مبادرة جامعة الجزيرة للحوار المجتمعي والوطني

بسم الله الرحمن الرحيم

جامعة الجزيرة جامعة قومية تأسست قبل أكثر من 40 عاما (1975) وقامت بتخريج 34 دفعة حتى تاريخه من طلاب البكالوريوس في عدة مجالات، وعدة الاف من حملة الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه، ولا يخلو شبر من أرض الوطن الا به من ينتسب لهذه الجامعة ادارة أو تدريسا أو طلابا أو فنيين أو خريجين أو موظفين أو عمال أو معاشيين. هذه الجامعة عبارة عن سودان مصغر (تؤثر وتتأثر ) بما يجري ويدور في هذا الوطن، وتتفاعل مع كل ما كل ما يهم المواطن السوداني الأبي. هذا يجيب عن مبادرة جامعة الجزيرة لماذا؟ كما يوضح الرؤية والرسالة المستهدفة من هذه المبادرة. تأسست المبادرة منذ ديسمبر 2014م ومنذ ذلك التاريخ كانت تعد على نار هادئة حتى تظهر الآن في صورتها النهائية.
أهداف المبادرة
1) تحديد واعداد وتجهيز الجهات المتحاورة لعملية الحوار.
2) اعداد المجتمع بولاية الجزيرة للدخول في فعاليات الحوار وتفهم أهمية الحوار وأهدافه وشروطه وآدابه.
3) توفير المناخ المناسب للحوار.
4) تحديد مواضيع الحوار (الأزمات) المجتمعية والوطنية.
5) توفير الأسس الأكاديمية (غير المنحازة) للمتحاورين.
6) تقريب وجهات النظر(أثناء) الحوار الوطني والمجتمعي.
7) أن يلتزم المتحاورين بآداب الحوار قبل وأثناء وبعد الحوار ومخرجاته.
جاء في مقدمة وثيقة المبادرة (المرجعية للحوار) 17 نقطة تشكل كل منها سببا جوهريا يكفي بمفرده أن يقوم حوار مجتمعي بخصوصه. وجاء فيها أن السودان منذ استقلاله يمر (بأزمات) متنوعة ومتعددة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ..الخ، من الممكن أن تتحول الى (كوارث) قد لا نستطيع التعامل معها أو تؤدي الى ما لا يحمد عقباه كالتشرذم والانفصال والفشل ان لم نقم بإيجاد الحلول الناجعة لها. يعزي الكثير من الأكاديميين (المحايدين) بالداخل والخارج هذه الأزمات الي سوء وضعف ادارة البلاد والاقتصاد، اضافة الى الحروب التي استمرت لأكثر من 50 عاما في دولة ذات ميزانيات لا تتحمل منصرفات هذه الحروب، ونسيج اجتماعي هش وضعيف وانتقالي .
جاء بالمبادرة أن العلم هو اساس تقدم الشعوب. وهو الحل لكل المعضلات والأزمات والمخاطر والكوارث، ذلك من خلال والتقصي والبحث عن الحلول المثلى بناء على التجارب والمعرفة المتراكمة، ثم التخطيط الدقيق ووضع البرامج والمشاريع والأنشطة وفق برامج محددة زمنيا و بميزانيات محددة وجهات تنفيذ متخصصة ومتفق عليها. الأكاديميون هم الجهات الوحيدة المؤهلة و(المحايدة) بحكم المهنة، ترتكز على العلم ولا تنحاز لمصالحها الذاتية أو القبلية أو الحزبية، حيث أن العلم مبني على المنطق والمراجع والتمحيص والدقة، ولا يختلف فيه العلماء والعامة، والسياسيون ومتخذي القرار.
بدأت المبادرة في ديسمبر 2014م. وكنا حينها ننادي دائما بأن مشاكل الوطن لا تحل الا عبر الحوار، وأن الأكاديميين هم الأحق بوضع أسس الحوار وادارته على كل المستويات، بما في ذلك دستور البلاد. النقاط التي جاءت بالمقدمة اتفقت تماما مع المحاور التي جاءت بمبادرة السيد رئيس الجمهورية.
الباب الثاني من الوثيقة ركز على الجوار بتعريفاته القاموسية والمرجعية ( 15 تعريف). ووصلنا الى “يعتبر الحوار من أكثر أساليب التّواصل رقيّاً، حيث ينطوي على العديد من الأخلاق الحميدة التي ينبغي أن يتمتع بها كل فرد، ويؤثر الحوار على صبر الأفراد وقدرة إسماعهم للآخرين، وتكمن أهميّة الحوار بالوصول (للعديد) من الحلول المرضية لجميع الأطراف وهو مصدر لتبادل الأفكار والثقافات وإحدى أهم وسائل الإتّصال الفعّالة”
وليكون الحوار( فعّالاً) فلا بد من الوصول بالحديث إلى (المكانة المطلوبة) وإيجاد حلول للقضية المعنية يتفق عليه (جميع ) المتحاورين .
يحتاج الحوار الى (آداب عامة ) ينبغي للمتحاورين أن يلتزموا بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ في حالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمرا بإذن الله عز وجل ، وتكون (كالمؤشر) لإيجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاق والأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل شخص سوي وليس فقط في المتحاورين . كما وضحت الوثيقة ان هنالك شروط لنجاح الحوار منها اخلاص المحاور النية، توفر العلم بموضوع الحوار، الصدق ، الحلم والصبر والرحمة والرفق، والاحترام والتواضع.
خلاصة الأمر، من أهم آداب الحوار:
1) أن يكون كافة الأطراف على علم تام بموضوع الحوار.
2) أن يكون لدى كافة أطراف الحوار القدرة على الاعتراف بالخطأ والنقد الذاتي في حال خالف الصواب .
3) أن يتأدب كل طرف مع الآخر (باختيار الألفاظ المناسبة) التي يرتضي المحاور أن يسمعها من غيره .
4) أن يحترم كل طرف )عقيدة( الطرف الآخر و(مبادئه) وأن يراعي نفسيته .
5) أن يكون الدافع الرئيسي لدى جميع أطراف الحوار (إصابة الحقيقة ) و الوصول إلى الصواب والحق .
6) البعد عن الغضب وأسبابه مع الحرص على الاعتدال حتى ينتهي الحوار .
7) أن يكون لدى كافة الأطراف قدرة على التعبير .
8) المرونة في الحوار وعدم التشنج
9) الإصغاء للطرف الآخر والاستفادة من طرحه وكبت جماح النفس عند الرغبة في الجدال ، والعرب تقول : رأس الأدب كله الفهم والتفهم والإصغاء إلى المتكلم، ومن أهم الفوائد التي تستفيدها من هذه النقطة اكتساب صفة الحلم .
قامت الوثيقة بشرح الحوار المجتمعي والحوار السياسي ، ومفاهيم السياسة والسياسي والوطن والوطنية والتحالفات والمعارضة…..الخ. وركزت على أن الحوار المجتمعي من الممكن أن يقود الى حل أغلب المشاكل السياسية الحالية. كما وضحت الوثيقة آلية الحوار وكيفية تنفيذها ووضعت برامج تم تنفيذ بعضها لشرخ المبادرة وتبنيها بواسطة كل منسوبي الجامعة، ثم كل قطاعات المجتمع بالولاية، والمجلس التشريعي للولاية، والأحزاب مع توسيه اللجنة لتضم ممثلين لكل تلك الجهات، ثم ترفع الى الية 7+7 والتي هي على علم بها ومرحبة بما جاء فيها، ومنها لرئاسة الجمهورية . كما وتدعو المبادرة الى ضم مبادرة الجامعة الى لجنة الموفقين حتى نتمكن مع الأخرين من الوصول للحلول المطلوبة وفقا لما جاء في الأهداف أعلاه. في الوقت الراهن تقوم لجان من اللجنة العليا بشرح المبادرة بكل المدن الرئيسية بالولاية وعقد ورش تدريبية وندوات لترسيخ ثقافة الحوار وتدريب مدربين لنشر هذه الثقافة وسط كل قطاعات جماهير الولاية.
ختاما تأمل جامعة الجزيرة ان تسهم اسهاما يقود الى خروج الوطن من أزماته عبر قيام كل قطاع من قطاعات الجامعة الأكاديمية بوضع حلول لمشاكل كل قطاع من ناحية علمية بعد التشخيص السليم لمساعدة الوزارات والمؤسسات في الخروج من أزماتها في شكل برامج وخطط وأنشطة علمية وواقعية. نرجو أن تجد مبادرة الجامعة فرصتها والجامعة على ثقة بأنها قادرة على المساهمة بقوة وبجدية تامة في الوصول الى الأهداف المطلوبة عبر كوادرها المحبة للوطن.

.