حميدة ما أوصلك هنا لن يوصلك هناك

لو سمح لي مأمون حميدة سأودع على بريده الإلكتروني نسخة ناعمة من كتاب رشيق لخبير القيادة والإدارة العالمي د. مارشال جولد سميث الذي يعد واحداً من الخمسة عشر مفكراً الأكثر نفوذاً وتأثيراً في العالم، كتابه بعنوان (ما أوصلك هنا لن يوصلك هناك)..
وفي ديباجة الكتاب وضع سميث عبارة لوليام شكسبير من مسرحية (جعجعة بلا طحين) تقول: سعداء هم القادرون على معرفة نواقصهم ومحاولة إصلاحها .
وأظن أن حميدة لو أراد أن يكون من هؤلاء السعداء ووجد لنفسه وقتاً وطالع كتاب سميث فربما يفكر في العودة والاعتذار عن تعليقاته الجارحة للصحافيين وكتاب الأعمدة الذين وصفهم بالجهالة، وقد يساعده فكر سميث في تطوير قدراته في إدارة حالة الغضب والكف عن إصدار الأحكام المطلقة على الآخرين ويطور في نفسه القدرة على احتمال النقد خاصة وأن معظم هذا النقد يتم توجيهه له في إطار ممارسة الصحافة لدورها الرقابي في ملف خدمي حساس مليئ بالقصور.. وليس نقداً شخصياً فلم أقرأ لصحافي وصف حميدة بأنه كذاب وجاهل كما وصف هو بعض الصحافيين بأنهم بهذه الأوصاف المهينة.
ممارسة التعالي على الصحافة بواسطة بعض المسؤولين الموهومين في أنفسهم وفي عبقرية أدائهم لا تنتقص شيئاً من قدر هؤلاء وقدر الصحافة ودورها، كما أن محاولة تحقير عمل الصحافة والصحافيين ووصفهم بالجهالة حين تصدر من مسؤولين فاشلين في عملهم فإن ذلك التحقير سيكون بمثابة شهادة رفيعة للصحافة السودانية بكفاءتها وقدرتها على التأثير والتغيير والعمل على تصحيح الاعوجاج وليس العكس.
ودائماً الهجوم المفتوح والنيران المشتتة والأحكام المطلقة تعبر عن حالة توتر وإفلاس وشعور بالضعف وعدم القدرة على تقديم منطق مقنع في دفاع صاحب هذا السلوك عن موقفه .
وفي حالة الوزير حميدة مع الصحافيين من الواضح أن بروف مأمون لا يملك منطقاً مقنعاً حول انتقادات الصحافة لتعيينه مبدءاً على رأس وزارة خدمية وإشرافية على العمل الصحي في الخرطوم وهو الذي يمتلك استثمارات صحية خاصة ضخمة في نفس دائرة اختصاصه ومن المفترض أنها خاضعة لسلطاته الرقابية ..
هذا الوضع المغلوط لا يمكن الدفاع عنه بأي منطق متوازن وبالتالي فإن الخيار الوحيد هو محاولة النسف والتشكيك في أهلية ومهنية السواد الأعظم من قبيلة الصحافيين وفق قاعدة (خير وسيلة للدفاع الهجوم).. لكن تلك القاعدة لا تسعف مأمون حميدة في إقناع أي مواطن في الخرطوم بصحة وضعيته كوزير صحة وأكبر مستثمر في الصحة في نفس الوقت، فيكون هو المشرف على عمل كل مؤسسات القطاع الصحي الخاص المنافس له في السوق .
هو الذي يحمل قلم الرقابة على القطاع الصحي الخاص والعام في ولاية الخرطوم.. فكيف يستقيم هذا الوضع..؟
نقول هذا تجاوزاً وتغافلاً عن أي نقاش آخر حول أداء هذا الوزير أو عمله في الصحة لأن نقدنا سيظل نقداً مبدئياً لوجوده في هذا المقعد من الأساس .
أما حكاية تعاطي الوسط الصحفي مع حرب حميدة المفتوحة هذه فإنني كنت أتوقع أن تقاطع الصحف السودانية الأخبار المكتبية الخاصة بتحركات ونشاطات وزير الصحة بولاية الخرطوم بالكامل، وتمتنع عن تقديم أية خدمات إعلامية أو إعلانية لهذا الوزير وتكتفي بدورها المهني الرقابي والأخلاقي تجاه المواطن والمجتمع فقط، حتى يهدي الله صناع القرار لإصدار قرار تصحيحي منتظر بإقالة مأمون حميدة من منصبه في إطار تصحيح أوضاع الصحة في بلادنا .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..