوة، ولم تفوضها الجماهير حتى تجد منها المساندة المطلوبة في مثل هذه المواقف، والعكس صحيح. أرجو أن يخيب الله ظني وأن ينجح الحوار بصورته الحالية ويخرجنا من جحر الضب الذي دخلناه ولا نعرف كيفية الخروج منه. نقول: أللهم نسألك اللطف (آمين).